الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب اللباس
وهو ما يلبسه الشخص ويستتر به، والأصل فيه الإباحة، وإنما يحرم حيث كان حريرًا، أو قُصد به الخُيَلاء، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم:"كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسرافٍ ولا مَخِيلَةٍ" علقه البُخاري (1).
ورواه موصولًا: أبو داود الطَّيالسيُّ، والحارث بن أبي أسامة في "مسنديهما" من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، زاد الحارث في آخره:"فإن الله يحبُّ أن يرى أثرَ نعمته على عباده"(2).
ورواه ابن أبي الدنيا موصولًا أيضًا (3).
وروى التِّرمذيّ أيضًا بعضه (4).
(1) رواه البُخاريّ في "صحيحه"(5/ 2181)، معلقًا بصيغة الجزم.
(2)
رواه أبو داود الطَّيالسيُّ في "مسنده"(2261)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده"(571).
(3)
رواه ابن أبي الدنيا في "الشكر"(51).
(4)
رواه التِّرمذيُّ (2819)، كتاب: الأدب، باب: ما جاء: أن الله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، مقتصرًا على الزيادة التي ذكرها الشارح رحمه الله عن الحارث في "مسنده".
وهو مثل قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31].
والإسراف: مجاوزة الحدِّ في كل فعل أو قول، وهو في الإنفاق أشهرُ، والمخيلة بوزن عظيمة بمعنى: الخيلاء، وهو التكبر.
وقال ابن التين: هي بوزن مَفْعَلَة؛ من اختال: إذا تكبر، قال: والخُيلاء -بضم أوله- وقد -يكسر ممدودًا-: التكبر، وإنما ينشأ عن فضيلة يتراءاها الإنسان من نفسه، والتخيُّل: تصوير خيال الشيء في النفس، ووجهُ الحصر في الإسراف والمَخيلة: أن الممنوع من تناوله أكلًا ولبسًا، وهما إما لمعنى فيه، وهو مجاوزة الحد، وهو الإسراف، وإما للتعبد، كالحرير إن لم تثبت علة النهي عنه، ومجاوزةُ الحدِّ تتناول مخالفةَ ما ورد به الشرعُ، فيدخل الحرام، وقد يستلزم الإسراف الكبير، وهو المخيلة.
قال الموفق عبدُ اللطيف البغدادي: هذا الحديث جامعٌ لفضائل تدبير الإنسان نفسَه، وفيه تدبير مصالح النفس والجسد في الدنيا والآخرة؛ فإن السرف كل شيء يضر بالجسد، ويضر بالمعيشة، فيؤدي إلى الإتلاف، ويضر بالنفس؛ إذ كانت تابعة للجسد في أكثر الأحوال، والمَخيلةُ تضر بالنفس حيث تكسبها العُجْبَ، وتضر بالآخرة حيث يكسب الإثم، وبالدنيا حيث يكسب المقت من النَّاس (1).
وذكر الحافظ المصنف رحمه الله في هذا الكتاب ستة أحاديث.
(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (10/ 253).