الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ عليه السلام فِي حَلْقِ الرَّأْسِ وَتَرْكِهِ وَكَيْفِيَّةِ جَعْلِ شَعْرِهِ]
241 -
فَصْلٌ
فِي هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَلْقِ الرَّأْسِ وَتَرْكِهِ وَكَيْفِيَّةِ جَعْلِ شَعْرِهِ.
لَمْ يَكُنْ هَدْيُهُ حَلْقَ رَأْسِهِ فِي غَيْرِ نُسُكٍ، بَلْ لَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ أَنَّهُ حَلَقَ رَأْسَهُ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ.
وَحَلْقُ الرَّأْسِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: شَرْعِيٌّ، وَشِرْكِيٌّ، وَبِدْعِيٌّ، وَرُخْصَةٌ.
فَالشَّرْعِيُّ: الْحَلْقُ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.
وَالشِّرْكِيُّ: حَلْقُ الرَّأْسِ [لِلشُّيُوخِ] فَإِنَّهُمْ يَحْلِقُونَ رُءُوسَ الْمُرِيدِينَ
لِلشَّيْخِ، وَيَقُولُونَ: احْلَقْ رَأْسَكَ لِلشَّيْخِ فُلَانٍ، وَهَذَا مِنْ جِنْسِ السُّجُودِ لَهُ، فَإِنَّ حَلْقَ الرَّأْسِ عُبُودِيَّةٌ مُذِلَّةٌ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يَعْمَلُ الْمَشْيَخَةَ الْوَثَنِيَّةَ، فَتَرَى الْمُرِيدَ عَاكِفًا عَلَى السُّجُودِ لَهُ وَيُسَمِّيهِ وَضْعَ رَأْسٍ وَأَدَبًا، وَعَلَى التَّوْبَةِ لَهُ، وَالتَّوْبَةُ لَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَعَلَى حَلْقِ الرَّأْسِ لَهُ، وَحَلْقُ الرَّأْسِ عُبُودِيَّةٌ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ إِذَا أَمِنُوا عَلَى الْأَسِيرِ جَزُّوا نَوَاصِيَهُ وَأَطْلَقُوهُ عُبُودِيَّةً وَإِذْلَالًا لَهُ، وَلِهَذَا كَانَ مِنْ تَمَامِ النُّسُكِ وَضْعُ النَّوَاصِي لِلَّهِ عُبُودِيَّةً وَخُضُوعًا وَذُلًّا.
وَيُرَبُّونَهُ عَلَى الْحَلِفِ بِاسْمِ الشَّيْخِ لِإِذْلَالِهِ.
وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: " «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ» ". فَكَيْفَ مَنْ نَذَرَ لِغَيْرِ اللَّهِ؟ ! .
وَأَمَّا الْحَلْقُ الْبِدْعِيُّ فَهُوَ: كَحَلْقِ كَثِيرٍ مِنَ الْمُطَّوِّعَةِ وَالْفُقَرَاءِ يَجْعَلُونَهُ شَرْطًا فِي الْفَقْرِ، وَزِيًّا يَتَمَيَّزُونَ بِهِ عَنْ أَهْلِ الشُّعُورِ مِنَ الْجُنْدِ وَالْفُقَهَاءِ وَالْقُضَاةِ وَغَيْرِهِمْ.
وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَوَارِجِ أَنَّهُ قَالَ: " «سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ» ".
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه لِصَبِيغِ بْنِ عَسَلٍ وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ مَسَائِلَ فَأَمَرَ بِكَشْفِ رَأْسِهِ وَقَالَ: " لَوْ رَأَيْتُكَ مَحْلُوقًا لَأَخَذْتُ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاكَ حَتَّى أَنْ تَكُونَ مِنَ الْخَوَارِجِ ".
وَمِنْ حَلْقِ الْبِدْعَةِ الْحَلْقُ عِنْدَ الْمَصَائِبِ بِمَوْتِ الْقَرِيبِ وَنَحْوِهِ، فَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَقَدْ بَرِئَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْحَالِقَةِ وَالصَّالِقَةِ وَالشَّاقَّةِ.
فَالْحَالِقَةُ الَّتِي تَحْلِقُ شَعْرَهَا عِنْدَ الْمُصِيبَةِ.
وَالصَّالِقَةُ الَّتِي تَرْفَعُ صَوْتَهَا بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ وَنَحْوِهِ.
وَالشَّاقَّةُ الَّتِي تَشُقُّ ثِيَابَهَا.
وَأَمَّا الرَّجُلُ فَحَلْقُهُ لِذَلِكَ بِدْعَةٌ قَبِيحَةٌ يَكْرَهُهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ.