الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس أولوية التأصيل والأصاله مع التجديد والمعاصرة
إن العودة إلى الأصلين المعصومين هو منطلق كل دعوة صحيحة، والصدورُ عن عقيدة أهل السنة هو رأسُ كلِّ منهجيةٍ سديدةٍ، ونَقْلُ مصدريةِ الأحكامِ ومرجعيَّتِهَا من الوحي المعصوم إلى الهوى المشئوم نقضٌ لعقيدة الألوهية ورِدّةٌ إلى الجاهلية.
ومواجهةُ الانحرافات المعاصرة بتلك المنطلَقَاتِ الثابتةِ أولويةٌ دعوية؛ فلا فرق بين انحراف بدائيٍّ وآخَرَ حضاريٍّ، وكما تُنْكَرُ منكراتُ القبورِ تُنْكَرُ منكراتُ القصورِ، وتُوَاجَهُ تياراتُ الإلحاد والتغريب والعلمنة.
وتنبغي العناية بالتجديد والمعاصرة في وسائل الدعوة، مع الانضباط بضابط المشروعية، بعد تأكيد أنها اجتهادية.
ولا ينبغي الاقتصارُ على وسيلةٍ عامَّةٍ دونَ خاصَّةٍ، كما لا تُخْتَصَرُ الدعوةُ في مؤسساتٍ خيرية، أو هيئات اجتماعية فحسب.
وبكلِّ حالٍ؛ فإن التجديد في الوسائل لا يَعني انفصالًا عن التأصيل، ولا تحرُّرًا من الثوابت والأهداف والغايات، ولا عبثًا
بالأصول والمبادئ والمنطلقات، وإنما المراد أن يُقْبَلَ من الوسائل كل جديدٍ إن كان نافعًا، ولا يسْتَوْحَش من كل غريب إن كان صالحًا، وعلى الدعوات السلفية اليومَ أن تجمعَ بين تراث السلفِ، وما أجاد فيه الخلفُ، وأن يُبْنَى الخطابُ السلفي المعاصر على اتصالٍ بالأصلِ، وعنايةٍ بروحِ العصرِ، وأن يكون الخطابُ واعيًا، فيستحوذ على التجديدِ المفيد، وَيتَحَاشَى الهدمَ والتبديد.
والإحسانُ روح هذا الدين الساريةُ في كلِّ أعماله ووظائفه، قال تعالى:{وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195]، فمن لم يَعْتَنِ في دعوته -مثلًا- بالاستفادة القصوى من العلوم الحديثة، والتقنيات المعاصرة، فقد فاته الإحسانُ والإتقان المأمورُ به شرعًا في دعوته!