المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الحادي عشر - كشف اللثام شرح عمدة الأحكام - جـ ٧

[السفاريني]

الفصل: ‌الحديث الحادي عشر

‌الحديث الحادي عشر

وَعَنْهُ: أَنَّ امْرَأَةً وُجِدَتْ في بَعْضِ مَغازِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مقْتُولَةً، فَأَنْكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَتْلَ النساءِ والصِّبْيانِ (1).

* * *

ما أشار إليه بقوله: (وعنه)؛ أي: عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن امرأة) من الكفار (وجدت في بعض مغازي النبي صلى الله عليه وسلم)، وهي غزوة حُنين

(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (2851)، كتاب: الجهاد والسير، باب: قتل الصبيان في الحرب، و (2852)، باب: قتل النساء في الحرب، ومسلم (1744/ 24 - 25)، كتاب: الجهاد والسير، باب: تحريم قتل النساء والصبيان في الحرب، وأبو داود (2668)، كتاب: الجهاد، باب: في قتل النساء، والترمذي (1569)، كتاب: السير، باب: ما جاء في النهي عن قتل النساء والصبيان، وابن ماجه (2841)، كتاب: الجهاد، باب: الغارة والبيات وقتل النساء والصبيان.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

"إكمال المعلم" للقاضي عياض (6/ 47)، و"المفهم" للقرطبي (3/ 527)، و"شرح مسلم" للنووي (12/ 48)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 236)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1696)، و"فتح الباري" لابن حجر (6/ 147)، و"عمدة القاري" للعيني (14/ 263)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (5/ 147)، و"سبل السلام" للصنعاني (4/ 50)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (8/ 71).

ص: 208

(مقتولةً، فأنكر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قتلَ النساء والصبيان).

وفي لفظ: فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان (1).

ورواه الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي وابن ماجه (2).

وأخرج الإمام أحمد، وأبو داود عن رباح بن ربيع رضي الله عنه، قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها، وعلى مقدمته خالد بن الوليد، فمر رباحٌ وأصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة مقتولة مما أصابت المقدمة، فوقفوا ينظرون إليها؛ يعني: ويعجبون من خلقها، حتى لحقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته، فانفرجوا عنها، فوقف عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"ما كانت هذه لِتقاتلَ"، فقال لأحدهم:"الحَقْ خالدًا فقل له: لا تقتلْ ذريةً ولا عَسيفًا"(3). العسيف: كالأجير لفظًا ومعنى، وهو أيضًا المملوك.

قال الإمام النووي: أجمع العلماء على العمل بهذا الحديث، وتحريم قتل النساء والصبيان إذا لم يقاتلوا، فإن قاتلوا، فقال جمهور العلماء: يقتلون.

وأما شيوخ الكفار، فإن كان فيهم رأي، قُتلوا، وإلا ففيهم وفي الرهبان خلاف، فقال مالك، وأبو حنيفة: لا يقتلون، والأصح من مذهب الشافعي قتلُهم، انتهى (4).

(1) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (2852)، وعند مسلم برقم (1744/ 25).

(2)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 22). وتقدم تخريجه عند أبي داود، والترمذي، وابن ماجه قريبًا.

(3)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 178)، وأبو داود (2669)، كتاب: الجهاد، باب: في قتل النساء.

(4)

انظر: "شرح مسلم" للنووي (12/ 48).

ص: 209

قلت: معتمد مذهب الإمام أحمد: متى ظُفر بهم، حَرُمَ قتلُ صبي وامرأة وخنثى وراهب، ولو خالط الناس، وشيخٍ فانٍ، وَزَمِنٍ، وأعمى.

وفي "مغني" الإمام الموفق: وعبد، وفلاح لا رأي لهم، إلا أن يقاتلوا، أو يحرضوا عليه (1).

وأما المريضُ، فيُقتل مَنْ لو كان صحيحًا، لقاتل؛ كالإجهاز على الجريح، وإن كان ميئوسًا من برئه، فَكَزَمِنٍ فانٍ، فإنْ تَتَرَّسوا بهم، جاز رميهم، ويقصد المقاتلة.

ولو وقفت امرأة في صف الكفار، أو على حصنهم، فشتمت المسلمين، أو تكشفت لهم، جاز رميُها والنظرُ إلى فرجها للحاجة إلى رمِيها، وكذلك يجوز رميُها إذا كانت تلتقط لهم السهام، أو تسقيهم الماء (2). والله الموفق.

(1) انظر: "المغني" لابن قدامة (9/ 244).

(2)

انظر: "الإقناع" للحجاوي (2/ 73).

ص: 210