الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثامن عشر
تفاقم الانقسام السلفي
السلفيون أصحاب دعوة عريضة للوحدةِ والاجتماع، والألفة والاتفاق، ومع هذا فإن التفرُّقَ والانقسام على أشُدِّهِ بين المجموعات السلفية المتفقة أصوليًّا وعقديًّا المختلفة جزئيًّا واجتهاديًّا! ويُعْتبَرُ نفيُ السلفية عن الآخرين، والغلوُّ في النظرة إلى الطائفة، أو المجموعة المتحزِّبة، من أظهر هذه الأسباب والمظاهر التي تدل على هذه السلبية، وتشير إليها.
وينضاف إلى ذلك تعصُّبٌ للرأي تارةً، وإعجابٌ به أخرى، مع حُبِّ الظهور الذي يَقْصِمُ الظهورَ أحيانًا ثالثة!
ويَشْتَدُّ الأمرُ إذا صَاحَبَ هذه الحالةَ سوءُ ظنٍّ بالآخَرِ (السلفيِّ)، أو إلقاءٌ للتهم جزافًا، ورفعٌ لسيف التبديع، وشهرٌ لسلاح التفسيق والتجريح، تحت دعوى النصيحة، أو استعلانًا بالتشهير والفضيحة!
فإذا قَلَّ حظُّ الخائضين في هذه الشئون من العلم، والحلم، والتثبت في النقل، انقلبت الأمورُ إلى فوضى تُغْرِي بالانفراد، وتحثُّ على الاعتزال داخل البيت السلفيِّ، طلبًا للبراءة، واغتنامًا للسلامة.
ومن أسباب ومظاهر هذا الانفلات والانقسام: اختلافُ وجهاتِ النظرِ حول النوازلِ والمستجدَّاتِ، والمبادراتِ ذات الطابع السياسي في واقعنا المعاصر، وهذا قد يرجع إلى تحقيق المناطاتِ للأحكام في الواقعِ، والعقولُ في إدراكها متفاوتةٌ، والمرجعياتُ العلمية العامة التي يتوحَّدُ عليها التيار قد تكون في هذه المواضع غائبةً.
وللتقنيات والوسائل الإعلامية الحديثة اليومَ عملُهَا في زيادةِ الترويجِ لشائعةٍ عبرَ صفحاتٍ إلكترونية، ومواقعَ حواريةٍ، وقنواتٍ فضائيةٍ، بحيث غَدَا التمييزُ بين الصحيح والفاسد، والصدق والكذب أمرًا عسيرًا على المدقِّقِ فضلاً عن غيره.
وهذا -بأسره- أضعفَ روحَ المبادرة لجمعِ الكلمةِ، ووحدةِ الرَّايةِ، والتوافُقِ العامِّ، وأزكى روحَ الانفرادِ والانقسام، وأضعفَ القدرةَ على التآلُفِ والاجتماع داخل التيار الواحد، إلا أن الظروف اليوم مواتيةٌ جدًّا -بإذن الله تعالى- للوحدة والائتلاف، ونبذِ الفُرْقَةِ والاختلاف، وتصافحِ الأيدي، واجتماع القلوب من كل حدبٍ سلفيٍّ وصوبٍ.