الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني أولوية إخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد
إذا كانت الأولوية الأول هي الرَّد إلى الأمر الأول؛ فإن أَوَّلَ الأمرِ، ورأسَ العملِ هو إخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وهذا قَبْلَ كلِّ أولوية؛ فأوَّلُ المأمورات وأولاها بالدعوة: توحيد الله تعالى، وأول المنهيات وأولاها بالإنكار: الشرك بالله.
فَخَوْضُ المعركة العقدية في الإصلاح والتأثير مقدَّمٌ على خوض المعركة العسكرية في القتال والتغيير، فضلًا عن المعارك السياسية أو غيرها، فلا يجاهَدُ أهلُ الشرك والطغيان باليد والسنان، إلَاّ بعد جهادِهِم بالدعوة والحجة والبرهان.
والأولويةُ للقضايا الكبار أمرًا ونهيًا، قال تعالى:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19]، وقال تعالى:{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة: 72]، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا"(1)، وقال صلى الله عليه وسلم: "إنه لن
(1) رواه أحمد، (3/ 492) من حديث ربيعة بن عباد رضي الله عنه.
تدخل الجنةَ إلَاّ نفسٌ مؤمنة" (1).
وفي ظل الظروف الراهنة فإن التركيز على هذه الأولوية سيمدُّ العملَ السلفيَّ بمصدرِ قوتِهِ، ومكمنِ فاعليتهِ، وهم الجمهورُ المستجيبُ لدعوته، المقبلُ على منهجيَّتِهِ، وإذا كان الاشتغال بهذه الأولوية هو الذي أعطى السلفيين هذا الحضورَ القويَّ؛ فإن مواصلةَ هذا السبيلِ وعدمَ التشاغلِ عنه بالكلية، أو الالتفاتِ إلى غيره سيبقى -بإذن الله تعالى- حرزًا من الضعف، وسببًا لبقاء الذِّكْرِ، وشرفًا لأصحاب هذه الدعوة، فوقَ أنه قد يكون العملَ الأَرْجَى والأنفعَ في ظل واقعٍ متلاطمِ الأمواج، متداخلِ التأثيراتِ، وأخيرًا؛ فإن هذا يزيل الوحشة من قلوب العامة، وَيصِلُهُمْ بأهل الدعوة، ويَقطَعُ قالةَ السوء، ولسانَ الفتنة، ويحفظ التوازنَ السلفيَّ، وقد يدفع اللهُ به عن السلفيين غائلةَ مؤامرات كثيرة، ويصون قدرةَ السلفيين على الحشد الجماهيري، كضمانةٍ لتحقيق الأهداف، وسبيلٍ لمنع الالتفاف.
(1) رواه الترمذي، رقم، (3092) من حديث علي رضي الله عنه.