المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الأول عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبي أَوْفَى رضي الله عنه: - كشف اللثام شرح عمدة الأحكام - جـ ٧

[السفاريني]

الفصل: ‌ ‌الحديث الأول عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبي أَوْفَى رضي الله عنه:

‌الحديث الأول

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبي أَوْفَى رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَ فِي بَعضِ أَيامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيها العَدُوَّ، انْتَظَرَ حَتَّى مَالَتِ الشَمسُ قَامَ فِيهِم، فَقَالَ:"يا أيها النَّاسُ! لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَاسْألوا الله العَافِيَةَ، فَإذَا لَقِيتُمُوهُم، فَاصبِرُوا، وَاعلَمُوا أَنَّ الجَنَّةَ تَحتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ"، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"اللَّهُمَّ مُنْزِل الكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهازِمَ الأَحزَابِ! اهْزِمهُمْ، وَانْصُرنَا عَلَيْهِم"(1).

(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (2804)، كتاب: الجهاد والسير، باب: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس، و (2861)، باب: لا تمنوا لقاء العدو، ومسلم (1742/ 20)، كتاب: الجهاد والسير، باب: كراهة تمني لقاء العدو، والأمر بالصبر عند اللقاء، وأبو داود (2631)، كتاب: الجهاد، باب: في كراهية تمني لقاء العدو، ورواه الترمذي (1678)، كتاب: الجهاد، باب: ما جاء في الدعاء عند القتال، وابن ماجه (2796)، كتاب: الجهاد، باب: القتال في سبيل الله، مختصرًا.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

"معالم السنن" للخطابي (2/ 267)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (6/ 44)، و"المفهم" للقرطبي (3/ 524)، و"شرح مسلم" للنووي (12/ 45)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 223)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1673)، و"فتح الباري" لابن حجر (6/ 156)، و"عمدة القاري" للعيني (14/ 227)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (5/ 122).

ص: 145

(عن) أبي إبراهيمَ (عبد الله بن أبي أوفى)، واسمه علقمة كما تقدم في كتاب: الأطعمة (رضي الله عنه) كتب إلى عمر بن عبيد الله حين سار إلى الحَرورية يخبره: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في بعض أيامه التي لقي فيها العدوَّ) من الكفار لأجل القتال والجهاد لإعلاء كلمة الله (انتظر)؛ أي: أمسك عن القتال صلى الله عليه وسلم (حتى مالتِ الشمسُ) عن كبد السماء؛ لأنها إذا زالت، تَهُبُّ رياح النصر، ويتمكن من القتال بوقت الإبراد وهبوب الرياح؛ لأن الحرّ كلما اشتدَّ، حمي المقاتلون، وحركتهم الشياطين؛ لأنها لا تَقيل، ويحمى سلاحُهم، فإذا هبت الأرواح، بَرَّدَتْ من حَرِّهم، ونشَّطتهم، وخَفَّفت أجسامهم، فلا يثبتون لقتال المسلمين؛ لما حصل لهم من التأييد السّديد بهبوب الريح التي هي من نفس الرحمن، فارتاحوا لهبوبها، واشتد جأشُهم، وقوي عزمُهم بما أُيِّدوا به (1).

وقد روى الترمذي من حديث النُّعمانِ بنِ مقرن، قال: غزوتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكان إذا طلع الفجر، أمسكَ حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت، قاتل، فإذا انتصف النهار، أمسك حتى تزول الشمس، فإذا زالت الشمس، قاتل حتى العصر، ثم يمسك حتى يصلي العصر، ثم يقاتل، وكان يقاتل في محلِّ الصلوات؛ أي: بعدها؛ لأنه عند ذلك تهيج رياح النصر، ويدعو المؤمنون لجيوشهم في صلواتهم (2).

وأخرج الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، وصححه عنه، قال: كان إذا لم يقاتل أول النهار، أَخَّر القتالَ حتى تزول الشمس، وتهبَّ الرياحُ،

(1) انظر: "عمدة القاري" للعيني (14/ 227).

(2)

رواه الترمذي (1612)، كتاب: السير، باب: ما جاء في الساعة التي يستحب فيها القتال.

ص: 146

وتحضر الصلواتُ، وينزل النصر (1). وأخرجه البخاري، وقال: انتظر حتى تهبَّ الرياح وتحضرَ الصلوات (2).

وروى الإمام أحمد في "مسنده" من حديث عبد الله بن أبي أوفى، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبُّ أن ينهض إلى عدوِّه عند زوال الشمس (3).

وروى الطبراني من حديث عتبةَ بنِ غزوان السلميِّ رضي الله عنه، قال: كنا نشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم القتال، فإذا زالت الشمس، قال لنا:"احملوا"، فحملنا (4).

وروى الطبراني أيضًا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يلقَ العدوَّ أولَ النهار، أَخَّرَ حتى تهبَّ الرياح، ويكونَ عند مواقيت الصلاة (5).

ثم (قام) صلى الله عليه وسلم بعد الزوال (فيهم)؛ أي: في الصحابة ممن كان معه في تلك الغزاة، (فقال) عليه السلام:(أيها الناس! لا تتمنوا لقاء العدو) وأصلُ التمني: أن يشتهي الإنسان حصولَ الأمر المرغوبِ فيه، وحديثُ النفس بما يكون، وما لا يكون.

(1) رواه أبو داود (2655)، كتاب: الجهاد، باب: في أي وقت يستحب اللقاء، والترمذي (1613)، كتاب: السير، باب: ما جاء في الساعة التي يستحب فيها القتال، وقال: حسن صحيح، والإمام أحمد في "المسند"(5/ 444).

(2)

رواه البخاري (2989)، كتاب: الجزية والموادعة، باب: الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب.

(3)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 356).

(4)

رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(17/ 116).

(5)

رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(1003).

ص: 147

قال ابن بطال: حكمةُ النهي: أن المرء لا يعلم ما يؤول إليه أمره، وهو نظير العافية من الفتن.

وقد قال الصديق الأعظم: لأَنْ أُعافى فأشكرَ أحبُّ إليَّ من أن أُبتلى فأصبرَ (1).

وقال غيره: إنما نهى عن تمني لقاء العدو؛ لما فيه من صورة الإعجاب والاتكال على النفوس، والوثوق بالقوة، وقلة الاهتمام بالعدو، وكل ذلك يباين الاحتياط والأخذ بالحزم.

وقيل: يُحمل النهي على ما وقع الشكُّ فيه في المصلحة أو حصول الضرر، وإلا، فالقتال فضيلة وطاعةٌ، ويؤيد الأولَ تعقب النهي بقوله صلى الله عليه وسلم:(واسألوا الله العافية)(2).

قال ابن دقيق العيد: لما كان الموت من أشق الأشياء على النفوس، وكانت الأمور الغائبة ليست كالأمور المحققة، لم يؤمَن ألا يكونَ عند الوقوع كما ينبغي، فكُره التمني لذلك، ولِما فيه من أن يقع ما يخالف الإنسان ما وَعَدَ من نفسه (3).

والعافية: من الكلمات الجامعة لكل خير من دنيوي وأخروي.

ولهذا قال صلى الله عليه وسلم كما في حديث الصديق الأعظم رضي الله عنه عند

(1) رواه ابن أبي الدنيا في "الشكر"(28)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"(7/ 144)، وهناد بن السري في "الزهد"(442)، وغيرهم، لكن عن مطرف بن عبد الله.

(2)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (6/ 156).

(3)

انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 224).

ص: 148

الإمام أحمد، والترمذي:"سَلُوا الله العفوَ والعافيةَ؛ فإنَّ أحدَكم لم يُعْطَ بعد اليقين خيرًا من العافية"(1).

وروى الإمام أحمد أيضًا، وابن ماجه من حديث أنس رضي الله عنه:"أفضلُ الدعاء أن تسألَ رَبَّكَ العفوَ والعافيةَ في الدنيا والآخرة؛ فإنك إذا أُعطيتَهما في الدنيا، وأعطيتهما في الآخرة، قد أفلحتَ"(2).

قال الجلال السيوطي في تفسير العافية: هي أن تسلمَ من الأسقام والبلايا (3).

وقال: هي من الألفاظ العامة المتناولة لدفع جميع المكروهات في البدن وغيره، من الظاهر والباطن، في الدين والدنيا والآخرة، والفلاح والبقاء، والفوز والظفر.

(فإذا لقيتموهم)؛ أي: أعداءَ الله ورسولهِ، (فاصبروا)، ولا تخافوا، واثبتوا، ولا تفروا عند إرادة القتال، ولا عند الشروع فيه، ولا حال قتال عدوكم، فإذا صبرتم، فإن الله يؤيدكم، وينصركم، ويثبت أقدامكم، (واعلموا أن الجنة) المعهودةَ وهي جنةُ الخلد (تحت ظلال السيوف)؛ أي: ثوابُ الله والسببُ الموصل إلى الجنة عند الضرب بالسيوف في سبيل الله تعالى.

(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 7)، والترمذي (3558)، كتاب: الدعوات، باب:(106).

(2)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 127)، وابن ماجه (3848)، كتاب: الدعاء، باب: الدعاء بالعفو والعافية.

(3)

وقاله ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث"(3/ 265).

ص: 149

وقال الحافظ ابن الجوزي: المراد: أن دخول الجنة يكون بالجهاد (1).

والظلال: جمع ظِلّ، فإذا دنا الشخص من الشخص، صار تحت ظل سيفه، فإذا تدانى الخصمان، وتلازما، صار كل واحد منهما تحت ظل سيف الآخر، والجنةُ تُنالُ بهذا (2)، وهذا المراد ببارقة السيوف.

وفي حديث أبي موسى عند الحاكم: "الجنة تحت ظلال السيوف"(3).

يقال: برق السيف: إذا تلألأ. وقد تطلق البارقةُ، ويراد بها: نفس السيوف (4).

وأخرج الطبراني من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه بإسناد صحيح: أنه قال يوم صِفِّين: الجنة تحت الأبارقة (5)، وهي السيوفُ اللامعة.

قال في "الفتح": الصواب: تحت البارقة (6).

قال العيني: قال الخطابي: الأبارقة: جمع إبريق، وسمي السيف: إبريقًا.

وكذا فسر ابنُ الأثير كلامَ عمار: الجنة تحت الأبارقة، أي: تحت

(1) انظر: "عمدة القاري" للعيني (14/ 115).

(2)

المرجع السابق، الموضع نفسه.

(3)

رواه الحاكم في "المستدرك"(2388).

(4)

انظر: "عمدة القاري" للعيني (14/ 114).

(5)

رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(7/ 240 - 241 - "مجمع الزوائد" للهيثمي)، والحاكم في "المستدرك"(5687)، من حديث أبي عبد الرحمن السلمي.

(6)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (6/ 33).

ص: 150

السيوف (1)، فلا وجه حينئذٍ لدعوى الصواب (2)؛ يعني: أنه لا وجه لقول الحافظ ابن حجر: الصواب: البارقة.

(ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم) في مقامه ذلك داعيًا بالنصر والتأييد لعباده الأبرار، وبالهزيمة والخذلان والفرار لأعدائه الكفار:(اللهم)؛ أي: يا ألله! حذف منه حرف النداء تخفيفًا، وعوض عنه حرف الميم، ولهذا لا يُجمع بينهما في اختيار الكلام، (منزلَ الكتاب) وهو القرآن العظيم، (ومُجريَ السحاب) بين السماء والأرض مُسَخَّرا لحمل الماء، (وهازمَ الأحزاب) الذين تَحَزَّبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وساروا لمحاربته وقتاله، وهي وقعة الخندق.

وكان رئيسَ قريش أبو سفيان صخرُ بنُ حرب، وكان عِدَّةُ قريش أربعةَ آلاف، فعقدوا اللواء في دار الندوة، وحمله عثمانُ بنُ طلحة، وأسلمَ بعد ذلك، وقادوا معهم ثلاثَ مئة فرس، وكان معهم ألفٌ وخمسُ مئة بعير، ولاقتهم بنو سُليم بمرِّ الظهران في سبع مئةٍ يقودُهم سفيانُ بنُ عبد شمس بن أبي الأعور السلمي الذي كان مع معاوية بصفين، وسار مع الأحزاب بنو أسد بن خزيمة، وقائدها طليحة بن خويلد الأسدي، وأسلم بعد ذلك.

ومن الأحزاب -أيضًا- غطفانُ من قيس عيلان من بني فزاره ألفٌ يقودهم عُيينة بنُ حِصن بن حُذيفةَ بنِ بدر، وأسلم بعد ذلك، وأشجعُ، وقائدها مسعودُ بنُ رُخَيْلَة -بضم الراء وفتح الخاء المعجمة- بنِ نويرة الأشجعي ثم الغطفاني، وأسلم بعد ذلك، وهم أربع مئة.

ومنهم بنو مرة في أربع مئة أيضًا يقودُهم الحارثُ بن عوفٍ المريُّ، وأسلم بعد ذلك.

(1) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (1/ 120).

(2)

انظر: "عمدة القاري" للعيني (14/ 114).

ص: 151

فكان جملة الأحزاب الذين وافوا الخندقَ من قريش، وسليم، وأسد، وغطفان عشرة آلاف.

فهناك ابتُلي المؤمنون، وزُلزلوا زلزالًا شديدًا، فأتت المشركين ريحٌ شديدة وجندٌ عظيمة، فزلزت جمعَهم، وكسرت شوكتهم، وأخمدَت صَولَتَهم، فهُزموا راجعين إلى بلادهم، {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} [الأحزاب: 25].

والوقعة مبسوطة، وأحوالُها مضبوطة في كتب السير (1)، وقد بينا ذلك في سيرتنا "معارج الأنوار شرح نونية الصرصري" بما يشفي ويكفي، ولله الحمد.

وفي رواية فيهما: "اللهمَّ منزِلَ الكتاب سريعَ الحساب، هازم الأحزاب (2)! (اهزمهم) "؛ أي: اكسرهم؛ يعني: الكفار، "وبدِّدْ شملَهم".

وفي لفظ: "اهزمهم وزلزلهم"(3)، دعا صلى الله عليه وسلم عليهم أَلَّا يسكنوا ولا يستقروا.

وقال الداودي: أراد أن تطيش عقولُهم، وترعد أقدامهم عند اللقاء، فلا يثبتون (4).

(1) وانظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2/ 65) وما بعدها، و"الثقات" لابن حبان (1/ 264) وما بعدها.

(2)

رواه مسلم (1742/ 22)، كتاب: الجهاد والسير، باب: استحباب الدعاء بالنصر عند لقاء العدو.

(3)

رواه البخاري (2775)، كتاب: الجهاد والسير، باب: الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة، ومسلم (1742/ 21)، كتاب: الجهاد والسير، باب: استحباب الدعاء بالنصر عند لقاء العدو.

(4)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (6/ 106).

ص: 152

فإن قيل: قد نهى صلى الله عليه وسلم عن السجع، وهذا سجع؛ فإن السجع -بفتح المهملة وسكون الجيم بعدها عين مهملة-: هو موالاة الكلام على رَوِيٍّ واحدٍ، ويقال: هو تناسب أواخرِ الكلمات لفظًا، ومنه: سجعت الحمامةُ: إذا رددت صوتها.

وقال الأزهري: هو الكلامُ المقفَّى من غير مراعاةِ وزنٍ، انتهى (1).

وقال الجلال السيوطي: السجعُ: تواطؤ الفاصلتين على حرف واحد، وهو معنى قولهم: السجعُ في النثر كالقافية في الشعر.

فالجواب: أن السجعَ المنهيَّ عنه سجعُ الجاهلية، وسجعُ الكهان، والأسجاعُ المتكلَّفة، وأما إذا صدرَ اتفاقًا من غير تكلُّف ولا قصد، فهو حسن.

قال ابن التين: يكفي في حُسنه ورودُه في القرآن، ولا يقدح في ذلك حظرُه في بعض الآيات؛ لأن الحسن قد يقتضي المقام إلى ما هو أحسن منه.

وقال الخطابي: السجعُ محمود لا على الدوام (2)، ولذلك لم تَجِىءْ فواصل القرآن كلُّها عليه، والله أعلم.

وفي الحديث من الفوائد: انتظارُ الأمر بالقتال إلى بعد الزوال؛ لتهب رياح النصر، ويحصل عوده للمسلمين عقبَ الصلوات للغزاة والمجاهدين.

وفيه: امتثال الجيش لأميرهم.

(1) المرجع السابق، (11/ 139).

(2)

انظر: "معالم السنن" للخطابي (4/ 34).

ص: 153

وفيه: تعليم الأمير للجند ما ينبغي ويسوغ لهم من طرح الاعتماد على الكثرة والقوة، والتبري من الحول، والاعتماد على الله تعالى في جميع الأمور.

وفيه: الحث على الصبر والترغيب في الأجر، وسؤال العافية الجامعة لكل خير، وتنهيض النفوس والهمم إلى ما يوصل إلى دار النعيم والكرم.

وفيه: الدعاء على الكفار، والثناء على الله تعالى بما هو أهلُه مما يناسب المقام من الآثار، والدعاء بالمعونة والانتصار؛ كما في دعاء النبي المختار، صلى الله عليه وسلم ما تعاقب الليل والنهار (1).

(1) وانظر: "العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1676).

ص: 154