المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: جامع في التيمم وصفته - التبيان في تخريج وتبويب أحاديث بلوغ المرام - جـ ٢

[خالد بن ضيف الله الشلاحي]

فهرس الكتاب

- ‌باب: ما جاء في وجوب غسل جميع محل الطهارة

- ‌باب: فيما يقال بعد الوضوء

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌باب: ما جاء في اشتراط إدخال الخفين على طهارة

- ‌باب: ما جاء في صفة المسح على الخفين

- ‌باب: جامع في مدة المسح وأنه يكون في الحدث الأصغر

- ‌باب نواقض الوضوء

- ‌باب: ما جاء في أن النوم اليسير لا ينقض الوضوء

- ‌باب: ما جاء في أن الاستحاضة ناقضة للوضوء

- ‌باب: ما جاء في الوضوء من المذي

- ‌باب: ما جاء في ترك الوضوء من القبلة

- ‌باب: ما جاء في الوضوء من الريح

- ‌باب: ما جاء في أن مس الذكر لا ينقض الوضوء

- ‌باب: ما جاء في أن من مس ذكره فليتوضأ

- ‌باب: فيمن أصابه قيء أو رعاف ونحوه وهو في الصلاة فليتوضأ وليتم صلاته

- ‌باب: ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل

- ‌باب: ما جاء فيمن غَسَّل ميتًا فليغتسل ومَن حمله فليتوضأ

- ‌باب: ما جاء في أن القرآن لا يمسه إلا متطهر

- ‌باب: جامع

- ‌باب: ما جاء في مظان الحدث

- ‌باب: ما جاء في الشك من الحدث

- ‌باب قضاء الحاجة

- ‌باب: الخاتم يكون فيه ذكر الله لا يدخل به الخلاء

- ‌باب: ما يقال عند دخول الخلاء

- ‌باب: ما جاء في الاستنجاء بالماء من التبرز

- ‌باب المواضع التي نهي عن التخلي فيها

- ‌باب: ما جاء في الإبعاد عند إرادة قضاء الحاجة والحث على الاستتار

- ‌باب: ما جاء في كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء

- ‌باب: ما جاء في النهي عن استقبال القبلة عند قضاء الحاجة في الفضاء وجوازها في البنيان

- ‌باب: ما يقال عند الخروج من الخلاء

- ‌باب: ما جاء في الاستجمار

- ‌باب: ما جاء في التنزّه من البول وصفة الجلوس لقضاء الحاجة

- ‌باب: ما جاء في الاستنجاء بالماء أو بالحجارة أو بهما معًا

- ‌باب الغسل وحكم الجنب

- ‌باب: ما جاء في أن الماء من الماء كان في أول الإسلام ثم نُسِخ

- ‌باب: ما جاء في الغسل من الاحتلام

- ‌باب: ما جاء في الغسل من تغسيل الميت ومن الحجامة

- ‌باب: ما جاء في الاغتسال عندما يسلم الرجل

- ‌باب: ما جاء في وجوب غسل الجمعة

- ‌باب: ما جاء في استحباب غسل يوم الجمعة

- ‌باب: ما جاء في منع الجنب من قراءة القرآن

- ‌باب: ما جاء في الجنب يريد العود أو الأكل أو النوم

- ‌باب: ما جاء في صفة الغسل

- ‌باب: ما جاء في منع الحائض والجنب من دخول المسجد

- ‌باب: ما جاء في غسل الرجل مع المرأة

- ‌باب: ما جاء في أن تحت كل شعرة جنابة

- ‌باب التيمم

- ‌باب: ما جاء في اختصاص هذه الأمة بالتيمم

- ‌باب: جامع في التيمم وصفته

- ‌باب: ما جاء في التيمم لكل صلاة

- ‌باب الحيض

- ‌باب: ما يميز به دم الحيض عن الاستحاضة

- ‌باب: ما يجوز فعله مع الحائض

- ‌باب: ما جاء في كفارة من أتى حائضًا

- ‌باب: جامع فيما تمتنع منه الحائض

- ‌باب: كم تمكث النفساء

الفصل: ‌باب: جامع في التيمم وصفته

‌باب: جامع في التيمم وصفته

130 -

وعن عمّار بن ياسر رضي الله عنهما قال: بعثني النبيُّ صلى الله عليه وسلم في حاجة، فأجنبتُ، فلم أجد الماء، فتمرَّغتُ في الصَّعيد، تمرُّغَ الدّابة، ثم أتيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكرتُ له ذلك فقال:"إنما يكفيكَ أن تقول بِيدَيكَ هكذا" ثم ضربَ بيديه الأرضَ ضربةً واحدةً ثم مسح الشمال على اليمين وظاهرَ كفيه ووجهه. متفق عليه واللفظ لمسلم. وفي رواية للبخاري: وضرب بكفه الأرضَ ونفخَ فيهما، ثم مسح بهما وجهَه وكفيه.

رواه البخاري (347) ومسلم 1/ 280 وأبو داود (321) وأحمد 2/ 396 و 264 والدارقطني 1/ 179 - 180 والنسائي 1/ 170 وابن خزيمة 1/ 136 والبيهقي 1/ 211 وأبو عوانة 1/ 303 وابن حبان 4/ 128 كلهم من طريق الأعمش عن شمقيق بن سلمة قال: كنت جالسًا مع عبد الله وأبي موسى فقال أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن! أرأيت لو أن رجلًا أجنب فلم يجد الماء شهرًا كيف يصنع بالصلاة؟ فقال عبد الله: لا يتيمم وإن لم يجد الماء شهرًا. فقال أبو موسى: فكيف بهذه الآية في سورة المائدة {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6] فقال عبد الله: لو رخص لهم في هذه الآية لأوشك إذا برد عليهم الماء أن يتيمّموا بالصعيد.

ص: 394

فقال أبو موسى لعبد الله. ألم تسمع قول عمّار: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة فأجنبت، فلم أجد الماء، فتمرَّغت في الصعيد كما تمرَّغ الدّابة. ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له. فقال:"إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا" ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة، ثم مسح الشمال علي اليمين وظاهر كفيه، ووجهه؟ فقال عبد الله: أو لم تر عمر لم يقنع بقول عمار. هذا اللفظ لمسلم.

وفي لفظ للبخاري (338)"كان يكفيه هكذا" فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجه وكفيه. اهـ.

وفي لفظ أيضًا للبخاري (346) قال شقيق بن سلمة: كنت عند عبد الله وأبي موسى فقال له أبو موسى: أرأيت يا أبا عبد الرحمن إذا أجنبت فلم تجد ماء كيف تصنع؟ فقال عبد الله لا يصلي حتى يجد الماء. فقال أبو موسى: فكيف تصنع بقول عمار حين قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "كان يكفيك" قال: ألم تر عمر لم يقنع بذلك؟ فقال: أبو موسى فدعنا من قول عمَّار، كيف تصنع بهذه الآية؟ فما درى عبد الله ما يقول، فقال: إنا لو رخصنا لهم في هذه لأوشك إذا برد على أحدهم الماء أن يدعه ويتيمم. فقلت -أي: الأعمش- لشقيق فإنما كره عبد الله لهذا؟ قال: نعم.

ورواه البخاري (338) ومسلم 1/ 280 وأحمد 4/ 263 والنسائي 1/ 166 وأبو داود (324) وابن ماجه (569) والدارمي 1/ 156 والبيهقي 1/ 209 وابن الجارود (125) وابن حبان 4/ 79 والدارقطني 1/ 183 كلهم من طريق سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه؛

ص: 395

أن رجلًا أتى عمر فقال: إني أجنبت فلم أجد ماء. فقال: لا تصل، فقال عمار: أما تذكر يا أمير المؤمنين: إذا أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماء، فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت في التراب وصليت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض، ثم تنفخ، ثم تمسح بهما وجهك وكفك" فقال عمر: اتق الله يا عمار. قال: إن شئت لم أحدث به. قال الحكم: وحدثنيه ابن عبد الرحمن بن أبزى مثل حديث ذر. قال: وحدثني سلمة عن ذر.

وروي عن عبد الرحمن بن أبزى قال: كنت عند عمر فذكره والمحفوظ اللأول.

قال ابن أبي حاتم في "العلل"(2): سألت أبا زرعة عن حديث شعبة والأعمش عن سلمة بن كهيل عن ذر عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه أن رجلًا أتى عمر فقال: إني أجنبت ولم أجد الماء فذكر عمار عن النبي صلى الله عليه وسلم في التيمم. ورواه الثوري عن سلمة بن كهيل عن أبي مالك عن عبد الرحمن بن أبزى قال: كنت عند عمر إذ جاء رجل. قال أبو زرعة: حديث شعبة أشبه. قلت لأبي زرعة: ما اسم أبي مالك. قال لا يسمى هو الغفاري.

تنبيه:

قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب كما في "مجموع مؤلفاته" 8/ 146: قال أحمد: من قال: ضربتين؛ إنما هو شيء زاده. اهـ.

* * *

ص: 396

131 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التيممُ ضربتانِ: ضربةٌ للوجه وضربةٌ لليدين إلى المرفقين" رواه الدارقطني وصحح الأئمة وقفه.

رواه الدارقطني 1/ 180 والحاكم 1/ 287 وابن عدي في "الكامل" 5/ 188 كلهم من طريق عليّ بن ظبيان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا قال: التيمم

فذكره. قال الحاكم 1/ 287: لا أعلم أحدًا أسنده عن عبيد الله غير علي بن ظبيان وهو صدوق. اهـ.

قلت: إسناده واه؛ لأن فيه عليّ بن ظبيان بن هلال بن قتادة اتهمه ابن معين.

وقال البخاري: منكر الحديث. اهـ.

وقال النسائي: متروك الحديث. اهـ.

وقال أبو زرعة: واهي الحديث جدًّا. اهـ.

وقال أبو حاتم وأبو الفتح: متروك. اهـ.

وقال الدارقطني: ضعيف. اهـ.

وقال يعقوب بن سفيان: لا يكتب حديثه. اهـ.

وأعله ابن الجوزي في "التحقيق" 1/ 237 بعلي بن ظبيان وكذا فعل ابن دقيق العيد في "الإمام" 3/ 152.

ولهذا قال عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 1/ 222: علي بن ظبيان ضعيف عندهم، وإنما رواه الثقات موقوفًا على ابن عمر. اهـ.

ص: 397

وتابعه على رفعه سليمان بن أرقم.

فقد رواه الدارقطني 1/ 181 من طريق سليمان بن أرقم عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: تيممنا مع النبي صلى الله عليه وسلم: بضربتين: ضربة للوجه والكفين وضربة للذراعين إلى المرفقين.

قلت: إسناده ضعيف فهو معلول من جهة الإسناد والمتن كما سيأتي.

وتابعهما على رفعه سليمان بن أبي داود عن سالم ونافع به كما هو عند الحاكم 1/ 287 والدارقطني 1/ 181.

وهو ضعيف أيضًا قال الدارقطني 1/ 181: سليمان بن أرقم وسليمان بن أبي داود ضعيفان. اهـ.

وقال البيهقي 1/ 207 سليمان بن أبي داود وسلمان بن أرقم ضعيفان لا يحتج بروايتهما. اهـ.

وقال ابن أبي حاتم في "العلل"(137): سألت أبا زرعة عن حديث رواه قرة بن سليمان عن سليمان بن أبي داود عن سالم ونافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم "في التيمم ضربتين" قال أبو زرعة: هذا حديث باطل وسليمان ضعيف الحديث.

قلت: وقد روى هذا الحديث الربيع بن بدر عن أبيه عن جده عن الأسلع قال: كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم فذكر التيمم ضربتين. فسمعت أبي يقول: الربيع بن بدر متروك الحديث. اهـ.

وقد اختلف في وقفه ورفعه. فقد رواه الدارقطني 1/ 180 والبيهقي 1/ 206 كلاهما من طريق هشيم نا عبيد الله بن عمر

ص: 398

ويونس عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: التيمم ضربتان: ضربة للوجه وضربة للكفين إلى المرفقين.

وقد تابع هشيم على وقفه يحيى بن سعيد القطان كما هو عند البيهقي 1/ 206 والدارقطني 1/ 180 من طريق عبيد الله بن عمر به.

والصحيح وقفه قال الدارقطني 1/ 180: ووقفه يحيى بن القطان وهشيم وغيرهما، وهو الصواب. اهـ.

وقال الحاكم 1/ 287: وقد أوقفه يحيى بن سعيد وهشيم بن بشير وغيرهما وقد أوقفه مالك بن أنس عن نافع في "الموطأ" بغير هذا اللفظ. اهـ.

وقال البيهقي 1/ 207: رواه علي بن ظبيان عن عبيد الله بن عمر فرفعه وهو خطأ والصواب بهذا اللفظ عن ابن عمر موقوف. اهـ.

وقال ابن أبي حاتم في "العلل"(136): سألت أبا زرعة عن حديث رواه محمد بن ثابت عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في التيمم ضربتين. قال: هذا خطأ إنما هو موقوف. اهـ.

وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب كما في "مجموع مؤلفاته" 8/ 146 لما ذكر مسألة التيمم: قال الخلال: الأحاديث في ذلك ضعاف جدًّا لم يرو منها أصحاب السنن إلا حديث ابن عمر وقال أحمد: ليس بصحيح هو عندهم منكر. اهـ.

وقد ورد من حديث جابر وعائشة وفيهما ضعف.

ص: 399

أما حديث جابر فقد رواه البيهقي 1/ 207 والدارقطني 1/ 181 والحاكم 1/ 288 كلهم من طريق عثمان بن محمد الأنماطي ثنا حرمي بن عمارة عن عزرة بن ثابت عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين".

قال الدارقطني 1/ 181: رجاله ثقات. اهـ.

وقال ابن الجوزي في "التحقيق" عثمان بن محمد متكلم فيه. اهـ.

وتعقبه صاحب "التنقيح": 1/ 571 فقال: لم يذكر من تكلم في عثمان بن محمد وقد روى عنه أبو داود وأبو بكر بن أبي عاصم وغيرهما. اهـ.

وقال الدارقطني 1/ 181: الصواب أنه موقوف. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" 1/ 161: ضعف ابن الجوزي هذا الحديث بعثمان بن محمد. وقال: إنه متكلم فيه. وأخطأ في ذلك. قال ابن دقيق العيد: لم يتكلم فيه أحد. نعم روايته شاذة لأن أبا نعيم رواه عن عزرة موقوفًا. اهـ.

فقد رواه البيهقي 1/ 207 من طريق أبي نعيم ثنا عزرة بن ثابت عن أبي الزبير عن جابر قال: جاء رجل فقال: أصابتني جنابة وإني تمعكت في التراب، فقال: اضرب، فضرب بيديه الأرض فمسح وجهه، ثم ضرب بيديه فمسح بهما يديه إلى المرفقين.

ص: 400

قال البيهقي كذا قاله وإسناده صحيح إلا أنه لم يبين الآمر له بذلك. اهـ.

أما حديث عائشة فقد رواه البزار في "كشف الأستار"(313) وفي "مختصر زوائد مسند البزار على الكتب الستة ومسند أحمد" 1/ 177 من طريق الحريش بن الخريت، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"في التيمم ضربتين: ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين".

قال البزار: لا نعلمه روي عن عائشة إلا من هذا الوجه. والحريش أخو الزبير بصري ابن الخريت. اهـ.

وقال الهثيمي في "مجمع الزوائد" 1/ 263: رواه البزار وفيه الحريش بن الخريت ضعفه أبو حاتم وأبو زرعه والبخاري. اهـ.

ورواه ابن عدي في "الكامل" وأسند عن البخاري أنه قال: فيه نظر، ثم قال ابن عدي وأنا لا أعرف حاله؛ فإني لم أعتبر حديثه. اهـ.

وروي من حديث أبي أمامة صدي بن عجلان لكن قال النووي في "المجموع" 2/ 210: حديث منكر لا أصل له. اهـ.

فالمحفوظ أن التيمم ضربة واحدة كما هو ثابت من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله فقد روى أبو داود (327) والترمذي (144) وأحمد 4/ 263 والدارمي 1/ 156 وابن خزيمة 1/ 134 والدارقطني 1/ 182 كلهم من طريق قتادة عن عزرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى

ص: 401

عن أبيه عن عمار بن ياسر. قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن التيمم فقال: "التيمم ضربة واحدة للوجه والكفين" هذا لفظ أبو داود.

قال الترمذي 1/ 177: حديث عمار حديث حسن صحيح. اهـ.

وقال الدارمي: صح إسناده، وأصله في "الصحيحين" كما سبق وهناك أحاديث أخرى ستأتي.

* * *

132 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصعيدُ وَضوءُ المسلمِ وإن لم يجدِ الماءَ عشرين سنةً؛ فإذا وجدَ الماءَ فليتَّقِ اللهَ ويُمِسَّهُ بَشَرَتَه" رواه البزار وصححه ابن القطان ولكن صوب الدارقطني إرساله.

رواه البزار "مختصر زوائد مسند البزار على الكتب الستة ومسند أحمد" 1/ 175 قال: حدثنا مقدم بن محمد بن يحيى بن عطاء بن مقدم المقدمي حدثني عمي القاسم بن يحيى بن عطاء بن مقدم، حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصعيد وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليتق الله ويمسه بشرته، فإن ذلك خير".

قال البزار عقبه: لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه ومقدم ثقة معروف النسب. اهـ.

ص: 402

قلت: رجاله ثقات.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 259: ورجاله رجال الصحيح. اهـ.

وروى الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" 1/ 374 قال: حدثنا أحمد بن محمد بن صدقه ثنا مقدم ثنا القاسم عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: كان أبو ذر في غنمه بالمدينة، فلما جاء قال له النبي صلى الله عليه وسلم:"يا أبا ذو" فسكت فرددها عليه، فسكت، فقال:"يا أبا ذر ثكلتك أمك" قال: إني جنب فدعا له الجارية بماء. فجاءته به. فاستتر براحلته ثم اغتسل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم. "يجزئك الصعيد، ولو لم تجد الماء عشرين سنة فإذا وجدته فأمسه جلدك".

قال الطبراني عقبه: لم يروه عن ابن سيرين إلا هشام ولا عن هشام إلا القاسم تفرد به مقدم. اهـ.

وصححه ابن القطان كما في "بيان الوهم والإيهام" 5/ 266.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 261: رجاله رجال الصحيح. اهـ.

وقال الزيلعي في "نصب الراية" 1/ 49: وذكره ابن القطان في كتابه من جهة البزار وقال: إسناده صحيح، وهو غريب من حديث أبي هريرة وله علة. والمشهور حديث أبي ذر الذي صححه الترمذي وغيره. اهـ. وحديث أبي ذر سيأتي بعد هذا الحديث.

ص: 403

وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" 1/ 193: وصححه ابن القطان لكن قال الدارقطني في "العلل": إن إرساله أصح. اهـ.

* * *

133 -

وللترمذي عن أبي ذر رضي الله عنه نحوه وصححه.

رواه الترمذي (124) وأبو داود (332) والنسائي 1/ 171 وأحمد 5/ 155 و 180 والحاكم 1/ 284 والبيهقي 1/ 212 والدارقطني 1/ 186 وابن حبان 4/ 135 وفي "الموارد"(196) وعبد الرزاق (913) كلهم من طريق أبي قلابة عن عمرو بن بجدان عن أبي ذر قال: اجتمعت غنيمة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أبا ذر ابْدُ فيها" فبدوت إلى الربذة، فكانت تصيبني الجنابة فأمكث الخمس والست فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"أبو ذر؟ ". فسكت فقال: "ثكلتك أمك أبا ذر! لأمك الويل" فدعا لي بجارية سوداء. فجاءت بُعس فيه ماء فسترتني بثوب واستترت بالراحلة واغتسلت. فكأني ألقيت عني جبلًا، فقال:"الصعيد الطيب وَضوءُ المسلم ولو إلى عشر سنين، فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك، فإن ذلك خير".

العس: القدح الكبير. جمعه: عساس.

قلت: عمرو بن بجدان العامري مجهول وقد وثقه ابن حبان والعجلي وقال عبد الله بن أحمد.

قلت: لأبي عمرو بن بجدان معروف قال: لا. اهـ.

ص: 404

وقال ابن القطان: لا يعرف. اهـ.

وقال الذهبي في "الميزان": مجهول الحال. اهـ "

وقال الحافظ في "التقريب"(4992): لا يعرف حاله. اهـ.

وترجم له البخاري 6/ 317 وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 6/ 222 فلم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.

وقد اختلف في إسناده فقد رواه أبو داود (333) والدارقطني 1/ 187 من طريق أبي قلابة عن رجل من بني عامر عن أبي ذر بنحوه.

ورواه الدارقطني 1/ 187 من طريق أبي قلابة عن عمه أبي المهلب عن أبي ذر بنحوه.

ورواه أيضًا الدارقطني 1/ 187 من طريق أبي قلابة عن محجن، أو أبي محجن عن أبي ذر بنحوه.

ورواه أيضًا الدارقطني 1/ 187 من طريق أبي قلابة عن رجاء بن عامر أنه سمع أبا ذر بنحوه.

قال الدارقطني 1/ 187: والصواب رجل من بني عامر كما قال ابن عليه عن أيوب. اهـ.

فالحديث اختلف في إسناده ومع هذا الاختلاف قال الحاكم 1/ 284: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه، إذ لم نجد لعمرو بن بجدان روايًا غير أبي قلابة الجرمي، وهذا مما شرطت فيه وثبت

ص: 405

أنهما قد خرجا مثل هذا في مواقع من الكتابين. اهـ. ووافقه الذهبي على تصحيحه.

قلت: الراجح هو الإسناد الأول فقد قال ابن أبي حاتم في "العلل"(1): سألت أبا زرعة رضي الله عنه. عن حديث رواه قبيصة بن عقبة عن الثوري عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن عمرو بن محجل أو محجن عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الصعيد كافيك ولو لم تجد الماء عشر سنين فإذا أصبت الماء فأصبه بشرتك". قال أبو زرعة: هذا خطأ، أخطأ فيه قبيصة إنما هو قلابة عن عمرو بن بجدان عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.

وقال الترمذي 1/ 143 عن الإسناد الأول: هكذا روى غير واحد عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن عمرو بن بجدان عن أبي ذر، وقد روى هذا الحديث أيوب عن أبي قلابة عن رجل من بني عامر عن أبي ذر ولم يسمه. قال: هذا حديث حسن صحيح. اهـ.

وذكره عبد الحق في "الأحكام الوسطى".

وقال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 5/ 266: وقنع فيه بتحسين الترمذي له، فهو عنده غير صحيح، لأنه لا يعرف حال لعمرو بن بجدان. اهـ.

وقال أيضًا في "بيان الوهم والإيهام" 3/ 327 - 328: لا يعرف لعمرو بن بجدان هذا حال، وإنما روى عنه أبو قلابة واختلف عنه: فيقول خالد الحذاء: عنه عن عمرو بن بجدان، ولا يختلف في

ص: 406

ذلك على خالد. وأما أيوب فإنه رواه عن أبي قلابة، فاختلف عليه: فمنهم من يقول: عنه عن أبي قلابة، عن رجل من بني عامر. ومنهم من يقول: عن رجل فقط ومنهم من يقول: عن رجاء بن عامر. ومنهم من يقول: عن عمرو بن بجدان كقول خالد. ومنهم من يقول: عن أبي قلابة عن أبي ذر. ومنهم من يقول: عن أبي قلابة أن رجلًا من بني قشير، قال: يا نبي الله، هذا كله اختلاف على أيوب في رواته إياه عن أبي قلابة. وهو حديث ضعيف لا شك فيه. اهـ.

وأبعد ابن دقيق العيد فقال كما في "الإمام" كما في "نصب الراية" 1/ 149: ومن العجب كون القطان لم يكتف بتصحيح الترمذي في معروفة حال عمرو بن بجدان مع تفرد بالحديث، وقد نقل كلامه: هذا حديث حسن صحيح، وأي فرق بين أن يقول هو ثقة أو يصحح له حديث انفرد به

اهـ.

قلت: قد يحمل على تصحيحه للحديث بشواهده. حيث إن الأئمة جزموا بجهالة حال عمرو بن بجدان كما سبق.

لهذا قال ابن رجب في "شرح البخاري" 1/ 261: صححه الحاكم والدارقطني وتكلم فيه بعضهم لاختلاف وقع في تسمية شيخ أبي قلابة. ولأن عمرو بن بجدان غير معروف، قاله الإمام أحمد. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" 1/ 162: واختلف فيه على أبي قلابة فقيل هكذا، وقيل: عنه عن رجل من بني عامر، وهذه

ص: 407

رواية أيوب عنه وليس فيها مخالفة لرواية خالد يعني ابن الحذاء عن أبي قلابة عن عمرو بن بجدان وقيل: عن أيوب عنه عن أبي المهلب عن أبي ذر. وقيل: عنه بإسقاط الواسطة. وقيل في الواسطة: محجن أو ابن محجن أو رجاء بن عامر أو رجل من بني عامر وكلها عند الدارقطني. والاختلاف فيه كله على أيوب. ورواه ابن حبان والحاكم من طريق خالد الحذاء وصححه أبو حاتم. ومدار طريق خالد، على عمرو بن يجدان، وقد وثقه العجلي، وغفل ابن القطان فقال: مجهول. اهـ.

قلت: الحديث يتقوى بشواهده وقد صححه ابن حبان والدارقطني والحاكم والنووي في "المجموع" 1/ 94 و 364.

وذكر الدارقطني الاختلاف في إسناده فقال كما نقله عنه ابن عبد الهادي كما في "تنقيح تحقيق أحاديث التعليق" 1/ 39: يرويه أبو قلابة عن عمرو بن بجدان واختلف عنه؛ فرواه خالد الحذاء عن أبي قلابة عن عمرو بن بجدان عن أبي ذر ولم يختلف أصحاب خالد عنه. ورواه السختياني عن أبي قلابة واختلف عنه. فرواه مخلد بن يزيد عن الثوري عن أيوب وخالد عن أبي قلابة عن عمرو بن بجدان عن أبي ذر، وأحسبه حمل حديث أيوب على حديث خالد. لأن أيوب يرويه عن أبي قلابة عن رجل لم يسمه عن أبي ذر

ثم قال: والقول قول خالد الحذاء. اهـ.

ص: 408

134 -

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرج رجلان في سَفَرٍ فحضرتِ الصلاةُ وليس معهما ماءٌ، فتيمَّما صعيدًا طَيبًا فصلَّيا، ثم وجدا الماءَ في الوقت، فأعاد أحدُهما الصلاةَ والوُضوءَ، ولم يُعِدِ الآخرُ، ثم أتيا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له فقال للذي لم يُعِد:"أصبتَ السنةَ وأجزأتكَ صلاتُك" وقال للآخر: "لك الأجرُ مرَّتين" رواه أبو داود والنسائي.

رواه أبو داود (338) والنسائي 1/ 213 والدارقطني 1/ 189 والبيهقي 1/ 231 والحاكم 1/ 286 والقضاعي كما في "مسند الشهاب" 2/ 191 كلهم من طريق عبد الله بن نافع عن الليث بن سعد، عن بكر بن سوادة عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال: خرج رجلان في سفر فحضرت الصلاة وليس معهما ماء، فتيمما صعيدًا طيبًا فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء ولم يعد الآخر ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له. فقال للذي لم يعد:"أصبت السّنة وأجزأتك صلاتك" وقال للذي توضأ وأعاد: "لك الأجر مرّتين" واللفظ لأبي داود.

قلت: عبد الله بن نافع بن أبي نافع الصائغ المخزومي مولاهم تكلم فيه.

قال أبو طالب عن أحمد: لم يكن صاحب حديث كان ضعيفًا فيه. اهـ.

وقال أبو زرعة: لا بأس به. اهـ. وكذا قال النسائي.

ص: 409

وقال أبو حاتم: ليس بالحافظ هو لين في حفظه وكتابه أصح. اهـ.

وقال البخاري: في حفظه شيء. اهـ.

وقد خالفه في وصله كلٌّ من عبد الله بن المبارك ويحيى بن بكير وابن لهيعة.

فقد رواه الدارقطني 1/ 189 من طريق عبد الله بن المبارك عن ليث عن بكر بن سوادة عن عطاء بن يسار أن رجلين أصابتهما جنابة فتيمَّما

فذكره بنحوه ولم يذكر أبا سعيد الخدري.

ورواه البيهقي 1/ 231 من طريق يحيى بن بكير عن الليث عن عمير بن أبي ناجيه عن بكر بن سوادة عن عطاء بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

قال البيهقي: كذا في كتابي عمير والصواب عميرة بن أبي ناجية. اهـ.

ورواه أبو داود (339) من طريق ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن أبي عبد الله مولى إسماعيل بن عبيد عن عطاء بن يسار: أن رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمعناه ورجح أبو داود المرسل فقال في "السنن" 1/ 147: غير ابن نافع يرويه عن الليث عن عميرة بن أبي ناجية عن بكر بن سوادة عن عطاء بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال أيضًا: وذِكر أبي سعيد الخدري في هذا الحديث ليس بمحفوظ. هو مرسل. اهـ.

وقد ذكر الحافظ ابن حجر متابعة لعبد الله بن نافع فقال في "تلخيص الحبير" 1/ 194 لما نقل قول أبو داود: لكن هذه الرواية

ص: 410

رواها ابن السكن في "صحيحه" من طريق أبي الوليد الطيالسي عن الليث عن عمرو بن الحارث وعميرة بن ناجية جميعًا عن بكر موصولًا. ثم قال عن رواية ابن لهيعة: وابن لهيعة ضعيف، فلا يلتفت لزيادته ولا يعل بها رواية الثقة عمرو بن الحارث ومعه عميرة بن أبي ناجية وقد وثقه النسائي ويحيى بن بكير وابن حبان وأثنى عليه أحمد بن صالح وابن يونس وأحمد بن سعد بن أبي مريم. اهـ.

وذكر هذا المتابعة الزيلعي في "نصب الراية" 1/ 160.

قلت: هذه المتابعة يتقوى بها الحديث لكن أعرض الأئمة عن هذه المتابعة فلم يذكرها أبو داود كما سبق.

وقال الدارقطني 1/ 189: تفرد به عبد الله بن نافع عن الليث بهذا الإسناد متصلًا، خالفه ابن المبارك وغيره. اهـ.

ونقل الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 1/ 163 عن موسى بن هارون أنه قال فيما حكاه محمد بن عبد الملك بن أيمن عنه: رفعه وهم من ابن نافع. اهـ.

وقال الطبراني في "الأوسط"(1842): لم يرو هذا الحديث متصل الإسناد إلا عبد الله

اهـ.

وقال الحاكم 1/ 286 عن الموصول: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين. فإن عبد الله بن نافع ثقة. وقد وصل هذا الإسناد عن الليث. وقد أرسله غيره. اهـ.

وتعقبه ابن عبد الهادي في "المحرر" 1/ 145 فقال: في قوله تساهل. اهـ. ثم ذكر كلام أبي داود السابق.

ص: 411

135 -

عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [المائدة: 6] قال: إذا كانت بالرجل الجراحةُ في سبيل الله والقروحُ فيُجنِبُ فيخافُ أن يموتَ إن اغتسل تيمّمَ. رواه الدارقطني موقوفًا ورفعه البزار وصححه ابن خزيمة والحاكم.

رواه الدارقطني 1/ 177 والبيهقي 1/ 224 كلاهما من طريق عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} قال: إذا كانت بالرجل الجراحة في سبيل الله أو القروح أو الجدري فيجنب فيخاف أن يموت إن اغتسل يتيمم هذا اللفظ للدارقطني.

وعند البيهقي بلفظ قال ابن عباس: في الرجل تصيبه الجنابة وبه الجراحة يخاف إذا اغتسل أن يموت قال: فليتيمم وليصل.

ورواه عن عطاء عند البيهقي علي بن عاصم وعند الدارقطني جرير.

وقد تابع عطاء بن السائب على وقفه عزرة كما هو عند البيهقي 1/ 224 من طريق شعبة أخبرني عاصم بن الأحول عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال في المجدور وأشباهه إذا أجنب قال يتيمم بالصعيد. اهـ.

قال البيهقي 1/ 224: ورواه إبراهيم بن طهمان وغيره أيضًا عن عطاء موقوفًا. اهـ.

ص: 412

ورواه مرفوعًا البيهقي 1/ 224 والحاكم 1/ 270 ابن خزيمة 1/ 138 كلهم من طريق جرير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن ابن عباس يرفعه في قوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} الآية: قال إذا كانت بالرجل الجراحة في سبيل الله أو القروح أو الجدري، فيجنب، فيخاف إن اغتسل أن يموت فليتيمم.

قال ابن خزيمة 1/ 138: هذا خبر لم يرفعه غير عطاء بن السائب. اهـ.

قلت: رواه عن عطاء جرير وسماع جرير من عطاء كان بعد الاختلاط فيظهر أنه وهم في رفعه، وأن الصواب وقفه.

قال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 1/ 155: أخرجه البزار وأخرجه ابن خريمة والحاكم والبيهقي من طريقه -أي عطاء- مرفوعًا قال البزار: ولا نعلم رفعه عن عطاء من الثقات إلا جريرًا. وذكر ابن عدي وابن معين أن جريرًا سمع من عطاء بعد الاختلاط. اهـ.

ورجح أبو حاتم وقفه فقد قال ابن أبي حاتم في "العلل" 1/ 25: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه علي بن عاصم عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في المجدور والمريض إذا خاف على نفسه تيمم. قال أبو زرعة: ورواه جرير أيضًا فقال: عن عطاء عن سعيد عن ابن عباس رفعه في المجدور قال أبي: هذا خطأ أخطأ فيه علي بن عاصم. ورواه أبو عوانة وورقاء وغيرهما عن عطاء بن السائب عن سعيد عن ابن عباس موقوفًا وهو الصحيح. اهـ.

ص: 413

136 -

وعن علي رضي الله عنه قال: انكسرَت إحدَى زنْدَيَّ فسألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأمرَنِي أن أمسحَ على الجَبائرِ. رواه ابن ماجه بسند واهٍ جدًّا.

رواه ابن ماجه (657) والدارقطني 1/ 226 والبيهقي 1/ 228 كلهم من طريق إسرائيل عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب؛ قال: انكسرت إحدى زندي فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرني أن أمسح على الجبائر.

قلت: إسناده واه؛ لأن فيه عمرو بن خالد وقد كذبه أحمد وابن معين ويروي عن علي الموضوعات.

قال البيهقي 1/ 228: عمرو بن خالد الواسطي معروف بوضع الحديث كذبه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما من أئمة الحديث ونسبه وكيع بن الجراح إلى وضع الحديث. قال: وكان في جوارنا فلما فطن له تحول إلى واسط. وتابعه على ذلك عمر بن موسى بن وجيه فرواه عن زيد بن علي مثله، وعمر بن موسى متروك منسوب إلى الوضع نعوذ بالله من الخذلان. اهـ.

وقال البخاري عن عمرو بن خالد. منكر الحديث. اهـ.

وقال الحاكم عنه: يروي عن زيد بن علي الموضوعات. اهـ.

وقال ابن أبي حاتم في "العلل" 1/ 46: سألت أبي عن حديث رواه عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه أن عليًّا انكسرت إحدى زنديه. فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يمسح على الجبائر. فقال أبي: هذا حديث باطل لا أصل له: وعمرو بن خالد متروك الحديث. اهـ.

ص: 414

وبه أعله ابن دقيق العيد في "الإمام" 3/ 175.

وقال عبد الله بن أحمد في "العلل" 3/ 16 رقم (3945) قال أبو عبد الرحمن: هذا الحديث يروونه عن إسرائيل عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي: أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الجبائر وعمرو بن خالد لا يسوي حديثه شيئًا. اهـ.

وقال النووي في "المجموع" 2/ 324: حديث ضعيف، رواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما، واتفقوا على ضعفه؛ لأنه من رواية عمرو بن خالد الواسطي واتفقوا الحفاظ على ضعفه. اهـ.

ورواه الدارقطني 1/ 226 من طريق أبي الوليد نا إسحاق بن عبد الله نا عبد الرحمن بن أبي الموال عن الحسن بن زيد عن أبيه عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم. بنحوه.

قلت: إسناده ضعيف آفته أبو الوليد خالد بن يزيد المكي قال الدارقطني عنه: أبو الوليد خالد بن يزيد المكي ضعيف. اهـ.

وقال البيهقي 1/ 228: ورواه أبو الوليد خالد بن يزيد المكي بإسناد آخر عن زيد بن علي عن علي مرسلًا وأبو الوليد ضعيف ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء. اهـ.

وقال المروذي كما في "علله" ص 153 - 154 رقم (270): سألت أبا عبد الله عن حديث عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الجبائر فقال: باطل ليس من هذا شيء. من حدث بهذا؟ قلت: ذكروه عن صاحب الزهري. فتكلم فيه بكلام غليظ. اهـ.

ص: 415

وقال عبد الله بن أحمد في "العلل" 3/ 15 - 16 (3944) سمعت رجلًا يقول ليحيى: تحفظ عن عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الجبائر؟ فقال: باطل. ما حدث به معمر قط. اهـ.

ونقله أيضًا ابن رجب في "شرح علل الترمذي" 2/ 753.

* * *

137 -

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في الرجل الذي شُجَّ فاغتسل فمات: "إنما كان يكفيه أن يتيمَّم ويَعصِبَ على جُرحِهِ خِرقَةً ثم يمسحَ عليها، ويَغسِلَ سائرَ جسَدِه" رواه أبو داود بسند فيه ضعف وفيه اختلاف على رواته.

رواه أبو داود (336) والدارقطني 1/ 189 والبيهقي 1/ 227 كلهم من طريق موسى بن عبد الرحمن الإنطاكي ثنا محمد بن سلمة عن الزبير بن خريق عن عطاء، عن جابر قال: خرجنا في سفر فأصاب رجلًا منا حجرٌ فشجه في رأسه ثم احتلم، فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك فقال:"قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر -أو يعصب، شك موسى- على جُرحِه خِرقَةً ثم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده".

ص: 416

قلت: تفرد به الزبير بن خريق الجزري. كما قال ابن السكن فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر في "التهذيب" 3/ 271.

والزبير بن خريق لين الحديث قال أبو داود: ليس بالقوي. اهـ. وكذا قال الدارقطني.

وقال عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 1/ 222: لم يروه عن عطاء غير الزبير بن خريق وليس بالقوي. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 1/ 156: صححه ابن السكن، وقال ابن أبي داود: تفرد به الزبير بن خريق وكذا قال الدارقطني، وخالفه الأوزاعي فرواه عن عطاء عن ابن عباس وهو الصواب. اهـ.

والحديث ضعفه الألباني في "الإرواء" 1/ 143 ولما نقل تصحيح ابن السكن قال: ذلك من تساهله. اهـ.

ولهذا قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب كما في "مجموع مؤلفاته" 8/ 142: رواه أبو داود. لكن في إسناده من لا يحتج به. اهـ.

وقد اختلف في إسناده فالمشهور أنه من مسند ابن عباس فقد رواه أبو داود (337) وأحمد 1/ 330 والدارقطني 1/ 191 والبيهقي 1/ 227 كلهم من طريق الأوزاعي أنه بلغه عن عطاء بن أبي رباح أنه سمع عبد الله بن عباس بنحوه.

ورواه ابن ماجه (572) من طريق الأوزاعي عن رجل عن عطاء ابن أبي رباح قال: سمعت ابن عباس بنحوه مرفوعًا.

ص: 417

ورواه الدارقطني 1/ 190 من طريق الأوزعي قال: قال عطاء بن أبي رباح: عن ابن عباس بنحوه.

ورواه عبد الرزاق 1/ 223 من طريق الأوزاعي عن رجل عن عطاء به.

ورواه ابن حبان (2201) والبيهقي 1/ 226 من طريق الوليد بن عبد الله بن أبي رباح أن عطاء حدثه عن ابن عباس بنحوه.

قال الدارقطني 1/ 190: لم يروه عن عطاء عن جابر غير الزبير بن خريق وليس بالقوي. وخالفه الأوزاعي فرواه عن عطاء عن ابن عباس واختلف على الأوزاعي فقيل: عنه عن عطاء، وقيل: عنه بلغني عن عطاء. وأرسل الأوزاعي آخره، عن عطاء، عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصواب. اهـ.

وقال ابن أبي حاتم في "العلل"(77): سألت أبي وأبا زرعة عنه فقالا: رواه ابن أبي العشرين عن الأوزاعي عن إسماعيل بن مسلم عن عطاء عن ابن عباس وأفسد الحديث. اهـ.

وقال ابن دقيق العيد في "الإمام" 1/ 118 لما ذكر قول أبي حاتم وأبي زرعة: يريد أنه أدخل إسماعيل بن مسلم بين الأوزاعي وعطاء فبيَّن أن الأوزاعي أخذ الحديث عن إسماعيل بن مسلم. اهـ.

وقال الألباني حفظه الله في "الإرواء" 1/ 143: رجاله ثقات لولا أنه منقطع بين الأوزاعي وعطاء وليس فيه المسح على الخرقة، وذلك يدل على نكارة هذه الزيادة. اهـ.

ص: 418

قلت: وإسماعيل بن مسلم المكي. قال عنه ابن معين: ليس بشيء. اهـ.

وقال ابن المديني: لا يكتب حديثه. اهـ.

وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث. اهـ.

وقال النسائي: متروك الحديث. اهـ.

وقال مرة: ليس بثقة. اهـ.

وقال ابن التركماني في "الجوهر النقي" مع "سنن البيهقي" 1/ 226: في سندها -يعني طريق البيهقي-: الوليد بن عبد الله بن أبي رباح سكت عنه هنا -يعني البيهقي- وضعفه في باب النهي عن ثمن الكلب. وجعل الدارقطني الرواية الثانية هي المرسلة وهي الصواب، ثم قال أيضًا: روايته -يعني عطاء- عن ابن عباس تترجح على روايته عن جابر لوجهين. أحدهما: مجيئها من طريق ذكرها الدارقطني والرواية عن جابر لم تأت إلا من وجه واحد. الثاني: ضعف سند هذه الرواية من جهة الزبير. والرواية عن ابن عباس رجال سندها ثقات. اهـ.

وقد اختلف في حديث ابن عباس.

قال ابن دقيق العيد في "الإمام" 3/ 119: اختلف في رفعه على عطاء بن السائب، فرواه جرير عنه هكذا موقوفًا. أخرجه البيهقي من حديث علي بن عاصم عن عطاء بن السائب بسنده موقوفًا على ابن عباس في الرجل تصيبه الجنابة وبه الجراحة يخاف إن اغتسل

ص: 419

أن يموت. قال: فليتيمم وليصل. رواه من جهة أحمد بن سلمان الفقيه عن يحيى بن جعفر عن علي قال البيهقي: ورواه إبراهيم بن طهمان وغيره أيضًا عن عطاء موقوفًا. قال: وكذلك رواه عزرة عن سعيد بن جبير موقوفًا. تم قال ابن دقيق العيد: وعطاء بن السائب من الثقات الذين اختلطوا وقيل فيه: وإنما يقبل من حديث عطاء ما كان قبل أن يختلط. وذكر ابن عدي عن يحيى بن معين: إنما روى جرير عن عطاء بعد الاختلاط، وجرير هو الذي رفع الحديث عنه. اهـ.

وقال ابن أبي حاتم في "العلل"(40): سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه علي بن عاصم عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم في المجدور والمريض "إذا خاف على نفسه تيمم" قال أبو زرعة: ورواه جرير أيضًا، فقال: عن عطاء عن سعيد عن ابن عباس رفعه في المجدور: قال أبي: هذا خطأ أخطأ فيه علي بن عاصم. ورواه أبو عوانة وورقاء وغيرهما عن عطاء بن السائب عن سعيد عن ابن عباس موقوف. وهو الصحيح. اهـ.

* * *

ص: 420