الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَمَّا الْمُفَسَّرُ فَمَا ازْدَادَ وُضُوحًا عَلَى النَّصِّ سَوَاءٌ كَانَ بِمَعْنًى فِي النَّصِّ أَوْ بِغَيْرِهِ بِأَنْ كَانَ مُجْمَلًا فَلَحِقَهُ بَيَانٌ قَاطِعٌ
ــ
[كشف الأسرار]
مُنْطَلِقٌ عَلَى اللُّغَةِ وَلَا مَانِعَ فِي الشَّرْعِ وَالنَّصُّ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى الظُّهُورِ تَقُولُ الْعَرَبُ نَصَّتْ الظَّبْيَةُ رَأْسَهَا إذَا رَفَعَتْ وَأَظْهَرَتْ فَعَلَى هَذَا حَدُّهُ حَدُّ الظَّاهِرِ، وَهُوَ اللَّفْظُ الَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ فَهْمُ مَعْنًى مِنْهُ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ فَهُوَ بِالْإِضَافَةِ إلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى الْغَالِبِ ظَاهِرٌ وَنَصٌّ.
الثَّانِي: وَهُوَ الْأَشْهَرُ هُوَ مَا لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ احْتِمَالٌ أَصْلًا لَا عَلَى قُرْبٍ وَلَا عَلَى بُعْدٍ كَالْخَمْسَةِ مَثَلًا، فَإِنَّهُ نَصٌّ فِي مَعْنَاهُ لَا يَحْتَمِلُ شَيْئًا آخَرَ فَكُلُّ مَا كَانَتْ دَلَالَتُهُ عَلَى مَعْنَاهُ فِي هَذِهِ الدَّرَجَةِ سُمِّيَ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَعْنَاهُ نَصًّا فِي طَرَفَيْ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ أَعْنِي فِي إثْبَاتِ الْمُسَمَّى وَنَفْيِ مَا لَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ فَعَلَى هَذَا حَدُّهُ اللَّفْظُ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْهُ عَلَى الْقَطْعِ مَعْنًى فَهُوَ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَعْنَاهُ الْمَقْطُوعِ بِهِ نَصٌّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ الْوَاحِدُ نَصًّا وَظَاهِرًا وَمُجْمَلًا لَكِنْ بِالْإِضَافَةِ إلَى ثَلَاثَةِ مَعَانٍ لَا إلَى مَعْنًى وَاحِدٍ.
الثَّالِثُ التَّعْبِيرُ: بِالنَّصِّ عَمَّا لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ احْتِمَالٌ مَقْبُولٌ يُعَضِّدُهُ دَلِيلٌ أَمَّا الِاحْتِمَالُ الَّذِي لَا يُعَضِّدُهُ دَلِيلٌ فَلَا يَخْرُجُ اللَّفْظُ عَنْ كَوْنِهِ نَصًّا فَكَانَ شَرْطُ النَّصِّ بِالْوَضْعِ الثَّانِي أَنْ لَا يَتَطَرَّقَ إلَيْهِ احْتِمَالٌ أَصْلًا وَبِالْوَضْعِ الثَّالِثِ أَنْ لَا يَتَطَرَّقَ إلَيْهِ احْتِمَالٌ مَخْصُوصٌ، وَهُوَ الْمُعْتَضَدُ بِدَلِيلٍ وَلَا حَجْرَ فِي إطْلَاقِ النَّصِّ عَلَى هَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ لَكِنَّ الْإِطْلَاقَ الثَّانِي أَوْجَهُ وَأَشْهَرُ وَعَنْ الِاشْتِبَاهِ بِالظَّاهِرِ أَبْعَدُ، فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ مُوجِبَ الظَّاهِرِ وَالنَّصِّ عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي اخْتَارَهُ مَشَايِخُنَا ظَنِّيٌّ عِنْدَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فَأَمَّا عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي اخْتَارُوهُ فَقَطْعِيٌّ كَالْمُفَسَّرِ.
(وَقَوْلُهُ إلَّا أَنَّ هَذَا) أَيْ النَّصَّ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ مِنْ الْمُسَاوَاةِ الَّتِي دَلَّ عَلَيْهَا قَوْلُهُ، وَكَذَا الثَّانِي فَيَكُونُ بِمَعْنَى لَكِنْ، أَوْلَى مِنْهُ أَيْ مِنْ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ النَّصَّ لَمَّا كَانَ أَوْضَحَ بَيَانًا كَانَ الْعَمَلُ بِهِ أَوْلَى؛ وَلِأَنَّ فِيهِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ لِإِمْكَانِ حَمْلِ الظَّاهِرِ عَلَى مَعْنًى يُوَافِقُ النَّصَّ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ؛ وَلِأَنَّا إنَّمَا لَمْ نَعْتَبِرْ الِاحْتِمَالَ الَّذِي فِي الظَّاهِرِ لِعَدَمِ دَلِيلٍ يُعَضِّدُهُ فَلَمَّا تَأَيَّدَ ذَلِكَ الِاحْتِمَالُ بِمُعَارَضَةِ النَّصِّ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَيْهِ.
وَنَظِيرُ التَّعَارُضِ بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالنَّصِّ مِنْ الْكِتَابِ قَوْله تَعَالَى {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24]، مَعَ:{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرٌ عَامٌّ فِي إبَاحَةِ نِكَاحِ غَيْرِ الْمُحَرَّمَاتِ فَيَقْتَضِي بِعُمُومِهِ وَإِطْلَاقِهِ جَوَازَ نِكَاحِ مَا وَرَاءَ الْأَرْبَعِ وَالثَّانِي نَصٌّ يَقْتَضِي اقْتِصَارَ الْجَوَازِ عَلَى الْأَرْبَعِ فَيَتَعَارَضَانِ فِيمَا وَرَاءَ الْأَرْبَعِ فَيُرَجَّحُ النَّصُّ وَيُحْمَلُ الظَّاهِرُ عَلَيْهِ، وَمِنْ السُّنَّةِ قَوْلُهُ عليه السلام «لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» مَعَ قَوْلِهِ عليه السلام «مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ» فَالْأَوَّلُ ظَاهِرٌ فِي نَفْيِ الْجَوَازِ عَامٌّ فِي كُلِّ صَلَاةٍ؛ لِأَنَّ لَا هَذِهِ لِنَفْيِ الْجِنْسِ فَيَتَنَاوَلُ صَلَاةَ الْمُقْتَدِي وَالْمُنْفَرِدِ وَالثَّانِي نَصٌّ؛ لِأَنَّهُ أَشَدُّ وُضُوحًا فِي إفَادَةِ مَعْنَاهُ مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ لَا لِنَفْيِ الْفَضِيلَةِ وَاسْتِعْمَالِ الْعَامِّ فِي بَعْضِ مَفْهُومَاتِهِ شَائِعٌ ذَائِعٌ فَيَتَعَارَضَانِ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِي فَيُعْمَلُ بِالنَّصِّ وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى الْمُنْفَرِدِ أَوْ عَلَى نَفْيِ الْفَضِيلَةِ.
[تَعْرِيف الْمُفَسَّرُ]
قَوْلُهُ (وَأَمَّا الْمُفَسَّرُ فَمَا ازْدَادَ) أَيْ فَكَلَامٌ ازْدَادَ وُضُوحًا عَلَى النَّصِّ؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ التَّأْوِيلِ مُنْقَطِعٌ فِيهِ بِخِلَافِ النَّصِّ، فَإِنَّ احْتِمَالَهُ قَائِمٌ فِيهِ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْوُضُوحُ بِسَبَبِ مَعْنًى فِي النَّصِّ، بِأَنْ كَانَ أَيْ النَّصُّ مُجْمَلًا، وَهُوَ تَسَامُحٌ فِي الْعِبَارَةِ
فَانْسَدَّ بِهِ التَّأْوِيلُ أَوْ كَانَ عَامًّا فَلَحِقَهُ مَا انْسَدَّ بِهِ بَابُ التَّخْصِيصِ مَأْخُوذًا مِمَّا ذَكَرْنَا وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [الحجر: 30] فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ جَمْعٌ عَامٌّ مُحْتَمَلٌ لِلتَّخْصِيصِ فَانْسَدَّ بَابُ التَّخْصِيصِ بِذِكْرِ الْكُلِّ وَذِكْرُ الْكُلِّ احْتَمَلَ تَأْوِيلَ التَّفَرُّقِ فَقَطَعَهُ بِقَوْلِهِ أَجْمَعُونَ فَصَارَ مُفَسَّرًا وَحُكْمُهُ الْإِيجَابُ قَطْعًا بِلَا احْتِمَالِ تَخْصِيصٍ وَلَا تَأْوِيلٍ إلَّا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ النَّسْخَ وَالتَّبْدِيلَ.
ــ
[كشف الأسرار]
لِأَنَّ النَّصَّ لَا يَكُونُ مُجْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَعْنًى وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ اللَّفْظَ أَوْ الْكَلَامَ هَهُنَا.
وَقَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ مُجْمَلًا بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ بِمَعْنًى فِي النَّصِّ بِتَكْرِيرِ الْعَامِلِ، فَلَحِقَهُ بَيَانٌ قَاطِعٌ احْتِرَازٌ عَمَّا لَيْسَ بِقَاطِعٍ ثُبُوتًا أَوْ دَلَالَةً حَتَّى لَا يَصِيرُ الْمُجْمَلُ مُفَسَّرًا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَإِنْ كَانَ قَطْعِيَّ الدَّلَالَةِ وَلَا بِبَيَانٍ فِيهِ احْتِمَالٌ، وَإِنْ كَانَ قَطْعِيَّ الثُّبُوتِ بَلْ هُوَ بُعْدٌ فِي حَيِّزِ التَّأْوِيلِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ عَنْ حَيِّزِ الْإِجْمَالِ، وَلِهَذَا قَالَ فَانْسَدَّ بِهِ بَابُ التَّأْوِيلِ نَتِيجَةً لِقَوْلِهِ بَيَانٌ قَاطِعٌ أَيْ بَيَانٌ قَاطِعٌ لَا يَحْتَمِلُ الْكَلَامُ التَّأْوِيلَ بَعْدَ لُحُوقِهِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ النَّصُّ أَيْ اللَّفْظُ عَامًّا، وَهُوَ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ بِغَيْرِهِ عَلَى طَرِيقَةِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ وَمِنْ حَقِّهِ أَنْ يُعَادَ حَرْفُ الْجَرِّ وَيُقَالُ بِأَنْ كَانَ عَامًّا إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى ذَلِكَ نَظَرًا إلَى حُصُولِ فَهْمِ الْمَعْنَى بِدُونِهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْبَيَانَ كَمَا يَلْتَحِقُ بِالْكَلَامِ لِلتَّفْسِيرِ يَلْتَحِقُ بِهِ لِلتَّأْكِيدِ وَالتَّقْرِيرِ وَبَيَانُ التَّفْسِيرِ سَبَبُهُ مَعْنًى فِي نَفْسِ الْكَلَامِ وَهُوَ الْإِجْمَالُ أَمَّا بَيَانُ التَّقْرِيرِ فَسَبَبُهُ إرَادَةُ الْمُتَكَلِّمِ لَا مَعْنًى فِي الْكَلَامِ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي إفَادَةِ مَعْنَاهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى بَيَانٍ وَلَكِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ غَيْرُ ظَاهِرِهِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِإِرَادَةِ الْمُتَكَلِّمِ فَالْتِحَاقُ الْبَيَانِ بِهِ يَقْطَعُ ذَلِكَ الِاحْتِمَالَ، وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِهِ بِمَعْنًى فِي النَّصِّ أَنَّ الْبَيَانَ يَكُونُ مُتَّصِلًا بِهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى، {إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} [المعارج: 19] {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا} [المعارج: 20]{وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج: 21] ، فُسِّرَ الْهَلُوعُ الَّذِي كَانَ مُجْمَلًا بِبَيَانٍ مُتَّصِلٍ بِهِ.
سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى مَا الْهَلَعُ فَقَالَ قَدْ فَسَّرَهُ اللَّهُ وَلَا يَكُونُ تَفْسِيرٌ أَبَيْنَ مِنْ تَفْسِيرِهِ وَهُوَ الَّذِي إذَا نَالَهُ شَرٌّ أَظْهَرَ شِدَّةَ الْجَزَعِ، وَإِذَا نَالَهُ خَيْرٌ بَخِلَ بِهِ وَمَنَعَهُ النَّاسَ وَكَمَا فِي النَّظِيرِ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ بِغَيْرِهِ أَنْ لَا يَكُونَ بَيَانُهُ مُتَّصِلًا بِهِ بَلْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِكَلَامٍ آخَرَ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ ثَبَتَ تَفْسِيرُهُمَا بِأَقْوَالِ النَّبِيِّ وَأَفْعَالِهِ لَا بِبَيَانٍ مُتَّصِلٍ بِهِ فَالْمِثَالُ الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي وَعَلَى التَّفْسِيرِ الثَّانِي مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَالصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ عَلَى الْعَكْسِ مِنْ ذَلِكَ وَالْهَلُوعُ عَلَى التَّفْسِيرَيْنِ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ.
قَوْلُهُ (جَمْعٌ) أَيْ صِيغَةٌ، عَامٌّ أَيْ مَعْنًى، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُمَا؛ لِأَنَّ صِيغَةَ الْجَمْعِ قَدْ يُسْلَبُ عَنْهَا مَعْنَى الْعُمُومِ بِدُخُولِ اللَّازِمِ كَمَا فِي قَوْلِهِ لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَقَدْ يُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهِ الْوَاحِدُ مَجَازًا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ} [آل عمران: 42] قِيلَ الْمُرَادُ جِبْرِيلُ عليه السلام، وَيَصْلُحُ هَذَا الْمِثَالُ نَظِيرًا لِلْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ ظَاهِرٌ فِي سُجُودِ الْمَلَائِكَةِ وَبِقَوْلِهِ كُلُّهُمْ ازْدَادَ وُضُوحًا عَلَى الْأَوَّلِ فَصَارَ نَصًّا وَبِقَوْلِهِ أَجْمَعُونَ انْقَطَعَ الِاحْتِمَالُ بِالْكُلِّيَّةِ فَصَارَ مُفَسَّرًا، وَهُوَ إخْبَارٌ لَا يَقْبَلُ النَّسْخَ فَيَكُونُ مُحْكَمًا، وَحُكْمُهُ الْإِيجَابُ قَطْعًا، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
(قَوْلُهُ بِلَا احْتِمَالِ تَخْصِيصٍ وَلَا تَأْوِيلٍ) إشَارَةٌ إلَى رُجْحَانِهِ عَلَى النَّصِّ قَالَ الْمُصَنِّفُ: رحمه الله فِي شَرْحِ التَّقْوِيمِ وَحُكْمُهُ اعْتِقَادًا مَا فِي النَّصِّ وَأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ فَيَكُونُ أَوْلَى مِنْ النَّصِّ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ.
قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: رحمه الله مِثَالُهُ مَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا فِيمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً شَهْرًا يَكُونُ ذَلِكَ مُتْعَةً لَا نِكَاحًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَزَوَّجْت نَصٌّ لِلنِّكَاحِ وَلَكِنَّ احْتِمَالَ الْمُتْعَةِ فِيهِ قَائِمٌ.
وَقَوْلُهُ شَهْرًا مُفَسَّرٌ فِي الْمُتْعَةِ لَيْسَ فِيهِ احْتِمَالُ النِّكَاحِ، فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَحْتَمِلُ التَّوْقِيتَ بِحَالٍ فَإِذَا اجْتَمَعَا رَجَّحْنَا الْمُفَسَّرَ وَحَمَلْنَا النَّصَّ