الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَلْزَمَهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ رضي الله عنه بِتَرْكِ التَّشَبُّهِ بِالْمُسْلِمِينَ كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِتَرْكِ التَّشَبُّهِ بِهِمْ، فَتَضَمَّنَ هَذَانِ الْأَصْلَانِ الْعَظِيمَانِ مُجَانَبَتَهُمْ فِي الْهَدْيِ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ حَتَّى فِي النِّعَالِ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْأُمَّةَ بِالصَّلَاةِ فِي نِعَالِهِمْ مُخَالَفَةً لِأَهْلِ الْكِتَابِ، وَنَهَاهُمْ عُمَرُ رضي الله عنه أَنْ يَلْبَسُوا نِعَالَ الْمُسْلِمِينَ.
[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا بِفَرْقِ شَعْرٍ]
240 -
فَصْلٌ
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: " وَلَا بِفَرْقِ شَعْرٍ ".
الْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ [الزُّهْرِيِّ] ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، «عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يُسْدِلُونَ أَشْعَارَهُمْ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرِقُونَ رُءُوسَهُمْ. قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُهُ مُوَافَقَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ، فَسَدَلَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَاصِيَتَهُ ثُمَّ أَمَرَ بِالْفَرْقِ، فَكَانَ الْفَرْقُ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ» .
وَالسَّدْلُ فِي اللُّغَةِ الْإِرْسَالُ، وَمَعْنَاهُ فِي الشَّعْرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُرْسِلُ شَعْرَهُ، وَكَانَ أَوَّلًا يُعْجِبُهُ مُوَافَقَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ لِمَصْلَحَةِ التَّأْلِيفِ وَغَيْرِهَا، فَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَفْرِقَ شَعْرَهُ فَأَمْسَكَ عَنْهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْأَمْرُ مِنَ اللَّهِ فَجَاءَهُ الْأَمْرُ بِالْفَرْقِ فَصَارَ هُوَ السُّنَّةَ.
وَالْفَرْقُ هُوَ أَنْ يَقْسِمَ شَعْرَ الرَّأْسِ نِصْفَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ، وَيَجْعَلَ ذُؤَابَتَيْنِ عَلَى زِيِّ الْأَشْرَافِ الَّذِي لَمْ تَزَلْ عَلَيْهِ الْعَلَوِيُّونَ وَالْعَبَّاسِيُّونَ.
وَهَذَا آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فِعْلِهِ وَهُوَ الَّذِي اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ، بَلْ يُؤْمَرُونَ بِأَنْ يُرْسِلُوا شُعُورَهُمْ وَيُسْدِلُوهَا وَيَجْمَعُوا شُعُورَهُمْ حَتَّى تَكُونَ كَاللَّبِنَةِ مِنْ خَلْفِهِمْ.
وَقَدْ وَسَمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه مَنْ عَلَى رَأْسِهِ شَعْرٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِوَسْمٍ يَنْبَغِي اتِّبَاعُهُ وَهُوَ أَنْ تُجَزَّ نَوَاصِيهِمْ، وَالنَّاصِيَةُ مِقْدَارُ رُبْعِ الرَّأْسِ، فَإِذَا كَانَ رُبْعُهُ مَحْلُوقًا كَانَ عَلَمًا ظَاهِرًا وَأَمْرًا مَشْهُورًا أَنَّهُ ذِمِّيٌّ، وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي كِتَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الشُّرُوطِ:" وَأَنْ نَجُزَّ مَقَادِمَ رُءُوسِنَا ".
قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ، ثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ [عَبْدِ اللَّهِ] بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه: أَنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ إِلَى عُمَّالِهِ يَأْمُرُهُمْ بِجَزِّ نَوَاصِيهِمْ - يَعْنِي أَهْلَ الْكِتَابِ -.
قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: كَذَا قَالَ خَالِدٌ: " عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ " وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ أَسْلَمَ، عَنْ عُمَرَ، كَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ، وَهُوَ الصَّوَابُ.