المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌ الْعِلْمُ نَوْعَانِ:

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل عِلْمُ التَّوْحِيدِ وَالصِّفَاتِ]

- ‌النَّوْعُ الثَّانِي عِلْمُ الْفُرُوعِ وَهُوَ الْفِقْهُ

- ‌ أُصُولَ الشَّرْعِ ثَلَاثَةٌ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ

- ‌ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: فِي وُجُوهِ النَّظْمِ صِيغَةً وَلُغَةً

- ‌[مَا يَعْرِف بِهِ أَحْكَامُ الشَّرْعِ أَرْبَعَة أَقْسَام]

- ‌[تَعْرِيف الْخَاصُّ]

- ‌[تَعْرِيف الْعَامُّ]

- ‌[تَعْرِيف الْمُشْتَرَكُ]

- ‌[تَعْرِيف الْمُؤَوَّلُ]

- ‌[الفرق بَيْن التَّفْسِير وَالتَّأْوِيل]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي فِي وُجُوهِ بَيَانِ النَّظْم]

- ‌[تَعْرِيف الظَّاهِرَ وَالنَّصّ]

- ‌[تَعْرِيف الْمُفَسَّرُ]

- ‌[تَعْرِيف المحكم]

- ‌[تَعْرِيف الخفي]

- ‌[تَعْرِيف الْمُشْكِلُ]

- ‌[تَعْرِيف الْمُجْمَلُ]

- ‌[تَعْرِيف الْمُتَشَابِه]

- ‌[بَيَان الْحِكْمَة فِي إنْزَال الْآيَات الْمُتَشَابِهَات]

- ‌[الْقِسْمِ الثَّالِثِ وُجُوه اسْتِعْمَال النَّظْم]

- ‌[تَعْرِيف الْحَقِيقَةَ]

- ‌[أَقْسَام الْحَقِيقَة]

- ‌ تَعْرِيفِ الْمَجَازِ

- ‌[تَعْرِيف الصَّرِيحُ]

- ‌[تَعْرِيف الْكِنَايَةُ]

- ‌ الِاسْتِدْلَالَ بِعِبَارَةِ النَّصِّ

- ‌[الْقَسْم الرَّابِع وُجُوه وُقُوف السَّامِع عَلَى مُرَاد الْمُتَكَلِّم ومعانى الْكَلَام]

- ‌[الِاسْتِدْلَال بِإِشَارَةِ اللَّفْظِ]

- ‌ الثَّابِتُ بِدَلَالَةِ النَّصِّ

- ‌ الثَّابِتُ بِاقْتِضَاءِ النَّصِّ

- ‌بَابُ مَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الْخُصُوصِ:

- ‌(بَابُ الْأَمْرِ)

- ‌[تَعْرِيف الْأَمْر]

- ‌(بَابُ مُوجِبِ الْأَمْرِ)

- ‌[الْأَمْر إذَا أُرِيدَ بِهِ الْإِبَاحَةُ أَوْ النَّدْبُ]

- ‌ الْأَمْرَ بَعْدَ الْحَظْرِ

- ‌(بَابُ مُوجِبِ الْأَمْرِ) :فِي مَعْنَى الْعُمُومِ وَالتَّكْرَارِ

- ‌[بَابٌ بَيَانِ صِفَةِ حُكْمِ الْأَمْرِ]

- ‌[الْقَضَاءِ هَلْ يَجِبُ بِنَصٍّ مَقْصُودٍ أَمْ بِالسَّبَبِ الَّذِي يُوجِبُ الْأَدَاءَ]

- ‌[الْقَضَاءُ نَوْعَانِ إمَّا بِمِثْلٍ مَعْقُولٍ وَإِمَّا بِمِثْلٍ غَيْرِ مَعْقُولٍ]

- ‌ الْقَضَاءُ الَّذِي بِمَعْنَى الْأَدَاءِ

- ‌الْأَدَاءُ الَّذِي هُوَ فِي مَعْنَى الْقَضَاءِ

- ‌[الْقَضَاءُ بِمِثْلٍ مَعْقُولٍ نَوْعَانِ]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل كَامِلٌ]

- ‌[النَّوْع الثَّانِي قَاصِر]

- ‌ الْقَضَاءُ بِمِثْلٍ غَيْرِ مَعْقُولٍ

- ‌ الْقَضَاءُ الَّذِي فِي حُكْمِ الْأَدَاءِ

- ‌[حُكْمَ الْأَمْرِ يُوصَفُ بِالْحُسْنِ]

- ‌[بَابُ بَيَانِ صِفَةِ الْحُسْنِ لِلْمَأْمُورِ بِهِ وَهُوَ نَوْعَانِ]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل مَا حَسَن لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ]

- ‌الصَّلَاةِ حَسُنَتْ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهَا

- ‌[النَّوْع الثَّانِي مَا حَسُنَ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ]

- ‌[الْجِهَادُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ حَسَنَيْنِ لِمَعْنَى فِي غَيْرهمَا]

- ‌[الْقُدْرَةِ الَّتِي يَتَمَكَّنُ بِهَا الْعَبْدُ مِنْ أَدَاءِ مَا لَزِمَهُ شَرْطُ لِلْأَدَاءِ دُونَ الْوُجُوبِ]

- ‌[الْقُدْرَةُ الْمُيَسَّرَةُ وَالْمُمَكَّنَة]

- ‌(بَابٌ) تَقْسِيمُ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي حُكْمِ الْوَقْتِ

- ‌[الْعِبَادَاتُ نَوْعَانِ مُطْلَقَةٌ وَمُؤَقَّتَةٌ وَهِيَ أَنْوَاعٌ]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل جُعِلَ الْوَقْتُ ظَرْفًا لِلْمُؤَدَّى وَشَرْطًا لِلْأَدَاءِ وَسَبَبًا لِلْوُجُوبِ]

- ‌ النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ الْمُؤَقَّتَةِ فَمَا جُعِلَ الْوَقْتُ مِعْيَارًا لَهُ وَسَبَبًا لِوُجُوبِهِ

- ‌[النَّوْع الثَّالِث الْوَقْتُ الَّذِي جُعِلَ مِعْيَارًا لَا سَبَبًا]

- ‌ النَّوْعُ الرَّابِعُ مِنْ الْمُؤَقَّتَةِ فَهُوَ الْمُشْكِلُ

- ‌ الْأَمْرُ الْمُطْلَقُ عَنْ الْوَقْتِ فَعَلَى التَّرَاخِي

- ‌(بَابُ النَّهْيِ) :

- ‌[النَّهْيُ الْمُطْلَقُ نَوْعَانِ]

- ‌[النَّهْي عَنْ الْأَفْعَالِ الْحِسِّيَّةِ]

- ‌ النَّهْيُ الْمُطْلَقُ عَنْ التَّصَرُّفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ

- ‌[صَوْمُ يَوْمِ الْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ]

- ‌ الصَّلَاةُ وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَدُلُوكِهَا

- ‌[النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ]

- ‌ النِّكَاحُ بِغَيْرِ شُهُودٍ

- ‌ نِكَاحُ الْمَحَارِمِ

- ‌ اسْتِيلَاءُ أَهْلِ الْحَرْبِ

- ‌ الْمِلْكُ بِالْغَصْبِ

- ‌[الزِّنَا لَا يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ أَصْلًا بِنَفْسِهِ]

- ‌ سَفَرُ الْمَعْصِيَةِ فَغَيْرُ مَنْهِيٍّ لِمَعْنًى فِيهِ

- ‌(بَابُ مَعْرِفَةِ أَحْكَام الْعُمُومِ) :

- ‌ رَبِّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ

- ‌ الْعَامَّ الَّذِي لَمْ يَثْبُتْ خُصُوصُهُ لَا يَحْتَمِلُ الْخُصُوصَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسُ

- ‌[الْعَامُّ يُوجِبُ الْحُكْمَ لَا عَلَى الْيَقِينِ]

- ‌(بَابُ الْعَامِّ إذَا لَحِقَهُ الْخُصُوصُ)

- ‌ كَانَ دَلِيلُ الْخُصُوصِ مَجْهُولًا

الفصل: ‌ الملك بالغصب

وَأَمَّا‌

‌ الْمِلْكُ بِالْغَصْبِ

فَلَا يَثْبُتُ مَقْصُودًا بِهِ بَلْ شَرْطًا لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ وَهُوَ الضَّمَانُ لِأَنَّهُ شُرِعَ جَبْرًا وَلَا جَبْرَ مَعَ بَقَاءِ الْأَصْلِ عَلَى مِلْكِهِ إذْ الْجَبْرُ يَعْتَمِدُ الْفَوَاتَ

ــ

[كشف الأسرار]

دَارِ الْإِسْلَامِ حَيْثُمَا كَانَ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ.

وَحَقِيقَةُ الْخِلَافِ أَنَّ عِصْمَةَ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ يَثْبُتُ بِالْإِحْرَازِ بِالدَّارِ أَمْ بِمُجَرَّدِ الْإِسْلَامِ فَعِنْدَنَا تَثْبُتُ بِالْإِحْرَازِ وَعِنْدَهُ تَثْبُتُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ بِمَا يَخْلُفُهُ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَهُوَ عَقْدُ الذِّمَّةِ وَقَدْ عُرِفَ تَحْقِيقُهُ فِي مَوْضِعِهِ ثُمَّ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَمَّا زَالَ الْعَاصِمُ وَهُوَ الْإِحْرَازُ بِالدَّارِ بَطَلَتْ الْعِصْمَةُ فَيُمْلَكُ بِالِاسْتِيلَاءِ لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ عَلَى مَالِ غَيْرِ مَعْصُومٍ لَيْسَ بِمَحْظُورٍ فَيَصْلُحُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ وَعِنْدَهُ لَمَّا بَقِيَ الْعَاصِمُ وَهُوَ إسْلَامُ الْمَالِكِ لَمْ تَزُلْ الْعِصْمَةُ فَلَا يُمْلَكُ بِالِاسْتِيلَاءِ لِأَنَّهُ مَحْظُورٌ فَلَا يَصْلُحُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ الَّذِي هُوَ نِعْمَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْمِلْكُ بِالْغَصْبِ]

قَوْلُهُ (وَأَمَّا الْمِلْكُ بِالْغَصْبِ) إلَى آخِرِهِ جَوَابٌ عَنْ نَقْضٍ آخَرَ يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ الْأَصْلِ أَيْضًا وَوَجْهُ وُرُودِهِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الِاسْتِيلَاءِ وَاعْلَمْ أَنَّ بَعْضَ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا قَالُوا سَبَبُ الْمِلْكِ فِي الْمَغْصُوبِ لِلْغَاصِبِ تَقَرُّرُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ كَيْ لَا يَجْتَمِعَ الْبَدَلُ وَالْمُبْدَلُ فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَلَكِنَّ هَذَا غَلَطٌ لِأَنَّ الْمِلْكَ عِنْدَنَا يَثْبُتُ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ وَلِهَذَا نَفَذَ بَيْعُ الْغَاصِبِ وَسُلِّمَ الْكَسْبُ لَهُ وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْغَصْبُ هُوَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِلْمِلْكِ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ وَهَذَا أَيْضًا وَهْمٌ فَإِنَّ الْمِلْكَ لَا يَثْبُتُ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ لِلْغَاصِبِ حَقِيقَةً وَلِهَذَا لَا يُسَلَّمُ لَهُ الْوَلَدُ وَلَوْ كَانَ الْغَصْبُ هُوَ السَّبَبَ لِلْمِلْكِ لَكَانَ إذَا تَمَّ لَهُ الْمِلْكُ بِذَلِكَ السَّبَبِ يَمْلِكُ الزَّوَائِدَ الْمُتَّصِلَةَ وَالْمُنْفَصِلَةَ كَالْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ إذَا تَمَّ بِالْإِجَازَةِ يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِزَوَائِدِهِ الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ. وَمَعَ هَذَا فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ بَعْضُ الشُّنْعَةِ لِأَنَّ الْغَصْبَ عُدْوَانٌ مَحْضٌ فَلَا يَصْلُحُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فَالْأَسْلَمُ أَنْ يُقَالَ الْغَصْبُ يُوجِبُ رَدَّ الْعَيْنِ وَرَدَّ الْقِيمَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّ الْعَيْنِ بِطَرِيقِ الْجَبْرِ مَقْصُودًا بِهَذَا السَّبَبِ ثُمَّ يَثْبُتُ الْمِلْكُ بِهِ لِلْغَاصِبِ شَرْطًا لِلْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ لَا حُكْمًا ثَابِتًا بِالْغَصْبِ مَقْصُودًا وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الْوَلَدَ لِأَنَّ الْمِلْكَ كَانَ شَرْطًا لِلْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ وَالْوَلَدُ غَيْرُ مَضْمُونٍ بِالْقِيمَةِ وَهُوَ بَعْدَ الِانْفِصَالِ لَيْسَ بِتَبَعٍ فَلَا يَثْبُتُ هَذَا الْحُكْمُ فِيهِ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ فَإِنَّهَا تَبَعٌ مَحْضٌ وَالْكَسْبُ كَذَلِكَ بَدَلُ الْمَنْفَعَةِ فَيَكُونُ تَبَعًا مَحْضًا وَثُبُوتُهُ فِي الْبَيْعِ بِثُبُوتِهِ فِي الْأَصْلِ سَوَاءٌ ثَبَتَ فِي الْمَتْبُوعِ مَقْصُودًا بِسَبَبِهِ أَوْ شَرْطًا لِغَيْرِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَشْفِ سِرِّ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ يَجِبُ بِمُقَابَلَةِ الْيَدِ الْفَائِتَةِ أَمْ بِمُقَابَلَةِ الْعَيْنِ فَعِنْدَنَا يَجِبُ بِمُقَابَلَةِ الْعَيْنِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رحمه الله يَجِبُ بِمُقَابَلَةِ الْيَدِ قَالَ لِأَنَّ الْمَضْمُونَ بِالْغَصْبِ مَا فَاتَ بِالْغَصْبِ وَهُوَ الْيَدُ فَكَانَ شَرْعُ الضَّمَانِ لِجَبْرِ مَا ذَكَرْنَا مَا فَاتَ عَلَى الْمَالِكِ لِأَنَّهُ ضَمَانُ جَبْرٍ بِالِاتِّفَاقِ لَا بِإِزَاءِ مَا هُوَ قَائِمٌ لِيَفُوتَ وَإِذَا كَانَ الضَّمَانُ لِجَبْرِ مَا ذَكَرْنَا بَقِيَ الْمِلْكُ فِي الْمَغْصُوبِ كَمَا كَانَ.

وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ الْمِلْكُ فِي الضَّمَانِ لِلْمَالِكِ يَدًا لَا ذَاتًا عَلَى مِثَالِ الْمَضْمُونِ لَكِنَّ إثْبَاتَ يَدِ الْمِلْكِ بِدُونِ مِلْكِ الذَّاتِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَإِنَّ الْيَدَ كَانَتْ ثَابِتَةً عَلَى وَجْهٍ يَتَمَكَّنُ بِهَا مِنْ الِانْتِفَاعِ وَهَذَا بِدُونِ مِلْكِ الذَّاتِ لَا يُتَصَوَّرُ فَأَثْبَتْنَا الْمِلْكَ فِي الذَّاتِ ضَرُورَةَ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ بَيْنَ الْفَائِتِ وَالْجَابِرِ وَمَا ثَبَتَ ضَرُورَةً غَيْرُهُ كَانَ عَدَمًا فِي حَقِّ نَفْسِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَغْصُوبَ إذَا كَانَ مُدَبَّرًا وَتَعَذَّرَ رَدُّهُ وَجَبَ الضَّمَانُ مُقَابَلًا بِالْيَدِ بِالِاتِّفَاقِ وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ ضَرُورَةَ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ وَفَصْلُ الْمُدَبَّرِ يُوَضِّحُ أَنَّ الضَّمَانَ بِمُقَابَلَةِ الْيَدِ إذْ لَوْ كَانَ بَدَلًا عَنْ الْعَيْنِ وَكَانَ مِنْ شَرْطِ الْقَضَاءِ بِهِ زَوَالُ مِلْكِ الْمَالِكِ عَنْ الْعَيْنِ لَمَّا قَضَى الْقَاضِي بِهِ فِي مَحَلِّهِ لَا يَتَحَقَّقُ هَذَا

ص: 285

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[كشف الأسرار]

الشَّرْطُ وَإِنْ تَمَّ بِقَضَاءٍ بِالْقَاضِي يَنْبَغِي أَنْ يَزُولَ مِلْكُهُ عَنْ الْمُدَبَّرِ كَمَا لَوْ قَضَى بِجَوَازِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الضَّمَانَ بِمُقَابَلَةِ قَطْعِ الْيَدِ لَمْ تَقَعْ الْحَاجَةُ إلَى إزَالَةِ مِلْكِ الْعَيْنِ عَنْ الْمَالِكِ إلَى الْغَاصِبِ كَمَا فِي الْمُدَبَّرِ إذَا لَيْسَ فِيهِ اجْتِمَاعُ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ فِي مِلْكِ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ «قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الشَّاةِ الْمَغْصُوبَةِ الْمَصْلِيَّةِ أَطْعِمُوهَا الْأَسَارَى» فَقَدْ أَمَرَهُمْ بِالتَّصَدُّقِ بِهَا وَلَوْ لَمْ يَمْلِكُوهَا لَمَا أَمَرَهُمْ بِهِ لِأَنَّ التَّصَدُّقَ بِمِلْكِ الْغَيْرِ إذَا كَانَ مَالِكُهَا مَعْلُومًا لَا يَجُوزُ وَلَكِنْ يَحْفَظُ عَلَيْهِ عَيْنَ مِلْكِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ يُبَاعُ فَيُحْفَظُ عَلَيْهِ ثَمَنُهُ وَلِأَنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا يَجِبُ بِمُقَابَلَةِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَمَقْصُودُ صَاحِبِ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا عَيْنُ الدَّرَاهِمِ لَا امْتِلَاءُ كِيسِهِ وَيَدِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ تُقَوَّمُ الْعَيْنُ بِهِ وَيُسَمَّى الْوَاجِبُ قِيمَةَ الْعَيْنِ لَا قِيمَةَ الْيَدِ وَيَتَقَدَّرُ بِمَالِيَّةِ الْعَيْنِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ خَلَّفَ عَنْ الضَّمَانِ الْأَصْلِيِّ بِالْغَصْبِ، وَالْمَضْمُونُ الْأَصْلِيُّ هُوَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ بِعَيْنِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَعَلَيْهِ رَدُّهُ إلَى مَالِكِهِ لِيَخْرُجَ عَنْ الضَّمَانِ الْأَصْلِيِّ بِالْغَصْبِ فَكَذَا الْخُلْفُ يَكُونُ خُلْفًا عَنْ ذَلِكَ الْمَضْمُونِ وَهُوَ الْمَالُ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ إلَى مَا ذَكَرَهُ الْخَصْمُ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ هَذَا كَمَا لَا يُقْضَى بِالْقِيمَةِ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ يَمِينِ الْمَغْصُوبِ وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا قَالَهُ الْخَصْمُ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْمُتَقَوِّمَ بَدَلًا عَمَّا لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ مَعَ إمْكَانِ جَعْلِهِ بَدَلًا عَنْ الْمُتَقَوِّمِ وَلَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ فِي الشَّرْعِ وَنَحْنُ جَعَلْنَاهُ بَدَلًا عَمَّا هُوَ مُتَقَوِّمٌ عِنْدَ الْإِمْكَانِ وَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ الْوَاجِبَ بَدَلُ الْعَيْنِ وَإِنَّمَا يَجِبُ بِطَرِيقِ الْجَبْرِ بِالْإِنْفَاقِ، وَالْجَبْرُ يَسْتَدْعِي الْفَوَاتَ لَا مَحَالَةَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجْبُرُ الْفَائِتَ دُونَ الْقَائِمِ كَانَ مِنْ ضَرُورَةِ الْقَضَاءِ بِقِيمَةِ الْعَيْنِ انْعِدَامُ مِلْكِهِ فِي الْعَيْنِ لِيَكُونَ جَبْرًا لِمَا فَاتَ وَلِتَتَحَقَّقَ الْمُمَاثَلَةُ الَّتِي هِيَ شَرْطُ ضَمَانِ الْعُدْوَانِ وَمَا لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ إلَّا بِشَرْطٍ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِهِ يُقَدَّمُ شَرْطُهُ عَلَيْهِ لَا مَحَالَةَ كَمَا فِي قَوْلِهِ اعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَعْتَقَهُ يُقَدَّمُ التَّمْلِيكُ مِنْهُ عَلَى نُفُوذِ الْعِتْقِ عَنْهُ ضَرُورَةَ كَوْنِهِ شَرْطًا فِي الْمَحَلِّ لَا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ أَعْتِقْهُ عَنِّي سَبَبًا لِلتَّمْلِيكِ مَقْصُودًا وَتَبَيَّنَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّا نُثْبِتُ بِالْعُدْوَانِ الْمَحْضِ مَا هُوَ حَسَنٌ مَشْرُوعٌ بِهِ وَهُوَ الْقَضَاءُ بِالْقِيمَةِ جَبْرًا لِحَقِّهِ فِي الْفَائِتِ ثُمَّ انْعِدَامُ الْمِلْكِ فِي الْعَيْنِ لَمَّا كَانَ مِنْ شَرْطِ هَذَا الْمَشْرُوعِ يَثْبُتُ بِهِ فَيَكُونُ حَسَنًا بِحُسْنِهِ.

وَصَحَّ الْأَمْرُ بِإِيجَابِ الْبَدَلِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ شَرْطُهُ بَعْدُ وَهُوَ عَدَمُ مِلْكِ الْأَصْلِ إذَا كَانَ الشَّرْطُ مِمَّا يَثْبُتُ بِالِائْتِمَارِ بِهِ مُقْتَضًى كَالْأَمْرِ بِالْإِعْتَاقِ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ مِلْكُ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَثْبُتُ مُقْتَضَى الِائْتِمَارِ بِهِ فَإِذَا أَعْتَقَ يَثْبُتُ الْمِلْكُ بِالشِّرَاءِ أَوَّلًا ثُمَّ الْعِتْقُ كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِالشِّرَاءِ ثُمَّ أَمَرَ بِالْإِعْتَاقِ فَكَذَا هَهُنَا يَزُولُ مِلْكُ الْأَصْلِ أَوَّلًا مُقْتَضًى بِهِ ثُمَّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِلْكُ الْبَدَلِ كَمَا لَوْ أَتَى بِمَا يَنُصُّ عَلَى الْإِزَالَةِ مِنْ ضَمَانِ بَيْعٍ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْغَصْبَ مُوجِبٌ لِلْمِلْكِ فِي الْبَدَلَيْنِ كَالْبَيْعِ إلَّا أَنَّهُ أَوْجَبَ اقْتِضَاءً وَالشِّرَاءَ نَصًّا (فَإِنْ قِيلَ) قَدْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ بَدَلُ الْعَيْنِ إلَّا أَنَّهُ بَدَلُ خِلَافَةٍ لَا بَدَلُ مُقَابَلَةٍ لِأَنَّ فِي بَدَلِ الْمُقَابَلَةِ قِيَامَ الْمُبْدَلِ شَرْطٌ كَالثَّمَنِ مَعَ الْمُثْمَنِ لِيُقَابِلَ بِهِ الْبَدَلَ، وَفِي بَدَلِ الْخِلَافَةِ الشَّرْطُ عَدَمُ الْأَصْلِ لِيَقُومَ الْخَلَفُ مَقَامَهُ كَالتَّيَمُّمِ مَعَ الْوُضُوءِ وَالِاعْتِدَادِ بِالْأَشْهُرِ مَعَ الِاعْتِدَادِ بِالْأَقْرَاءِ ثُمَّ هَهُنَا عَدَمُ الْأَصْلِ شَرْطٌ فَعُلِمَ أَنَّهُ بَدَلُ خِلَافَةٍ وَفِي بَدَلِ الْخِلَافَةِ إذَا ثَبَتَ الْقُدْرَةُ عَلَى الْأَصْلِ سَقَطَ حُكْمُ الْخَلَفِ كَالْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ إذَا حَصَلَتْ أَسْقَطَتْ

ص: 286