الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ حُكْمُ حُضُورِ أَعْيَادِ أَهْلِ الْكِتَابِ]
228 -
فَصْلٌ
[حُكْمُ حُضُورِ أَعْيَادِ أَهْلِ الْكِتَابِ]
وَكَمَا أَنَّهُمْ لَا يَجُوزُ لَهُمْ إِظْهَارُهُ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِينَ مُمَالَاتُهُمْ عَلَيْهِ وَلَا مُسَاعَدَتُهُمْ وَلَا الْحُضُورُ مَعَهُمْ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهُ.
وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ فِي كُتُبِهِمْ، فَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ [الْحَسَنِ] بْنِ مَنْصُورٍ الطَّبَرِيُّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ: وَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَحْضُرُوا أَعْيَادَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَى مُنْكَرٍ وَزُورٍ، وَإِذَا خَالَطَ أَهْلُ الْمَعْرُوفِ أَهْلَ الْمُنْكَرِ بِغَيْرِ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ كَانُوا كَالرَّاضِينَ بِهِ الْمُؤْثِرِينَ لَهُ، فَنَخْشَى مِنْ نُزُولِ سُخْطِ اللَّهِ عَلَى جَمَاعَتِهِمْ فَيَعُمُّ الْجَمِيعَ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُخْطِهِ.
ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الْأَشَجُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ:{وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان: 72] قَالَ: لَا يُمَالِئُونَ أَهْلَ الشِّرْكِ عَلَى شِرْكِهِمْ وَلَا يُخَالِطُونَهُمْ، وَنَحْوُهُ عَنِ الضَّحَّاكِ.
ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمَلْعُونِينَ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلَ مَا أَصَابَهُمْ» ". وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحِ.
وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ فِي (بَابِ كَرَاهِيَةِ الدُّخُولِ عَلَى أَهْلِ
الذِّمَّةِ فِي كَنَائِسِهِمْ، وَالتَّشَبُّهِ بِهِمْ يَوْمَ [نَيْرُوزِهِمْ] وَمَهْرَجَانِهِمْ) عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: " لَا تَعَلَّمُوا رَطَانَةَ الْأَعَاجِمِ، وَلَا تَدْخُلُوا عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي كَنَائِسِهِمْ يَوْمَ عِيدِهِمْ، فَإِنَّ السُّخْطَةَ تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ ".
وَبِالْإِسْنَادِ عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْوَلِيدِ - أَوْ أَبِي الْوَلِيدِ - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَقَالَ:" مَنْ مَرَّ بِبِلَادِ الْأَعَاجِمِ فَصَنَعَ نَيْرُوزَهُمْ وَمَهْرَجَانَهُمْ وَتَشَبَّهَ بِهِمْ حَتَّى يَمُوتَ وَهُوَ كَذَلِكَ حُشِرَ مَعَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ".
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي غَيْرِ " الصَّحِيحِ ": قَالَ لِي ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ سَمِعَ [سُلَيْمَانَ] بْنَ أَبِي زَيْنَبَ [وَعَمْرَو] بْنَ الْحَارِثِ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ سَلَمَةَ، سَمِعَ أَبَاهُ، سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ:" اجْتَنِبُوا أَعْدَاءَ اللَّهِ فِي عِيدِهِمْ " ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ.
وَذَكَرَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ:" مَنْ مَرَّ بِبِلَادِ الْأَعَاجِمِ فَصَنَعَ نَيْرُوزَهُمْ وَمَهْرَجَانَهُمْ وَتَشَبَّهَ بِهِمْ حَتَّى يَمُوتَ وَهُوَ كَذَلِكَ، حُشِرَ مَعَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ".
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْآمِدِيُّ: لَا يَجُوزُ شُهُودُ أَعْيَادِ النَّصَارَى وَالْيَهُودِ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان: 72] قَالَ: الشَّعَانِينُ وَأَعْيَادُهُمْ.
وَقَالَ الْخَلَّالُ فِي " الْجَامِعِ "(بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ خُرُوجِ الْمُسْلِمِينَ فِي أَعْيَادِ الْمُشْرِكِينَ) وَذَكَرَ عَنْ مُهَنَّا قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ شُهُودِ هَذِهِ الْأَعْيَادِ الَّتِي تَكُونُ عِنْدَنَا بِالشَّامِ مِثْلَ دَيْرِ أَيُّوبَ وَأَشْبَاهِهِ، يَشْهَدُهُ الْمُسْلِمُونَ؟ يَشْهَدُونَ الْأَسْوَاقَ وَيَجْلِبُونَ فِيهِ الضَّحِيَّةَ وَالْبَقَرَ وَالْبُرَّ وَالدَّقِيقَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، يَكُونُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ بِيَعَهُمْ.
قَالَ: " إِذَا لَمْ يَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ بِيَعَهُمْ وَإِنَّمَا يَشْهَدُونَ السُّوقَ فَلَا بَأْسَ ".
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ: " سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنِ الرُّكُوبِ فِي السُّفُنِ الَّتِي تَرْكَبُ فِيهَا النَّصَارَى إِلَى أَعْيَادِهِمْ، فَكَرِهَ ذَلِكَ مَخَافَةَ نُزُولِ السُّخْطَةِ عَلَيْهِمْ بِشِرْكِهِمُ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ.