المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث السادس عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ - كشف اللثام شرح عمدة الأحكام - جـ ٧

[السفاريني]

الفصل: ‌ ‌الحديث السادس عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ

‌الحديث السادس

عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهى عَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ، إِلا هكَذَا، وَرَفَعَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إصبَعَيْهِ السَّبَّابةَ وَالوُسْطَى (1).

وَلِمُسْلِمٍ: نَهى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ، إلَّا مَوْضِعَ إصْبَعَيْنِ، أَوْ ثَلَاثٍ، أَوْ أَرْبَعٍ (2).

(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (5490 - 5491)، كتاب: اللباس، باب لبس الحرير وافتراشه للرجال، ومسلم (2069/ 12)، كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء، واللفظ له، إلا أن عنده:"لبوس" بدل "لبس" وكذا عنده: "الوسطى والسبابة" بدل "السبابة والوسطى"، ورواه النسائي (5312) كتاب: الزينة، باب: الرخصة في لبس الحرير.

(2)

رواه مسلم (2069/ 15)، كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء، وأبو داود (4042)، كتاب: اللباس، باب: ما جاء في لبس الحرير، والترمذي (1721)، اللباس، باب: ما جاء في الحرير والذهب.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

"إكمال المعلم" للقاضي عياض (6/ 572)، و"المفهم" للقرطبي (5/ 394)، و"شرح مسلم" للنووي (14/ 48)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 221)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1670)، و"فتح الباري" لابن حجر (10/ 287)، و"عمدة القاري" للعيني =

ص: 138

(عن) أمير المؤمنين (عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى) نهيَ تحريم؛ لتصريحه بقوله: "من لبسَه في الدنيا، لم يلبسْه في الآخرة"(1)، وبقوله فيه وفي الذهب:"إن هذين حرام على ذكور أمتي، حِلٌّ لإناثها"(2) -كما تقدم- (عن لبس) ثياب (الحرير)، ومثل اللبس الافتراشُ، والاستنادُ إليه؛ وفاقًا لمالك، والشافعي (3)، (إلا هكذا) زاد في رواية: وهكذا (4). (ورفع لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إصبعيه السبابة)، وهي التي تلي الإبهام، قيل: سميت سَبَّابة؛ لأنهم كانوا يشيرون بها إلى السب، والمخاصمة (5)، ويعضونها عندَ الندم كما قال قائلهم:

[من الكامل]

غَيْرِي جَنَى وَأَنَا المُعَذَّبُ فِيكُمُ

فَكَأَنَّنِي سَبَّابَةُ المُتَنَدِّمِ (6)

ويقال لها أيضًا: المُسَبِّحَةُ -بتشديد الباء الموحدة- اسمُ فاعل مجازًا؛ لأنهم يشيرون بها عند ذكر الله تنبيهًا على التوحيد (7)، (والوسطى) من أصابعه، وفي لفظ: وأشار بإصبعيه اللتين تليان الإبهام (8).

= (22/ 8)، و"سبل السلام" للصنعاني (2/ 85)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (2/ 79).

(1)

تقدم تخريجه.

(2)

تقدم تخريجه.

(3)

انظر: "الفروع" لابن مفلح (1/ 307).

(4)

تقدم تخريجه عند أبي داود برقم (4042).

(5)

انظر: "المطلع على أبواب المقنع" لابن أبي الفتح (ص: 79).

(6)

انظر: "خزانة الأدب" للبغدادي (2/ 463). ونسبه إلى ابن شرف القيرواني.

(7)

انظر: "عمدة القاري" للعيني (22/ 11).

(8)

تقدم تخريجه عند البخاري برقم (5490)، ورواه مسلم (2069/ 13).

ص: 139

وفي رواية عند مسلم: "إياكم والتنعُّمَ، وزِيَّ أهلِ الشركِ، ولَبُوسَ الحرير"(1).

وزاد الإسماعيلي: أن أبا عثمان النهدي قال: أتانا كتابُ عمرَ ونحن مع عتبةَ بنِ فَرْقَدٍ، وكان عتبةُ هذا من الصحابة، فهو صحابيٌّ جليل، وكان أميرًا لعمرَ في فتوح بلاد الجزيرة بأذربيجان، وفتحها عتبةُ سنة ثماني عشرة، وروى شعبةُ عن حُصينِ بن عبد الرحمن السلميِّ، عن أم عاصم امرأةِ عتبة: أن عتبة غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوتين (2).

وفي "معجم الصغير" من طريق أم عاصم امرأةِ عتبةَ، عن عتبة: أنه قال: أخذني الشَّرى، وهو كما في "القاموس": بثور صغار حمرٌ حَكَّاكَة مُكْرِبةٌ تحدث دفعة غالبًا، وتشتد ليلًا؛ لبخار حارٍّ يثور في البدن (3).

قال عتبة: أخذني الشَّرى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرني، فتجرّدتُ، فوضع يدَه على بطني وظهري، فعبق لي الطيب من يومئذٍ.

قالت أم عاصم: كنا عنده أربعَ نسوة، فكنا نجتهدُ في الطِّيب، وما كان هو يمسُّه، وإنه لأَطْيَبُنا ريحًا (4).

وكان في كتاب عمرَ لعتبةَ بنِ فرقدٍ: أما بعد: فاتَّزِروا، وارتدوا، وانتعلوا، وألقوا الخِفاف والسراويلات، وعليكم بلباس أبيكم إسماعيلَ، وإياكم والنعمَ وزِيَّ العَجَم، وعليكم بالشمس؛ فإنها حَمَّاُم العرب، وتَمَعْدَدوا، واخْشَوْشِنوا، واخْلَولِقوا، واقطعوا الركب، وانزوا، وأنزوا،

(1) تقدم تخريجه عند مسلم برقم (2069/ 12).

(2)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (10/ 286).

(3)

انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: 1676)، (مادة: شرى).

(4)

رواه الطبراني في "المعجم الصغير"(98).

ص: 140

وارموا الأغراض؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى. . . . الحديث (1).

(و) في رواية (لمسلم: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس) ثياب (الحرير، إلا موضعَ إصبعينِ، أو ثلاثٍ، أو أربعٍ)، و"أو" هنا للتوزيع والتخيير.

وروى أبو داود في هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحرير، إلا ما كان هكذا وهكذا؛ إصبعين أو ثلاثة أو أربعة (2).

ورواه ابن أبي شيبة بلفظ: إن الحرير لا يصلح منه إلا هكذا، وهكذا، وهكذا؛ يعني: إصبعين وثلاثًا وأربعًا (3).

ووقع عند النسائي في رواية سويد: لم يرخص في الديباج إلا في موضع أربعة أصابع (4).

ففي هذه الأحاديث حُجة على من أجاز العَلَم من الحرير مطلقًا، ولو زاد على أربعة أصابع كما هو منقول [عن بعض المالكية، وعلى من منع العَلَم في الثوب مطلقًا، وهو ثابت](5) عن الحسن، وابن سيرين، وغيرهما.

لكن يحتمل أنهم امتنعوا منه ورعًا، وإلا، فالحديث حجةٌ عليهم، وكأنهم لم تبلغهم الأحاديث في الرخصة في ذلك.

(1) رواه ابن حبان في "صحيحه"(5454)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 14).

(2)

تقدم تخريجه عند أبي داود برقم (4042).

(3)

رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(24681)، بلفظ:"لا يصلح منه إلا هكذا؛ إصبعًا أو إصبعين أو ثلاثة أو أربعة".

(4)

رواه النسائي (5313)، كتاب: الزينة، باب: الرخصة في لبس الحرير.

(5)

ما بين معكوفين سقط من "ب".

ص: 141

قال النووي: وقد نُقل مثلُ ذلك عن مالك، وهو مذهب مردود (1)، وكذا قولُ من أجازه بغير تقدير (2).

قال في "الفروع": ويباح منه -أي: الحرير- العَلَمُ إذا كان أربعَ أصابعَ مضمومةٍ فأقلَّ، نصّ عليه، ونقل عليه اتفاقَ الأئمة الأربعة، ثم قال: وفي "الوجيز": دونها، وفي "المحرر" (3) وغيره: قدر كَفٍّ وإن كثر في أثواب، ولبنة جيبٍ، وسجفِ فراء، ويُباح لبسُ الحرير الخالص لمرض، أو حكة، أو جرب، ويباح كيسُ مصحف، وأزرار، وخياطة به، وحَشْو جباب وفُرش، ولا يحرم لبسُ الحرير لحاجة (4)، والله الموفق.

(1) ما بين معكوفين سقط من "ب".

(2)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (10/ 290).

(3)

انظر: "المحرر" للمجد بن تيمية (1/ 139).

(4)

انظر: "الفروع" لابن مفلح (1/ 310).

ص: 142