الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث العاشر
افتقاد الرؤية المتكاملة والموحدة للتغيير
سُمِعَ من كثيرٍ من دعاةِ هذا التيار أنهم لا يملكون رؤيةً متكاملةً لإقامةِ الدين علميًّا وعمليًّا، سوى ممارسةِ الدعوة إلى الله، أو تعليم العلم، ونحو ذلك فقط، وربما أنكر بعضُهم السؤالَ إذا وُجِّهَ إليه حولَ رؤيته للتغيير العام، أو خطَّتِهِ للإصلاح، أو مما هو التصورُ السلفي للخطوة التالية، وكيفية الانتقال إليها؟ وربما صرَّح بعضُ المشايخِ بأن إيجادَ الدولةِ الإِسلاميةِ مسألةٌ هامشيةٌ، والتصورُ المرحليُّ لإيجادها غيرُ مطلوبٍ، أو مرغوبٍ، وقد يُفْهَمُ هذا في سياقِ الملاحقاتِ الأمنيةِ والتصريحاتِ العامةِ، إلا أن تدريسَهُ وتعميمَهُ على الطلابِ، وإشماعةَ هذا الفهم بين الأصحابِ، هو أَمْر يحتاج إلى مراجعة ونظر!! ومما قد يُذْكَرُ الآن كطرفةٍ أو قصةٍ مسلِّية، إلا أنها في واقع الأمر مسألةٌ دامية، أن بعض من حاول أن يُفَكِّرَ في الخطوة السلفية التالية -بعد أن أنشأ المدارسَ العلميةَ المنهجيةَ الواعِدةَ- بمجرد أن بدأ يحاولُ أن يخطو الخطوةَ التالية وُجِّهت إليه أصابع الاتهام بالخروج عن السلفية!! والوقوع في أسر المناهج البدعية!! وهُدِّد بنزع غطاء السلفية عن شخصيته، ورفعِهِ عن دعوتِهِ، وربما كان السببُ في ذلك ضعفَ الروحِ الجماعيةِ من جهةٍ، والنشأةَ التي
لم تَقُمْ على التربيةِ الفكريةِ الواعيةِ، وفهمِ قضيةِ إقامةِ الدينِ وعلاقَتِهَا بالتمكينِ بشكلٍ صحيحٍ من جهةٍ أخرى.
ولا شكَّ أنه بعدَ الثورةِ المصريةِ والليبيةِ وقَعَ بعضُ الدعاةِ والطوائف في مأزقٍ حيثُ لم يكن متهيئًا لخطوةٍ تاليةٍ، ولا مستعدًّا في فكرِهِ أو ممارسته لشيءٍ من ذلك التغييرِ الهائل! فقد اختصر الأمر لديه في ممارسة دعوية شخصية، أو دروس علمية تخصصية أو عناية بعبادات بدنية!