الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَتَّصِلُ بِهَذَا الْأَصْلِ أَنَّ
الْأَمْرَ بَعْدَ الْحَظْرِ
لَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ لَا مَحَلَّةٌ بَلْ هُوَ لِلْإِيجَابِ عِنْدَنَا إلَّا بِدَلِيلٍ اسْتِدْلَالًا بِأَصْلِهِ وَصِيغَتِهِ
ــ
[كشف الأسرار]
قَوْلٌ شَاذٌّ خَارِجٌ عَنْ الْإِجْمَاعِ وَذَكَرَ أَبُو الْيُسْرِ وَصَاحِبُ الْمِيزَانِ أَنَّهُ إذَا أُرِيدَ بِهِ الْإِبَاحَةُ فَهُوَ مَجَازٌ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ طَلَبُ تَحْصِيلِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَلَيْسَ فِي الْإِبَاحَةِ طَلَبٌ بَلْ مَعْنَاهُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ إنْ شَاءَ فَعَلَ؛ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ فَلَمْ يَكُنْ أَمْرًا بَلْ كَانَ إرْشَادًا فَكَانَ مَجَازًا فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ بِخِلَافِ مَا إذَا أُرِيدَ بِهِ النَّدْبُ فَإِنَّ فِيهِ طَلَبَ تَحْصِيلِ الْمَنْدُوبِ إلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحُكْمَ بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْإِبَاحَةِ مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوُجُوبِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِأَنْ يُجْعَلَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالنَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ أَوْ بِالْمَعْنَوِيِّ، وَهُوَ أَنْ يُجْعَلَ مَوْضُوعًا لِلْإِذْنِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ بَعْضِ الشِّيعَةِ.
، وَكَذَا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي النَّدْبِ مَعَ كَوْنِهِ حَقِيقَةً فِي الْوُجُوبِ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِأَنْ يُجْعَلَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ أَوْ الْمَعْنَوِيِّ بِأَنْ يُجْعَلَ مَوْضُوعًا لِمُطْلَقِ الطَّلَبِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ بَعْضِ أَصْحَابِنَا مِنْ مَشَايِخِ سَمَرْقَنْدَ وَمَذْهَبُ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فَأَمَّا مَنْ جَعَلَهُ خَاصًّا فِي الْوُجُوبِ عَيْنًا فَلَا يُمْكِنُهُ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي غَيْرِهِ إلَيْهِ أُشِيرَ فِي الْمِيزَانِ، وَإِذَا حَقَّقْت مَا ذَكَرْنَا عَرَفْت أَنَّ الْخِلَافَ فِيهِمَا لَيْسَ عَلَى نَمَطٍ وَاحِدٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ فِي قَوْلِهِ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ، وَعَرَفْت أَيْضًا أَنَّ قَوْلَهُ وَهَذَا أَصَحُّ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْعَامَّةِ بَلْ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْيُسْرِ وَوَجْهُهُ مَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّ النَّدْبَ وَالْإِبَاحَةَ لَيْسَا بِمُغَايِرَيْنِ لِلْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ الْغِيَرَيْنِ مَوْجُودَانِ جَازَ وُجُودُ أَحَدِهِمَا بِدُونِ الْآخَرِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَسْأَلَةِ الصِّفَاتِ وَالْوُجُوبُ لَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِ الْإِبَاحَةِ وَالنَّدْبِ فَلَمْ يَكُونَا مُغَايِرَيْنِ لِلْوُجُوبِ؛ فَلِهَذَا كَانَ الْأَمْرُ حَقِيقَةً فِيهِمَا وَظَهَرَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَمْ يَتَجَاوَزْ عَنْ مَوْضُوعِهِ فَكَيْفَ يُسَمَّى مَجَازًا، وَلَكِنْ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مَعْنَى النَّدْبِ الثَّوَابُ عَلَى الْفِعْلِ وَعَدَمُ الْعِقَابِ عَلَى التَّرْكِ وَمَعْنَى الْإِبَاحَةِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ وَالْوُجُوبُ يُتَصَوَّرُ بِدُونِ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ بَلْ لَا يَثْبُتُ مَعَهُمَا كَمَا يُتَصَوَّرُ النَّدْبُ وَالْإِبَاحَةُ بِدُونِ الْوُجُوبِ فَكَانَ مُغَايِرًا لَهُمَا أَلْبَتَّةَ فَيَكُونُ مَجَازًا فِيهِمَا، وَقَوْلُهُ زَعَمَ مَعْنَاهُ قَالَ لَكِنْ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ أَنَّ مَنْ قَالَ كَلَامًا، وَكَانَ عِنْدَهُمْ كَاذِبًا فِيهِ قَالُوا زَعَمَ فُلَانٌ وَإِذَا كَانَ صَادِقًا عِنْدَهُمْ قَالُوا قَالَ فُلَانٌ وَمِنْهُ قِيلَ زَعَمَ كُنْيَةُ الْكَذِبِ، وَفِي التَّحْقِيقِ الزَّعْمُ ادِّعَاءُ الْعِلْمِ بِالشَّيْءِ وَلَا عِلْمَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} [التغابن: 7] وَقَوْلُهُ عليه السلام «، بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا»
[الْأَمْرَ بَعْدَ الْحَظْرِ]
قَوْلُهُ (وَيَتَّصِلُ بِهَذَا الْأَصْلِ) أَيْ بِالْأَمْرِ إذْ هُوَ أَصْلٌ عَظِيمٌ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ جُمْهُورَ الْأُصُولِيِّينَ عَلَى أَنَّ مُوجِبَ الْأَمْرِ الْمُطْلَقِ قَبْلَ الْحَظْرِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ فَمَنْ قَالَ بِأَنَّ مُوجِبَهُ التَّوَقُّفُ أَوْ النَّدْبُ أَوْ الْإِبَاحَةُ قَبْلَ الْحَظْرِ فَكَذَلِكَ يَقُولُ بَعْدَهُ، وَمَنْ قَالَ بِأَنَّ مُوجِبَهُ الْوُجُوبُ قَبْلَ الْحَظْرِ فَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّ مُوجِبَهُ الْوُجُوبُ بَعْدَ الْحَظْرِ أَيْضًا، وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إلَى أَنَّ مُوجِبَهُ قَبْلَ الْحَظْرِ الْوُجُوبُ وَبَعْدَهُ الْإِبَاحَةُ وَعَلَيْهِ دَلَّ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ كَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْقَوَاطِعِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَذْكُورُ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ، وَرَأَيْت فِي نُسْخَةٍ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ الْفِعْلَ إنْ كَانَ مُبَاحًا فِي أَصْلِهِ ثُمَّ وَرَدَ حَظْرٌ مُعَلَّقٌ بِغَايَةٍ أَوْ بِشَرْطٍ أَوْ لِعِلَّةٍ عَرَضَتْ فَالْأَمْرُ الْوَارِدُ بَعْدَ زَوَالِ مَا عَلَّقَ الْحَظْرَ بِهِ يُفِيدُ الْإِبَاحَةَ عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] ؛ لِأَنَّ الصَّيْدَ كَانَ حَلَالًا عَلَى
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالنَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] لَكِنْ ذَلِكَ عِنْدَنَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} [المائدة: 4] ارْتَدَّهَا لَا بِصِيغَتِهِ
ــ
[كشف الأسرار]
الْإِطْلَاقِ ثُمَّ حَرُمَ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ فَكَانَ قَوْله تَعَالَى {فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] إعْلَامًا بِأَنَّ سَبَبَ التَّحْرِيمِ قَدْ ارْتَفَعَ وَعَادَ الْأَمْرُ إلَى أَصْلِهِ؛ وَإِنْ كَانَ الْحَظْرُ وَارِدًا ابْتِدَاءً غَيْرَ مُعَلَّلٍ بِعِلَّةٍ عَارِضَةٍ وَلَا مُعَلَّقٍ بِشَرْطٍ وَلَا غَايَةٍ فَالْأَمْرُ الْوَارِدُ بَعْدَهُ هُوَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ.
، وَذَكَرَ فِي الْمُعْتَمَدِ الْأَمْرُ إذَا وَرَدَ بَعْدَ حَظْرٍ عَقْلِيٍّ أَوْ شَرْعِيٍّ أَفَادَ مَا يُفِيدُ لَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ حَظْرٌ مِنْ وُجُوبٍ أَوْ نَدْبٍ وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إنَّهُ يُفِيدُ بَعْدَ الْحَظْرِ الشَّرْعِيِّ الْإِبَاحَةَ وَهَذَا الْكَلَامُ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْحَظْرِ الْعَقْلِيِّ أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلْإِبَاحَةِ مِثْلُ الْأَمْرِ بِالْقَتْلِ وَالذَّبْحِ، احْتَجَّ مَنْ قَالَ بِأَنَّهُ يُفِيدُ الْإِبَاحَةَ بِأَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنْ الْأَمْرِ لِلْإِبَاحَةِ فِي أَغْلِبْ الِاسْتِعْمَالِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2]{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا} [الجمعة: 10]{فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} [البقرة: 222] وَقَوْلُهُ عليه السلام: «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ أَلَا فَانْتَبِذُوا» وَكَقَوْلِ الرَّجُلِ لِعَبْدِهِ اُدْخُلْ الدَّارَ بَعْدَمَا قَالَ لَهُ لَا تَدْخُلْ الدَّارَ، فَإِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ الْإِبَاحَةُ دُونَ الْوُجُوبِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْحَظْرَ الْمُتَقَدِّمَ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ رَفْعُ الْحَظْرِ لَا الْإِيجَابُ كَمَا أَنَّ عَجْزَ الْمَأْمُورِ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ ظُهُورُ عَجْزِهِ لَا وُجُودُ الْفِعْلِ فَصَارَ كَأَنَّ الْآمِرَ قَالَ قَدْ كُنْت مَنَعْتُك عَنْ كَذَا فَرَفَعْت ذَلِكَ الْمَنْعَ وَأَذِنْت لَك فِيهِ، وَاحْتَجَّ الْعَامَّةُ بِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلْوُجُوبِ قَائِمٌ، وَهُوَ الصِّيغَةُ الدَّالَّةُ عَلَى الْوُجُوبِ إذْ الْوُجُوبُ هُوَ الْأَصْلُ فِيهَا وَالْعَارِضُ الْمَوْجُودُ لَا يَصْلُحُ مُعَارِضًا لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَمَا جَازَ الِانْتِقَالُ مِنْ الْمَنْعِ إلَى الْإِذْنِ جَازَ الِانْتِقَالُ مِنْهُ إلَى الْإِيجَابِ وَالْعِلْمُ بِهِ ضَرُورِيٌّ، كَيْفَ وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بَعْدَ الْحَظْرِ لِلْوُجُوبِ أَيْضًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] وَقَوْلُهُ عَزَّ اسْمُهُ {وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا} [الأحزاب: 53] وَكَالْأَمْرِ لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ بَعْدَ زَوَالِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ.
وَكَالْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ بَعْدَ زَوَالِ السُّكْرِ، وَكَالْأَمْرِ بِالْقَتْلِ فِي شَخْصٍ حَرَامِ الْقَتْلِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ الذِّمَّةِ بِارْتِكَابِ أَسْبَابٍ مُوجِبَةٍ لِلْقَتْلِ مِنْ الْحِرَابِ وَالرِّدَّةِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ، وَكَالْأَمْرِ بِالْحُدُودِ بِسَبَبِ الْجِنَايَاتِ بَعْدَمَا كَانَ ذَلِكَ مَحْظُورًا، وَكَقَوْلِ الرَّجُلِ لِعَبْدِهِ اسْقِنِي بَعْدَمَا قَالَ لَهُ لَا تَسْقِنِي فَهَذَا كُلُّهُ يُفِيدُ الْوُجُوبَ؛ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحَظْرِ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْحَظْرَ الْمُتَقَدِّمَ لَا يَصْلُحُ قَرِينَةً لِصَرْفِ الصِّيغَةِ عَنْ الْوُجُوبِ إلَى الْإِبَاحَةِ كَمَا أَنَّ الْإِيجَابَ الْمُتَقَدِّمَ لَا يَصْلُحُ قَرِينَةً لِصَرْفِ النَّهْيِ الْوَارِدِ بَعْدَهُ عَنْ التَّحْرِيمِ إلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ التَّنْزِيهِ بِالِاتِّفَاقِ؛ وَإِنَّمَا فُهِمَ الْإِبَاحَةُ فِيمَا ذَكَرُوا مِنْ النَّظَائِرِ بِقَرَائِنَ غَيْرِ الْحَظْرِ الْمُتَقَدِّمِ، فَإِنَّهُ لَوْلَا الْحَظْرُ الْمُتَقَدِّمُ لَفُهِمَ مِنْهَا الْإِبَاحَةُ أَيْضًا، وَهِيَ أَنَّ الِاصْطِيَادَ وَأَخَوَاتِهَا شُرِعَتْ حَقًّا لِلْعَبْدِ، فَلَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَصَارَتْ حَقًّا عَلَيْهِ فَيَعُودُ الْأَمْرُ عَلَى مَوْضُوعِهِ بِالنَّقْضِ؛ وَلِهَذَا لَمْ يُحْمَلْ الْأَمْرُ بِالْكِتَابَةِ عِنْدَ الْمُدَايَنَةِ وَلَا الْأَمْرُ بِالْإِشْهَادِ عِنْدَ الْمُبَايَعَةِ عَلَى الْإِيجَابِ؛ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ حَظْرٌ لِئَلَّا يَصِيرَ حَقًّا عَلَيْنَا بَعْدَمَا شُرِعَ حَقًّا لَنَا.
قَوْلُهُ (وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالنَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ) إنَّمَا جَمَعَ الشَّيْخُ بَيْنَ النَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ؛ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْقَوْلُ بِالنَّدْبِ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ؛ وَإِنَّمَا الْمَذْكُورُ فِيهَا الْإِبَاحَةُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10] إنَّهُ