المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث السادس عشر - كشف اللثام شرح عمدة الأحكام - جـ ٧

[السفاريني]

الفصل: ‌الحديث السادس عشر

‌الحديث السادس عشر

وَعَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: قَسَمَ في النَّفَلِ: لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ، وَلِلرَّجُلِ سَهْمًا (1).

* * *

ما أشار إليه بقوله: (وعنه)؛ أي: عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم النفل: للفرس سهمين) من الغنيمة، (و) قسم (للرجل

(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (2708)، كتاب: الجهاد، باب: سهام الفرس، و (3988)، كتاب: المغازي، باب: غزوة خيبر، ومسلم (1762) كتاب: الجهاد والسير، باب: كيفية قسمة الغنيمة بين الحاضرين، واللفظ له، وأبو داود (2733)، كتاب: الجهاد، باب: في سهمان الخيل، وابن ماجه (2854)، كتاب: الجهاد، باب: قسمة الغنائم.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

"معالم السنن" للخطابي (2/ 308)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (6/ 92)، و"المفهم" للقرطبي (3/ 558)، و"شرح مسلم" للنووي (12/ 83)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 241)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1708)، و"فتح الباري" لابن حجر (6/ 67)، و"عمدة القاري" للعيني (14/ 154)، و"سبل السلام" للصنعاني (4/ 58)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (8/ 115).

ص: 239

سهمًا) واحدًا منها، ولم يذكر في رواية: النفل (1).

وقال البخاري: يوم خيبر (2)، وقال في آخر: للفرس سهمين، ولصاحبه سهما (3)، ولم يقل: في النفل، قال: وفسره نافع، قال: إذا كان مع الرجل فرس، فله ثلاثة أسهم، فإن لم يكن له فرس، فله سهم (4).

وروى الإمام أحمد، وأبو داود من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم للرجل ولفرسه ثلاثة أسهم: له سهم، ولفرسه سهمان (5).

وفي لفظ: أسهم للفرس سهمين، وللرجل سهمًا، متفق عليه (6).

وفي لفظ: أسهم يوم حنين للفارس ثلاثة أسهم: للفرس سهمان، وللرجل] (7) سهم، رواه ابن ماجه (8).

وأخرج الإمام أحمد عن المنذر بن الزبير، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنَّه أعطى الزبير سهمًا، وأمه سهمًا، وفرسه سهمين (9).

(1) وإنما هي لمسلم فقط، كما نبه عليه الحافظ الإشبيلي في "الجمع بين الصحيحين"(3/ 29)، حديث رقم (3034).

(2)

تقدم تخريجه عند البخاري برقم (3988).

(3)

تقدم تخريجه عند البخاري برقم (2708).

(4)

تقدم تخريجه عند البخاري برقم (3988).

(5)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 41)، وتقدم تخريجه عند أبي داود برقم (2733).

(6)

لم يخرجه الشيخان في "صحيحيهما" بهذا اللفظ، وهو لابن ماجه برقم (2854) -كما تقدم-.

(7)

إلى هنا ينتهي الخرم المُشار إليه سابقًا من النسخة الظاهرية.

(8)

تقدم تخريجه برقم (2854).

(9)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 166).

ص: 240

وفي لفظ: ضرب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومَ خيبر للزبير أربعةَ أسهم: سهمًا للزبير، وسهمًا لذي القربى لصفية أم الزبير، وسهمينَ للفرس، رواه النسائي (1).

وقال صلى الله عليه وسلم: "إني جعلتُ للفرس سهمين، وللفارس سهمًا، فمن نقصَهُما، نقصهُ اللهُ" رواه الدارقطني من حديث أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه (2) -.

وعن خالد الحذاء، قال: لا يختلف فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"للفارس ثلاثةُ أسهُمٍ، وللراجل سهمٌ" رواه الدارقطني (3).

والأحاديث في هذا كثيرة جدًا، وبه قال جمهور العلماء محتجين بهذه الأحاديث وأضعافها مما لم نذكره، منهم: إمامنا الإمام أحمد، والإمام مالك، والشافعيُّ، وبه قال محمَّد بن الحسن، وأبو يوسف صاحبا أبي حنيفة.

وقال أبو حنيفة رحمه الله: لا يُسهم للفارس إلا سهم واحد، ولفرسه سهمٌ، واحتج بحديث فيه الواقدي عن المقداد بن عمرو رضي الله عنه: أنه كان يوم بدر على فرس يقال له: سبحة، فأسهم له النبيُّ صلى الله عليه وسلم سهمين: لفرسه سهم واحد، وله سهم. رواه الطبراني (4).

قال في "التوضيح": خالف أبو حنيفة عامةَ العلماء قديمًا وحديثًا،

(1) رواه النسائي (3593)، كتاب: الخيل، باب: سهمان الخيل.

(2)

رواه الدارقطني في "سننه"(4/ 101).

(3)

رواه الدارقطني في "سننه"(4/ 107).

(4)

لم أقف عليه عند الطبراني. وقد رواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده"(659).

ص: 241

فقال: لا يسهم للفرس إلا سهم واحد، وقال: أكره أن أفضل بهيمةً على مسلم.

وخالفه أصحابه، فبقي وحده.

وقال ابن سحنون: انفرد أبو حنيفة بذلك دون فقهاء الأمصار.

واحتج البدر العيني للإمام أبي حنيفة بظاهر قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 41]، قال: فإنَّه يقتضي المساواة بين الفارس والراجل، وهو خطاب لجميع الغانمين، وقد شملهم هذا الاسم.

قال: وما ورد مما تقدم محمول على وجه التنفيل (1)، انتهى.

ولا يخفى بعدُ هذا الحمل، وما في استدلاله بالآية الكريمة من النظر الواضح الذي لا يخفى على آحاد العلماء، فضلًا عن أئمتهم.

تنبيه:

الفرسُ الذي يستحقُّ السهمين إنما هو العربي، ويسمى: العتيق، وهو الرابع الكريم، والعربُ تسمي كل شيء بلغ الغاية في الجودة: عتيقًا.

وأما إن كان الفرس هجينًا، وهو ما أبوه عربي وأمه غيرُ عربية، أو مقرفًا، وهو عكس الهجين، أو بِرْذَوْنًا، وهو ما أبواه نبطيان، فله سهم واحد، ولفارسه سهم، على الصحيح المعتمد.

ومعتمد مذهبنا: لا يُسهم لأكثر من فرسين مع فارس واحد، ولا لغير خيل (2).

وقال أبو حنيفة، ومالك، والشافعيُّ: لا يُسهم لأكثرَ من فرس واحد،

(1) انظر: "عمدة القاري" للعيني (14/ 155).

(2)

انظر: "الإقناع" للحجاوي (2/ 102 - 103).

ص: 242

واتفقوا أنَّه لا يسهم لغير الخيل على المعتمد.

وقال أبو حنيفة، ومالك، والشافعيُّ: الهجين كالعتيق.

إلا أن مالكًا يشترط إجازة الإمام.

وكذلك قولهم في المُقْرِف، والبِرْذَون (1).

وقول الليث كقول إمامنا: يسهم للفرسين، وكذا قال الأوزاعي، والثوري، وأبو يوسف، وإسحاق.

وهو قول ابن وهب، وابن الجهم من المالكية.

قال ابن المناصف: أول من أسهمَ للبرذون سهمه رجلٌ من همدان يقال له: المنذر الوادعي، فكتب بذلك إلى عمر رضي الله عنه، فأعجبه، فجرت سنة للخيل والبراذين، وفي ذلك يقول الشاعر:

[من الطويل]

وَمِنّا الَّذِي قَد سَنَّ في الْخَيْلِ سُنَّةً

وَكانَتْ سَواءً قَبْلَ ذاكَ سِهامُها

وروى أبو داود في المراسيل عن مكحول: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هَجَّنَ الهجينَ يوم خيبر، وعَرَّبَ العربيَّ، للعربيِّ سهمان، وللهجين سهمٌ (2).

وقال الحافظ الإشبيلي: وروي موصولًا عن مكحول، عن زياد بن جارية، عن حبيب بن مسلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم (3)، والمرسَلُ أصحُّ.

وقال ابن المناصف: وروي أيضًا عن الحسن، وبه قال الإمام أحمدُ بن حنبل. انتهى.

(1) انظر: "الإفصاح" لابن هبيرة (2/ 278).

(2)

رواه أبو داود في "المراسيل"(287).

(3)

رواه ابن عدي في "الكامل في الضعفاء"(1/ 171)، وتمام الرازي في "فوائده"(2/ 174).

ص: 243

وقال ابن حزم: للراجل وراكب البغل والحمار والجمل سهمٌ واحد فقط، وهو قول مالك، والشافعيُّ.

قال: وقال أحمد: لراكب البعير سهمان، انتهى (1).

قلت: وهذا مرجوح في مذهب الإمام أحمد.

قال في "الفروع": ولا شيء لغير خيل.

وعنه؛ أي: الإمام أحمد: لراكب بعير سهمٌ.

وعنه عند عدم غيره.

واختار جماعة: يسهم له مطلقًا، منهم: أبو بكر، والقاضي، وظاهر كلام بعضهم: كفرس، وقيل: له ولفيلٍ سهمُ هجين، انتهى (2)، والله أعلم.

(1) انظر: "عمدة القاري" للعيني (14/ 155 - 156).

(2)

انظر: "الفروع" لابن مفلح (6/ 215).

ص: 244