المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث التاسع عشرضعف الخطاب السلفي الإعلامي الفضائي - فقه الأولويات في الخطاب السلفي المعاصر بعد الثورة

[محمد يسري إبراهيم]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأولمفهوم الخطاب السلفيوخصائصه وأولوياته

- ‌المبحث الأوّلمفهوم الخطاب الإسلامي السلفي

- ‌المبحث الثاني التيار السلفي…النشأة والتطور

- ‌المبحث الثالثخصائص التيار السلفي المعاصر

- ‌أولًا: المرجعية العلمية والولاية الشرعية:

- ‌ثانيًا: الثبات المنهجي والاستقرار الفكري:

- ‌المبحث الرابعفقه الأولويات في الخطاب السلفي

- ‌الفصل الثانىلماذا الحديث عن أولويات الخطاب السلفي

- ‌المبحث الأولتدشين الحرب العالمية على السلفية

- ‌المبحث الثانيوجود مراجعات وتراجعاتفي الخطاب السلفي المعاصر

- ‌المبحث الثالثملامح وأسباب الحالة الراهنة

- ‌أولًا: الخطاب الإِسلامي…نجاحات وإخفاقات

- ‌ثانيًا: احتمال تجارب واستثمار مكاسب:

- ‌المبحث الرابع المطالبة الخارجية بالتجديد والتبديد في الخطاب السلفي

- ‌الفصل الثالث عوائق واقعية ومشكلات سلبية في الخطاب السلفي المعاصر

- ‌المبحث الأولضعف أو غياب المرجعية العلمية الموحدة

- ‌المبحث الثانيندرة المراكز البحثية والدراسات الاستراتيجية

- ‌المبحث الثالثالتمحور حول مسائل الخلاف الاجتهادي

- ‌المبحث الرابعخلل في ترتيب الأولويات

- ‌المبحث الخامسجهود في الوسائل وضعف في الآليات

- ‌المبحث السادسميل إلى النظريات وقصور في العمليات

- ‌المبحث السابعافتقاد أو ضعف المؤسسات

- ‌المبحث الثامنضعف الأداء السياسي

- ‌المبحث التاسعضعف العلم التأصيلي أو الفهم الأصولي

- ‌المبحث العاشرافتقاد الرؤية المتكاملة والموحدة للتغيير

- ‌المبحث الحادي عشروجود خلل في إصدر الأحكام

- ‌المبحث الثاني عشرتذبذب الموقف من العمل الجماعي

- ‌المبحث الثالث عشرالإهمال التربوي

- ‌المبحث الرابع عشرضعف العناية بالسياسة الشرعيةفي التصرفات الدعوية

- ‌المبحث الخامس عشرالغفلة عن فقه المقاصد

- ‌المبحث السادس عشرالجنوح نحو التشديد والتعسير

- ‌المبحث السابع عشرغلبة خطاب الترهيب على الترغيب

- ‌المبحث الثامن عشرتفاقم الانقسام السلفي

- ‌المبحث التاسع عشرضعف الخطاب السلفي الإعلامي الفضائي

- ‌المبحث العشرونأخطاء إدارية منهجية

- ‌الفصل الرابع.............أولويات الخطابالسلفي المعاصر

- ‌المبحث الأولأولوية الرد إلى الأمر الأول

- ‌المبحث الثاني أولوية إخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد

- ‌المبحث الثالث أولوية الجهاد التربوي قبل الجهاد العسكري

- ‌المبحث الرابع أولوية الانتماء إلى أهل السنة قبل الانتماء لطائفة من طوائف الدعوة

- ‌المبحث الخامس أولوية التأصيل والأصاله مع التجديد والمعاصرة

- ‌المبحث السادس أولوية الكيف المنظم على الكم المبعثر

- ‌المبحث السابع أولوية التدرج والمرحلية

- ‌المبحث الثامن أولوية تأهيل الصفوف الثانية وتدريب الكفاءات الواعدة

- ‌المبحث التاسع أولوية الواقعية في الخطاب السلفي الدعوي والسياسي

- ‌المبحث العاشر أولوية إيجاد التيار السلفي قطريا (أولوية الأولويات)

- ‌المبحث الحادي عشر أولوية العالمية في الخطاب السلفي

- ‌المبحث الثاني عشر أولوية خطاب النهضة الشاملة

- ‌المبحث الثالث عشر أولوية ضبط الخطاب السلفي الموجه للحضارة الغربية

- ‌المبحث الرابع عشر أولوية المشاركة المجتمعية والسياسية الواسعة

- ‌المبحث الخامس عشر أولوية صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام

- ‌المبحث السادس عشر أولوية إيجاد وسيلة فعالة للتنسيق وحل الخلافات السلفية

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌المبحث التاسع عشرضعف الخطاب السلفي الإعلامي الفضائي

‌المبحث التاسع عشر

ضعف الخطاب السلفي الإعلامي الفضائي

دلف السلفيون إلى الفضائيات مشاركينَ في برامجَ لبعض القنوات الفضائية العامة، فكان من نتائج ذلك: تحوُّلُ القنواتِ إلى الوجهة الإِسلامية.

ثم أُنشئَتْ -بعد ذلك- قنواتٌ إسلامية خالصة، وقد أنهتْ هذه التجربةُ الناشئةُ اليوم عقدَهَا الأول، ومن حقِّها أن تُدعَمَ برأي ناصح ونقدٍ بنَّاءٍ، وغنيٌّ عن البيان أن هذه القنوات التي غلب عليها جانبُ التوجُّهِ السلفي قد قامتْ بجهدٍ مشكور، وعملٍ صالح مبرور، وهذا أمرٌ لا يمنعُ المراجعةَ، بل يؤكِّدُ واجبَ المناصحة.

والذي يبدو جليًّا أن الرؤية الاستراتيجية والتخطيطية لهذه القنوات تَفْتَقِرُ إلى الوضوح والانضباط، وأن مَنْ عُنِيَ بتدوينها في البدايات لم يتقيد بها عندما تشعَّبَتْ به المساراتُ، وتعدَّدَتْ أمامه الاختياراتُ، أو زادت عليه الضغوطات، وهذا بدوره أحدثَ خُروقاتٍ منهجيَّةً، وأضعفَ أثَرَهَا، وقلَّلَ من قيمتها، فلا ينبغي أن يغيب عن أرباب هذا الخطابِ الإِسلاميِّ أن هذه القنوات وسيلةٌ لاستعادة المبادرةِ الحضاريةِ، والريادة العالمية للأمة الإسلامية، وأن رؤيةَ القناة السلفية تنطلق من عقيدة الإسلامِ قلبًا وقالبًا، وأن رسالتها منضبطةٌ بتحقيق العبودية، متجَنِّبَةٌ لكل مظاهر العبثية، ولو كان ذلك في الترويج أو الترفيه! فلا بد من تبصيرٍ بعالمية الإسلام،

ص: 139

وصلاحيةِ شريعَتِهِ لكل زمان ومكان، وأصالَةِ واجبِ المسلمين في هذه الحياة، وإذكاءِ روحِ المبادرة الإيجابية، والعزَّةِ الإيمانية، والعملِ على ترميم الواقع الثقافي والأخلاقي للأمة، وتوثيقِ أواصرِ المودةِ والرحمة بين المسلمين جميعًا، وتبني قضايا الأمة، وخاصة في بلاد الأقليات، ومناطق الصراع.

وبناءً على خطوط الرؤية والرسالة تُعَدُّ تلك البرامجُ، وتُتَّخَذُ تلك الوسائلُ التي تنضبط بضوابط الشرعِ المطهَّرِ، حيث لا تنفصل الوسيلةُ عن الغاية، ولا تَقْبَلُ الثوابتُ الشرعية مساومةً منهجية، أو انحرافًا في باب الوسائل والأساليب الإعلامية.

ومما يُرْصَدُ في هذا الباب: ضعف البرامج الفضائية، من حيث المضمون، وهشاشة المحتوى، وسطحية الطرح، علاوةً على تهميشِ قضايا مهمةٍ، مثل الولاءِ والبراءِ، ومفهومِ الاحتسابِ، وبناءِ مرجعيةِ الشريعةِ، وتعظيمِهَا في النفوس والمجتمعات.

كما رُصِدَ في بعض القنوات السلفية: تحوُّلٌ في أساليب ووسائل وأدوات العمل الإعلامي، فَمِنْ رفضٍ لفكرة (الدراما) إلى اعتمادِهَا في البرامج، ومن رفضٍ لفكرة الإعلامِ المختلطِ إلى تطبيقه، ومن استبعادٍ للموسيقى إلى إشراكٍ لها، لكنَّ الأخطرَ من هذا نسبةُ هذه التحولات إلى صحيح الدين!

ص: 140

ومن السلبيات المؤسفة: الاهتمامُ بصناعةِ النجوم بدلاً من صناعة الأمة! فلقد عُنِيَتْ بعضُ الفضائيات بإخراج الأحداث الشخصيَّةِ لشيخٍ أو داعية، بدلاً من إخراج الإنسان المسلم والأمة المسلمة، وكم هو مؤسفٌ أن يبحثَ بعضُ الدعاة عن كيف تَصنع منه الفضائياتُ نجمًا، عوضًا عن أن يَبحثَ هو عن كيف يخرج من ورطاتِ الشهرة، وحُبِّ قيامِ الجاه في قلوب الخلق!

وقد يُرْصَدُ تأرْجُحٌ إعلاميٌّ بين الجوانب الرسالية في خطاب تلك القنوات الفضائية، وبين أغراضٍ أخرى، فتارةً تأتي الإعلاناتُ التجارية بطريقة مبتذلة في فاصلٍ إعلاني لبرامجَ شرعيَّةٍ، وتارةً يُسَوَّقُ الغِشُّ والكذبُ من خلالِ بعض تلك الدعايات، وتارةً تتنوع الإشكالات في الأشرطة التحتية، ومن خلال الرسائل القصيرة، وهو أمرٌ يُوجبُ رقابةً أمينةً على هذه الوسائلِ.

وقد تَلْجَأ بعض هذه القنواتِ لفتح بابِ التبرعات، وطلب أموال الزكاة والصدقات، ثم يُكتشف أن الأمر قد ينطوي على مخالفات تبلغ حد الانحرافات!

وربما جاء التأرْجُحُ بين الرسالة والإثارة في أعمال فضائية، فلربما تأثَّرت قناةٌ بثقافة الرأي والرأي الآخر، لدرجةٍ وصلت إلى المساس بثوابتِ الدِّينِ ومُسَلَّمَاتِ العقيدة، ولربما أُقيمت برامجُ حواريةٌ خُذِلَ فيها الحقُّ بضعفِ حجةِ صاحبِهِ وعجزِهِ، وتسلُّطِ المذيعِ وجهلِهِ، وتَجَرُّؤِ المُبْطِلِ وجَلَدِهِ، بحيثُ تلتبِسُ على

ص: 141

المستمعين الدُّروبُ، ويكفي أن يُسْتَفْتَى المشاهدونَ في قضية من القضايا الأصولية لتتزلزلَ في حسِّ البعضِ.

وأحيانًا يكون التأرجُحُ بين الرسالةِ وأهواءِ الساسةِ فتتحوَّلُ القناةُ الدينية إلى تحقيقِ مصالحَ سياسيةٍ، بعيدًا عن الأهدافِ الرساليةِ.

وأحيانًا يكون التأرجُحُ بين الرسالةِ والترفيهِ، فَتُنْسَى الضوابطُ، وتنحَدِرُ المعاني، وتَهبِطُ الممارساتُ، ويَظهرُ الإسفافُ، ويتحول الترفيهُ المشروعُ إلى لغوٍ ممنوعٍ.

ولا شك أن التوصياتِ والتنبيهاتِ كثيرةٌ، وسيبقى -بإذن الله- الإعلامُ الإِسلاميُّ عامَّةً والسلفيُّ خاصَّةً جهادَ دعوةٍ، ومنبرَ تعليمٍ، ومنتدى تثقيفٍ، ومركزَ تنميةٍ وتدريبٍ، وحائطَ صدٍّ رساليٍّ.

ص: 142