الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَمَّا
الثَّابِتُ بِاقْتِضَاءِ النَّصِّ
فَمَا لَمْ يَعْمَلْ إلَّا بِشَرْطٍ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ اقْتَضَاهُ النَّصُّ لِصِحَّةِ مَا تَنَاوَلَهُ، فَصَارَ هَذَا مُضَافًا إلَى النَّصِّ بِوَاسِطَةِ الْمُقْتَضَى، وَكَانَ كَالثَّابِتِ بِالنَّصِّ
ــ
[كشف الأسرار]
عِبَارَةً عَنْ نَوْعٍ مِنْ الْإِلْحَاقِ يَشْمَلُ هَذِهِ الصُّورَةَ وَلَا مُشَاحَّةَ فِي عِبَارَةِ
[الثَّابِتُ بِاقْتِضَاءِ النَّصِّ]
قَوْلُهُ (وَأَمَّا الثَّابِتُ بِاقْتِضَاءِ النَّصِّ إلَى آخِرِهِ) الِاقْتِضَاءُ الطَّلَبُ وَمِنْهُ اقْتَضَى الدَّيْنَ وَتَقَاضَاهُ أَيْ طَلَبَهُ، قِيلَ فِي تَفْسِيرِ الْمُقْتَضَى هُوَ مَا أُضْمِرَ فِي الْكَلَامِ ضَرُورَةَ صِدْقِ الْمُتَكَلِّمِ وَنَحْوَهُ، وَقِيلَ هُوَ الَّذِي لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ وَلَا يَكُونُ مَنْطُوقًا لَكِنْ يَكُونُ مِنْ ضَرُورَةِ اللَّفْظِ، وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ: هُوَ زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ لَمْ يَتَحَقَّقْ مَعْنَى النَّصِّ بِدُونِهَا فَاقْتَضَاهَا النَّصُّ لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَاهُ وَلَا يَلْغُو، وَهَذِهِ الْعِبَارَاتُ تُؤَدِّي مَعْنًى وَاحِدًا وَلَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ قَيْدٍ فِي التَّعْرِيفِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ جَعَلَ الْمَحْذُوفَ قِسْمًا آخَرَ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ هُوَ مَا ثَبَتَ زِيَادَةً عَلَى النَّصِّ لِتَصْحِيحِهِ شَرْعًا، وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّرْعَ مَتَى دَلَّ عَلَى زِيَادَةِ شَيْءٍ فِي الْكَلَامِ لِصِيَانَتِهِ عَنْ اللَّغْوِ وَنَحْوِهِ فَالْحَامِلُ عَلَى الزِّيَادَةِ، وَهُوَ صِيَانَةُ الْكَلَامِ هُوَ الْمُقْتَضِي وَالْمَزِيدُ هُوَ الْمُقْتَضَى وَدَلَالَةُ الشَّرْعِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالزِّيَادَةِ هُوَ الِاقْتِضَاءُ كَذَا ذَكَرَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ، وَقِيلَ الْكَلَامُ الَّذِي لَا يَصِحُّ شَرْعًا إلَّا بِالزِّيَادَةِ هُوَ الْمُقْتَضِي وَطَلَبُهُ الزِّيَادَةَ هُوَ الِاقْتِضَاءُ وَالْمَزِيدُ هُوَ الْمُقْتَضَى وَمَا ثَبَتَ بِهِ هُوَ حُكْمُ الْمُقْتَضَى. وَمِثَالُهُ الْمَشْهُورُ قَوْلُك لِغَيْرِك اعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ فَنَفْسُ هَذَا الْكَلَامِ هُوَ الْمُقْتَضَى لِعَدَمِ صِحَّتِهِ فِي نَفْسِهِ شَرْعًا وَطَلَبُهُ مَا يَصِحُّ بِهِ اقْتِضَاءٌ وَمَا زِيدَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْبَيْعُ مُقْتَضًى وَمَا ثَبَتَ بِالْبَيْعِ، وَهُوَ الْمِلْكُ حُكْمُ الْمُقْتَضَى وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِذَا عَرَفْت هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ لَفْظَةِ الثَّابِتِ إنْ كَانَ الْمُقْتَضِي؛ لِأَنَّهُ هُوَ الثَّابِتُ بِاقْتِضَاءِ النَّصِّ فَمَعْنَى قَوْلِهِ وَأَمَّا الثَّابِتُ بِاقْتِضَاءِ النَّصِّ وَأَمَّا الْمُقْتَضَى، وَالضَّمِيرُ الْمُسْتَكِنُ فِي لَمْ يَعْمَلْ وَالْبَارِزُ فِي عَلَيْهِ رَاجِعَانِ إلَى النَّصِّ، وَيُقْرَأُ بِشَرْطِ تَقَدُّمٍ عَلَى الْإِضَافَةِ وَيَكُونُ التَّنْوِينُ فِي تَقَدُّمٍ عِوَضًا عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَهُوَ الضَّمِيرُ الْعَائِدُ إلَى مَا أَيْ بِشَرْطِ تَقَدُّمِهِ كَمَا يَقْتَضِيه هَذَا الْمَقَامُ، وَكَذَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا بَعْدُ، وَذَلِكَ وَهَذَا إشَارَتَانِ إلَى الثَّابِتِ، وَالْمُقْتَضَى بِالْفَتْحِ فِي قَوْلِهِ بِوَاسِطَةِ الْمُقْتَضَى بِمَعْنَى الِاقْتِضَاءِ؛ لِأَنَّ زِنَةَ الْمَفْعُولِ مِنْ أَوْزَانِ الْمَصَادِرِ فِي الْمُنْشَعِبَاتِ، وَاللَّامُ فِيهِ بَدَلُ الْإِضَافَةِ، وَالْفَاءُ فِي فَإِنَّ " إشَارَةٌ " إلَى تَعْلِيلِ تَسْمِيَتِهِ بِهَذَا الِاسْمِ أَوْ إلَى تَعْلِيلِ اشْتِرَاطِ تَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ.
وَهِيَ فِي فَصَارَ لِبَيَانِ كَوْنِهِ نَتِيجَةً لِلْجُمْلَةِ الْأُولَى، وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ وَأَمَّا الْمُقْتَضَى فَالشَّيْءُ الَّذِي لَمْ يَعْمَلْ النَّصَّ أَيْ لَمْ يُفِدْ شَيْئًا وَلَمْ يُوجِبْ حُكْمًا إلَّا بِشَرْطِ تَقَدُّمِ ذَلِكَ الشَّيْءِ عَلَى النَّصِّ؛ وَإِنَّمَا سُمِّيَ هَذَا الشَّيْءُ بِالْمُقْتَضَى؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ اقْتَضَاهُ النَّصِّ؛ وَإِنَّمَا شُرِطَ تَقَدُّمُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرُ اقْتِضَاءِ النَّصِّ لِصِحَّةِ مَا تَنَاوَلَ النَّصُّ إيَّاهُ فَتَكُونُ صِحَّةُ النَّصِّ مُتَوَقِّفَةً عَلَيْهِ تَوَقُّفَ الْمَشْرُوطِ عَلَى الشَّرْطِ فَيُقَدَّمُ لَا مَحَالَةَ وَلَمَّا اقْتَضَى النَّصُّ ذَلِكَ الشَّيْءَ لِصِحَّتِهِ صَارَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مُضَافًا إلَى النَّصِّ بِوَاسِطَةِ اقْتِضَاءِ النَّصِّ إيَّاهُ، وَيُؤَكِّدُ هَذَا الْوَجْهَ مَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ رحمه الله الْمُقْتَضَى عِبَارَةٌ عَنْ زِيَادَةٍ عَلَى الْمَنْصُوصِ بِشَرْطِ تَقْدِيمِهِ لِيَصِيرَ الْمَنْظُومُ مُفِيدًا أَوْ مُوجِبًا لِلْحُكْمِ وَبِدُونِهِ لَا يُمْكِنُ إعْمَالُ الْمَنْظُومِ، وَرَأَيْت فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ وَأَمَّا الثَّابِتُ بِطَلَبِ النَّصِّ لِنَفْسِهِ فَشَيْءٌ لَمْ يَعْمَلْ النَّصُّ بِدُونِ تَقَدُّمِهِ
وَعَلَامَتُهُ أَنْ يَصِحَّ بِهِ الْمَذْكُورُ، وَلَا يُلْغَى عِنْدَ ظُهُورِهِ وَيَصْلُحُ لِمَا أُرِيدَ بِهِ فَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] فَإِنَّ الْأَهْلَ غَيْرُ مُقْتَضًى لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ لَمْ يَتَحَقَّقْ فِي الْقَرْيَةِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ بَلْ هَذَا
ــ
[كشف الأسرار]
عَلَى النَّصِّ فَإِنَّ النَّصَّ اقْتَضَاهُ لِيَكُونَ مُتَنَاوَلُهُ صَحِيحًا فَصَارَ مُتَنَاوَلُ النَّصِّ مُضَافًا إلَى النَّصِّ لَكِنْ بِوَاسِطَةِ الْمُقْتَضَى إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُقْتَضَى لَمَا صَحَّ مَا تَنَاوَلَهُ النَّصُّ، وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ لَا يَكُونُ مُضَافًا إلَى النَّصِّ كَقَوْلِهِ عليه السلام، «شِرَاءُ الْقَرِيبِ إعْتَاقٌ» ، أَضَافَ الْإِعْتَاقَ إلَى الشِّرَاءِ بِوَاسِطَةِ مُقْتَضَاهُ، وَهُوَ الْمِلْكُ هُوَ الَّذِي يُوجِبُ الْعِتْقَ فِي الْقَرِيبِ لَا الشِّرَاءُ وَلَوْلَا الْمُقْتَضَى لَمَا صَحَّ إضَافَةُ الْإِعْتَاقِ إلَى الشِّرَاءِ فَجَعَلَ هَذَا الشَّارِحُ اسْمَ الْإِشَارَةِ رَاجِعًا إلَى مَا فِي مُتَنَاوَلِهِ وَهَذَا وَجْهٌ حَسَنٌ أَيْضًا؛ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ الثَّابِتِ حُكْمُ الْمُقْتَضَى كَمَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الثَّابِتِ الْحُكْمُ فِيمَا تَقَدَّمَ فَالِاقْتِضَاءُ بِمَعْنَى الْمُقْتَضَى وَيُقْرَأُ بِشَرْطٍ بِالتَّنْوِينِ وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهُ صِفَةٌ لَهُ.
وَذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى الشَّرْطِ وَهَذَا إلَى الثَّابِتِ، وَالْمُقْتَضَى بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ، وَالْفَاءُ فِي فَإِنَّ لِلْإِشَارَةِ إلَى تَعْلِيلِ التَّقَدُّمِ لَا غَيْرُ، وَهِيَ فِي فَصَارَ لِلْإِشَارَةِ إلَى كَوْنِ إضَافَةِ الْحُكْمِ نَتِيجَةً لِلِاقْتِضَاءِ، وَتَقْدِيرُهُ وَأَمَّا الْحُكْمُ الثَّابِتُ بِمُقْتَضَى النَّصِّ فَمَا لَمْ يَعْمَلْ النَّصُّ فِي إثْبَاتِهِ أَيْ لَمْ يُوجِبْهُ إلَّا بِشَرْطِ تَقَدُّمٍ عَلَى النَّصِّ؛ وَإِنَّمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ الشَّرْطُ؛ لِأَنَّهُ أَمْرُ اقْتِضَاءِ النَّصِّ لِصِحَّةِ مُتَنَاوَلِهِ وَلَمَّا كَانَ مُثْبِتُ ذَلِكَ الْحُكْمِ مُضَافًا إلَى النَّصِّ؛ لِأَنَّ النَّصَّ اقْتَضَاهُ صَارَ الْحُكْمُ مُضَافًا إلَى النَّصِّ أَيْضًا بِوَاسِطَتِهِ فَلَا يَكُونُ ثَابِتًا بِالرَّأْيِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ فَكَانَ كَالثَّابِتِ بِالنَّصِّ أَيْ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالْمُقْتَضِي أَوْ الْمُقْتَضَى عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ كَالثَّابِتِ بِالنَّصِّ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فَعَرَفْنَا أَنَّ الثَّابِتَ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ بِمَنْزِلَةِ الثَّابِتِ بِدَلَالَةِ النَّصِّ لَا بِمَنْزِلَةِ الثَّابِتِ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْوَجْهَ مَا قَالَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْيُسْرِ رحمه الله وَأَمَّا الْحُكْمُ الثَّابِتُ بِمُقْتَضَى النَّصِّ فَمَا ثَبَتَ بِشَيْءٍ زَائِدٍ عَلَى النَّصِّ اقْتَضَاهُ النَّصُّ فَيَكُونُ الْحُكْمُ ثَابِتًا بِالنَّصِّ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَضَى ثَابِتٌ بِالنَّصِّ وَالْحُكْمُ ثَبَتَ بِالْمُقْتَضَى فَيَكُونُ الْمُقْتَضَى مَعَ حُكْمِهِ ثَابِتَيْنِ بِالنَّصِّ.
قَوْلُهُ (وَعَلَامَتُهُ إلَى آخِرِهِ) اعْلَمْ أَنَّ عَامَّةَ الْأُصُولِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَجَمِيعَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَجَمِيعَ الْمُعْتَزِلَةِ جَعَلُوا مَا يُضْمَرُ فِي الْكَلَامِ لِتَصْحِيحِهِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ، مَا أُضْمِرَ ضَرُورَةَ صِدْقِ الْمُتَكَلِّمِ كَقَوْلِهِ عليه السلام، «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ» الْحَدِيثَ، وَمَا أُضْمِرَ لِصِحَّتِهِ عَقْلًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى إخْبَارًا، {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] ، وَمَا أُضْمِرَ لِصِحَّتِهِ شَرْعًا كَقَوْلِ الرَّجُلِ اعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ وَسَمَّوْا الْكُلَّ مُقْتَضًى؛ وَلِهَذَا قَالُوا فِي تَحْدِيدِهِ هُوَ جَعْلُ غَيْرِ الْمَنْطُوقِ مَنْطُوقًا لِتَصْحِيحِ الْمَنْطُوقِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْقَاضِي الْإِمَامِ أَبِي زَيْدٍ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ الْعُمُومِ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَبَعْضُهُمْ إلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ جَوَازِهِ فِي جَمِيعِهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْقَاضِي الْإِمَامِ.
وَخَالَفَهُمْ الْمُصَنِّفُ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَصَدْرُ الْإِسْلَامِ وَصَاحِبُ الْمِيزَانِ فِي ذَلِكَ فَأَطْلَقُوا اسْمَ الْمُقْتَضَى عَلَى مَا أُضْمِرَ لِصِحَّةِ الْكَلَامِ شَرْعًا فَقَطْ وَجَعَلُوا مَا وَرَاءَهُ قِسْمًا وَاحِدًا وَسَمَّوْهُ مَحْذُوفًا أَوْ مُضْمَرًا وَقَالُوا: بِجَوَازِ الْعُمُومِ فِي الْمَحْذُوفِ دُونَ الْمُقْتَضَى إلَّا أَبَا الْيُسْرِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِعُمُومِ الْمَحْذُوفِ أَيْضًا؛ وَإِنْ سَلَّمَ أَنَّهُ غَيْرُ الْمُقْتَضَى وَسَيَأْتِيك الْكَلَامُ فِيهِ مَشْرُوحًا إنْ شَاءَ اللَّهُ عز وجل، فَلَمَّا كَانَ كَذَلِكَ أَرَادَ الشَّيْخُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْمُقْتَضَى وَالْمَحْذُوفِ بِبَيَانِ الْعَلَامَةِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[كشف الأسرار]
فَقَالَ وَعَلَامَتُهُ أَيْ عَلَامَةُ الْمُقْتَضَى أَنْ يَصِحَّ بِهِ أَيْ بِالْمُقْتَضَى الْمَذْكُورِ أَيْ يَصِيرَ مُفِيدًا لِمَعْنَاهُ، وَمُوجِبًا لِمَا تَنَاوَلَهُ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَا يُلْغَى عِنْدَ ظُهُورِهِ أَيْ لَا يَتَغَيَّرُ ظَاهِرُ الْكَلَامِ عَنْ حَالِهِ وَإِعْرَابُهُ عِنْدَ التَّصْرِيحِ بِهِ كَذَا قِيلَ بَلْ يَبْقَى كَمَا كَانَ قَبْلَهُ، وَيَصْلُحَ بِنَصْبِ الْحَاءِ أَيْ الْمَذْكُورُ لَمَّا أُرِيدَ بِهِ مِنْ الْمَعْنَى أَيْ لَا يَتَغَيَّرُ مَعْنَاهُ أَيْضًا، وَبِمَجْمُوعِ مَا ذُكِرَ يَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَحْذُوفِ؛ لِأَنَّ بِالْمَحْذُوفِ؛ وَإِنْ كَانَ يَصِحُّ الْمَذْكُورُ إلَّا أَنَّهُ رُبَّمَا يَتَغَيَّرُ بِهِ ظَاهِرُ الْكَلَامِ عَنْ حَالِهِ وَإِعْرَابُهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] وَرُبَّمَا لَمْ يَتَغَيَّرْ وَلَكِنَّهُ لَا يَبْقَى صَالِحًا لِمَا أُرِيدَ بِهِ لِتَغَيُّرِ مَعْنَاهُ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَأَخْبَرَ الْمَوْلَى فَقَالَ طَلِّقْهَا لَا يُثْبِتُ الْإِجَازَةَ اقْتِضَاءً؛ وَإِنْ كَانَ يَصِحُّ الْمَذْكُورُ بِهِ وَلَا يَتَغَيَّرُ ظَاهِرُهُ عَنْ حَالِهِ لَكِنَّهُ لَا يَبْقَى صَالِحًا لِمَا أُرِيدَ بِهِ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ حَالِ الْعَبْدِ، وَهُوَ تَمَرُّدُهُ عَلَى مَوْلَاهُ بِهَذَا التَّزَوُّجِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَرَضَ الْمَوْلَى رَدُّ الْعَقْدِ وَالْمُتَارَكَةُ، فَإِنَّهُ يُسَمَّى طَلَاقًا لَا إبْقَاءُ النِّكَاحِ وَأَنَّهُ فِي وِلَايَتِهِ فَيَصِحُّ الْأَمْرُ فَلَوْ ثَبَتَتْ الْإِجَازَةُ اقْتِضَاءً لَمْ يَبْقَ قَوْلُهُ طَلِّقْهَا صَالِحًا لِمَا أُرِيدَ بِهِ.
وَهُوَ إيجَابُ الْمُتَارَكَةِ بَلْ يَصِيرُ أَمْرًا لِلْعَبْدِ بِالطَّلَاقِ وَلَيْسَ فِي وِلَايَتِهِ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ الْأَمْرُ، بِخِلَافِ مَا إذَا زَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ فَقَالَ: طَلِّقْهَا حَيْثُ يَثْبُتُ الْإِجَازَةُ اقْتِضَاءً؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى الْكَلَامُ صَالِحًا لِمَا أُرِيدَ بِهِ كَمَا كَانَ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ التَّطْلِيقَ بَعْدَ الْإِجَازَةِ كَمَا كَانَ يَمْلِكُهُ قَبْلَهَا فَيَمْلِكُ الْأَمْرَ بِهِ أَيْضًا؛ وَإِنْ قُرِئَ وَلَا يَصْلُحُ بِالرَّفْعِ وَيُجْعَلُ الضَّمِيرُ عَائِدًا إلَى الْمُقْتَضَى مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ انْتِشَارُ الضَّمِيرِ فَمَعْنَاهُ وَيَصْلُحُ الْمُقْتَضَى لِمَا أُرِيدَ بِهِ مِنْ تَصْحِيحِ الْكَلَامِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُمْكِنَ إثْبَاتُهُ تَبَعًا لِلْمُقْتَضَى، قَالَ أَبُو الْيُسْرِ: رحمه الله الشَّيْءُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ إذَا كَانَ تَابِعًا لِلْمُصَرِّحِ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَضَى يَصِيرَ تَابِعًا لِلْمُصَرِّحِ فِي الثُّبُوتِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ تَابِعًا فِي الْجُمْلَةِ حَتَّى يَصْلُحَ أَنْ يَصِيرَ تَابِعًا لَهُ فِي الثُّبُوتِ أَوْ يَكُونَ مِثْلَهُ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَسْتَتْبِعُ مِثْلَهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَصْلًا لَهُ أَلْبَتَّةَ؛ وَلِهَذَا قُلْنَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَدُك طَالِقٌ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَقْتَضِي ذِكْرُ الْيَدِ ذِكْرَ النَّفْسِ؛ وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ لَا يَقَعُ عَلَى الْيَدِ إلَّا بَعْدَ وُقُوعِهِ عَلَى النَّفْسِ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ أَصْلُ الْيَدِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَصِيرَ تَابِعَةً لَهَا فِي الذِّكْرِ وَالثُّبُوتِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَصِيرَ الْأَصْلُ تَبَعًا وَالتَّبَعُ أَصْلًا، وَكَذَا حُكْمُ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّافِعِيِّ إلَّا أَنَّ عِنْدَهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِإِضَافَتِهِ إلَى الْيَدِ بِطَرِيقٍ آخَرَ؛ وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي عُمُومِهِ، هَذَا لَفْظُهُ وَعَنْ هَذَا قُلْنَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ كَفِّرْ بِهَذَا الْعَبْدِ عَنْ يَمِينِك لَا يَثْبُتُ الْإِعْتَاقُ اقْتِضَاءً؛ لِأَنَّ أَهْلِيَّةَ الْإِعْتَاقِ أَصْلٌ لِسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ فَلَا تَثْبُتُ تَبَعًا.
وَكَذَلِكَ قُلْنَا إنَّ الْكُفَّارَ لَا يُخَاطَبُونَ بِالشَّرَائِعِ إذْ لَوْ خُوطِبُوا بِهَا لَثَبَتَ الْإِيمَانُ مُقْتَضًى تَبَعًا لَهَا وَلَا يَصِحُّ إذْ جَمِيعُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ تَبَعٌ لِلْإِيمَانِ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ فِي دَعْوَى الْجَامِعِ إذَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّك أَخِي لِأَبِي وَأُمِّي؛ فَإِنْ كَانَ يَدَّعِي عَلَيْهِ حَقًّا صَحَّتْ الدَّعْوَى، وَقُبِلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ الْأُخُوَّةَ حَقٌّ يُبْتَنَى عَلَى الْبُنُوَّةِ عَلَى الْغَائِبِ، وَذَلِكَ أَصْلٌ وَهَذَا تَابِعٌ لَهُ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَصِيرَ ذَلِكَ مُقْتَضَى هَذَا فَبَقِيَ هَذَا حَقًّا عَلَى غَائِبٍ فَلَمْ يُسْمَعْ؛ فَإِنْ ادَّعَى حَقًّا مَقْصُودًا صَارَتْ الْأُخُوَّةُ وَالْبُنُوَّةُ مُقْتَضَاهُ وَتَبَعًا لَهُ فَوَجَبَ الْقَضَاءُ بِهِ غَيْرَ مُقْتَضًى
مِنْ بَابِ الْإِضْمَارِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الْمُقْتَضِي إنَّمَا يَكُونُ لِصِحَّةِ الْمُقْتَضَى وَمِثَالُهُ الْأَمْرُ بِالتَّحْرِيرِ لِلتَّكْفِيرِ مُقْتَضٍ لِلْمِلْكِ وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْبَيَانَ مَعْرِفَةُ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْأُصُولِ لُغَةً وَتَفْسِيرُ مَعَانِيهَا وَبَيَانُ تَرْتِيبِهَا وَالْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ أَحْكَامِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
ــ
[كشف الأسرار]
وَإِنْ كَانَ يُشْبِهُ الْمُقْتَضَى مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَهْلَ إذَا ثَبَتَ أَيْ صَرَّحَ بِهِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ أَيْ السُّؤَالُ الَّذِي نُسِبَ إلَى الْقَرْيَةِ وَتَعَلَّقَ بِهَا، وَالضَّمِيرُ فِي إلَيْهِ رَاجِعٌ إلَى الْقَرْيَةِ عَلَى تَأْوِيلِ الْمَذْكُورِ أَوْ الْمَسْئُولِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي مِثْلِ هَذَا الضَّمِيرِ وَلَكِنَّ التَّحْقِيقَ فِيهِ أَنَّ التَّأْنِيثَ إنَّمَا يَجِبُ مُرَاعَاةَ حَقِّهِ إذَا كَانَ مُرَتَّبًا عَلَى الْمُذَكَّرِ بِزِيَادَةِ حَرْفٍ عَلَى صِيغَةِ التَّذْكِيرِ كَضَارِبٍ وَضَارِبَةٍ أَوْ بِصِيغَةٍ غَيْرِ صِيغَةِ التَّذْكِيرِ أَيْ يَكُونُ لَهُ مُذَكَّرٌ فِي الْجُمْلَةِ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ يَلْزَمُ مُرَاعَاةُ حَقِّ التَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ سَقَطَ اعْتِبَارُهُ لِعَدَمِ التَّرْتِيبِ وَتَعَذُّرِ الْمُرَاعَاةِ كَمَا فِي لَفْظِ الْمَعْرِفَةِ وَالنَّكِرَةِ مَثَلًا فَإِنَّ تَأْنِيثَهُمَا لَمَّا لَمْ يَكُنْ مُرَتَّبًا عَلَى التَّذْكِيرِ إذْ لَيْسَ لَهُمَا مُذَكَّرٌ لَا بِنُقْصَانِ حَرْفِ التَّأْنِيثِ وَلَا بِصِيغَةٍ أُخْرَى اسْتَوَى فِيهِمَا التَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ سَوَاءٌ وَصَفْت بِهِ نَحْوَ: اسْمٌ مَعْرِفَةٌ وَاسْمٌ نَكِرَةٌ أَوْ جَعَلْته خَبَرًا نَحْوَ: زَيْدٌ مَعْرِفَةٌ وَالرَّجُلُ مَعْرِفَةٌ بِخِلَافِ الْمُعَرَّفَةِ وَالْمُنَكَّرَةِ؛ لِأَنَّ تَأْنِيثَهُمَا مُرَتَّبٌ فَأَمْكَنَ الْمُرَاعَاةُ وَنَظِيرُهُمَا لَفْظُ اسْمٍ وَشَيْءٍ فَتَقُولُ هَذَا اسْمٌ وَهَذِهِ اسْمٌ، وَهَذَا شَيْءٌ وَهَذِهِ شَيْءٌ.
وَكَذَا الْفِعْلُ وَالْحَرْفُ تَقُولُ: ضَرَبْت: فِعْلٌ، وَضَرَبَ: فِعْلٌ وَرُبَّتْ: حَرْفٌ، وَمِنْ: حَرْفٌ، فَلَا تَقُولُ هَذَا اسْمٌ وَهَذِهِ سِمَةٌ وَهَذَا شَيْءٌ وَهَذِهِ شِيئَةٌ وَضَرَبَ: فِعْلٌ، وَضَرَبْت: فِعْلَةٌ وَمِنْ: حَرْفٌ، وَرُبَّتَ: حَرْفَةٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّ التَّذْكِيرَ وَالتَّأْنِيثَ إذَا لَمْ يَكُونَا مُرَتَّبَيْنِ لَمْ يُرَاعَ حَقُّهُمَا كَذَا فِي الْمُحَصَّلِ فِي شَرْحِ الْمُفَصَّلِ، وَلِهَذَا قَالَ جَارُ اللَّهِ فِي الْمُفَصَّلِ فِي الْمُضْمَرَاتِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِمْ رُبَّهُ رَجُلًا نَكِرَةٌ مُبْهَمٌ وَلَمْ يَقُلْ مُبْهَمَةٌ وَلَمَّا كَانَ تَأْنِيثُ الْقَرْيَةِ غَيْرَ مُرَتَّبٍ اسْتَوَى فِيهِ التَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ، وَلْيَكُنْ هَذَا عَلَى ذِكْرٍ مِنْك فَإِنَّك تَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي هَذَا الْكِتَابِ كَثِيرًا قَوْلُهُ (مِنْ بَابِ الْإِضْمَارِ) جَعَلَهُ مِنْ بَابِ الْإِضْمَارِ هُنَا وَسَمَّاهُ فِيمَا بَعْدُ مَحْذُوفًا، وَإِلَّا صَارَ مَا لَهُ أَثَرٌ فِي اللَّفْظِ كَقَوْلِهِ وَبَلْدَةٍ أَيْ وَرُبَّ بَلْدَةٍ وَقَوْلُهُ اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ بِالْجَرِّ وَالْحَذْفُ بِخِلَافِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى، {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ} [الأعراف: 155] ، أَيْ مِنْ قَوْمِهِ وَقَوْلِ الرَّجُلِ اللَّهَ لَأَفْعَلَنَّ بِالنَّصْبِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ النَّظِيرِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَكَانَ تَسْمِيَتُهُ بِالْمَحْذُوفِ أَوْلَى وَمَا ذَكَرَهُ هَهُنَا تَوَسُّعٌ، وَمِثَالُهُ أَيْ مِثَالُ الْمُقْتَضَى الْأَمْرُ بِالتَّحْرِيرِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى:{فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْأَمْرِ أَيْ فَحَرِّرُوا رَقَبَةً مُقْتَضٍ لِلْمِلْكِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيرَ الْحُرِّ لَا يُتَصَوَّرُ، وَكَذَا تَحْرِيرُ مِلْكِ الْغَيْرِ عَنْ نَفْسِهِ فَصَارَ التَّقْدِيرُ فَعَلَيْهِ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ ثُمَّ إذَا قَدَّرَ مَذْكُورًا لَمْ يَتَغَيَّرْ مُوجِبُ الْكَلَامِ وَبَقِيَ صَالِحًا لِمَا أُرِيدَ بِهِ، وَهُوَ التَّكْفِيرُ، وَذَكَرَ السَّيِّدُ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ رحمه الله وَالثَّابِتُ مُقْتَضًى نَحْوُ قَوْله تَعَالَى، {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] ، وَلَا يَتَحَقَّقُ الْمُصَاحَبَةُ إلَّا بِالِاتِّفَاقِ وَتَرْكِ الْقَتْلِ فَيَثْبُتُ حُرْمَةُ الْقَتْلِ وَوُجُوبُ الِاتِّفَاقِ مُقْتَضَاهُ سَابِقًا عَلَيْهِ.
هَذَا إشَارَةٌ إلَى مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ الْخَاصِّ كَذَا إلَى مَا انْتَهَى إلَيْهِ، وَبَيَانُ تَرْتِيبِهَا أَيْ فِي الْبَعْضِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ التَّرْتِيبُ فِي الْكُلِّ، وَالْفَصْلُ الرَّابِعُ أَيْ مِنْ الْبَيَانِ فَكَأَنَّهُ جَعَلَ بَيَانَ مَعَانِيهَا لُغَةً فَصْلًا وَبَيَانَ مَعَانِيهَا شَرْعًا فَصْلًا وَبَيَانَ تَرْتِيبِهَا عِنْدَ التَّعَارُضِ فَصْلًا وَبَيَانَ الْأَحْكَامِ رَابِعَ الْفُصُولِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ