المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل قولهم ولا عمامة] - أحكام أهل الذمة - ط رمادي - جـ ٣

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[ذِكْرُ الشُّرُوطِ الْعُمَرِيَّةِ وَأَحْكَامِهَا وَمُوجِبَاتِهَا]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ في أَحْكَامِ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ وما يتعلق بذلك]

- ‌[الْبِلَادُ الَّتِي تَفَرَّقَ فِيهَا أَهْلُ الذِّمَّةِ وَالْعَهْدِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ] [

- ‌القسم الأول بِلَادٌ أَنْشَأَهَا الْمُسْلِمُونَ فِي الْإِسْلَامِ وبَيَانُ بِنَاءِ بَعْضهاِ]

- ‌[فَصْلٌ مَآلُ مَعَابِدِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى نَقْضِ الْعَهْدِ]

- ‌[القسم الثَّانِي بِلَادٌ أُنْشِئَتْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَافْتَتَحَهَا الْمُسْلِمُونَ عَنْوَةً وَمَلَكُوا أَرْضَهَا وَسَاكِنِيهَا]

- ‌[القسم الثَّالِثُ بِلَادٌ أُنْشِئَتْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَفَتَحَهَا الْمُسْلِمُونَ صُلْحًا]

- ‌[فَصْلٌ زَوَالُ الْأَمَانِ عَنِ الْأَنْفُسِ زَوَالٌ عَنِ الْكَنَائِسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ بِنَاءِ مَا اسْتُهْدِمَ مِنْهَا وَرَمِّ شَعَثِهِ وَذِكْرِ الْخِلَافِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ تَرْمِيمِ الْكَنِيسَةِ وَزِيَادَةِ الْبِنَاءِ فِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ نَقْلُ الْكَنِيسَةِ مِنْ مَكَانٍ لِآخِرِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ أَبْنِيَةِ وَدُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَمَلُّكِ الذِّمِّيِّ بِالْإِحْيَاءِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نَمْنَعُ كَنَائِسَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَنْزِلُوهَا فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْثاني مَا يَتَعَلَّقُ بِإِظْهَارِ الْمُنْكَرِ مِنْ أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ مِمَّا نُهُوا عَنْهُ] [

- ‌فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نُؤْوِي فِيهَا وَلَا فِي مَنَازِلِنَا جَاسُوسًا]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نَكْتُمُ غِشًّا لِلْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نَضْرِبُ نَوَاقِيسَنَا إِلَّا ضَرْبًا خَفِيًّا فِي جَوْفِ كَنَائِسِنَا]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نُظْهِرُ عَلَيْهَا صَلِيبًا]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نَرْفَعُ أَصْوَاتَنَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا الْقِرَاءَةِ فِي كَنَائِسِنَا مِمَّا يَحْضُرُهُ الْمُسْلِمُونَ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نُخْرِجُ صَلِيبًا وَلَا كِتَابًا فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَأَلَّا نُخْرِجَ بَاعُوثًا وَلَا شَعَانِينَ وَلَا نَرْفَعُ أَصْوَاتَنَا مَعَ مَوْتَانَا]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ حُضُورِ أَعْيَادِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نُجَاوِرُهُمْ بِالْخَنَازِيرِ وَلَا بِبَيْعِ الْخُمُورِ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نُجَاوِزُ الْمُسْلِمِينَ بِمَوْتَانَا]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا بِبَيْعِ الْخُمُورِ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نُرَغِّبُ فِي دِينِنَا وَلَا نَدْعُو إِلَيْهِ أَحَدًا]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نَتَّخِذُ مِنَ الرَّقِيقِ الَّذِي جَرَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُفَادَاةِ الْأَسِيرِ الْكَافِرِ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَأَلَّا نَمْنَعَ أَحَدًا مِنْ أَقْرِبَائِنَا أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الْإِسْلَامِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْثالث مَا يَتَعَلَّقُ بِتَغْيِيرِ لِبَاسِهِمْ وَتَمْيِيزِهِمْ عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَرْكَبِ وَاللِّبَاسِ وَنَحْوِه] [

- ‌فَصْلٌ قَوْلُهُم نُلْزِمَ زِيَّنَا حَيْثُمَا كُنَّا وَأَلَّا نَتَشَبَّهَ بِالْمُسْلِمِينَ فِي لُبْسِ وَلَا فَرْقِ شَعْرٍ وَلَا فِي مَرَاكِبِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا عِمَامَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ اخْتِصَاصُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ بِالتَّلَحِّي فِي الْعَمَائِمِ]

- ‌[فَصْلٌ قوْلُهُمْ وَلَا فِي نَعْلَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا بِفَرْقِ شَعْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ عليه السلام فِي حَلْقِ الرَّأْسِ وَتَرْكِهِ وَكَيْفِيَّةِ جَعْلِ شَعْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَتَى يُرْخَى الشَّعْرُ وَمَتَى يُضَفَّرُ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْعُ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ لِبَاسِ الْأَرْدِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ قَولهم وَلَا نَتَشَبَّهُ بِالْمُسْلِمِينَ فِي مَرَاكِبِهِمْ وَلَا نَرْكَبُ السُّرُوجَ]

- ‌[فَصْلٌ قَولهم وَلَا نَتَقَلَّدُ السُّيُوفَ]

- ‌[فَصْلٌ بَعْضُ الْأَحْكَامِ الَّتِي ضُرِبَتْ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ لَوْنُ لِبَاسِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فَسَادُ ذِمَمِ نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[فَصْلٌ قَولهم وَلَا نَتَكَلَّمُ بِكَلَامِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ قولهم وَلَا نَنْقُشُ خَوَاتِيمَنَا بِالْعَرَبِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ قَولهم وَلَا نَتَكَنَّى بِكُنَاهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ خِطَابُ الْكِتَابِيِّ بِسَيِّدِي وَمَوْلَايَ]

- ‌[فَصْلٌ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْفَصْلِ كَيْفَ يُكْتَبُ إِلَيْهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ قولهم وَنُوَقِّرُ الْمُسْلِمِينَ فِي مَجَالِسِهِمْ وَنَقُومُ لَهُمْ عَنِ الْمَجَالِسِ]

- ‌[فَصْلٌ صِيَانَةُ الْقُرْآنِ أَنْ يَحْفَظَهُ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي أَمْرِ مُعَامَلَتِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ بِالشَّرِكَةِ وَنَحْوِهَا] [

- ‌فَصْلٌ قَولهم وَلَا يُشَارِكُ أَحَدٌ مِنَّا مُسْلِمًا فِي تِجَارَةٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِلَى الْمُسْلِمِ أَمْرُ التِّجَارَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي أَحْكَامِ ضِيَافَتِهِمْ لِلْمَارَّةِ بِهِمْ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ] [

- ‌فَصْلٌ قَولهم وَأَنْ نُضِيفَ كُلَّ مُسْلِمٍ عَابِرِ سَبِيلٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَنُطْعِمَهُ مِنْ أَوْسَطِ مَا نَجِدُ]

- ‌[فَصْلٌ نُزُولُ الْمَرِيضِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْسادسُ فِي أَحْكَامِ ضِيَافَتِهِمْ لِلْمَارَّةِ بِهِمْ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ] [

- ‌فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَأَنَّ مَنْ ضَرَبَ مُسْلِمًا فَقَدْ خَلَعَ عَهْدَهُ]

- ‌[فَصْلٌ مَتَى يُعْتَبَرُ الذِّمِّيُّ نَاقِضًا لِعَهْدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ إِذَا أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ بَعْدَ فُجُورِهِ بِمُسْلِمَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ إِذَا نَقَضُوا مَا شَرَطُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ نُقِضَ عَهْدُهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ طَرِيقٌ ثَالِثٌ فِي نَقْضِهِمُ الْعَهْدَ]

- ‌[فَصْلٌ مَذْهَبُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فِيمَا يَنْقُضُ الْعَهْدَ]

- ‌[فَصْلٌ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ فِيمَا يَنْقُضُ الْعَهْدَ]

- ‌[فَصْلٌ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا يَنْقُضُ الْعَهْدَ]

- ‌[فَصْلٌ لَيْسَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ عَهْدٌ إِلَّا مَا دَامُوا مُسْتَقِيمِينَ لَنَا]

- ‌[فَصْلٌ انْتِقَاضُ الْعَهْدِ بِنَكْثِهِمْ أَيْمَانَهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ كُلُّ مَنْ طَعَنَ فِي دِينِنَا فَهُوَ مِنْ أَئِمَّةِ الْكُفْرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْهَمُّ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ مُوجِبٌ لِقِتَالِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَمْرُ بِقِتَالِ النَّاكِثِينَ الطَّاعِنِينَ فِي الدِّينِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُحَادُّ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ لَيْسَ لَهُ عَهْدٌ]

- ‌[فَصْلٌ بَيَانُ مَعْنَى الْكَبْتِ]

- ‌[فَصْلٌ زَوَالُ الْعِصْمَةِ عَنْ نَفْسِ وَمَالِ الْمُؤْذِي لِلَّهِ وَرَسُولِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَدَّ اللَّهُ قِتَالَهُمْ حَتَّى يَنْتَهُوا عَنْ أَسْبَابِ الْفِتْنَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُوَفَّى الْعَهْدُ إِلَيْهِمْ مَا لَمْ يَنْقُصُونَا شَيْئًا مِمَّا عَاهَدْنَاهُمْ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ حُجَّةُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فِي قَتْلِ السَّابِّ]

- ‌[فَصْلٌ رَدُّ شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَلَى شُبْهَةٍ فِي قَتْلِ ابْنِ الْأَشْرَفِ]

- ‌[فَصْلٌ سَبُّ النَّبِيِّ أَوِ الْأَصْحَابِ]

الفصل: ‌[فصل قولهم ولا عمامة]

فَإِنَّمَا نَهَى عُمَرُ رضي الله عنه أَهْلَ الذِّمَّةِ عَنْ لُبْسِهَا؛ لِأَنَّهَا زِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَحَابَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ، وَلِلْمُسْلِمِينَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ أُسْوَةٌ وَقُدْوَةٌ، فَالْخُلَفَاءُ يَلْبَسُونَهَا اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَشَبُّهًا بِهِ وَهُمْ أَوْلَى النَّاسِ بِاتِّبَاعِهِ وَاقْتِفَاءِ أَثَرِهِ، وَالْعُلَمَاءُ يَلْبَسُونَهَا إِذَا انْتَهَوْا فِي عِلْمِهِمْ وَعِزِّهِمْ وَعَظُمَتْ مَنْزِلَتُهُمْ وَاقْتَدَى النَّاسُ بِهِمْ فَيَتَمَيَّزُونَ بِهَا لِلشَّرَفِ عَلَى مَنْ دُونَهُمْ لِمَا رَفَعَهُمُ اللَّهُ بِعِلْمِهِمْ عَلَى جَهَلَةِ خَلْقِهِ، وَالْقُضَاةُ تَلْبَسُهَا هَيْبَةً وَرِفْعَةً، وَالْخُطَبَاءُ تَلْبَسُهَا عَلَى الْمَنَابِرِ لِعُلُوِّ مَقَامِهِمْ؛ فَيُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ لِبَاسِ الْقَلَنْسُوَةِ لِعَدَمِ وُجُودِ هَذِهِ الْمَعَانِي فِيهِمْ.

[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا عِمَامَةٍ]

237 -

فَصْلٌ

قَوْلُهُمْ: " وَلَا عِمَامَةٍ ".

قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: وَالْعِمَامَةُ يُمْنَعُونَ مِنْ لُبْسِهَا وَالتَّعَمُّمِ بِهَا؛ إِنَّ الْعَمَائِمَ تِيجَانُ الْعَرَبِ وَعِزُّهَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ مِنْ سِوَاهَا، وَلَبِسَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالصَّحَابَةُ مِنْ بَعْدِهِ، فَهِيَ لِبَاسُ الْعَرَبِ قَدِيمًا، وَلِبَاسُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالصَّحَابَةِ، فَهِيَ لِبَاسُ الْإِسْلَامِ.

قَالَ جَابِرٌ رضي الله عنه: «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ» .

قَالَ: وَرَوَى عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ،

ص: 1267

عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَصْحَابِهِ: " «اعْتَمُّوا تَزْدَادُوا حِلْمًا، وَقَالَ: الْعَمَائِمُ تِيجَانُ الْعَرَبِ» ".

ص: 1268

وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: " «فَرْقُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ الْعَمَائِمُ عَلَى الْقَلَانِسِ» ".

ص: 1270

وَهَذَا - وَإِنْ كَانَ إِخْبَارًا بِالْوَاقِعِ - فَإِنَّهُ إِرْشَادٌ إِلَى الْمَشْرُوعِ.

وَقَالَ مُعَاوِيَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ [عَمْرٍو] ، عَنْ [الْفُضَيْلِ] بْنِ الْفَضَالَةِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَلْزَمَ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالْعَصَائِبِ وَالْأَلْوِيَةِ. يُرِيدُ بِالْعَصَائِبِ الْعَمَائِمَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ: " «فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى [الْعَصَائِبِ] وَالتَّسَاخِينِ» ". فَالْعَصَائِبُ الْعَمَائِمُ، وَالتَّسَاخِينُ الْخِفَافُ.

ص: 1271

قَالُوا: وَالْعَمَائِمُ لَيْسَتْ مِنْ زِيِّ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ زِيِّ الْعَرَبِ.

وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: وَلَا يُمَكَّنُ الذِّمِّيُّ مِنَ التَّعَمُّمِ بِهَا، فَإِنَّهُ لَا عِزَّ لَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَا هِيَ مِنْ زِيِّهِ.

قُلْتُ: فَلَوْ خَالَفَتْ عَمَائِمُهُمْ عَمَائِمَ الْمُسْلِمِينَ فِي لَوْنٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهَلْ يُمَكَّنُونَ مِنْ ذَلِكَ؟ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِتَمْكِينِهِمْ مِنْهَا لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ الْمَقْصُودِ، وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يُمَكَّنُوا إِذِ الْمَقْصُودُ أَنَّهُمْ لَا يَلْبَسُونَ هَذَا الْجِنْسَ كَمَا لَا يَرْكَبُونَ الْخَيْلَ وَلَوْ تَمَيَّزَتْ عَنْ خُيُولِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ رُكُوبَهَا عِزٌّ وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِهِ، كَمَا يُمْنَعُونَ مِنْ إِرْخَاءِ الذَّوَائِبِ.

وَلَمْ أَجِدْ عَنْ أَحْمَدَ نَصًّا فِي لُبْسِهِمُ الْعَمَائِمَ، وَلَكِنْ قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَتْبَاعِهِ: إِنَّهُمْ يَشُدُّونَ فِي أَطْرَافِ عَمَائِمِهِمْ وَقَلَانِسِهِمْ مَا يُخَالِفُ لَوْنَهَا بِحُمْرَةٍ أَوْ صُفْرَةٍ وَنَحْوِهِمَا.

وَحَكَوْا فِي جَوَازِ تَمْكِينِهِمْ مَنِ الطَّيَالِسَةِ وَجْهَيْنِ، وَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْعَمَائِمِ أَوْلَى وَأَحَقُّ بِالْمَنْعِ لِمَا تَقَدَّمَ.

ص: 1272

وَقَالَ أَبُو الشَّيْخِ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ " أَنِ امْنَعْ مَنْ قِبَلَكَ فَلَا يَلْبَسُ نَصْرَانِيٌّ قَبَاءً وَلَا ثَوْبَ خَزٍّ وَلَا عَصَبٍ، وَتَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ أَشَدَّ التَّقَدُّمِ حَتَّى لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ نَهْيٌ عَنْهُ، وَقَدْ ذُكِرَ لِي أَنَّ كَثِيرًا مِمَّنْ قِبَلَكَ مِنَ النَّصَارَى قَدْ رَاجَعُوا لُبْسَ الْعَمَائِمِ وَتَرَكُوا الْمَنَاطِقَ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ وَاتَّخَذُوا الْوَفْرَ وَالْجُمَمَ، وَلَعَمْرِي إِنْ كَانَ يُصْنَعُ ذَلِكَ فِيمَا قِبَلَكَ إِنَّ ذَلِكَ بِكَ ضَعْفٌ وَعَجْزٌ، فَانْظُرْ كُلَّ شَيْءٍ نُهِيتَ عَنْهُ وَتَقَدَّمْتَ فِيهِ فَلَا تُرَخِّصْ فِيهِ وَلَا تُغَيِّرْ مِنْهُ شَيْئًا ".

ص: 1273

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَلْمَانَ، ثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حِبَّانَ قَالَا: دَخَلَ نَاسٌ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَيْهِمُ الْعَمَائِمُ كَهَيْئَةِ الْعَرَبِ، قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَلْحِقْنَا بِالْعَرَبِ. قَالَ: فَمَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَحْنُ بَنُو تَغْلِبَ. قَالَ: أَوَلَسْتُمْ مِنْ أَوْسَطِ الْعَرَبِ؟ قَالُوا: نَحْنُ نَصَارَى. قَالَ: عَلَيَّ بِجَلَمٍ، فَأَخَذَ مِنْ نَوَاصِيهِمْ وَأَلْقَى الْعَمَائِمَ وَشَقَّ مِنْ رِدَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شِبْرًا يَحْتَزِمُ بِهِ وَقَالَ: لَا تَرْكَبُوا السُّرُوجَ، وَارْكَبُوا الْأُكُفَ وَدَلُّوا أَرْجُلَكُمْ مِنْ شَقٍّ وَاحِدٍ.

حَدَّثَنَا خَالِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ مُوسَى الْعَسْقَلَانِيُّ،

ص: 1274

حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ صَفْوَانَ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الرُّعَيْنِيُّ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَمْصَارِ الشَّامِ: " لَا يَمْشِي نَصْرَانِيٌّ إِلَّا مَفْرُوقَ النَّاصِيَةِ، وَلَا يَلْبَسُ قَبَاءً، وَلَا يَمْشِي إِلَّا بِزُنَّارٍ مِنْ جِلْدٍ، وَلَا يَلْبَسُ طَيْلَسَانًا، وَلَا يَلْبَسُ سَرَاوِيلَ ذَاتَ خِدْمَةٍ، وَلَا يَلْبَسُ نَعْلًا ذَاتَ عَذَبَةٍ، وَلَا يَرْكَبُ عَلَى سَرْجٍ، وَلَا يُوجَدُ فِي بَيْتِهِ سِلَاحٌ إِلَّا انْتُهِبَ، وَلَا يَدْخُلُ الْحَمَّامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ حَتَّى تُصَلَّى الْجُمُعَةُ ".

حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى عَنِ ابْنِ [مُسْهَرٍ] ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِلَى الْأَمْصَارِ أَنْ: " تُجَزَّ نَوَاصِيَهُمْ - يَعْنِيَ النَّصَارَى - وَلَا يَلْبَسُوا أَلْبِسَةَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يُعْرَفُوا ".

ص: 1275

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَذَّاءُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ:" أَمَّا بَعْدُ، فَلَا يَرْكَبَنَّ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ عَلَى سَرْجٍ وَلْيَرْكَبَنَّ عَلَى إِكَافٍ، وَلَا يَرْكَبَنَّ نِسَاؤُهُمْ عَلَى رَاحِلَةٍ وَلْيَكُنْ رُكُوبُهُنَّ عَلَى إِكَافٍ، وَتَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ تَقَدُّمًا بَلِيغًا ".

ص: 1276

وَقَالَ الْخَلَّالُ فِي " الْجَامِعِ ": بَابُ مَا تُؤْخَذُ بِهِ النَّصَارَى مِنِ اتِّخَاذِ الزَّنَانِيرِ وَعَلَى نِسَائِهِمْ مِنْ زِيِّهِمْ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَارِثِ قَالَ: قَالَ أَحْمَدُ: " يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ أَهْلُ الذِّمَّةِ بِالزَّنَانِيرِ يُذَلُّونَ بِذَلِكَ ".

ثَنَا يَحْيَى بْنُ [جَعْفَرِ بْنِ] عَبْدِ اللَّهِ بْنِ [الزِّبْرِقَانِ] ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ [السَّكَنِ] ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أَمَرَ عُمَرُ رضي الله عنه أَنْ تُجَزَّ نَوَاصِي أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَأَنْ يَشُدُّوا الْمَنَاطِقَ، وَأَنْ يَرْكَبُوا الْأُكُفَ بِالْعَرْضِ.

ص: 1277

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَنْهَوُا النَّصَارَى أَنْ يَفْرِقُوا رُءُوسَهُمْ، وَتُجَزَّ نَوَاصِيهِمْ، وَأَنْ تُشَدَّ مَنَاطِقُهُمْ، وَلَا يَرْكَبُوا عَلَى سَرْجٍ، وَلَا يَلْبَسُوا عَصَبًا وَلَا خَزًّا، وَأَنْ يُمْنَعَ نِسَاؤُهُمْ أَنْ يَرْكَبْنَ الرَّحَائِلَ، فَإِنْ قُدِرَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ التَّقَدُّمِ إِلَيْهِ فَإِنَّ سَكَنَهُ لِمَنْ وَجَدَهُ.

ص: 1278