المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما يميز به دم الحيض عن الاستحاضة - التبيان في تخريج وتبويب أحاديث بلوغ المرام - جـ ٢

[خالد بن ضيف الله الشلاحي]

فهرس الكتاب

- ‌باب: ما جاء في وجوب غسل جميع محل الطهارة

- ‌باب: فيما يقال بعد الوضوء

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌باب: ما جاء في اشتراط إدخال الخفين على طهارة

- ‌باب: ما جاء في صفة المسح على الخفين

- ‌باب: جامع في مدة المسح وأنه يكون في الحدث الأصغر

- ‌باب نواقض الوضوء

- ‌باب: ما جاء في أن النوم اليسير لا ينقض الوضوء

- ‌باب: ما جاء في أن الاستحاضة ناقضة للوضوء

- ‌باب: ما جاء في الوضوء من المذي

- ‌باب: ما جاء في ترك الوضوء من القبلة

- ‌باب: ما جاء في الوضوء من الريح

- ‌باب: ما جاء في أن مس الذكر لا ينقض الوضوء

- ‌باب: ما جاء في أن من مس ذكره فليتوضأ

- ‌باب: فيمن أصابه قيء أو رعاف ونحوه وهو في الصلاة فليتوضأ وليتم صلاته

- ‌باب: ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل

- ‌باب: ما جاء فيمن غَسَّل ميتًا فليغتسل ومَن حمله فليتوضأ

- ‌باب: ما جاء في أن القرآن لا يمسه إلا متطهر

- ‌باب: جامع

- ‌باب: ما جاء في مظان الحدث

- ‌باب: ما جاء في الشك من الحدث

- ‌باب قضاء الحاجة

- ‌باب: الخاتم يكون فيه ذكر الله لا يدخل به الخلاء

- ‌باب: ما يقال عند دخول الخلاء

- ‌باب: ما جاء في الاستنجاء بالماء من التبرز

- ‌باب المواضع التي نهي عن التخلي فيها

- ‌باب: ما جاء في الإبعاد عند إرادة قضاء الحاجة والحث على الاستتار

- ‌باب: ما جاء في كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء

- ‌باب: ما جاء في النهي عن استقبال القبلة عند قضاء الحاجة في الفضاء وجوازها في البنيان

- ‌باب: ما يقال عند الخروج من الخلاء

- ‌باب: ما جاء في الاستجمار

- ‌باب: ما جاء في التنزّه من البول وصفة الجلوس لقضاء الحاجة

- ‌باب: ما جاء في الاستنجاء بالماء أو بالحجارة أو بهما معًا

- ‌باب الغسل وحكم الجنب

- ‌باب: ما جاء في أن الماء من الماء كان في أول الإسلام ثم نُسِخ

- ‌باب: ما جاء في الغسل من الاحتلام

- ‌باب: ما جاء في الغسل من تغسيل الميت ومن الحجامة

- ‌باب: ما جاء في الاغتسال عندما يسلم الرجل

- ‌باب: ما جاء في وجوب غسل الجمعة

- ‌باب: ما جاء في استحباب غسل يوم الجمعة

- ‌باب: ما جاء في منع الجنب من قراءة القرآن

- ‌باب: ما جاء في الجنب يريد العود أو الأكل أو النوم

- ‌باب: ما جاء في صفة الغسل

- ‌باب: ما جاء في منع الحائض والجنب من دخول المسجد

- ‌باب: ما جاء في غسل الرجل مع المرأة

- ‌باب: ما جاء في أن تحت كل شعرة جنابة

- ‌باب التيمم

- ‌باب: ما جاء في اختصاص هذه الأمة بالتيمم

- ‌باب: جامع في التيمم وصفته

- ‌باب: ما جاء في التيمم لكل صلاة

- ‌باب الحيض

- ‌باب: ما يميز به دم الحيض عن الاستحاضة

- ‌باب: ما يجوز فعله مع الحائض

- ‌باب: ما جاء في كفارة من أتى حائضًا

- ‌باب: جامع فيما تمتنع منه الحائض

- ‌باب: كم تمكث النفساء

الفصل: ‌باب: ما يميز به دم الحيض عن الاستحاضة

‌باب: ما يميز به دم الحيض عن الاستحاضة

139 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: إن فاطمة بنت أبي حُبَيشٍ كانت تُستَحاضُ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن دمَ الحيضِ دمٌ أسودُ يُعرَف، فإذا كان ذلك فأمسِكي عن الصلاة، فإذا كان الآخرُ فتوَضَّئي وصَلِّي" رواه أبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان والحاكم واستنكره أبو حاتم.

رواه أبو داود (286) والنسائي 1/ 123 و 185 والدارقطني 1/ 207 وابن حبان (1348) كلهم من طريق ابن عدي من حفظه عن محمد بن عمرو عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أن فاطمة بنت أبي حبيش

فذكره.

قال النووي في "الخلاصة" 1/ 232: صحيح رواه أبو داود والنسائي بأسانيد صحيحة. اهـ. وكذا قال في "المجموع" 2/ 402 - 403.

قلت: وقد اختلف في إسناده ومتنه.

فقد رواه أبو داود (286) والنسائي 1/ 185 والحاكم 1/ 281 والبيهقي 1/ 325 كلهم من طريق محمد بن المثني ثنا محمد بن أبي عدي عن محمد -يعني ابن عمرو- قال: حدثني ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن فاطمة بنت أبي جيش: أنها كانت تستحاض فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا كان دم الحيض

" فذكرت الحديث.

ص: 425

قال محمد بن المثني حدثنا ابن أبي عدي هذا من كتابه.

قلت: محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص وثقه ابن معين وقال في رواية كما في "الجرح والتعديل" 8/ 30: ما زال الناس يتقون حديثه، قيل له: وما علة ذلك؟ قال: كان يحدث مرة عن أبي سلمة بالشيء من رأيه ثم يحدث به مرة أخرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة. اهـ.

وقال أبو حاتم: صالح الحديث يكتب حديثه وهو شيخ. اهـ.

وقال النسائي: ليس به بأس. اهـ.

قال يعقوب بن شيبة: هو وسط، وإلى الضعف ما هو. اهـ.

وروي الحديث من أوجه أخرى وليس فيه قوله: "أسود يعرف" كما في "الصحيحين" وغيرهما.

فقد رواه البخاري (306) من طريق مالك عن هشام عن عروة عن عائشة قالت: قالت فاطمة بنت أبي حبيش: يا رسول الله إني لا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنما ذلك عرق، وليس بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي". فظاهر اللفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم ردها إلى العادة.

لهذا قال ابن رجب في "شرح البخاري" 2/ 58: والأظهر -والله أعلم- أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما ردها إلى العادة لا إلى التمييز، لقوله:"فإذا ذهب قدرها". اهـ.

ورواه البخاري (325) من طريق أبي أسامة عن هشام به بلفظ: "ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها".

ص: 426

ورواه البخاري أيضًا (320) من طريق ابن عيينة عن هشام به بلفظ: "فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي".

وكذا رواه البخاري (331) من طريق زهير. ومسلم (333) من طريق وكيع عن هشام به.

ورواه ابن حبان (1355) من طريق أبي عوانة عن هشام به وفيه: "تدع الصلاة أيامها".

فكما ترى كل من روى الحديث في "الصحيحين" وفي غيرهما لم يذكر أحدٌ منهم في حديثه "أن دم الحيض دم أسود يعرف" إلا محمد بن عمرو وقد تكلم في ضبطه فلا تحتمل مخالفته ولهذا تكلم الأئمة في حديثه هذا.

فقد قال ابن أبي حاتم في "العلل"(117): سألت أبي عن حديث رواه محمد بن أبي عدي عن محمد بن عمرو عن ابن شهاب الزهري عن عروة عن فاطمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "إذا رأيت الدم الأسود فأمسكي عن الصلاة، وإذا كان الأحمر فتوضئي" فقال أبي: لم يتابع محمد بن عمرو على هذه الرواية وهو منكر. اهـ.

وقال النسائي 1/ 123: قد روى هذا الحديث غير واحد ولم يذكر أحد منهم ما ذكره ابن أبي عدي. اهـ.

وقال ابن القطان في كتابه "بيان الوهم والإيهام" 2/ 456 - 457: كذا أورده وهو فيما أرى منقطع وذلك أنه حديث انفرد بلفظه محمد

ص: 427

ابن عمرو عن الزهري عن عروة فرواه عن محمدِ بن عمرٍو محمدُ بن أبي عدي مرتين: أحدهما من كتابه فجعله عن محمد بن عمرو عن الزهري عن عروة عن فاطمة أنها كانت تستحاض. فهو على هذا منقطع؛ لأنه قد حدّث به مرة أخرى من حفظه، فزادهم فيه:"عن عائشة" فيما بين عروة وفاطمة، فاتصل فلو كان بعكس هذا كان أبعد من الريبة. أعني أن يحدث به من حفظه مرسلًا، ومن كتابه متصلًا، فأما هكذا فهو موضع نظر. اهـ.

ثم قال: والمتصلة إنما هي عن عائشة أن فاطمة، فإذا نُظر هذا في كتاب أبي داود، تبين أن عروة إنما أخذ ذلك من عائشة لا عن فاطمة

اهـ.

* * *

140 -

وفي حديث أسماء بنت عميس رضي الله عنها عند أبي داود: "لِتجلسْ في مِركَنٍ، فإذا رأت صُفرةً فوق الماء فلتغتَسِلْ للظُّهرِ والعصرِ غُسلًا واحدًا، وتغتسل للمغرب والعِشاء، غُسلًا واحدًا، وتغتسل للفجر غسلًا واحدًا، وتتوضأ فيما بين ذلك".

رواه أبو داود (296) والدارقطني 1/ 215 والبيهقي 1/ 353 والحاكم 1/ 281 وابن حزم 2/ 212 والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 100 كلهم من طريق سهيل بن أبي صالح عن الزهري عن

ص: 428

عروة بن الزبير عن أسماء بنت عميس قالت: قلت: يا رسول الله، إن فاطمة بنت حبيش استحيضت منذ كذا وكذا فلم تصل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سبحان الله! إن هذا من الشيطان لتجلس في مركن، فإذا رأت صفرة فوق الماء فلتغتسل للظهر والعصر غسلًا واحدًا، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلًا واحدًا، وتغتسل للفجر غسلًا واحدًا، وتتوضأ فيما بين ذلك" هذا لفظ أبو داود.

المركن، بكسر الميم: الإجانة التي تغسل فيها الثياب.

قال الحاكم 1/ 282: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه بهذه الألفاظ. اهـ.

قلت: في إسناده سهيل بن أبي صالح وإن كان من رجال الستة إلا أن فيه كلامًا قال عنه ابن عيينة: كنا نعد سهلًا ثبتًا في الحديث. اهـ.

وقال عنه أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به وهو أحب إلي من العلاء. اهـ.

وقال النسائي: ليس به بأس. اهـ.

وقال أحمد: ما أصلح حديثه. اهـ.

وقد أخرج له البخاري مقرونًا بغيره قال الحافظ ابن حجر في "التهذيب" 4/ 232: وعاب ذلك عليه النسائي فقال السلمي سألت الدارقطني لم ترك البخاري حديث سهيل في كتاب "الصحيح"؟ فقال لا أعرف له فيه عذرًا فقد كان النسائي إذا مَرَّ بحديث سهيل قال: والله خير من أبي اليمان ويحيى بن بكير وغيرهما. اهـ.

ص: 429

وذكره ابن حبان في الثقات وقال عنه: يخطئ. اهـ.

وقد اختلف في إسناده على الزهري. فرواه الليث وإبراهيم بن سعد وابن عيينة والأوزاعي وابن أبي ذئب ومعمر وعمرو بن الحارث وابن إسحاق وغيرهم كلهم رووه عن الزهري عن عروة وتارة عن عمرة وتارة يجمعها عن عائشة بقصة أم حبيبة وسيأتي تخريجها في الحديث بعد القادم وخالفهم سهيل بن أبي صالح فرواه عن الزهري عن عروة عن أسماء.

لهذا قال البيهقي 1/ 354: هكذا رواه سهيل بن أبي صالح عن الزهري عن عروة واختلف فيه عليه، والمشهور رواية الجمهور عن الزهري عن عروة عن عائشة في شأن أم حبيبة بنت جحش

اهـ.

واختلف في لفظه على سهيل فرواه خالد بن عبد الله الطحان وعليّ بن عاصم كلاهما عن سهيل عن الزهري عن عروة عن أسماء بنت أبي عميس وفيه: الاغتسال لكل صلاتين مجموعتين. وكذا الاغتسال لصلاة الفجر.

ورواه جرير عنه به بلفظ: أمرها -يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تقعد الأيام التي كانت تقعد ثم تغتسل، وليس فيه الاغتسال لكل صلاة مجموعة، ولا الاغتسال لصلاتين.

وروى البخاري (325) من طريق أبي أسامة عن هشام عن عروة عن عائشة في قصة استحاضة فاطمة بنت أبي جيش وفيه: "ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي".

ص: 430

وحديث الباب رواه علي بن عاصم عن سهيل عن الزهري عن عروة عن أسماء بنت عميس كما عند الدارقطني 1/ 216.

ورواه جرير عن سهيل به على الشك فقال: حدثتني فاطمة بنت أبي حبيش أنها أمرت أسماء أو أسماء أنها أمرت فاطمة كما عند أبي داود (281).

ورواه أبو داود (299) والبيهقي 1/ 353 من طريق وهب بن بقية.

والدارقطني 1/ 215 من طريق أبي بشر.

والطحاوي 1/ 100 من طريق الحماني ثلاثتهم رووه عن خالد بن عبد الله الواسطي عن سهيل عن الزهري عن عروة عن أسماء.

وخالفهم عبد الحميد بن بيان. فرواه عن خالد به إلا أنه قال عن أسماء بنت أبي بكر. والأول أصح وقد تابع خالدًا علي بن عاصم كما عند الدارقطني 1/ 216.

* * *

141 -

وعن حَمنَة بنت جحش رضي الله عنها قالت: كنت أُستحاضُ حَيضةً كثيرةً شديدةً؛ فأتيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم أستفتيه، فقال: "إنما هي رَكْضَةٌ من الشيطانِ فتَحيَّضي ستةَ أيامٍ أو سبعةَ أيامٍ ثم اغتَسلِي، فإذا استَنقأْتِ فصلِّي أربعةً وعشرين أو ثلاث وعشرين وصومي وصلِّي فإن ذلك يُجزِئُكِ، وكذلك فافعلي كُلَّ شهرٍ

ص: 431

كما تحيضُ النساءُ، فإن قَويتِ على أن تُؤَخِّرِي الظهرَ وتعجِّلي العصرَ ثم تغتسلي حين تطهرين وتصلي الظّهر والعصر جميعًا، ثم تؤخِّرين المغربَ وتعجِّلين العِشاءَ ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي، وتغتسلين مع الصبح وتصلين" قال:"وهو أعجبُ الأمرين إليَّ" رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي وحسنه البخاري.

رواه أحمد 6/ 439 والترمذي (128) وأبو داود (287) وابن ماجه (627) والدارقطني 1/ 214 والبيهقي 1/ 338 والحاكم 1/ 279 - 280 كلهم من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمه عمران بن طلحة عن أمه حمنة بنت جحش قالت: كنت أستحاض حيضةً شديدةً، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستفتيه وأخبره، فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش، فقلت: يا رسول الله إني امرأة أستحاض حيضة كثيرة شديدة فما ترى فيها؟ قد منعتني الصلاة والصيام؟ فقال: "أَنْعَتُ لك الكُرْسُفَ فإنه يُذهِب الدّم". قالت: هو أكثر من ذلك. قال: "فاتخذي ثوبًا" فقالت: هو أكثر من ذلك، إنما أثج ثجًّا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سآمُرِكِ بأمرين أيهما فعلتِ أجزأ عنكِ من الآخر، فإن قويتِ عليهما فأنت أعلم" قال لها: "إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان فتحيضي ستة أيامٍ أو سبعة أيامٍ في علم الله تعالى، ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت فصلي ثلاثًا وعشرين ليلة أو

ص: 432

أربعًا وعشرين ليلة وأيامها، وصومي؛ فإن ذلك يُجزِئُكِ، وكذلك فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء وكما يطهرن ميقاتَ حيضهن وطهرهنّ، فإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر فتغتسلين وتجمعين بين الصلاتين الظهر والعصر، وتؤخرين المغرب وتعجلين العشاء ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين، فافعلي، وتغتسلين مع الفجر فافعلي، وصومي إن قدرت على ذلك". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وهذا أعجبُ الأمرين إليّ" هذا لفظ أبو داود.

وعند ابن ماجه في آخره: "فهذا أحب الأمرين إليّ".

قال أبو داود 1/ 127: ورواه عمرو بن ثابت عن ابن عقيل قال: فقالت حمنة: فقلت: هذا أعجب الأمرين إليّ، ولم يجعله من قول النبي صلى الله عليه وسلم، جعله كلام حمنة.

قلت: مدار الحديث على عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي.

قال البيهقي في "المعرفة" 2/ 159: تفرد به عبد الله بن محمد بن عقيل وهو مختلف في الاحتجاج به. اهـ.

قلت: الجمهور على تضعيفه. قال ابن معين ضعيف. اهـ.

وقال ابن المديني: لم يدخل مالك في كتبة ابن عقيل واحتج به أحمد وإسحاق. اهـ.

وقال أبو حاتم وغيره: لين الحديث. اهـ.

وقال ابن خزيمة: لا أحتج به. اهـ.

ص: 433

وقال الترمذي: صدوق وتكلم فيه بعضهم من قبل حفظه. اهـ.

وقال ابن حبان: رديء الحفظ يجيء بالحديث على غير سننه فوجب مجانبة أخباره. اهـ.

وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالمتين عندهم. اهـ.

وقال أبو زرعة: يختلف عنه في الأسانيد. اهـ.

وقال ابن عيينة: أربعة من قريش يترك حديثهم. فذكر منهم ابن عقيل. اهـ.

ولهذا تكلم الأئمة في هذا الحديث؛ فقال ابن أبي حاتم في "العلل"(123): سألت أبي عن حديث رواه ابن عقيل عن إبراهيم بن محمد عن عمران بن طلحة عن أمه حمنة بنت جحش في الحيض فوهنه ولم يقو إسناده. اهـ.

وقال الترمذي 1/ 151: هذا حديث حسن صحيح. ورواه عبيد الله بن عمرو الرقي وابن جريج وشريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمه عمران عن أمه حمنة إلا أن ابن جريج يقول: عمر بن طلحة. والصحيح عمران بن طلحة. قال: وسألت محمدًا عن هذا الحديث؟ فقال: هو حديث حسن صحيح وهكذا قال أحمد بن حنبل: هو حديث حسن صحيح. اهـ.

قلت: والمشهور عن الإمام أحمد تضعيفه.

فقد قال أبو داود في "السنن" 1/ 128: سمعت أحمد يقول: حديث ابن عقيل في نفسي منه شيء. اهـ. لكن قال ابن رجب في

ص: 434

"فتح الباري شرح البخاري" 2/ 64: نقل حرب عن أحمد أنه قال: نذهب إليه، ما أحسنه من حديث واحتج به إسحاق وأبو عبيد وأخذا به

والمعروف عن الإمام أحمد أنه ضعفه ولم يأخذ به. وقال: ليس بشيء. وقال مرة: ليس عندي بذلك وحديث فاطمة أصح منه وأقوى إسنادًا وقال مرة: في نفسي منه شيء. ولكن ذكر أبو بكر الخلال أن أحمد رجع إلى القول بحديث حمنة والأخذ به، والله أعلم. اهـ.

قلت: القول بحديث حمنة والأخذ به لا يعني تصحيحه.

وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 16/ 61: قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول في الحيض حديثان والآخر في نفسي منه شيء. قال أبو داود: يعني أن في الحيض ثلاثة أحاديث هي أصول هذا الباب أحدها: حديث مالك عن نافع عن سليمان بن يسار والآخر: حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. والثالث: الذي في قلبه منه شيء. هو: حديث حمنة بنت جحش الذي يرويه ابن عقيل. اهـ.

أما بالنسبة لتحسين البخاري فقد نقل الترمذي في "العلل الكبير" 1/ 187 - 188 عن البخاري أنه قال: حديث حمنة بنت جحش في المستحاضة هو حديث حسن إلا أن إبراهيم بن محمد بن طلحة هو قديم، ولا أدري سمع منه عبد الله بن محمد بن عقيل أم لا. وكان أحمد بن حنبل يقول: هو حديث صحيح اهـ.

وقد أجاب عن هذا الشوكاني فقال في "النيل" 1/ 338: إبراهيم بن طلحة مات سنة 110 هـ عشر ومئة فيما قاله أبو عبيد القاسم بن

ص: 435

سلام وعلي بن المديني وخليفة بن خياط. وهو تابعي سمع عبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك والربيع بنت معوذ. فكيف ينكر سماعه من محمد بن إبراهيم بن طلحة لقدمه وأين ابن طلحة من هؤلاء في القدم وهم نظراء شيوخه في الصحبة. وقريب منهم في الطبقة، فينظر في صحة هذا عن البخاري. اهـ.

قلت: هو ثابت عن البخاري كما ذكره الترمذي في "العلل الكبير" 1/ 187 وعنه البيهقي 1/ 339 بلاغًا.

لكن قال هذا البخاري بناءً على شرطه في "الصحيح". والله أعلم.

ونقل ابن دقيق العيد في "الإمام" 3/ 310 وابن التركماني في "الجوهر النقي" 1/ 339 وابن رجب في "شرح البخاري" 2/ 64 وابن القيم في "تهذيب السنن" 1/ 184 عن ابن منده أنه قال: حديث حمنه "تَحَيَّضي في علم الله ستًّا أو سبعًا" لا يصح عندهم من وجه من الوجوه؛ لأنه من رواية عبد الله بن محمد بن عقيل وقد أجمعوا على ترك حديثه. اهـ.

وتعقبه ابن دقيق العيد فقال: ليس الأمر كما قال ابن منده وإن كان بحرًا من بحور هذه الصنعة. فقد ذكر الترمذي أن الحميدي وأحمد وإسحاق كانوا يحتجون بحديث عبد الله بن محمد بن عقيل. قال محمد: وهو مقارب الحديث، وما قاله ابن منده عجيب. اهـ.

ولعل ابن دقيق لم يفطن لمقصد ابن منده فقد قال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 1/ 173 لما نقل قول ابن منده: وتعقبه

ص: 436

ابن دقيق واستنكر منه هذا الإطلاق، لكن ظهر لي أن مراد ابن منده بذلك من خرج الصحيح وهو كذلك. اهـ. أي من ليس له في "الصحيحين" ولا عند من اشترط الصحة رواية.

وقد نقل ابن رجب في "فتح الباري شرح صحيح البخاري" 2/ 64 عن الدارقطني أنه ضعفه.

وقال الخطابي في "معالم السنن" 1/ 183: وقد ترك بعض العلماء القول بهذا الخبر لأن ابن عقيل راويه ليس بذاك. اهـ.

والحديث حسنه الألباني حفظه الله فقال كما في "الإرواء" 1/ 203: هذا إسناد حسن رجاله ثقات غير ابن عقيل، وقد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه، وهو في نفسه صدوق فحديثه في مرتبة الحسن، وكان ابن راهويه وأحمد يحتجان به كما قال الذهبي

اهـ.

* * *

142 -

عن عائشة رضي الله عنها أن أمَّ حبيبةَ بنت جحش شكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الدم فقال: "امكثي قَدْرَ ما كانت تَحبِسُكِ حيضتُكِ، ثم اغتسلي" فكانت تغتسل لكل صلاة. رواه مسلم، وفي رواية للبخاري "وتوضئي لكل صلاةٍ"، وهي لأبي داود وأحمد وغيره من وجه آخر.

رواه مسلم 1/ 263 وأحمد 6/ 82 وأبو داود (290) والترمذي (129) والنسائي 1/ 181 والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 99

ص: 437

والبيهقي 1/ 349 كلهم من طريق الليث عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة؛ أنها قالت: استفتت أم حبيبة بنت جحش رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أستحاض. فقال: "إنما ذلك عرق فاغتسلي. ثم صلّي" فكانت تغتسل عند كل صلاةٍ. قال الليث بن سعد: لم يذكر ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أم حبيبة بنت جحش أن تغتسل عند كل صلاةٍ، ولكنه شيءٌ فعلته هي. وقال ابن رمح في روايته ابنة جحش. ولم يذكر أم حبيبة. هذا لفظ مسلم.

ورواه مسلم 1/ 264 من طريق جعفر بن ربيعة عن عراك بن مالك عن عروة به وفي آخره: فكانت تغتسل عند كل صلاةٍ.

هكذا لم يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بالغسل عند كل صلاة إنما هو إخبار عن فعلها.

وقد ورد الأمر بالغسل عند كل صلاة عند أحمد 6/ 237 وأبو داود (292) والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 98 والدارمي 1/ 198 كلهم من طريق محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها بالغسل لكل صلاة وساق الحديث.

وهذا مقصد الحافظ ابن حجر في "البلوغ" عندما قال عند هذا الحديث: ولأبي داود وغيره من وجه آخر، أي: عن ابن إسحاق.

وقد خالف محمد بن إسحاق الليث كما سبق وابن أبي ذئب كما هو عند البخاري (327) والدارمي 1/ 200 وأحمد 6/ 141

ص: 438

والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 99 كلهم من طريق ابن أبي ذئب عن ابن شهاب به، وليس فيه الأمر بالغسل عند كل صلاة. إنما أمرها بالغسل مطلقًا.

وتابع ابن أبي ذئب إبراهيم بن سعد كما عند مسلم 1/ 264 وأحمد 6/ 187 والدارمي 1/ 200 وابن عيينة عند مسلم 1/ 246.

والأوزاعي عند أحمد 6/ 83 والنسائي والدارمي 1/ 199 وعمرو بن الحارث عند مسلم 1/ 263 وأبو داود (288) والبيهقي 1/ 248 كلهم عن ابن شهاب به وبعضهم يرويه عنه عن عروة وبعضهم عن عمرة وبعضهم يجمعهما.

وليس فيه الأمر بالغسل عند كل صلاة.

فدل على أنها كان تغتسل لكل صلاة من فعلها ولم يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم به كما قال رواة الحديث.

فقد قال الليث كما في "صحيح مسلم" 1/ 263: لم يذكر ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أم حبيبة بنت جحش أن تغتسل عند كل صلاة، ولكنه شيءٌ فعلته هي. اهـ.

وقال ابن شهاب كما عند أحمد 6/ 82: لم يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تغتسل عند كل صلاة. إنما فعلته هي. اهـ.

وتابع ابن إسحاق سليمان بن كثير. فقد قال أبو داود في "السنن" 1/ 129: ورواه أبو الوليد الطيالسي، ولم أسمعه منه عن سليمان بن كثير عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: استحيضت زينب

ص: 439

بنت جحش فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "اغتسلي لكل صلاة" وساق الحديث

ورواه عبد الصمد عن سليمان بن كثير قال: "توضئي لكل صلاة".

ثم قال أبو داود: وهذا وهم من عبد الصمد، والقول فيه قول أبي الوليد. اهـ.

قلت: سليمان بن كثير قد ضعف في حديث الزهري كما أنه اختلف عليه.

فقد رواه البيهقي 1/ 35 من طريق مسلم بن إبراهيم ثنا سليمان -يعني: ابن كثير- عن الزهري به وفيه: "فاغتسلي وصلي" وليس فيه الأمر بالاغتسال لكل صلاة ولا الوضوء لكل صلاة.

قال البيهقي: وهذا أولى لموافقته سائر الروايات عن الزهري. اهـ.

وللحديث طريق أخرى أتركها اختصارًا.

أما رواية البخاري التي ذكرها الحافظ ابن حجر في "البلوغ""وتوضئي لكل صلاة" فقد سبق التوسع في تخريجها ضمن الحديث الثاني من باب: نواقض الوضوء فليراجع.

* * *

143 -

وعن أمِّ عطية رضي الله عنها قالت: كُنّا لا نَعُدُّ الكُدرَةَ والصُّفرَة بعدَ الطُّهْرِ شيئًا. رواه البخاري وأبو داود واللفظ له.

رواه البخاري (326) وأبو داود (308) والنسائي 1/ 186 وابن ماجه (647) والبيهقي 1/ 337 وعبد الرزاق 1/ 317 كلهم من

ص: 440

طريق أيوب عن محمد بن سيرين عن أم عطية قالت: كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئًا.

وراه أبو داود (307) والحاكم 1/ 282 والبيهقي 1/ 337 كلهم من طريق حماد بن سلمة عن قتادة عن أم الهذيل عن أم عطية وكانت بايعت النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كنا لا نعدّ الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئًا.

قال أبو داود 1/ 135: أم الهذيل هي حفصة بنت سيرين، كان ابنها اسمه هذيل واسم زوجها عبد الرحمن. اهـ.

وقال الحاكم 1/ 282: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. اهـ.

ووافقه الذهبي. وفيما قالاه نظر؛ لأن البخاري لم يخرج لحماد بن سلمة بل قال الحاكم: إن مسلم أيضًا لم يخرج لحماد بن سلمة في الأصول إلا ما كان من حديثه عن ثابت.

وقد اختلف في إسناده. فرواه الإمام أحمد كما في "العلل"(1697) برواية ابنه عبد الله قال: حدثني أبي قال: حدثني عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن سلمة عن قتادة عن أم الهذيل عن عائشة. ثم قال أحمد: إنما هو قتادة عن حفصة عن أم عطية اهـ.

ورواه أيضًا (1216) فقال: أخبرنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن أم عطية قالت: لم نكن نرى الصفرة والكدرة شيئًا.

ورواه ابن ماجه (647) قال: حدثنا محمد بن يحيى ثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر به.

ص: 441

وقد تابع معمرًا إسماعيل ابن علية كما عند البخاري (326) وأبي داود (308) والنسائي 1/ 186 والحاكم 1/ 174 كلهم من طريق إسماعيل ابن علية عن أيوب عن ابن سيرين عن أم عطية.

وخالفهم وهيب كما عند ابن ماجه (647) قال: حدثنا محمد بن يحيى ثنا محمد بن عبد الله القرشي ثنا وهيب عن أيوب عن حفصة عن أم عطية قالت: كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئًا.

قال عقبة: قال محمد بن يحيى: وهيب أولاهما، عندنا بهذا. اهـ.

هكذا رجح محمد بن يحيى الذهلي رواية وهيب عن أيوب عن حفصة.

وتعقبه ابن رجب في "شرح البخاري" 2/ 155 فقال: زعم محمد بن يحيى الذهلي أن قول وهيب أصح وفيه نظر. اهـ.

فالذي يظهر أن رواية معمر وابن علية عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أم عطية أصح لأن إسماعيل من أثبت الرواة في أيوب.

لهذا قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 1/ 426: وما ذهب إليه البخاري من تصحيح رواية إسماعيل أرجح لموافقة معمر له؛ ولأن إسماعيل أحفظ لحديث أيوب من غيره ويمكن أن أيوب سمعه منهما. اهـ.

ورواه الحاكم 1/ 282 قال: حدثنا الحسن بن يعقوب العدل ثنا يحيى بن أبي طالب ثنا عبد الوهاب بن عطاء ثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أم عطية.

ص: 442

قلت: يحيى بن أبي طالب فيه كلام وقد اختلف عليه.

فقد رواه الدارقطني 1/ 219 قال: حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق ثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب، أنا هشام بن حسان عن حفصة عن أم عطية أنها قالت: كنا لا نرى الترية بعد الطُّهر شيئًا. وهي الصفرة والكدرة.

وفي الباب عن عائشة وأبي أمامة وأثر عن عائشة وعن ابن عباس والضحاك:

أولًا: حديث عائشة رواه البخاري (2037) قال: حدثنا قتيبة حدثنا يزيد بن زريع عن خالد عن عكرمة عن عائشة رضي الله عنها قالت: اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة مستحاضة من أزواجه. فكانت ترى الحمرة والصفرة فربما وضعنا الطست تحتها وهي تصلي.

الشاهد من الحديث هو ما قاله ابن رجب في "شرح البخاري" 2/ 82 حيث قال: وفي حديث عائشة ما يدل على أن دم الاستحاضة يتميز عن دم الحيض بلونه وصفرته. اهـ.

ثانيًا: حديث أبي أمامة رواه الدارقطني 1/ 218 قال: حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد السماك ثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي ثنا إبراهيم بن مهدي المصيصي ثنا حساد بن إبراهيم الكرماني ثنا عبد الملك سمعت العلاء قال: سمعت مكحولًا يحدث عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقل ما يكون من المحيض للجارية البكر والثيب ثلاث، وأكثر ما يكون من المحيض عشرة أيام، فإذا رأت الدم أكثر من عشرة أيام فهي مستحاضة، تقضي ما زاد على أيام

ص: 443

أقرائها، ودمُ الحيض لا يكون إلا دمًا أسودَ عبيطًا تعلوه حُمرةٌ، ودمُ المستحاضة رقيق تعلوه صفرة، فإن كثر عليها في الصلاة فلتحتشي كُرسفًا فإن ظهر الدمُ عَلَتْها بأخرى، فإن غلبها في الصلاة فلا تقطع الصلاة وإن قَطَر، ويأتيها زوجها وتصوم".

قلت: إسناده واهٍ؛ لأن فيه العلاء بن كثير مولى بني أمية.

ذكره ابن حبان في "الضعفاء" 2/ 182 فقال: كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات لا يحل الاحتجاج بما روى وإن وافق فيها الثقات

ثم روى له هذا الحديث.

وعبد الملك في الإسناد مجهول لا يعرف.

ولهذا أعل الحديث الدارقطني فقال عقب روايته له: عبد الملك هذا رجل مجهول والعلاء هو ابن كثير وهو ضعيف الحديث. ومكحول لم يسمع أبي أمامة شيئًا. اهـ.

ثالثًا: أثر عائشة رواه مالك في "الموطأ" 1/ 59 عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه مولاة عائشة أم المؤمنين أنها قالت: كان النساء يبعثن إلى عائشة أم المؤمنين بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة من دم الحيضة، يسألنها عن الصلاة فتقول لهن: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء، تريد بذلك الطهر من الحيضة.

قلت: رجاله لا بأس بهم. وأم علقمة اسمها مرجانة ذكرها ابن حبان في "الثقات". ووثقها العجلي وعلق لها البخاري هذا الأثر بصيغة الجزم في كتاب الحيض باب: إقبال الحيض وإدباره قال

ص: 444

البخاري: وكن نساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف، فيه الصفرة، فتقول: لا تعجلن حتى يرين القصة البيضاء.

وقال الألباني حفظه الله كما في "الإرواء" 1/ 219: هذا إسناد جيد لولا أن أم علقمة هذه لم يتبين لنا حالها، وإن وثقها ابن حبان والعجلي ففي النفس من توثيقهما شيء؛ فإن المتتبع لكلامها في الرجال يجد في توثيقهما تساهلًا، وخاصة الأول منهما. اهـ.

ثم قال: ثم وجدت له طريقًا أخرى عنها بلفظ: قالت. إذا رأت الدم فلتمسك عن الصلاة حتى ترى الطهر أبيضًا كالفِضَّةِ، ثم تغتسل وتصلي. أخرجه الدارمي 1/ 214: وإسناده حسن وبه يصح الحديث. اهـ.

وقال النووي في "الخلاصة" 1/ 233: صحيح، رواه مالك في "الموطأ"، وذكره البخاري تعليقًا. اهـ.

رابعًا: أثر ابن عباس رواه ابن أبي شيبة 1 / رقم (1373) قال: حدثنا إسماعيل ابن علية عن خالد عن أنس بن سيرين قال: استحيضت امرأة من آل أنس، فأمروني، فسألت ابن عباس فقال: أما ما رأت الدم البحراني؛ فلا تصلي، وإذا رأت الطهر ولو ساعة من النهار، فلتغتسل وتصلي.

قلت: رجاله ثقات وإسناده قوي وخالد هو ابن مهران الحذاء.

ورواه الدارمي 1/ 203 قال أخبرنا محمد بن عيسى ثنا إسماعيل به.

قال ابن رجب في "شرحه للبخاري" 2/ 176 لما ذكر هذا الأثر: وقد ذكره الإمام أحمد واستحسنه واستدل به وذهب إليه. وقال في

ص: 445

رواية الأثرم وغيره: ثنا إسماعيل هو ابن علية ثنا خالد الحذاء عن أنس بن سيرين قال: استحيضت امرأة من آل أنس فأمروني فسألت ابن عباس. فقال: أما ما رأت الدم البحراني فإنها لا تصلي، وإذا رأت الطهر ساعة فلتغتسل ولتصل قال أحمد: ما أحسنه. والدم البحراني قيل: هو الأحمر الذي يضرب إلى سواد. وروي عن عائشة أنها قالت: دم الحيض بحراني أسود. خرجه البخاري في "تاريخه". وقيل البحراني: هو الغليظ الواسع الذي يخرج من قعر الرحم ونسب إلى البحر لكثرته وسعته. اهـ.

وقال ابن الأثير: دم بحراني: شديد الحمرة، كأنه نسب إلى البحر وهو اسم قعر الرحم. اهـ.

وفي "تاج العروس" 6/ 52 - 54: دم بحراني، أي: أسود؛ نسب إلى بحر الرحم، وهو عمقه

اهـ.

خامسًا: أثر الضحاك رواه الدارمي (802) قال: حدثنا حجاج بن نصير ثنا قرة عن الضحاك أن امرأة سألته فقالت: إني امرأة أستحاض؟ فقال: إذا رأيت دمًا عبيطًا فأمسكي أيام أقرائك.

قلت. إسناده ضعيف لأن فيه حجاج بن نصير الفساطيطي ضعفه ابن معين في رواية معاوية بن صالح وقال علي بن المديني: ذهب حديثه. كان الناس لا يحدثون عنه. اهـ.

وقال النسائي: ضعيف. اهـ. وكذا قال الدارقطني والأزدي.

وقال الآجري عن أبي داود: تركوا حديثه. اهـ.

ص: 446