المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل قولهم نلزم زينا حيثما كنا وألا نتشبه بالمسلمين في لبس ولا فرق شعر ولا في مراكبهم] - أحكام أهل الذمة - ط رمادي - جـ ٣

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[ذِكْرُ الشُّرُوطِ الْعُمَرِيَّةِ وَأَحْكَامِهَا وَمُوجِبَاتِهَا]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ في أَحْكَامِ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ وما يتعلق بذلك]

- ‌[الْبِلَادُ الَّتِي تَفَرَّقَ فِيهَا أَهْلُ الذِّمَّةِ وَالْعَهْدِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ] [

- ‌القسم الأول بِلَادٌ أَنْشَأَهَا الْمُسْلِمُونَ فِي الْإِسْلَامِ وبَيَانُ بِنَاءِ بَعْضهاِ]

- ‌[فَصْلٌ مَآلُ مَعَابِدِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى نَقْضِ الْعَهْدِ]

- ‌[القسم الثَّانِي بِلَادٌ أُنْشِئَتْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَافْتَتَحَهَا الْمُسْلِمُونَ عَنْوَةً وَمَلَكُوا أَرْضَهَا وَسَاكِنِيهَا]

- ‌[القسم الثَّالِثُ بِلَادٌ أُنْشِئَتْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَفَتَحَهَا الْمُسْلِمُونَ صُلْحًا]

- ‌[فَصْلٌ زَوَالُ الْأَمَانِ عَنِ الْأَنْفُسِ زَوَالٌ عَنِ الْكَنَائِسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ بِنَاءِ مَا اسْتُهْدِمَ مِنْهَا وَرَمِّ شَعَثِهِ وَذِكْرِ الْخِلَافِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ تَرْمِيمِ الْكَنِيسَةِ وَزِيَادَةِ الْبِنَاءِ فِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ نَقْلُ الْكَنِيسَةِ مِنْ مَكَانٍ لِآخِرِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ أَبْنِيَةِ وَدُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَمَلُّكِ الذِّمِّيِّ بِالْإِحْيَاءِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نَمْنَعُ كَنَائِسَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَنْزِلُوهَا فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْثاني مَا يَتَعَلَّقُ بِإِظْهَارِ الْمُنْكَرِ مِنْ أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ مِمَّا نُهُوا عَنْهُ] [

- ‌فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نُؤْوِي فِيهَا وَلَا فِي مَنَازِلِنَا جَاسُوسًا]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نَكْتُمُ غِشًّا لِلْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نَضْرِبُ نَوَاقِيسَنَا إِلَّا ضَرْبًا خَفِيًّا فِي جَوْفِ كَنَائِسِنَا]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نُظْهِرُ عَلَيْهَا صَلِيبًا]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نَرْفَعُ أَصْوَاتَنَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا الْقِرَاءَةِ فِي كَنَائِسِنَا مِمَّا يَحْضُرُهُ الْمُسْلِمُونَ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نُخْرِجُ صَلِيبًا وَلَا كِتَابًا فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَأَلَّا نُخْرِجَ بَاعُوثًا وَلَا شَعَانِينَ وَلَا نَرْفَعُ أَصْوَاتَنَا مَعَ مَوْتَانَا]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ حُضُورِ أَعْيَادِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نُجَاوِرُهُمْ بِالْخَنَازِيرِ وَلَا بِبَيْعِ الْخُمُورِ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نُجَاوِزُ الْمُسْلِمِينَ بِمَوْتَانَا]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا بِبَيْعِ الْخُمُورِ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نُرَغِّبُ فِي دِينِنَا وَلَا نَدْعُو إِلَيْهِ أَحَدًا]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نَتَّخِذُ مِنَ الرَّقِيقِ الَّذِي جَرَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُفَادَاةِ الْأَسِيرِ الْكَافِرِ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَأَلَّا نَمْنَعَ أَحَدًا مِنْ أَقْرِبَائِنَا أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الْإِسْلَامِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْثالث مَا يَتَعَلَّقُ بِتَغْيِيرِ لِبَاسِهِمْ وَتَمْيِيزِهِمْ عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَرْكَبِ وَاللِّبَاسِ وَنَحْوِه] [

- ‌فَصْلٌ قَوْلُهُم نُلْزِمَ زِيَّنَا حَيْثُمَا كُنَّا وَأَلَّا نَتَشَبَّهَ بِالْمُسْلِمِينَ فِي لُبْسِ وَلَا فَرْقِ شَعْرٍ وَلَا فِي مَرَاكِبِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا عِمَامَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ اخْتِصَاصُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ بِالتَّلَحِّي فِي الْعَمَائِمِ]

- ‌[فَصْلٌ قوْلُهُمْ وَلَا فِي نَعْلَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا بِفَرْقِ شَعْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ عليه السلام فِي حَلْقِ الرَّأْسِ وَتَرْكِهِ وَكَيْفِيَّةِ جَعْلِ شَعْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَتَى يُرْخَى الشَّعْرُ وَمَتَى يُضَفَّرُ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْعُ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ لِبَاسِ الْأَرْدِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ قَولهم وَلَا نَتَشَبَّهُ بِالْمُسْلِمِينَ فِي مَرَاكِبِهِمْ وَلَا نَرْكَبُ السُّرُوجَ]

- ‌[فَصْلٌ قَولهم وَلَا نَتَقَلَّدُ السُّيُوفَ]

- ‌[فَصْلٌ بَعْضُ الْأَحْكَامِ الَّتِي ضُرِبَتْ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ لَوْنُ لِبَاسِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فَسَادُ ذِمَمِ نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[فَصْلٌ قَولهم وَلَا نَتَكَلَّمُ بِكَلَامِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ قولهم وَلَا نَنْقُشُ خَوَاتِيمَنَا بِالْعَرَبِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ قَولهم وَلَا نَتَكَنَّى بِكُنَاهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ خِطَابُ الْكِتَابِيِّ بِسَيِّدِي وَمَوْلَايَ]

- ‌[فَصْلٌ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْفَصْلِ كَيْفَ يُكْتَبُ إِلَيْهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ قولهم وَنُوَقِّرُ الْمُسْلِمِينَ فِي مَجَالِسِهِمْ وَنَقُومُ لَهُمْ عَنِ الْمَجَالِسِ]

- ‌[فَصْلٌ صِيَانَةُ الْقُرْآنِ أَنْ يَحْفَظَهُ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي أَمْرِ مُعَامَلَتِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ بِالشَّرِكَةِ وَنَحْوِهَا] [

- ‌فَصْلٌ قَولهم وَلَا يُشَارِكُ أَحَدٌ مِنَّا مُسْلِمًا فِي تِجَارَةٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِلَى الْمُسْلِمِ أَمْرُ التِّجَارَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي أَحْكَامِ ضِيَافَتِهِمْ لِلْمَارَّةِ بِهِمْ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ] [

- ‌فَصْلٌ قَولهم وَأَنْ نُضِيفَ كُلَّ مُسْلِمٍ عَابِرِ سَبِيلٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَنُطْعِمَهُ مِنْ أَوْسَطِ مَا نَجِدُ]

- ‌[فَصْلٌ نُزُولُ الْمَرِيضِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْسادسُ فِي أَحْكَامِ ضِيَافَتِهِمْ لِلْمَارَّةِ بِهِمْ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ] [

- ‌فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَأَنَّ مَنْ ضَرَبَ مُسْلِمًا فَقَدْ خَلَعَ عَهْدَهُ]

- ‌[فَصْلٌ مَتَى يُعْتَبَرُ الذِّمِّيُّ نَاقِضًا لِعَهْدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ إِذَا أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ بَعْدَ فُجُورِهِ بِمُسْلِمَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ إِذَا نَقَضُوا مَا شَرَطُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ نُقِضَ عَهْدُهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ طَرِيقٌ ثَالِثٌ فِي نَقْضِهِمُ الْعَهْدَ]

- ‌[فَصْلٌ مَذْهَبُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فِيمَا يَنْقُضُ الْعَهْدَ]

- ‌[فَصْلٌ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ فِيمَا يَنْقُضُ الْعَهْدَ]

- ‌[فَصْلٌ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا يَنْقُضُ الْعَهْدَ]

- ‌[فَصْلٌ لَيْسَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ عَهْدٌ إِلَّا مَا دَامُوا مُسْتَقِيمِينَ لَنَا]

- ‌[فَصْلٌ انْتِقَاضُ الْعَهْدِ بِنَكْثِهِمْ أَيْمَانَهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ كُلُّ مَنْ طَعَنَ فِي دِينِنَا فَهُوَ مِنْ أَئِمَّةِ الْكُفْرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْهَمُّ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ مُوجِبٌ لِقِتَالِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَمْرُ بِقِتَالِ النَّاكِثِينَ الطَّاعِنِينَ فِي الدِّينِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُحَادُّ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ لَيْسَ لَهُ عَهْدٌ]

- ‌[فَصْلٌ بَيَانُ مَعْنَى الْكَبْتِ]

- ‌[فَصْلٌ زَوَالُ الْعِصْمَةِ عَنْ نَفْسِ وَمَالِ الْمُؤْذِي لِلَّهِ وَرَسُولِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَدَّ اللَّهُ قِتَالَهُمْ حَتَّى يَنْتَهُوا عَنْ أَسْبَابِ الْفِتْنَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُوَفَّى الْعَهْدُ إِلَيْهِمْ مَا لَمْ يَنْقُصُونَا شَيْئًا مِمَّا عَاهَدْنَاهُمْ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ حُجَّةُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فِي قَتْلِ السَّابِّ]

- ‌[فَصْلٌ رَدُّ شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَلَى شُبْهَةٍ فِي قَتْلِ ابْنِ الْأَشْرَفِ]

- ‌[فَصْلٌ سَبُّ النَّبِيِّ أَوِ الْأَصْحَابِ]

الفصل: ‌فصل قولهم نلزم زينا حيثما كنا وألا نتشبه بالمسلمين في لبس ولا فرق شعر ولا في مراكبهم]

[الْفَصْلُ الْثالث مَا يَتَعَلَّقُ بِتَغْيِيرِ لِبَاسِهِمْ وَتَمْيِيزِهِمْ عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَرْكَبِ وَاللِّبَاسِ وَنَحْوِه] [

‌فَصْلٌ قَوْلُهُم نُلْزِمَ زِيَّنَا حَيْثُمَا كُنَّا وَأَلَّا نَتَشَبَّهَ بِالْمُسْلِمِينَ فِي لُبْسِ وَلَا فَرْقِ شَعْرٍ وَلَا فِي مَرَاكِبِهِمْ]

الْفَصْلُ الثَّالِثُ

[فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِتَغْيِيرِ لِبَاسِهِمْ وَتَمْيِيزِهِمْ عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَرْكَبِ وَاللِّبَاسِ وَنَحْوِهِ]

236 -

فَصْلٌ

وَقَوْلُهُمْ: " وَأَنْ نُلْزِمَ زِيَّنَا حَيْثُمَا كُنَّا وَأَلَّا نَتَشَبَّهَ بِالْمُسْلِمِينَ فِي لُبْسِ قَلَنْسُوَةٍ وَلَا عِمَامَةٍ وَلَا فَرْقِ شَعْرٍ وَلَا فِي مَرَاكِبِهِمْ "

هَذَا أَصْلُ الْغِيَارِ، وَهُوَ سُنَّةٌ سَنَّهَا مَنْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِاتِّبَاعِ سُنَّتِهِ، وَجَرَى عَلَيْهَا الْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَمِصْرٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ بِهَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرِيُّ فِي سِيَاقِ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ اسْتِعْمَالِ الْغِيَارِ لِأَهْلِ الْمِلَلِ الَّذِينَ خَالَفُوا شَرِيعَتَهُ صَغَارًا وَذُلًّا وَشُهْرَةً وَعَلَمًا عَلَيْهِمْ؛ لِيُعْرَفُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي زِيِّهِمْ وَلِبَاسِهِمْ وَلَا يَتَشَبَّهُوا بِهِمْ: " وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى الْأَمْصَارِ أَنْ تُجَزَّ نَوَاصِيَهُمْ، وَأَلَّا يَلْبَسُوا لُبْسَةَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يُعْرَفُوا ".

ص: 1262

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِثْلُهُ.

قَالَ: " وَهَذَا مَذْهَبُ التَّابِعِينَ وَأَصْحَابِ الْمَقَالَاتِ مِنَ الْفُقَهَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ ". ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ [الْفِرْيَابِيِّ] : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي مُنِيبٍ الْجُرَشِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا

ص: 1263

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ لَا يُشْرَكُ بِهِ، وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» ". رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي " مُسْنَدِهِ ".

قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: " هَذَا أَحْسَنُ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي الْغِيَارِ، وَأَشْبَهُ بِمَعْنَاهُ وَأَوْجَهُ فِي اسْتِعْمَالِهِ لِمَا يَنْطِقُ لَفْظُهُ بِمَعْنَاهُ وَمَفْهُومِهِ بِمَا يَقْتَضِي فَحْوَاهُ مِنْ قَوْلِهِ: "«وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي» " فَأَهْلُ الذِّمَّةِ أَعْظَمُ خِلَافًا لِأَمْرِهِ وَأَعْصَاهُمْ لِقَوْلِهِ، فَهُمْ أَهْلٌ أَنْ يُذَلُّوا بِالتَّغْيِيرِ عَنْ زِيِّ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ أَعَزَّهُمُ اللَّهُ بِطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ مِنَ الَّذِينَ عَصَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَذَلَّهُمْ وَصَغَّرَهُمْ وَحَقَّرَهُمْ حَتَّى تَكُونَ سِمَةُ الْهَوَانِ عَلَيْهِمْ فَيُعْرَفُوا بِزِيِّهِمْ.

وَدَلَالَتُهُ ظَاهِرَةٌ فِي وُجُوبِ اسْتِعْمَالِ الْغِيَارِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» " وَمَعْنَاهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّ الْمُسْلِمَ يَتَشَبَّهُ بِالْمُسْلِمِ فِي زِيِّهِ فَيُعْرَفُ أَنَّهُ مُسْلِمٌ، وَالْكَافِرُ يَتَشَبَّهُ بِزِيِّ الْكَافِرِ فَيُعْلَمُ أَنَّهُ كَافِرٌ، فَيَجِبُ أَنْ يُجْبَرَ الْكَافِرُ عَلَى التَّشَبُّهِ بِقَوْمِهِ لِيَعْرِفَهُ الْمُسْلِمُونَ بِهِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" «يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي، وَالْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ، وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ» ". وَسَأَلَهُ رَجُلٌ: أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: " «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتُقْرِأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفَتْ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ» ".

ص: 1264

وَقَدْ نَهَى أَنْ يُبْدَأَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ، وَأَمَرَ إِذَا سَلَّمَ أَحَدُهُمْ عَلَيْنَا أَنْ نَقُولَ لَهُ:" وَعَلَيْكُمْ ".

وَإِذَا كَانَ هَذَا مِنْ سُنَّةِ الْإِسْلَامِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ زِيٌّ يُعْرَفُونَ بِهِ حَتَّى يُمْكِنَ اسْتِعْمَالُ السُّنَّةِ فِي السَّلَامِ فِي حَقِّهِمْ، وَيَعْرِفُ مِنْهُ الْمُسْلِمُ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ، هَلْ هُوَ مُسْلِمٌ يَسْتَحِقُّ السَّلَامَ أَوْ ذِمِّيٌّ لَا يَسْتَحِقُّهُ؟ وَكَيْفَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ؟ وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ إِلَى الْأَمْصَارِ " أَنْ تُجَزَّ نَوَاصِيَهُمْ " يَعْنِي أَهْلَ الْكِتَابِ، " وَأَلَّا يَلْبَسُوا لُبْسَةَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يُعْرَفُوا ".

قُلْتُ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَمْرِ السَّلَامِ فَائِدَةٌ مِنْ فَوَائِدِ الْغِيَارِ وَفَوَائِدُهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ.

فَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يَقُومُ لَهُ وَلَا يُصَدِّرُهُ فِي الْمَجْلِسِ، وَلَا يُقَبِّلُ يَدَهُ، وَلَا يَقُومُ لَدَى رَأْسِهِ، وَلَا يُخَاطِبُهُ بِأَخِي وَسَيِّدِي وَوَلِيِّي وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا يُدْعَى لَهُ بِمَا يُدْعَى بِهِ لِلْمُسْلِمِ مِنَ النَّصْرِ وَالْعِزِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا يُصْرَفُ إِلَيْهِ مِنْ أَوْقَافِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا مِنْ زَكَوَاتِهِمْ، وَلَا يَسْتَشْهِدُهُ تَحَمُّلًا وَلَا أَدَاءً، وَلَا يَبِيعُهُ عَبْدًا مُسْلِمًا، وَلَا يُمَكِّنُهُ مِنَ الْمُصْحَفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْمُسْلِمِينَ، فَلَوْلَا النَّهْيُ لَعَامَلَهُ بِبَعْضِ مَا هُوَ مُخْتَصٌّ بِالْمُسْلِمِ.

فَهَذَا مِنْ حَيْثُ الْإِجْمَالِ، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ التَّفْصِيلِ فَفِي شُرُوطِ عُمَرَ

ص: 1265

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " وَأَلَّا نَتَشَبَّهَ بِالْمُسْلِمِينَ فِي شَيْءٍ مِنْ لِبَاسِهِمْ فِي قَلَنْسُوَةٍ " فَيُمْنَعُونَ مِنْ لِبَاسِهَا لِمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَحَابَتُهُ يَلْبَسُونَهَا، وَلَمْ يَزَلْ لُبْسُهَا عَادَةَ الْأَكَابِرِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْفُقَهَاءِ وَالْقُضَاةِ وَالْأَشْرَافِ وَالْخُطَبَاءِ عَلَى النَّاسِ، وَاسْتَمَرَّ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ إِلَى أَوَاخِرِ الدَّوْلَةِ الصَّلَاحِيَّةِ فَرَغِبَ النَّاسُ عَنْهَا.

وَقَدْ رَوَى الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:«كَانَ لِلنَّبِيِّ قَلَنْسُوَةٌ بَيْضَاءُ لَاطِئَةٌ يَلْبَسُهَا» .

وَكَانَ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه قَلَنْسُوَةٌ بَيْضَاءُ يَلْبَسُهَا.

وَذَكَرَ سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَمْسَحُ عَلَى الْعِمَامَةِ وَلَا عَلَى الْقَلَنْسُوَةِ.

وَقَالَتْ أُمُّ نَهَارٍ: كَانَ أَنَسٌ يَمُرُّ بِنَا فِي كُلِّ جُمُعَةٍ عَلَى بِرْذَوْنٍ عَلَيْهِ قَلَنْسُوَةٌ لَاطِئَةٌ.

ص: 1266