الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
ندرة المراكز البحثية والدراسات الاستراتيجية
كان حَرِيًّا بالتيار السلفي -على ترامي رقعته محليًّا ودوليًّا- أن يُعْنَى بإدارة الحياة العلمية، وأن يُنَشِّطَ الدراساتِ الاستراتيجيةَ من خلال مراكزَ بحثيةٍ تخصصية، تتمتع بالاستقلالية عن الضغوط الحكومية والرسمية، وتقدِّمُ للأمة جديدًا مفيدًا في مجالات البحوث الارتيادية، وتديرُ الحربَ الفكرية والأيديولوجية، التي تقف جنبًا إلى جنب مع الحرب الاقتصادية والعسكرية، التي تشنها المنظومةُ الغربيةُ وحلفاؤها، والتي تُدارُ بشكلٍ علميٍّ مدروس.
ومع كون التيار السلفي هو خط المواجهةِ الأيديولوجيةِ الأول ضدَّ الغربِ وحلفائِهِ، إلا أنه لا توجدُ -ومع الأسفِ- مؤسساتٌ سلفيةٌ استراتيجية تقومُ بتخطيطٍ وتفكيرٍ إداريٍّ يحوِّل الصراع -في نظر أهل الإِسلام- إلى تكاليفَ شرعيةٍ، يقوم بها الأفرادُ، فضلاً عن الدول والحكومات، كما لا توجدُ في الواقع تلك الجهةُ أو الهيئةُ التي تديرُ وتتابعُ وتعدِّلُ وتصححُ مسيرة هذا الصراع، وتجلِّي طريقَ الأمةِ للخروجِ منه ظافرةً ومنصورةً.
وغنيٌّ عن البيان أن إدارةَ هذا الصراعِ، والتخطيط له -من الناحية الشرعية- تقع مسئوليته على أهل الحل والعقد في الأمة
مجتمعين في كياناتِهم العالميةِ، وهيئاتِهم الدوليةِ الرسميةِ، وغير الرسمية، فإن لم يمكن اجتماعُهم فبحسَب ما تَيَسَّرَ؛ إذ الميسورُ لا يسقطُ بالمعسور (1).
وبسببٍ من غَيابِ هذه المؤسساتِ المحليةِ ربما تضاربت الأولوياتُ، واختلطت الاهتماماتُ، واختلَّت القيمُ النسبيةُ للواجبات، وتعثر المضيُ في طريقِ نهضةٍ شاملةٍ تصلحُ الدنيا بالدين، ومما ينبغي أن يذكر هنا أن المخالف للتيار السلفي يشير كثيراً إلى هذا الملحظ وبه يتندر!! كما أن الموافق ينبِّه إلى خطورته، وعلى غيابه يتحسر!!
(1) ولتستبين سبيل المجرمين، د. محمد يسري، (ص 7،6).