الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث عوائق واقعية ومشكلات سلبية في الخطاب السلفي المعاصر
عوائق واقعية، ومشكلات سلبية في الخطاب السلفي المعاصر
لقد سبق القولُ بأن التيارَ السلفيَّ المعاصر رقعةٌ متنامية ومترامية الأطراف، يكثر فيه الخلافُ والاختلافُ، وربما دخل فيه من ليس منه، وادَّعاه من لم يكن من أهله، وربما أدخل بعضُهم نفسَهُ وطائفتَهُ في هذا التيار بتعريف للسلفية يخصُّه، وعلى سبيل المثال: فقد قال الأستاذ عمر التلمساني رحمه الله: "نحن سلفيون على منهج الثلاثي: جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، ومحمد رشيد رضا"(1)، ومن قبله قال الإِمام حسن البنا -عن دعوته بأنها-:"دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية"(2).
وأما الأمريكان والغربيون -بوجهٍ عام- فيرون السلفيين هم كل من ينادي بمرجعية الشريعة! كما جاء ذلك في تقرير: (راند)، أو كل من يحمل أفكارًا مناهضة للغرب! (3).
(1) خلاصات استراتيجية، السلفيون والمشاركة السياسية، المركز العربي للدراسات الإنسانية، (ص 9).
(2)
رسائل الإِمام حسن البنا، رسالة المؤتمر الخامس، عقد في فبراير 1939 م، بعد عشر سنوات من إنشاء الجماعة.
(3)
استراتيجيات غربية لاحتواء الإِسلام، قراءة في تقرير:(راند 2007 م) د. باسم خفاجي (ص 57).
وبناءً على ما سبق؛ فإن الحديث عن عوائقَ وسلبياتٍ، ومشكلاتٍ ومفارقاتٍ داخلَ التيارِ السلفي لا يمكن -بحالٍ- أن يتوجَّه في كلِّ الأحوال إلى كلِّ من انتمى إلى هذا التيار! وفي كل البلاد شرقًا وغربًا، وإلا كان هذا ظلمًا وعسفًا.
ولا يلزم -أيضًا- أن تكون تلك الإشكالاتُ موجودةً بنفس النسبةِ لدى كلِّ طائفةٍ من طوائفه، أو فردٍ من أفراده، ومن الخطأ البيِّن: مؤاخذةُ فردٍ بخللٍ يُعْزَى إلى طائفته، أو الحكمُ على طائفةٍ من خلال خطأٍ لفردٍ منها.
ومن غير شك فإن المتأمل قد يجد داخلَ هذا التيار من تنبَّه إلى بعض تلك السلبيات فعالجها، ونظر إلى تلك المخالفات فأصلحها، ومنهم من هو بسبيله إلى ذلك أيضًا!
وغني عن البيان أن الواقع السلفي في اللحظة الراهنة يتغير بسرعةٍ خاطفةٍ، ويتفاعل مع المتغيرات باستجابةٍ ظاهرةٍ، ويسعى لإعادة إنتاج نفسه بشكلٍ معدَّل!!
وهذا من جهةٍ يحمل خيرًا كثيرًا، ومن جهةٍ أخرى يتطلب حذرًا كبيرًا، وضبطًا وإحكامًا رشيدًا.
ومن منهج رصد هذه المشكلات والمعوِّقات: التنبيهُ إلى
أصلها من غير دخول إلى تفاصيلها، والإعراض -في الغالب- عن أمثلتها في الطوائف أو الأشخاص.
ومن منهج الرصد -أيضًا-: الإشارة إلى جميع تلك السلبيات، وإن لم تُنسب إلى كلِّ طائفةٍ سلفيةٍ، أو فردٍ سلفيٍّ بأسرها أو بجملتها، والقصدُ المناصحةُ المشروعة، إذ الدين النصيحة، ولو اقتضت شيئًا من المُخاشَنَة التي تقي ضررَ المداهنة، أو كانت -على أقلِّ تقديرٍ- ضربًا من الوقاية قبل الحاجةِ إلى المعالجة.
وقبل التعرض لسرد بعض هذه السلبيات تجدر إشارة -أيضًا- إلى أن شيئًا من هذه الانتقادات قد تَرِدُ على ألسنة بعض المبالغين أو المغرضين! وفي بعض الأحيان نستطيع أن ننكر تضخيمها، إلا أننا لا ننكر أصل وجودها، وهذا لا يعفي من تبعة المسئولية عن تصحيحها، والاستغفار والتوبة من التسبب في وقوعها! ولو كان هذا عن غير قصدٍ، أو بحسن نية، وقد قال الله تعالى:{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 286].
وفيما يلي رَصَدَاتٌ نقديةُ لإشكالاتٍ واقعيةٍ في الخطاب السلفي المعاصر: