الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَذَلِكَ
نِكَاحُ الْمَحَارِمِ
مَنْفِيٌّ لِعَدَمِ مَحَلِّهِ فَلَفْظُ النَّهْيِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22] مُسْتَعَارٌ عَنْ النَّفْيِ.
وَأَمَّا
اسْتِيلَاءُ أَهْلِ الْحَرْبِ
فَإِنَّمَا صَارَ مَنْهِيًّا بِوَاسِطَةِ الْعِصْمَةِ وَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي حَقِّنَا دُونَ أَهْلِ الْحَرْبِ لِانْقِطَاعِ وِلَايَتِنَا عَنْهُمْ وَلِأَنَّ الْعِصْمَةَ مُتَنَاهِيَةٌ يَتَنَاهَى سَبَبُهَا وَهُوَ الْإِحْرَازُ فَسَقَطَ النَّهْيُ فِي حُكْمِ الدُّنْيَا.
ــ
[كشف الأسرار]
الْمَشْرُوعِيَّةِ لَا فِيمَا لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ وَالنِّكَاحُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ لِأَنَّهُ شُرِعَ لِمِلْكٍ ضَرُورِيٍّ لَا يَنْفَصِلُ عَنْ الْحَلِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ أَنْ لَا يَكُونَ مَشْرُوعًا لِأَنَّهُ اسْتِيلَاءٌ عَلَى حُرَّةٍ مِثْلِهِ فِي الشَّرَفِ وَالْكَرَامَةِ وَاسْتِرْقَاقٌ لَهَا حُكْمًا مِنْ غَيْرِ جِنَايَةٍ وَلَكِنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ ضَرُورَةَ بَقَاءِ النَّسْلِ إذَا لَوْ لَمْ يُشْرَعْ لَاجْتَمَعَ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ عَلَى وَجْهِ السِّفَاحِ بِدَاعِيَةِ الشَّهْوَةِ وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى مِنْ الْفَسَادِ فَشُرِعَ النِّكَاحُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ لِيَظْهَرَ أَثَرُهُ فِي حِلِّ الِاسْتِمْتَاعِ.
وَلِهَذَا سُمِّيَ ذَلِكَ الْمِلْكُ حِلًّا فِي نَفْسِهِ وَلِهَذَا لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ حَتَّى بَقِيَتْ حُرَّةً مَالِكَةً لِأَجْزَائِهَا وَمَنَافِعِهَا بَعْدَ النِّكَاحِ كَمَا كَانَتْ قَبْلَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ طَرَفَهَا أَوْ آجَرَتْ نَفْسَهَا أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ كَانَ الْأَرْشُ وَالْأَجْرُ وَالْعُقْرُ لَهَا دُونَ الزَّوْجِ وَإِذَا كَانَ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ فِي النِّكَاحِ الْحِلَّ وَمُوجِبُ النَّهْيِ الْحُرْمَةُ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ مُوجِبِهِمَا لِتَضَادٍّ بَيْنَهُمَا ثُمَّ الْحُرْمَةُ ثَابِتَةٌ بِالْإِجْمَاعِ فَيَنْعَدِمُ الْحِلُّ ضَرُورَةً وَمِنْ ضَرُورَةِ انْعِدَامِهِ خُرُوجُ السَّبَبِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَشْرُوعًا، لِأَنَّ الْأَسْبَابَ الشَّرْعِيَّةَ تُرَادُ لِأَحْكَامِهَا لَا لِذَوَاتِهَا وَمِنْ ضَرُورَةِ خُرُوجِ السَّبَبِ عَنْ الْمَشْرُوعِيَّةِ صَيْرُورَةُ النَّهْيِ فِيهِ بِمَعْنَى النَّفْيِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا انْعِقَادُ النِّكَاحِ وَبَقَاؤُهُ مَعَ حُرْمَةِ الِاسْتِمْتَاعِ فِي حَالَةِ الْإِحْرَامِ وَالِاعْتِكَافِ وَالْحَيْضِ وَكَذَا بَقَاؤُهُ مَعَ الظِّهَارِ الْمُوجِبِ لِلْحُرْمَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا انْعَقَدَ وَبَقِيَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ لِيَظْهَرَ أَثَرُهُ بَعْدَ زَوَالِ هَذِهِ الْعَوَارِضِ فَإِنَّهَا تَزُولُ لَا مَحَالَةَ فَالْإِحْرَامُ يَنْتَهِي بِضِدِّهِ، وَالْحَيْضُ تَنْتَهِي بِالطُّهْرِ، وَحُرْمَةُ الظِّهَارِ تَزُولُ بِالْكَفَّارَةِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَهُنَاكَ مَانِعٌ حِسِّيٌّ لَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا إلَّا بِرَفْعِهِ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ عَنْ صِحَّةِ النِّكَاحِ لِأَنَّ بَعْدَ رَفْعِ الْمَانِعِ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فَأَمَّا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَالْحُرْمَةُ لَيْسَتْ بِمُغَيَّاةٍ إلَى غَايَةٍ يُمْكِنُ إظْهَارُ أَثَرِ النِّكَاحِ بَعْدَ انْتِهَائِهَا فَلَا يَكُونُ فِي الِانْعِقَادِ فَائِدَةٌ أَصْلًا.
[نِكَاحُ الْمَحَارِمِ]
قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ نِكَاحُ الْمَحَارِمِ مَنْفِيٌّ) أَيْ مَحْمُولٌ عَلَى النَّفْيِ لِعَدَمِ مَحَلِّهِ لِأَنَّ النَّصَّ الْوَارِدَ فِيهِ يُوجِبُ تَحْرِيمَ الْعَيْنِ، وَالْحُرْمَةُ مَتَى أُضِيفَتْ إلَى الْعَيْنِ أَخْرَجَتْهَا عَنْ مَحَلِّيَّةِ الْفِعْلِ لِأَنَّ الْحِلَّ وَالْحُرْمَةَ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَكَانَتْ إضَافَةُ الْحُرْمَةِ إلَيْهِنَّ نَفْيًا لِلْحِلِّ لَا نَهْيًا.
قَوْلُهُ (مُسْتَعَارٌ عَنْ النَّفْيِ) أَيْ لِلنَّفْيِ يَعْنِي إنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ النِّكَاحِ الْمَذْكُورِ فِي النَّصِّ الْعَقْدَ فَالنَّهْيُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّفْيِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِالدَّلِيلِ أَنَّ الْحُرْمَةَ الثَّابِتَةَ بِالْمُصَاهَرَةِ هِيَ الْحُرْمَةُ الثَّابِتَةُ بِالنَّسَبِ عَلَى أَنْ تَقُومَ الْمُصَاهَرَةُ مَقَامَ النَّسَبِ فَكَانَ تَقْدِيرُهُ وَحَرَّمَتْ عَلَيْكُمْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ فَتَخْرُجُ عَنْ مَحَلِّيَّةِ النِّكَاحِ فَكَانَ النَّهْيُ مَجَازًا بِمَعْنَى النَّفْيِ لَا مَحَالَةَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْكَرْدَرِيُّ رحمه الله لَا يَرِدُ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: 22] نَقْضًا عَلَى هَذَا الْأَصْلِ لِأَنَّ كَلَامَنَا فِيمَا كَانَ مَشْرُوعًا ثُمَّ صَارَ مَنْهِيًّا عَنْهُ أَيَبْقَى مَشْرُوعًا بَعْدَ النَّهْيِ أَمْ لَا وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَشْرُوعًا أَصْلًا بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا} [النساء: 22] فَلَمْ يَكُنْ مِنْ هَذَا الْبَابِ ثُمَّ مَا ذُكِرَ جَوَابٌ عَنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَرِدُ نَقْضًا عَلَى الْأَصْلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَهُوَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْأَفْعَالِ الشَّرْعِيَّةِ يُوجِبُ بَقَاءَ الْمَشْرُوعِيَّةِ.
[اسْتِيلَاءُ أَهْلِ الْحَرْبِ]
فَلَمَّا فَرَغَ عَنْهُ شَرَعَ فِي جَوَابِ مَا يَرِدُ نَقْضًا عَلَى الْأَصْلِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَهُوَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْأَفْعَالِ الْحِسِّيَّةِ يُوجِبُ انْتِفَاءَ الْمَشْرُوعِيَّةِ عَنْهَا أَصْلًا وَهِيَ أَرْبَعُ مَسَائِلَ فَقَالَ وَأَمَّا اسْتِيلَاءُ أَهْلِ الْحَرْبِ وَوَجْهُ وُرُودِهِ أَنَّ الِاسْتِيلَاءَ فِعْلٌ حِسِّيٌّ وَالنَّهْيُ عَنْ الْفِعْلِ الْحِسِّيِّ يُوجِبُ قُبْحًا فِي عَيْنِهِ وَانْتِفَاءَ الْمَشْرُوعِيَّةِ عَنْهُ وَقَدْ قُلْتُمْ بِخِلَافِهِ حَيْثُ جَعَلْتُمُوهُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ الَّذِي هُوَ نِعْمَةٌ وَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ سَبَبٍ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[كشف الأسرار]
مَشْرُوعٍ رِعَايَةً لِلتَّنَاسُبِ بَيْنَ السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ فَكَانَ هَذَا نَقْضًا لِذَلِكَ الْأَصْلِ.
وَتَوْجِيهُ الْجَوَابِ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الِاسْتِيلَاءَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِذَاتِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَوْلَى عَلَى مَالٍ مُبَاحٍ أَوْ عَلَى صَيْدٍ يَصِيرُ مَمْلُوكًا لَهُ بِالْإِجْمَاعِ فَثَبَتَ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِغَيْرِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا عِصْمَةَ الْمَحَلِّ، وَالْعِصْمَةُ إنَّمَا يَثْبُتُ فِي حَقِّنَا دُونَ أَهْلِ الْحَرْبِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَثْبُتُ بِالْخِطَابِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْخِطَابُ فِي حَقِّهِمْ لِانْقِطَاعِ وِلَايَةِ التَّبْلِيغِ وَالْإِلْزَامِ فَكَانُوا فِي حَقِّ هَذَا الْحُكْمِ أَعْنِي ثُبُوتَ الْعِصْمَةِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْخِطَابُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي زَمَنِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ اسْتِيلَاؤُهُمْ عَلَى هَذَا الْمَالِ وَاسْتِيلَاؤُهُمْ عَلَى الصَّيْدِ سَوَاءٌ وَلَكِنْ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا اسْتِيلَاؤُهُمْ عَلَى رِقَابِنَا فَإِنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ تَمَلُّكَهَا بِالِاسْتِيلَاءِ وَيَعْتَقِدُونَ إبَاحَةَ ذَلِكَ وَمَعَ هَذَا لَا يَمْلِكُونَهَا فَلِذَلِكَ ضُمَّ إلَيْهِ دَلِيلًا آخَرَ يُفَرَّقُ بِهِ بَيْنَ الْأَمْوَالِ وَالرِّقَابِ فَقَالَ وَلِأَنَّ الْعِصْمَةَ مُتَنَاهِيَةٌ يَعْنِي وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْعِصْمَةَ ثَابِتَةٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ إلَّا أَنَّهَا انْتَهَتْ بِانْتِهَاءِ سَبَبِهَا وَهُوَ الْإِحْرَازُ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ كَوْنِ الشَّيْءِ مُحَرَّمَ التَّعَرُّضِ مُحَصَّنًا لِحَقِّ الشَّرْعِ أَوْ لِحَقِّ الْعَبْدِ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْإِحْرَازِ وَهُوَ يَتَحَقَّقُ بِالْيَدِ عَلَيْهِ حَقِيقَةً بِأَنْ كَانَ فِي تَصَرُّفِهِ أَوْ بِالدَّارِ عَلَى مَا عُرِفَ وَقَدْ انْتَهَى كِلَاهُمَا بِإِحْرَازِهِمْ الْمَأْخُوذَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَيَنْتَهِي الْعِصْمَةُ الثَّانِيَةُ بِهِ كَمَا يَنْتَهِي عِصْمَةُ النَّفْسِ بِانْتِهَاءِ الْإِسْلَامِ وَإِذَا انْتَهَتْ الْعِصْمَةُ بِانْتِهَاءِ سَبَبِهَا سَقَطَ النَّهْيُ وَلَمْ يَبْقَ الِاسْتِيلَاءُ مَحْظُورًا لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِنَاءً عَلَى عِصْمَةِ الْمَحَلِّ وَلَمْ يَبْقَ (فَإِنْ قِيلَ) ابْتِدَاءُ الِاسْتِيلَاءِ وَرَدَ عَلَى مَحَلٍّ مَعْصُومٍ فَيَلْغُو لِعَدَمِ مُصَادَفَتِهِ مَحَلَّهُ فَلَا يَفْسُدُ زَوَالُ الْعِصْمَةِ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَنْ أَخَذَ صَيْدَ الْحَرَمِ وَأَخْرَجَهُ لَا يَمْلِكُهُ وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ يَجِبُ الضَّمَانُ وَإِنْ زَالَتْ عِصْمَةُ الْحَرَمِ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْأَخْذِ لَاقَاهُ وَهُوَ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْمِلْكِ.
وَكَذَا إذَا اشْتَرَى خَمْرًا فَصَارَتْ خَلًّا لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ وَإِنْ صَارَ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ بَعْدَ زَوَالِ الْخَمْرِيَّةِ كَذَلِكَ هَذَا (قُلْنَا) قَدْ ثَبَتَ بِالدَّلِيلِ أَنَّ لِلْفِعْلِ الْمُمْتَدِّ حُكْمَ الِابْتِدَاءِ فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ كَأَنَّهُ يَحْدُثُ سَاعَةً فَسَاعَةً كَمَا فِي لُبْسِ الْخُفِّ فِي حَقِّ الْمَسْحِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ فِي حَقِّ الْحِنْثِ، وَالِاسْتِيلَاءُ فِعْلٌ مُمْتَدٌّ فَصَارَ بَعْدَ الْإِدْخَالِ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَأَنَّهُ اسْتَوْلَى عَلَى مَالٍ غَيْرِ مَعْصُومٍ ابْتِدَاءً فِي دَارِ الْحَرْبِ فَيَصْلُحُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ كَاسْتِيلَاءِ الْمُسْلِمِ عَلَى مِثْلِ هَذَا الْمَالِ وَهُوَ مَالُ أَهْلِ الْحَرْبِ وَهَكَذَا نَقُولُ فِي الصَّيْدِ أَنَّهُ يَمْلِكُ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ عَنْ الْحَرَمِ حَتَّى لَوْ بَاعَ يَجُوزُ بَيْعُهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَامِعِ وَلَوْ أَكَلَهُ يَحِلُّ إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ الْإِرْسَالُ وَلَوْ لَمْ يُرْسِلْ يَجِبُ الْجَزَاءُ تَعْظِيمًا لِلْحَرَمِ وَصِيَانَةً لِحُرْمَتِهِ فَإِنَّا لَوْ قُلْنَا بِأَنَّ مَنْ أَخَذَ الصَّيْدَ وَأَخْرَجَهُ لَا يَجِبُ الْإِرْسَالُ وَالْجَزَاءُ يُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى تَفْوِيتِ الْأَمْنِ عَنْ الصَّيْدِ وَإِلَى هَتْكِ حُرْمَةِ الْحَرَمِ فَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْبَيْعِ فَلَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُمْتَدٍّ فَإِذَا لَمْ يُصَادِفْ مَحَلَّهُ بَطَلَ أَصْلًا وَهَذَا بِخِلَافِ اسْتِيلَائِهِمْ عَلَى رِقَابِ الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ لَا يَصْلُحُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ بِحَالٍ لِأَنَّ عِصْمَتَهَا عَنْ الِاسْتِرْقَاقِ ثَبَتَتْ بِالْحُرِّيَّةِ الْمُتَأَكَّدَةِ بِالْإِسْلَامِ وَلَمْ تَنْتَهِ بِالْإِحْرَازِ الْمَوْجُودِ مِنْهُمْ وَبِخِلَافِ مَا إذَا دَخَلَ الْمُسْلِمُ دَارَ الْحَرْبِ مُسْتَأْمَنًا فَاسْتَوْلَى عَلَى مَالِهِ مُسْلِمٌ حَيْثُ لَا يَمْلِكُهُ وَإِنْ لَمْ تَبْقَ الْعِصْمَةُ بِزَوَالِ الْيَدِ وَالدَّارِ جَمِيعًا، وَتَحَقَّقَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالٍ غَيْرِ مَعْصُومٍ فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ لَمْ يَتِمَّ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ بِالْإِحْرَازِ وَالْمُسْلِمُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ وَمَالَهُ بِدَارِهِمْ بَلْ يَدْخُلُهَا عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ أَهْلِ