الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الانتباذ في الاواني الخضر
ترجم ابن الاثير في أسد الغابة وابن حجر في الاصابة مسلم بن عمير الثقفي، فذكر أن الطبراني أخرج عن عمير قال: أهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جرة خضراء فيها كافور، فقسمه بين المهاجرين والأنصار وقال: يا أم حليمة انتبذي لنا منها، وفي التجريد للذهبي:
مسلم بن عمير الثقفي روى عنه مزاحم بن عبد العزيز إن صح الحديث.
دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم لمن أزال شعرة من مائه
ترجم الحافظ في الاصابة لأبي زيد بن أخطب، فذكر أن أحمد خرّج عنه قال:
استسقى النبي صلى الله عليه وسلم ماء، فأتيته بقدح فيه ماء، فكانت فيه شعرة فأخذتها، فقال: اللهم جمّله.
قال فرأيته ابن أربعة وتسعين، ليس في لحيته شعرة بيضاء، وصححه ابن حبان والحاكم.
الخادم يخدم عند الأكل
ذكر أبو عمرو صاحب التهذيب في مواليه عليه السلام أبا عبيد وقال: هو الذي قال له عليه السلام: ناولني الذراع فقال: كم للشاة من ذراع؟ فقال: فو الذي نفسي بيده لو سكتّ لناولتني الذراع ما دعوت، أخرجه في الشمائل قال أبو عمرو: يقال إنه خادمه.
أوانيه عليه السلام
قال العاملي في بهجة المحافل: كان له عليه السلام قصعة يقال لها الغرّاء يحملها أربعة رجال، لها أربع حلق. قال العلامة ابن الأشخر اليمني في شرحها: رواه أبو داود عن عبد الله بن بشر، ورواه الطبراني عن عبد الله بن زيد قال العامري: وكان له خشب بثلاث ضبات من فضة وقيل من حديد وفيه حلق تعلق به، وكان بعده عند أنس بن مالك، ثم عند بنته بعد، وكان له قدح من زجاج. قال ابن الأشخر: يشرب فيه. كما رواه ابن ماجه عن ابن عباس وقال: من قوارير اهـ وكان له قدح آخر يقال له: الريان (قدح من الحجارة) ومخضب من شبه، يكون فيه الحناء والكتم يوضع منه على رأسه إذا وجد حرا، وكان له مغتسل من صفر، وصاع يخرج به فطرته عليه السلام. قال ابن الأشخر: وكان له سرج يسمى الراج بالمهملة والجيم وكان له بساط يسمى الكز بالكاف والزاي، وكان له ركوة تسمى الصادر. أخرجه الطبراني في الكبير عن ابن عباس. وكان له قدح من عيدان تحت سريره يبول فيه بالليل. أخرجه أبو داود والترمذي والحاكم عن أميمة بنت رقية، والعيدان بفتح المهملة جمع عيدانة وهي النخلة الطويلة اهـ.
هل كانوا يهنئون الشارب في الزمن النبوي
عن ابن جريج قال: أخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول في قدح من عيدان وهي الطوال من النخل، ثم توضع تحت سريره فجاء فإذا القدح ليس فيه شيء. فقال: لإمرأة يقال لها
بركة، كانت تخدم أم حبيبة جاءت معها من أرض الحبشة أين البول الذي كان في القدح؟
قالت: شربته قال: صحة يا أم يوسف فما مرضت قط، حتى كان مرضها الذي ماتت فيه رواه عبد الرزاق في مصنفه. وأبو داود متصلا عن ابن جريج، عن حكيمة عن أمها أميمة.
وصحح ابن دحية أنهما قصتان وقعتا لإمرأتين وقد وضح أن بركة أم يوسف غير بركة أم أيمن، وهو الذي ذهب إليه البلقيني قلت: وحكيمة المذكورة بضم الحاء المهملة وفتح الكاف مصغر كما في التبصير وغيره تابعية، وفي الاصابة عن أبي نعيم: لم يرو عنها إلا ابن جريج ونحوه في مختصر التهذيب، فإنه لم يذكر لها راويا سواه، وفي مرقاة الصعود للسيوطي: لم يرو عن حكيمة إلا ابن جريج. زاد الذهبي: روي عنها بصيغة عن أي وهو مدلس فيتقي من حديثه ما عنعن فيه. وكذا لأبي داود وأبي نعيم. لكن في الإستيعاب وجامع الرّعيني بصيغة التحديث. فإن ثبت، فلم يبق إلا الجهل بحكيمة فقد قال الذهبي في الميزان: في ترجمة حكيمة: غير معروفة، قال الزرقاني المالكي على قوله عليه السلام لها:
صحة بكسر الصاد والنصب أي جعله الله صحة، أو الرفع أي ما شربته صحة أي سبب لها.
وفيه إن قول ذلك مستحب للشارب، ويقاس عليه الأكل. وحكمته: أنه يخشى منهما السقم ونحوه كما قيل:
فإن الداء أكثر ما تراه
…
يكون من الطعام أو الشراب
اهـ منه ص 268 من الجزء الرابع.
وقال الشهاب الخفاجي في شرح الشفا على الحديث المذكور ص 451 من الجزء الأول ما نصه: في قوله عليه السلام: صحة. ما يدل على أن الدعاء به بعد الشرب سنة لا بدعة اهـ ثم وجّه بما سبق عن الزرقاني، وأنشد البيت المذكور أيضا. وفي حاشية النور على الشبراملسي على المواهب على قوله: صحة أيضا: يوخذ منه أن قول صحة سنة، وينبغي أن يكون مثل الشرب الأكل اهـ.
وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن الحاج العبدري المالكي في المدخل ص 196 من الجزء الأول: قول: صحة لمن يفرغ من الشرب، وإن كان دعاء حسنا، فاتخاذه عند الشرب بدعة. فإن قيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم أيمن، لما أن شربت بوله: صحة فهذا ليس فيه حجة، فإنه لم يكن ثم ماء يشرب، وإنما هو البول وهو إذا شرب عاد بالضرر، فقال عليه السلام: صحة لينفي عنها ما تتوقعه، مما جرت به العادة من بول غيره بخلاف شرب الماء. ويدل على ذلك أنّه لم ينقل عنه عليه السلام هذا اللفظ في غير هذا الموطن، ولا عن أحد من الصحابة والسلف فلم يبق إلا أن يكون بدعة اهـ وهو وجيه، إلّا أن آداب الإسلام لا تنافي التهنئة بالشراب والأكل. وقول صحة للشارب جرت مجرى الليل والنهار، في المغرب الأوسط، حتى ربما كنت أستثقل هناك الشراب لأجل تهافتهم على تهنئة الشارب بها من أفواه جميع من حضر. وفي الحجاز ومصر يقولون: هنيئا مريئا. وربما يقام
لهم الدليل علي ذلك من حكايته سبحانه عن تهنئة أهل الجنة لمن يأكل فيها من الداخلين:
كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ [الحاقة: 24] . وقد رأيت في رحلة عالم المغرب الأوسط الشيخ أبي راس المعسكري، أنه لما دخل إلى فاس حضر وليمة بها، فشرب بعض الطلبة بمحضره. قال: فبادرته بلفظ: صحة فضحك مني من حضر، حتى قرعت سن الندم. ثم قلت: ما سندكم في الترك؟ فقالوا: تلك عادتنا. فقلت: تستدلون بنقل على ذلك؟ فقالوا بأجمعهم: وأي نقل في هذا؟ فقلت: إن شهاب الدين الخفاجي نصّ على السنة، وصاحب المدخل على عكسه. وكان الشيخ الطيب بن كيران متكئا. ولما سمع النقل استوى كاستواء المأمون لما لحنه النضر بن شميل وقال: أيوجد النقل على ذلك والإختلاف على ما هنالك؟ فقلت: نعم وأحلتهم على كلام الشهاب والمدخل، قال فاعترفوا بفضلي وبصحة نقلي اهـ كلامه ملخصا.
وقد علمت مما سبق أن الزرقاني من محدثي المالكية صرّح باستحباب التهنئة، وتصريح شيخه النور الشبراملسي الشافعي بالإستحباب، فتأيد تصريح الشهاب الخفاجي مع العمل المتوارث بالمشرق وغيره اليوم.
وفي شرح منظومة الآداب للمحدث السفاريني الحنبلي؛ ذكرهم أي فقهاء الحنابلة أن الحامد أي بعد الأكل يدعى له: يدل على أنه يدعى للآكل والشارب بما يناسب الحال.
والقول بالإستحباب مطلقا هو مقتضى كلام ابن الجوزي. اهـ انظر بقيته في ص 134 من الجزء الثاني وهو ملخص من كلام مطوّل في المسألة للإمام بن مفلح في كتابه: الآداب الكبرى انظرها ولا بد. والله أعلم.
ثم بعد هذا بمدة، وقفت على كلام في الباب للشهاب بن حجر الهيثمي في فتاويه الفقهية؛ لا أجمع منه ولا أجود، وهذا سياقه رحمه الله: سئل عما اعتيد من قول الإنسان لمن يفرغ من شربه: صحة ونحو ذلك، هل له أصل أو هو بدعة؟ فأجاب بقوله: يمكن أن يقال إن له أصلا ويحتج بقوله صلى الله عليه وسلم لأم أيمن لما شربت بوله صلى الله عليه وسلم: صحة يا أم أيمن لن يلج النار بطنك، ووجه القياس أن المختار عند كثير من أئمتنا طهارة فضلاته عليه السلام، وأن بوله شفاء أي شفاء. فإذا قال ذلك لشاربته، فلا بدع أن يقاس عليه قول مثله لشارب الماء، لا يقال لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم قول ذلك في غير هذه الواقعة لأنا نقول: لا يشترط في الإقتداء به صلى الله عليه وسلم فيما يفعله على جهة التشريع تكرّر ذلك الفعل منه صلى الله عليه وسلم؛ بل يكفي صدور ذلك منه كذلك ولو مرة، كما هو واضح، على أن عدم النقل في غير هذه الواقعة لا يدل على عدم الوجود. وليس هذا مما تتوفر الدواعي على نقله، وبقولنا: إن بوله صلى الله عليه وسلم شفاء اندفع ما قيل هذا لا حجة فيه، لأنه لم يكن ثم ما يشرب، وإنما هو البول، وهو إذا شرب عاد بالضرر.
فقال: صحة لينفي عنها ما تتوقعه مما جرت به العادة من بول غيره عليه السلام، فتضمن ذلك دعاء وإخبارا بخلاف شرب الماء اهـ فقوله: لينفي عنها ما تتوقعه، يردّ بأنه تقرر عند