الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنَّ سَلَبَهُ لِمَنْ وَجَدَهُ.
قَالَ: الْعَصَبُ هُوَ الْبُرْدُ الَّذِي يُصْبَغُ غَزْلُهُ وَهُوَ الْيَمَانِيُّ، وَقَدْ كَانَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ، وَقَدْ كَانَ خَلَعَ عَلَى كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ بُرْدَهُ عِنْدَ إِسْلَامِهِ، فَبَاعَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَزَلِ الْخُلَفَاءُ يَتَوَارَثُونَهُ وَيَتَبَرَّكُونَ بِهِ.
وَأَمَّا الْخَزُّ: فَإِنَّهُ لِبَاسُ الْأَشْرَافِ وَمَنْ لَهُ عِزٌّ، فَمَنْ لَا عِزَّ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ يُمْنَعُ مِنَ الثِّيَابِ الْمُرْتَفِعَةِ اقْتِدَاءً بِالْخَلِيفَةِ الرَّاشِدِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
[فَصْلٌ لَوْنُ لِبَاسِ أَهْلِ الْكِتَابِ]
247 -
فَصْلٌ
[لَوْنُ لِبَاسِ أَهْلِ الْكِتَابِ] .
وَأَمَّا لَوْنُ مَا يَلْبَسُونَ مِنَ الْغِيَارِ فَإِنَّهُمْ يَلْبَسُونَ الرَّمَادِيَّ [الْأَدْكَنَ] وَهَذَا غِيَارُ الطَّوَائِفِ كُلِّهَا، وَالنَّصَارَى يُخْتَصُّونَ بِالرَّمَادِيِّ لِقَوْلِهِمْ فِي الْكِتَابِ:" وَنَشُدُّ الزَّنَانِيرَ عَلَى أَوْسَاطِنَا ": وَهُوَ " الْمِنْطَقَةُ " الْمَذْكُورَةُ فِي اللَّفْظِ الْآخَرِ، فَإِنَّ الزَّنَانِيرَ مَنَاطِقُ النَّصَارَى وَلَا يَكْفِي شَدُّهَا تَحْتَ ثِيَابِهِمْ بَلْ لَا تَكُونُ إِلَّا ظَاهِرَةً بَادِيَةً فَوْقَ الثِّيَابِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيَكْفِيهِمْ أَنْ يُغَيِّرُوا ثَوْبًا وَاحِدًا مِنْ جُمْلَةِ مَا يَلْبَسُونَ.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ: إِذَا دَخَلُوا الْحَمَّامَ عَلَّقُوا فِي رِقَابِهِمُ الْأَجْرَاسَ لِيُعْرَفَ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ.
قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: فَأَمَّا الْأَصْفَرُ مِنَ اللَّوْنِ فَإِنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ لِبَاسِهِ إِذْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُهُ، وَكَذَلِكَ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ عُثْمَانُ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ زِيَّ الْأَنْصَارِ، وَبِهِ كَانُوا يَشْهَدُونَ الْمَجَالِسَ وَالْمَحَافِلَ، وَهُوَ زِيُّهُمْ إِلَى الْيَوْمِ إِذَا دَخَلُوا عَلَى الْخُلَفَاءِ فَلَا يَتَشَبَّهُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَخُلَفَائِهِ وَصَحَابَتِهِ فَيُمْنَعُونَ مِنْ لُبْسِهِ وَلَا يُمَكَّنُونَ.
قُلْتُ: هَذَا مَوْضِعٌ يَحْتَاجُ إِلَى بَيَانٍ وَتَفْصِيلٍ، وَهُوَ أَنَّ لِبَاسَ أَهْلِ الذِّمَّةِ الَّذِي يَتَمَيَّزُونَ بِهِ عَنِ الْمُسْلِمِينَ نَوْعَانِ:
[الْأَوَّلُ:] نَوْعٌ مُنِعُوا مِنْهُ لِشَرَفِهِ وَعُلُوِّهِ، فَهَذَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعَوَائِدِ.
[وَالثَّانِي:] نَوْعٌ مُنِعُوا مِنْهُ لِيَتَمَيَّزُوا بِهِ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا هَجَرَهُ الْمُسْلِمُونَ وَصَارَ مِنْ شِعَارِ الْكُفَّارِ لَمْ يُمْنَعُوا مِنْهُ، فَمِنْ ذَلِكَ لِبَاسُ الْأَصْفَرِ وَالْأَزْرَقِ لَمَّا صَارَ مِنْ شِعَارِهِمْ فَوْقَ الرُّءُوسِ - وَالْمُسْلِمُونَ لَا يَلْبَسُونَهُ - لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِالْغِيَارِ مَا يُمَيِّزُهُمْ بِهِ عَنِ الْمُسْلِمِينَ بِحَيْثُ يُعْرَفُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالذِّلَّةِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِلَى الْأَمْصَارِ: أَنْ تُجَزَّ نَوَاصِيهِمْ - يَعْنِيَ النَّصَارَى - وَلَا يَلْبَسُوا لُبْسَةَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يُعْرَفُوا.