الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
خصائص التيار السلفي المعاصر
يتمتع التيار السلفي الواسعُ الأطيافِ بخصائصَ كثيرةٍ تجعل له أهميةً بالغةً، ومن بين تلك الخصائص:
أولًا: المرجعية العلمية والولاية الشرعية:
يتميز التيار السلفي المعاصر في الجملة بتربُّعِهِ على عرش المرجعية الشرعية، وتهَيُّئِهِ لولاية الأمور العلمية، وعنايَتهِ بالشئون التعليمية؛ يتجلى ذلك في المساجد والفضائيات، والمعاهد الشرعية، والجامعات، وتصدِّي رموزهِ للفُتْيَا والدعوة والإرشاد، سواء في ذلك من انخرط منهم في المؤسسات الدينية للدولة، أو من بقي داخل دوائر العمل الخيرية والأهلية.
ثانيًا: الثبات المنهجي والاستقرار الفكري:
إنه - وبشكل عام - قد يتميز السلفيون في جملتهم بالمرابطة على الثغور المنهجية، وحراسة الثوابت العلمية والعملية، وصيانة منهج أهل السنة والجماعة، والتصدي للمناهج الزائفة والمذاهب المنحرفة، ومقاومة تيارات البدع، والإلحاد، والتغريب، والعلمنة جميعًا. ثالثًا: الثراء في الكفاءات والتنوع في القيادات: تتنوع القيادات السلفية - داخل هذا التيار - من القيادات
العلمية الشرعية إلى العلمية التقنية، ومن الدعوية إلى الاجتماعية، ومن الإدارية إلى السياسية، ومن الاقتصادية إلى القانونية، فلا يكاد يخلو مجال إلا وللتيار السلفي فيه حضور بكفاءات ثرية، وقيادات غنية، على تفاوُتٍ ملحوظ في الأعداد بين هذه المجالات.
رابعًا: الحضور الإعلامي العام: وقد تمثَّل هذا بقوة في العقد المنصرم، حيث لا تخلو فضائية عربية - دينية أو غير دينية - من وجود ملحوظ لهم، ومن مشاركة معلومة، ومن أنشطة وجهود مشهورة ومشكورة، وقد انفتح المجال الإعلامي واسعًا بعد الثورات العربية ليلج السلفيون إلى آفاق رحيبة في التواصل من خلال الصحف المقروءة، والمجلات السَّيَّارة، والقنوات الفضائية الطيّارة! خامسًا: القدرة على الحشد الجماهيري: يتمتع التيار السلفي - عند اجتماع طوائفه وحال اتفاق رموزه - بزَخَمٍ شعبي، ومقدرة هائلة على الحشد الجماهيري، بدا هذا واضحًا في دروس جماهيرية، ومؤتمراتٍ حاشدةٍ، وملتقياتٍ موسعة، ووقفات ثورية مليونية مشهودة، وإن كانت هذه المقدرة إنما تتحقق عند اجتماعه على قضية اتفاقية، وليست خلافية.
سادسًا: صعود سياسي متنامٍ: ويبدو هذا الصعود على مستوى تجارب برلمانية اكتملت في الكويت والبحرين وباكستان وغيرها، وعلى مستوى تجارب
بدأت في مصر، وليبيا، وغيرها.
وأما على صعيد الاتحادات الطلابية، والنقابات المهنية، والمجالس المحلية والبلدية، وجماعات الضغط السياسية فَحَدِّثْ عن صعود القوى السياسية السلفية ولا حرج! سابعًا: المصداقية الأخلاقية والسلوكية:
لا شك أن التيار السلفي - وإن بدا كظاهرةٍ سياسية، أو تجلَّى في سياقٍ اجتماعي، أو ديني - لا تفارقه مصداقيته الأخلاقية، ولا يغادره انضباطه السلوكي، ولا تُبرِّرُ فيه الغايةُ الصالحةُ الوسيلةَ الطالحةَ.
ثامنًا: الريادة التاريخية والحضارية:
إن التيارات السلفية المعاصرة اليوم مشدودة العرى بالرموز السلفية في الجيل الماضي، والأجيال السابقة؛ فلا تنتهي في مرجعيتها عند شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله، ولا تقف عند حدود الأئمة الأربعة عامة، ولا تتمحور حول الإمام أحمد خاصة، وإنما تظل مرتبطة بالمدرسة الأولى، ومنتمية إلى الرعيل المقدَّمِ، من القرون المفضلة، والسادات المبجلة، من أصحاب خاتم النبيين وإمام المرسلين صلى الله عليه وسلم، وتمتد حتى تصل إلى الكبار من المعاصرين، فالسلفية مدرسة منهجية، تقبس نورها من مشكاة أهل السنة والجماعة، وتستمد قوتها من معين الفِرقة الناجية، والطائفة المنصورة.