الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب العتق
قال أهل اللغة: العِتْقُ: الحرية؛ يقال: عتق يعتق عِتقًا -بكسر العين وفتحها- عن صاحب "المحكم"(1) وغيره، وعتاقًا وعتاقة، فهو عتيق، وعاتق، حكاها الجوهري (2).
وفي "القاموس" العِتْق -بالكسر-: الكرم، والجمال، والنجابة، والشرف، والحرية، و-بالضم-: جمع عتيق (3).
وفي "شرح البخاري" للعيني: العتق لغةً: القوة؛ من عتق الطائر: إذا قوي على جناحيه (4). انتهى.
وفي "المطلع": قال الأزهري: هو مشتق من قولهم عتق الفرس: إذا سبق ونجا، وعتق الفرخ: إذا طار واستقل؛ لأنَّ العبد يتخلص بالعتق، ويذهب حيث شاء (5).
(1) انظر: "المحكم" لابن سيده (1/ 100)، (مادة: عتق).
(2)
انظر: "الصحاح" للجوهري (4/ 1520)، (مادة: عتق).
(3)
انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: 117)، (مادة: عتق).
(4)
انظر: "عمدة القاري" للعيني (13/ 76).
(5)
انظر: "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" للأزهري (ص: 427).
والعتق شرعًا: تحريرُ الرقبة وتخليصها من الرق (1).
والرقُّ عجز حُكميٌّ سببه الكفر.
قال في "المطلع": إنما قيل لمن أعتق نسمة: إنه أعتق رقبةً، وفكَّ رقبةً، وقول الفقهاء: تحرير الرقبة، فخصت الرقبة دون سائر الأعضاء، مع أن العتق يتناول الجميع؛ لأنَّ حكم السيد عليه وملكه له كحبل في رقبته، وكالغُل المانع له من الخروج، فإذا أعتق، فكأن رقبته أُطلقت من ذلك (2).
قال العلماء: والعتقُ من أفضل القُرَب، والأصلُ فيه قبلَ الإجماع قولُه تعالى:{فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: 13]، وخبر "الصحيحين" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَيُّما رجلٍ أعتقَ امْرَأً مسلِمًا، استنقذَ اللهُ بكلِّ عضوٍ منه عضوًا منه من النار"(3)، حتى الفَرج بالفرج.
قال علماؤنا: أفضلُ الرقاب أَنْفَسُها عندَ أهلها، وأَغلاها ثمنًا، وعتقُ الذكرِ ولو لأُنثى أفضلُ من عتق الأنثى، وهما في الفكاك من النار إذا كانا مؤمنين سواء (4).
واختلف فيما إذا كان النصرانيُّ أو اليهوديُّ أو غيرُهما أكثرَ ثمنًا من المسلم.
فقال مالك: عتق الأغلى أفضل، وإن كان غيرَ مسلم.
(1) انظر: "الإقناع" للحجاوي (3/ 253).
(2)
انظر: "المطلع على أبواب المقنع" لابن أبي الفتح (ص: 314).
(3)
رواه البخاري (2381)، كتاب: العتق، باب: ما جاء في العتق وفضله، ومسلم (1509)، كتاب: العتق، باب: فضل العتق.
(4)
انظر: "الإقناع" للحجاوي (3/ 253).
وقال أصبغ: عتقُ المسلم أفضلُ (1).
قال في "الفروع": ولعله -أي: كون عتق المسلم أفضل- مرادُ أحمدَ، لكن يثُاب على عتقِ غير المسلم (2).
وصريحُ العتق: لفظُ عتق، وحرية، كيف صرفا، غيرَ أمرٍ ومضارع واسم فاعل.
ويقع من هازل، لا نائم.
وكناياته: خَلَّيْتُكَ، والحقْ بأهلك، وفككتُ رقبتك، وأنت مولاي (3)، ونحوها كما في كتب الفقه.
فائدة:
أعتق النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثًا وستين نَسَمَةً، وعاش ثلاثًا وستين سنةَ، وأعتقت عائشة رضي الله عنها تسعًا وستين، وعاشت كذلك، وأعتق عبدُ الله بنُ عمرَ ألفًا، وأعتق حكيمُ بنُ حزام مئة في الجاهلية، ومئة في الإِسلام مطوَّقين بالفضة، وأعتق ذُو الكلاع الحِمْيَرِيُّ في يوم ثمانيةَ آلاف، وأعتق عبدُ الرحمن بنُ عوف ثلاثين ألفًا رضي الله عنهم (4)، والله الموفق.
وذكر الحافظ المصنف -رحمه الله تعالى- في هذا الكتاب ثلاثة أحاديث:
(1) انظر: "عمدة القاري" للعيني (13/ 80).
(2)
انظر: "الفروع" لابن مفلح (5/ 57).
(3)
انظر: "الإقناع" للحجاوي (3/ 254 - 255).
(4)
نقله الصنعاني في "سبل السلام"(4/ 139)، عن "النجم الوهاج لشرح المنهاج للنووي" للدميري المتوفى سنة (808 هـ).