المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل قولهم ولا نمنع كنائسنا من المسلمين أن ينزلوها في الليل والنهار] - أحكام أهل الذمة - ط رمادي - جـ ٣

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[ذِكْرُ الشُّرُوطِ الْعُمَرِيَّةِ وَأَحْكَامِهَا وَمُوجِبَاتِهَا]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ في أَحْكَامِ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ وما يتعلق بذلك]

- ‌[الْبِلَادُ الَّتِي تَفَرَّقَ فِيهَا أَهْلُ الذِّمَّةِ وَالْعَهْدِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ] [

- ‌القسم الأول بِلَادٌ أَنْشَأَهَا الْمُسْلِمُونَ فِي الْإِسْلَامِ وبَيَانُ بِنَاءِ بَعْضهاِ]

- ‌[فَصْلٌ مَآلُ مَعَابِدِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى نَقْضِ الْعَهْدِ]

- ‌[القسم الثَّانِي بِلَادٌ أُنْشِئَتْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَافْتَتَحَهَا الْمُسْلِمُونَ عَنْوَةً وَمَلَكُوا أَرْضَهَا وَسَاكِنِيهَا]

- ‌[القسم الثَّالِثُ بِلَادٌ أُنْشِئَتْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَفَتَحَهَا الْمُسْلِمُونَ صُلْحًا]

- ‌[فَصْلٌ زَوَالُ الْأَمَانِ عَنِ الْأَنْفُسِ زَوَالٌ عَنِ الْكَنَائِسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ بِنَاءِ مَا اسْتُهْدِمَ مِنْهَا وَرَمِّ شَعَثِهِ وَذِكْرِ الْخِلَافِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ تَرْمِيمِ الْكَنِيسَةِ وَزِيَادَةِ الْبِنَاءِ فِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ نَقْلُ الْكَنِيسَةِ مِنْ مَكَانٍ لِآخِرِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ أَبْنِيَةِ وَدُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَمَلُّكِ الذِّمِّيِّ بِالْإِحْيَاءِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نَمْنَعُ كَنَائِسَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَنْزِلُوهَا فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْثاني مَا يَتَعَلَّقُ بِإِظْهَارِ الْمُنْكَرِ مِنْ أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ مِمَّا نُهُوا عَنْهُ] [

- ‌فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نُؤْوِي فِيهَا وَلَا فِي مَنَازِلِنَا جَاسُوسًا]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نَكْتُمُ غِشًّا لِلْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نَضْرِبُ نَوَاقِيسَنَا إِلَّا ضَرْبًا خَفِيًّا فِي جَوْفِ كَنَائِسِنَا]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نُظْهِرُ عَلَيْهَا صَلِيبًا]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نَرْفَعُ أَصْوَاتَنَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا الْقِرَاءَةِ فِي كَنَائِسِنَا مِمَّا يَحْضُرُهُ الْمُسْلِمُونَ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نُخْرِجُ صَلِيبًا وَلَا كِتَابًا فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَأَلَّا نُخْرِجَ بَاعُوثًا وَلَا شَعَانِينَ وَلَا نَرْفَعُ أَصْوَاتَنَا مَعَ مَوْتَانَا]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ حُضُورِ أَعْيَادِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نُجَاوِرُهُمْ بِالْخَنَازِيرِ وَلَا بِبَيْعِ الْخُمُورِ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نُجَاوِزُ الْمُسْلِمِينَ بِمَوْتَانَا]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا بِبَيْعِ الْخُمُورِ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نُرَغِّبُ فِي دِينِنَا وَلَا نَدْعُو إِلَيْهِ أَحَدًا]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نَتَّخِذُ مِنَ الرَّقِيقِ الَّذِي جَرَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُفَادَاةِ الْأَسِيرِ الْكَافِرِ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَأَلَّا نَمْنَعَ أَحَدًا مِنْ أَقْرِبَائِنَا أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الْإِسْلَامِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْثالث مَا يَتَعَلَّقُ بِتَغْيِيرِ لِبَاسِهِمْ وَتَمْيِيزِهِمْ عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَرْكَبِ وَاللِّبَاسِ وَنَحْوِه] [

- ‌فَصْلٌ قَوْلُهُم نُلْزِمَ زِيَّنَا حَيْثُمَا كُنَّا وَأَلَّا نَتَشَبَّهَ بِالْمُسْلِمِينَ فِي لُبْسِ وَلَا فَرْقِ شَعْرٍ وَلَا فِي مَرَاكِبِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا عِمَامَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ اخْتِصَاصُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ بِالتَّلَحِّي فِي الْعَمَائِمِ]

- ‌[فَصْلٌ قوْلُهُمْ وَلَا فِي نَعْلَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا بِفَرْقِ شَعْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ عليه السلام فِي حَلْقِ الرَّأْسِ وَتَرْكِهِ وَكَيْفِيَّةِ جَعْلِ شَعْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَتَى يُرْخَى الشَّعْرُ وَمَتَى يُضَفَّرُ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْعُ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ لِبَاسِ الْأَرْدِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ قَولهم وَلَا نَتَشَبَّهُ بِالْمُسْلِمِينَ فِي مَرَاكِبِهِمْ وَلَا نَرْكَبُ السُّرُوجَ]

- ‌[فَصْلٌ قَولهم وَلَا نَتَقَلَّدُ السُّيُوفَ]

- ‌[فَصْلٌ بَعْضُ الْأَحْكَامِ الَّتِي ضُرِبَتْ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ لَوْنُ لِبَاسِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فَسَادُ ذِمَمِ نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[فَصْلٌ قَولهم وَلَا نَتَكَلَّمُ بِكَلَامِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ قولهم وَلَا نَنْقُشُ خَوَاتِيمَنَا بِالْعَرَبِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ قَولهم وَلَا نَتَكَنَّى بِكُنَاهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ خِطَابُ الْكِتَابِيِّ بِسَيِّدِي وَمَوْلَايَ]

- ‌[فَصْلٌ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْفَصْلِ كَيْفَ يُكْتَبُ إِلَيْهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ قولهم وَنُوَقِّرُ الْمُسْلِمِينَ فِي مَجَالِسِهِمْ وَنَقُومُ لَهُمْ عَنِ الْمَجَالِسِ]

- ‌[فَصْلٌ صِيَانَةُ الْقُرْآنِ أَنْ يَحْفَظَهُ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي أَمْرِ مُعَامَلَتِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ بِالشَّرِكَةِ وَنَحْوِهَا] [

- ‌فَصْلٌ قَولهم وَلَا يُشَارِكُ أَحَدٌ مِنَّا مُسْلِمًا فِي تِجَارَةٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِلَى الْمُسْلِمِ أَمْرُ التِّجَارَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي أَحْكَامِ ضِيَافَتِهِمْ لِلْمَارَّةِ بِهِمْ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ] [

- ‌فَصْلٌ قَولهم وَأَنْ نُضِيفَ كُلَّ مُسْلِمٍ عَابِرِ سَبِيلٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَنُطْعِمَهُ مِنْ أَوْسَطِ مَا نَجِدُ]

- ‌[فَصْلٌ نُزُولُ الْمَرِيضِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْسادسُ فِي أَحْكَامِ ضِيَافَتِهِمْ لِلْمَارَّةِ بِهِمْ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ] [

- ‌فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَأَنَّ مَنْ ضَرَبَ مُسْلِمًا فَقَدْ خَلَعَ عَهْدَهُ]

- ‌[فَصْلٌ مَتَى يُعْتَبَرُ الذِّمِّيُّ نَاقِضًا لِعَهْدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ إِذَا أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ بَعْدَ فُجُورِهِ بِمُسْلِمَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ إِذَا نَقَضُوا مَا شَرَطُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ نُقِضَ عَهْدُهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ طَرِيقٌ ثَالِثٌ فِي نَقْضِهِمُ الْعَهْدَ]

- ‌[فَصْلٌ مَذْهَبُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فِيمَا يَنْقُضُ الْعَهْدَ]

- ‌[فَصْلٌ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ فِيمَا يَنْقُضُ الْعَهْدَ]

- ‌[فَصْلٌ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا يَنْقُضُ الْعَهْدَ]

- ‌[فَصْلٌ لَيْسَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ عَهْدٌ إِلَّا مَا دَامُوا مُسْتَقِيمِينَ لَنَا]

- ‌[فَصْلٌ انْتِقَاضُ الْعَهْدِ بِنَكْثِهِمْ أَيْمَانَهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ كُلُّ مَنْ طَعَنَ فِي دِينِنَا فَهُوَ مِنْ أَئِمَّةِ الْكُفْرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْهَمُّ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ مُوجِبٌ لِقِتَالِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَمْرُ بِقِتَالِ النَّاكِثِينَ الطَّاعِنِينَ فِي الدِّينِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُحَادُّ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ لَيْسَ لَهُ عَهْدٌ]

- ‌[فَصْلٌ بَيَانُ مَعْنَى الْكَبْتِ]

- ‌[فَصْلٌ زَوَالُ الْعِصْمَةِ عَنْ نَفْسِ وَمَالِ الْمُؤْذِي لِلَّهِ وَرَسُولِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَدَّ اللَّهُ قِتَالَهُمْ حَتَّى يَنْتَهُوا عَنْ أَسْبَابِ الْفِتْنَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُوَفَّى الْعَهْدُ إِلَيْهِمْ مَا لَمْ يَنْقُصُونَا شَيْئًا مِمَّا عَاهَدْنَاهُمْ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ حُجَّةُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فِي قَتْلِ السَّابِّ]

- ‌[فَصْلٌ رَدُّ شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَلَى شُبْهَةٍ فِي قَتْلِ ابْنِ الْأَشْرَفِ]

- ‌[فَصْلٌ سَبُّ النَّبِيِّ أَوِ الْأَصْحَابِ]

الفصل: ‌[فصل قولهم ولا نمنع كنائسنا من المسلمين أن ينزلوها في الليل والنهار]

وَأَمَّا كَوْنُ الْمُسْلِمِ لَا يَمْلِكُهَا بِالْإِحْيَاءِ فِي دَارِ الْعَهْدِ فَهَذَا فِيهِ وَجْهَانِ.

وَأَمَّا كَوْنُ الْحَرْبِيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ لَا يَمْلِكَانِ بِالْإِحْيَاءِ فَقَدْ قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إِنَّهُمَا كَالذِّمِّيِّ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُمَا لَيْسَا كَالذِّمِّيِّ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ، فَإِنَّا لَا نُقِرُّ الْحَرْبِيَّ الْمُسْتَأْمَنَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَمَا نُقِرُّ الذِّمِّيَّ.

[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نَمْنَعُ كَنَائِسَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَنْزِلُوهَا فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ]

220 -

فَصْلٌ

قَوْلُهُمْ: " وَلَا نَمْنَعُ كَنَائِسَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَنْزِلُوهَا فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنْ نُوَسِّعَ أَبْوَابَهَا لِلْمَارَّةِ وَابْنِ السَّبِيلِ "

هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُمْ لَمْ يَمْلِكُوا رِقَابَهَا كَمَا يَمْلِكُونَ دُورَهُمْ؛ إِذْ لَوْ مَلَكُوا رِقَابَهَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَنْزِلُوهَا إِلَّا بِرِضَاهُمْ كَدُورِهِمْ، وَإِنَّمَا مُتِّعُوهَا إِمْتَاعًا، وَإِذَا شَاءَ الْمُسْلِمُونَ نَزَلُوهَا مِنْهُمْ فَإِنَّهَا مِلْكُ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمَّا مَلَكُوا الْأَرْضَ لَمْ يَسْتَبْقُوا الْكَنَائِسَ وَالْبِيَعَ عَلَى مِلْكِ الْكُفَّارِ بَلْ دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِمْ كَسَائِرِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ، فَإِذَا نَزَلَهَا الْمَارَّةُ بِاللَّيْلِ أَوِ النَّهَارِ فَقَدْ نَزَلُوا فِي نَفْسِ مِلْكِهِمْ.

فَإِنْ قِيلَ: فَمَا فَائِدَةُ الشَّرْطِ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ؟ قِيلَ: فَائِدَتُهُ أَنَّهُمْ لَا يَتَوَهَّمُونَ بِإِقْرَارِهِمْ فِيهَا أَنَّهَا كَسَائِرِ دُورِهِمْ وَمَنَازِلِهِمُ الَّتِي لَا يَجُوزُ دُخُولُهَا إِلَّا بِإِذْنِهِمْ، فَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِلْكًا لَهُمْ لَمْ يَجُزْ لِلْمُسْلِمِينَ الصَّلَاةُ فِيهَا إِلَّا بِإِذْنِهِمْ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَرِضَاهُ صَلَاةٌ فِي الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ وَهِيَ حَرَامٌ وَفِي صِحَّتِهَا نِزَاعٌ مَعْرُوفٌ، وَقَدْ صَلَّى

ص: 1229

الصَّحَابَةُ فِي كَنَائِسِهِمْ وَبِيَعِهِمْ.

وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِي الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ، فَعَنْهُ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: الْكَرَاهَةُ وَعَدَمُهَا وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ الْمُصَوَّرَةِ فَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا وَغَيْرُ الْمُصَوَّرَةِ فَلَا تُكْرَهُ، وَهِيَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ.

وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنْ عُمَرَ وَأَبِي مُوسَى.

وَمَنْ كَرِهَ الصَّلَاةَ فِيهَا احْتَجَّ بِأَنَّهَا مِنْ مَوَاطِنِ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ فَهِيَ أَوْلَى بِالْكَرَاهَةِ مِنَ الْحَمَّامِ وَالْمَقْبَرَةِ وَالْمَزْبَلَةِ، وَبِأَنَّهَا مِنْ أَمَاكِنِ الْغَضَبِ، وَبِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَرْضِ بَابِلَ، وَقَالَ:" «إِنَّهَا مَلْعُونَةٌ» " فَعَلَّلَ مَنْعَ الصَّلَاةِ فِيهَا بِاللَّعْنَةِ، وَهَذِهِ كَنَائِسُهُمْ هِيَ مَوَاضِعُ اللَّعْنَةِ

ص: 1230

وَالسُّخْطَةِ وَالْغَضَبِ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ فِيهَا، كَمَا قَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ:" اجْتَنِبُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى فِي أَعْيَادِهِمْ فَإِنَّ السُّخْطَةَ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ "، وَبِأَنَّهَا مِنْ بُيُوتِ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَلَا يُتَعَبَّدُ اللَّهُ فِي بُيُوتِ أَعْدَائِهِ.

وَمَنْ لَمْ يَكْرَهْهَا قَالَ: قَدْ صَلَّى فِيهَا الصَّحَابَةُ وَهِيَ طَاهِرَةٌ وَهِيَ مِلْكٌ مِنْ أَمْلَاكِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَضُرُّ الْمُصَلِّي شِرْكُ الْمُشْرِكِ فِيهَا، فَذَلِكَ شِرْكٌ فِيهَا وَالْمُسْلِمُ يُوَحِّدُ فَلَهُ غُنْمُهُ وَعَلَى الْمُشْرِكِ غُرْمُهُ.

ص: 1231

وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصُّورَةِ وَغَيْرِهَا؛ فَذَلِكَ لِأَنَّ الصُّوَرَ تُقَابِلُ الْمُصَلِّيَ وَتُوَاجِهُهُ وَهِيَ كَالْأَصْنَامِ إِلَّا أَنَّهَا غَيْرُ مُجَسَّدَةٍ، فَهِيَ شِعَارُ الْكُفْرِ وَمَأْوَى الشَّيْطَانِ، وَقَدْ كَرِهَ الْفُقَهَاءُ الصَّلَاةَ عَلَى الْبُسُطِ وَالْحُصْرِ الْمُصَوَّرَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ، وَهِيَ تُمْتَهَنُ وَتُدَاسُ بِالْأَرْجُلِ فَكَيْفَ إِذَا كَانَتْ فِي الْحِيطَانِ وَالسُّقُوفِ؟ !

ص: 1232