الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع أولوية الانتماء إلى أهل السنة قبل الانتماء لطائفة من طوائف الدعوة
فالانتماءُ إلى الإِسلام أولًا، وقَبْلَ كلِّ شيءٍ، قال تعالى:{هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} [الحج: 78]، وقال تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10]، ثم الانتماءُ إلى السنة والنسبة إليها قَبْلَ كلِّ نسبةٍ، وفوقَ كُلِّ رايةٍ؛ قال مالك رحمه الله:"أهل السنة الذين ليس لهم لقبٌ يُعْرَفون به، لا جهميٌّ، ولا قَدَريٌّ، ولا رافضيٌّ"(1)؛ فالولاء معقود على أساس الإِسلام والسنة، وهو: انتماءُ غايةٍ، وليس على انتسابٍ إلى طوائفِ الدعوة؛ إذ هو انتماءُ وسيلةٍ، والمقصِدُ والغايةُ يُقَدَّمَان على الوسيلةِ، فعلى أهلِ الدعواتِ السلفيةِ خاصةً، والإسلاميين عامةً، أن يجتمعوا متحالِفِينَ، أو -على الأقل- منسقِينَ ومتكامِلِينَ لنصرة قضيتهم، والتصدي لعدوِّهِمْ، سواء أكان من بني جلدتهم، أم من غيرهم، وفي هذا الصدد، فإنه لا يَبْعُدُ القولُ بحرمة الرغبة عن الوحدة والاجتماع على منهج الاتباع، في هذه المرحلة الدقيقة من مسيرة الدعوة الإسلامية المعاصرة؛
(1) الانتقاء، لابن عبد البر، (ص 35).
فَلْيُحْذَرْ -إذن- من هيجان الحظوظ النفسية، أو الطائفية، وقيام حجاب الأثرة والأنانية، والإعجاب بالنفس، أو العمل؛ فإنه حجاب عن التمكين، بل سبب للهلاك، والعذاب الأليم.
وبالنظر الخاص إلى واقع الدعوات السلفية بعد الثورات العربية؛ فإن المرحلة الراهنة ينبغي أن تشهد محاولاتٍ جادَّةً لتقوية التحالفات، وإيجادًا حقيقيًّا لتكتلات سلفيةٍ، أو -على الأقل- تكتلاتٍ بقيادةٍ سلفية، ومن الجدير بالملاحظة: أن التكتلات سوف تكون هي سِمةَ المرحلةِ المقبلة في العالم بأَسْرِهِ؛ ذلك أن أجواء الصراع بعد مرحلة القطب الواحد ستفرِضُ هذه الظاهرة، وبقدر ما يطلب من التيار السلفي -بطوائفه وأطيافه- أن يَعتنيَ بالاجتماع والتنسيق والتحالفات، يُطْلَبُ منه -أيضًا- أن ينأى بنفسه عن الاستعراضات التي تُذْعِرُ الأعداءَ، وتُعَجِّلُ بالتكالبِ على القصعة السلفية من كل حَدَبٍ وصوبٍ، وقد يلتحق بذلك -أيضًا- الحرصُ على مواقعَ متقدمةٍ، أو حقائبَ سياسيةٍ مهمةٍ، فضلًا عن التَّرَشُّحِ لمناصبَ رئاسيةٍ.