الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: ما جاء في أن مس الذكر لا ينقض الوضوء
72 -
وعن طلق بن علي رضي الله عنه قال: قال رجل: مَسِسْتُ ذَكرِي أو قال: الرجلُ يَمَسُّ ذَكَرَه في الصلاة أعليه الوضوءُ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا، إنما هو بُضْعَة منك" أخرجه الخمسة وصححه ابن حبان، وقال ابن المديني: هو أحسن من حديث بسرة.
رواه أبو داود (182) والنسائي 1/ 101 وأحمد 4/ 23 وابن ماجه (483) والترمذي (85) والطحاوي 1/ 76 والدارقطني 1/ 149 والبيهقي 1/ 134 كلهم من طريق قيس بن طلق الحنفي عن أبيه قال: قدمنا على نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم، فجاء رجل كأنه بدوي فقال: يا نبيَّ الله؛ ما ترى في مَسِّ الرجل ذَكَرَه بعدما يتوضأ؟ فقالى النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما هو مضغة منه" أو قال: "بضعة منه" هذا لفظ أبي داود.
قلت: قد تنازع العلماء في صحة هذا الحديث تنازعا كبيرًا وبيان هذا أن له عن قيس بن طلق خمسة طرق:
أولًا: ما رواه أبو داود (182) والنسائي 1/ 101 والترمذي (85) وابن حبان 3/ 404 والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 76 والبيهقي 1/ 134 كلهم من طريق ملازم بن عمرو الحنفي عن عبد الله ابن بدر عن قيس بن طلق به.
قال الطحاوي 1/ 76: فهذا حديث ملازم صحيح مستقيم غير مضطرب في إسناده ولا متنه؛ فهو أولى مما رويناه أولًا من الآثار المضطربة في أسانيدها. اه.
قلت: رجاله ثقات غير قيس بن طلق سيأتي الكلام عليه.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 9: رجاله موثقون. اه.
ثانيًا: ما رواه أبو داود (183) وابن ماجه (483) والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 75 والدارقطني 1/ 149 والبيهقي 1/ 135 كلهم من طريق محمد بن جابر عن قيس بن طلق به.
ومحمد بن جابر اليمامي ضعيف، قال ابن معين عنه: ليس بشيء. اهـ
وقال البخاري: ليس بالقوي يتكلمون فيه.
وقال الفلاس: ليس بشيء. اه.
وضعفه أيضًا أبو حاتم والنسائي.
وبه أعله ابن دقيق العيد في "الإمام" 2/ 272 - 273.
وقال ابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" ص 97 - 98 رقم (101) وهذا الحديث اشتهر به محمد بن جابر رواه عنه الأكابر ممن هو أسن منه وأقدم موتًا فرواه أيوب السختياني وعبد الله بن عون وسفيان الثوري وهشام بن حسان وقيس بن الربيع وهمام بن يحيى وصالح المزني وحماد بن زيد وسفيان بن عيينة ووكيع وابن فضيل والمفضل بن صدقه وأخوه أيوب بن جابر وجماعة ذكرتهم في كتاب "الأكابر عن الأصاغر في السن" اه.
ثالثًا: ما رواه أحمد 4/ 22 والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 75 من طريق أيوب ابن عتبة اليمامي عن قيس بن طلق به.
قلت: أيوب بن عتبة قال ابن معين عنه: ليس بشيء. اه.
وقال النسائي عنه: مضطرب الحديث. اه.
رابعًا: ما رواه الدارقطني 1/ 149 من طريق عبد الحميد عن أيوب بن محمد العجلي عن قيس بن طلق به.
وعبد الحميد ضعفه الثوري وابن معين.
وأيوب قال عنه الدارقطني: مجهول. اه.
خامسًا: ما رواه ابن حبان 3/ 404 من طريق حسين بن الوليد عن عكرمة بن عمار عن قيس به.
وأحسن هذه الطرق هو الطريق الأول. قال الترمذي عنه 1/ 90: وهذا الحديث أحسن شيء روي في هذا الباب، وقد روى هذا الحديث أيوب بن عتبة ومحمد بن جابر عن قيس بن طلق عن أبيه. وقد تكلم بعض أهل الحديث في محمد بن جابر وأيوب بن عتبة. وحديث ملازم بن عمرو عن عبد الله بدر أصح وأحسن. اه.
ورواية أيوب بن عتبة عن قيس رواها الطبراني في "الكبير" 8/ 334 رقم (8249) وأحمد 4/ 22.
وقد أعله ابن دقيق العيد في "الإمام" 2/ 273 فقال: أما أيوب ابن عتبة فإن أبا العرب محمد بن أحمد بن تميم القروي قال في كتابه: قال ابن حنبل: أيوب بن عتبة ضعيف الحديث، وقال فيه ابن معين: ليس بشيء
…
اه.
وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 17/ 197: أما ملازم بن عمرو فقال أبو عمر بعد ذكر حديث طلق: وهو حديث يمامي لا يوجد إلا عند أهل اليمامة، إلا أن محمد بن جابر وأيوب بن عتبة يضعفان، وملازم بن عمرو ثقة وعلى حديثه عَوَّل أبو داود والنسائي وكل من خرج في "الصحيح" ذكر حديث بسرة في الباب وحديث طلق بن علي إلا البخاري فإنهما عنده متعارضان معلولان، وعند غيره هما صحيحان. والله المستعان. اه.
وتعقبه ابن دقيق العيد في "الإمام" 2/ 275 فقال: لم يخرج مسلم واحدًا من الحديثين أيضًا، وهو ممن يخرج في "الصحيحين" اه.
قلت: الحديث مداره على قيس بن طلق (1) قال أبو زرعة كما في كتاب "الضعفاء والمتروكين" 3/ 823 مع كتاب "أبو زرعة وجهوده في السنة": قيس لا تقوم به الحجة. اه.
وقال أبو داود في "سؤالاته للإمام أحمد"(551) قلت لأحمد: قيس بن طلق؟ قال: ما أعلم به بأس. اه.
قال ابن دقيق العيد في "الإمام" 2/ 275: قال يحيى بن معين وأحمد بن عبد الله فيه: تقة وذكره أبو حاتم بن حبان في كتاب "الثقات" اهـ.
وقال الشافعي: سألنا عنه فلم نجد من يعرفه بما يكون لنا قبول خبره. وقد عارضه من عرفنا ثقته وتثبته في الحديث أخرجه البيهقي
(1) للزيادة راجع باب عدد الوتر والحث عليه.
1/ 135، ثم أسند عن يحيى بن معين وأبي حاتم وأبي زرعة قالوا: لا نحتج بحديثه. ثم قال: وإن صح فنقول: إن ذلك كان في ابتداء الهجرة حين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبني مسجده، وسماع أبي هريرة وغيره ممن روينا كان بعد ذلك، فإن طلقا قدم المدينة على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبني مسجده، ثم أخرج عن حماد بن زيد عن محمد بن جابر حدثني قيس بن طلق عن أبيه قال: قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبني المسجد. فقال لي: "اخلط الطين فإنك أعلم بخلطه" فسألته أرأيت الرجل يتوضأ، ثم يَمَس ذكره؟ فقال:"إنما هو منك" اه.
وقال الزيلعي في "نصب الراية" 1/ 61 - 62 وأخذ بهذا القول ابن حبان في "صحيحه" فقال: وهذا حديث أوهم عَالمًا من الناس أنه معارض لحديث بُسرة -وليس كذلك- لأنه منسوخ فإن طلق بن علي كان قدومه على النبي صلى الله عليه وسلم أول سنة من سني الهجرة، حيث كان المسلمون يبنون مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، ثم أخرج عن قيس ابن طلق عن أبيه، قال: بنيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجدَ المدينة وكان يقول: "قدِّموا اليماميَّ من الطين، فإنه مِن أحسنكم له مَسًّا" اهـ.
ثم قال أيضًا: وقد روى أبو هريرة إيجاب الوضوء من مَسِّ الذكر. ثم ذكره وسيأتي. وقال أيضًا: وأبو هريرة إسلامه سنة سبع من الهجرة فكان خبر أبي هريرة بعدَ خبر طلق بسبع سنين. وطلق ابن علي رجع إلى بلده. اه.
وصحح الحديث ابن حبان والطبراني وابن حزم كما في "المحلى" 1/ 239.
وقال ابن دقيق العيد في "الإمام" 2/ 276: ذكر ابن منده في كتابه أن عمرو بن علي قال: حديث قيس أثبت من حديث بسرة إلا أن الشافعي رحمه الله قال: قد سألنا
…
اه.
وضعف الحديث الشافعي وأبو حاتم وأبو زرعة والدارقطني والبيهقي وابن الجوزي. وادعى نسخه الطبراني وابن حبان وابن العربي والحازمي كما ذكر الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 1/ 134.
وقال ابن أبي حاتم في "العلل"(111) سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه محمد بن جابر عن قيس بن طلق عن أبيه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل في مَسِّ الذكر وضوء.؟ قال: "لا" فلم يثبتاه. وقالا: قيس بن طلق ليس ممن تقوم به الحجة. ووهماه. اه.
وقال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 4/ 144: الحديث مختلف فيه فينبغي أن يقال فيه: حسن. اه.
وفي الباب عن أبي أمامة وعصمة وأثر عن الحسن وعلي وحذيفة وشعد بن أبي وقاص:
أولًا: حديث أبي أمامة رواه عبد الرزاق 1/ 116 - 117 عن
إسرائيل بن يونس عن جعفر بن الزبير عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة: أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: مَسِسْتُ ذَكَرِي وأنا أصلي؟ قال: "لا بأس إنما هو حِذْيَةٌ منك".
ورواه ابن ماجه 1/ 163 (484) من طريق مروان بن معاوية عن جعفر به.
قلت: إسناده ضعيف جدًا لأن فيه جعفر بن الزبير الحنفي ضعفه ابن معين.
وقال أحمد: اضرب على حديث جعفر. اه.
وقال أبو زرعة: ليس بشيء لستُ أُحدِّث عنه. وأمر أن يُضرب على حديثه. اه.
وقال أبو حاتم: كان ذاهب الحديث، لا أرى أن أحدث عنه. وهو متروك الحديث. قال البخاري: تركوه. اه.
وأيضًا القاسم أبو عبد الرحمن تكلم فيه البعض، لهذا قال ابن دقيق العيد في "الإمام" 2/ 277: جعفر بن الزبير متكلم فيه
…
اه.
وفي كتاب "الضعفاء" لأبي زرعة 2/ 777 مع كتاب "أبو زرعة وجهوده في السنة" قال البرذعي: شهدت أبا زرعة مر بحديث في كتابي عنه -من كتاب الوضوء- عن أبي حصين بن يحيى بن سليمان عن وكيع عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة في مس الذكر. فأمرنا أن نضرب عليه. وقال لنا أبو زرعة: جعفر بن الزبير ليس بشيء، لست أحدث عنه فضربت عليه. اه.
وقال النووي في "الخلاصة" 1/ 137: حديث ضعيف. اه.
ثانيًا: حديث عصمة بن مالك الخطمي رواه الطبراني في "الكبير" 17/ رقم (468) قال: حدثنا أحمد بن رشدين المصري ثنا خالد بن عبد السلام الصدفي ثنا الفضل بن المختار عن عبد الله بن موهب عن عصمة بن مالك الخطمي قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم -
فقال: احتك بعض جسدي فأدخلت يدي أحتك فأصابت يدي ذَكَرِي. قال: "وأنا أيضًا يصيبني ذلك".
قلت: إسناد واهٍ؛ لأن شيخ الطبراني ضعيف جدًا.
وأيضًا الفضل بن المختار منكر الحديث.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 244: فيه الفضل بن المختار وهو منكر الحديث ضعيف جدًا. اه.
وبه أعله ابن الجوزي في "التحقيق"(210).
ورواه الدارقطني 1/ 149 من طريق أحمد بن محمد بن رشدين عن سعيد بن عفير عن الفضل بن المختار عن الصلت بن دينار عن عبيد الله بن موهب عن عصمة بمثله.
وأعل أيضًا بالفضل بن المختار والصلت.
قال ابن دقيق العيد في "الإمام" 2/ 278: علل بالصلت وأن أحمد والفلاس والدارقطني قالوا: ليس بالقوي. وفي رواية عن أحمد: ترك الناس حديثه، والفضل بن المختار قال ابن عدي: له أحاديث منكرة، وقال أبو حاتم الرازي: هو مجهول وأحاديثه منكرة يحدث بالأباطيل. اه.
ثالثًا: أثر الحسن عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رواه عبد الرازق 1/ 117 ومن طريقه رواه ابن المنذر في "الأوسط" 1/ 202 عن هشام بن حسان عن الحسن قال: اجتمع رهط من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم منهم من يقول: ما أبالي مَسِسْتُه أم أذني أو فخذي، أو ركبتي.
قلت: رجاله لا بأس بهم.
ورواه الطبراني في "الكبير" 9/ رقم (6 - 9218) من طريق معاوية بن عمرو ثنا زائدة عن هشام عن الحسن عن خمسة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: علي بن أبي طالب وابن مسعود وحذيفة وعمران بن حصين ورجلًا آخر قال بعضهم: ما أبالي ذَكَرِي مَسِستُ أو أرنبتي. وقال الآخر: أذني وقال الآخر: فخذي.
قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 244: رجاله ثقات من رجال الصحيح إلا أن الحسن مدلس ولم يصرح بالسماع. اه.
رابعًا: أثر علي بن أبي طالب رواه عبد الرزاق 1/ 117 عن معمر والثوري عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال: ما أبالي إياه مِسِسْتُ أم أذني إذا لم أعتمد ذلك.
قلت: في إسناده الحارث وهو ضعيف كما سبق (1).
خامسًا: أثر حذيفة رواه ابن أبي شيبة 1/ رقم (1752) قال: حدثنا ابن فضيل عن سعيد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن عن حذيفة بن اليمان أنه قال: ما أبالي مَسِسْتُ ذكري أو أذني.
قلت. رجاله ثقات وإسناده قوي ظاهره الصحة.
وقد رواه عبد الرزاق 1/ 117 عن معمر عن قتادة عن المخارق ابن أحمد الكلاعي قال سمعت حذيفة بن اليمان
…
عن إياد بن لَقيط قال حدثنا البراء بن قييس قال: سمعت حذيفة بنحوه.
(1) راجع باب: جواز اغتسال الرجل بفضل المرأة.
وذكر هذا الطريق ابن أبي حاتم في "العلل"(185).
ورواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 78 من طريق إياد بن لقيط عن أبيه عن البراء بن قيس قال: سمعت حذيفة.
سادسًا: أثر سعد بن أبي وقاص رواه ابن أبي شيبة 1/ رقم (1751) وعبد الرزاق 1/ 119 كلاهما من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: سأل رجل سعد بن أبي وقاص عن مس الذكر يتوضأ منه؟ قال: إن كان منك شيء نجس فاقطعه.
قلت: رجاله ثقات وإسناده قوى وقد اختلف في أثر سعد. فرواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 76 من طريق الحكم بن عتيبة عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه أمر بالوضوء. اه.
وسئل الدارقطني في "العلل" 4/ وقم (601) عن حديث مصعب ابن سعد عن سعد قوله في الوضوء: مِن مِسِّ الذكر. فقال: حدث به إسماعيل بن محمد بن سعد والحكم بن عتيبة عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه أمره بالوضوء وخالفهما الزبير بن عدي. فرواه عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه قال له: اغسل يدك. وروى قيس بن أبي حازم عن سعد أن رجلًا قال له: مسست ذكري. فقال: إن علمتَ أن بضعة منك نجسة فاقطعها. والقول الأول أصح. اه.
* * *