الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس عشر أولوية إيجاد وسيلة فعالة للتنسيق وحل الخلافات السلفية
التنسيق بين الطوائف والجماعات السلفية ضرورة دعوية، ومرحلة مهمة، وذلك بعد التسليم بأن الاختلاف بين الناس طبيعة بشرية، وسنة كونية، قال تعالى:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 118، 119].
وفي ضوء الواقع المعاصر فإن النوازل الأخيرة بالشرق قد جرَّت إلى خلافات سلفية -سلفية، حول التوصيف الشرعي لما حدث في المنطقة العربية من ثورات وتحولات! وهل هي أقرب إلى الخروج، أم إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟! وإذا كان خروجًا، فهل يُشرع، أم يُمنع؟
وما تبع هذه الثورات ورافقها من مظاهرات، أو احتجاجات سلمية، هل تدخل في حد المباح، أم المحظور، أم تتغير أحكامها تبعًا لتغير مقاصدها وأهدافها؟
وما ترتب على هذه الثورات من تعدد الأحزاب، والمشاركة في الانتخابات، وموقف المرأة منها، وحكم الديمقراطية،
وشرعية تأسيس أحزاب على غير أساس إسلامي، ومشاركة غير المسلمين في العملية السياسية، على أساس من التعددية، وكذلك حكم الاستعانة بالكافرين على إزالة الحاكم الظالم والطاغية الجبار -كما حدث في ليبيا- وكيفية تطبيق قواعد المصالح والمفاسد عند التزاحم، وكذلك اختلافهم حول أنجع السبل للتعامل مع الجهات الخارجية، والاتفاقيات الدولية، وهل يسع المسلمين خروج عنها، أم يجب عليهم التزامٌ بها؟ وما هي المخارج العملية من المشاكل الاقتصادية، والاجتماعية المحدقة بمجتمعات المسلمين اليوم، بعد ارتفاع سقف الحرية، وسقوط الأنظمة الديكتاتورية؟ وكل ذلك من المسائل المتعلقة بالسياسة الشرعية تحتاج إلى معالجة منهجية، ومن خلال وسائل عملية، وبحوث مؤسسية.
فلا بد من تأسيس هيئة: فلا بد من تأسيس هيئة شرعية قُطرية، يتجرد لحمل مسئوليتها العلماء من كل اتجاه؛ لتوكل لهم مهمةُ استنباط الأحكام في هذه النوازل، على أساس من الشورى، وعدم الاستبداد بالرأي في الأمور الاجتهادية، مع الاستعانة بأهل الخبرة والاختصاص في كل أمرٍ بحسبه، ووضع الخلاف الاجتهادي في حجمه، من غير تهوين، ولا تهويل، مع
التماسِ الأعذار، والذَّبِ عن الأعراض، والنأيِ عن المواقف الفردية والتفرُّدَاتِ الشاذَّةِ، وتأجيلِ ما لا يمكن حسمه، إلى مزيد بحث وتواصل، والتأكيد على معانٍ مهمة من أن الخروج من الخلاف مستحب، وأولوية التمييز بين الخلاف بأنواعه، واحترام المخالف من أهل السنة، والتعاون مع المخالف في القدر المتفق عليه، وأن الظلم لا يبيح الظلم، ونحو ذلك من المعاني المهمة.