الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأعطاني شيئا ثم ختمه، فلما استخلف عثمان أتيته بالكتاب ففضه وقرأه وأعطاني شيئا، ثم ختمه فلما استخلف عثمان أتيته بالكتاب ففضه وقرأه وأعطاني شيئا، ثم ختمه فلما استخلف عمر بن عبد العزيز بعث إلى ولده الحارث بن مسلم، فأتاه فأعطاه شيئا وقال: لو أردت لوصلت إليك، ولكني أردت أن تحدثني بحديثك عن أبيك عن النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثته به، وانظر ترجمة سندر مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم من طبقات بن سعد ص 196 من الجزء السابع.
فصل هل كتب عليه السلام بنفسه شيئا وامضى بعض كتبه (بيمينه الشريفة أم لا)
وقع في قصة صلح الحديبية من الصحيح وغيره، أنه لما عقد مع كفار قريش ما عقد دعا عليّا وقال: أكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل: لا أعرف هذا ولكن اكتب:
باسمك اللهم فقال: أكتب فكتبها ثم قال: أكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله فقال سهيل: لو شهدت إنك رسول لم أقاتلك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا رسول الله وأنا محمد بن عبد الله، ثم قال لعلي أمح محمد رسول الله قال: لا والله لا أمحوك فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب فكتب هذا: ما قاضى محمد بن عبد الله، ولفظ الصحيح. كتب وهو لا يحسن الكتابة، فتمسك بظاهره الإمام أبو الوليد الباجي وجزم بأنه صلى الله عليه وسلم كتب، وذكر الحافظ ابن دحية، كما في خصائص القطب الخيضري، أن جماعة من العلماء وافقوه على ذلك، منهم شيخه أبو ذر الهروي وأبو الفتح النيسابوري، وآخرون من علماء إفريقية وغيرها، وقد سبقهم إلى ذلك جميعا عمر بن شبة فقال في كتاب الكتاب له؛ كتب النبي صلى الله عليه وسلم بيده يوم الحديبية، ومما استدل به الباجي ومن وافقه ما أخرجه ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال: ما مات النبي صلى الله عليه وسلم حتى كتب وقرأ. قال عجالة فذكرت ذلك للشافعي فقال: صدق سمعنا قوما يذكرون ذلك اهـ.
وفي فيض القدير على حديث: «ضع القلم على أذنك فإنه اذكر للمملي وأخذ القاضي من قصة الحديبية أنه صلى الله عليه وسلم كتب بعد أن لم يحسن الكتابة، ثم إنه أشار لمذهب الباجي ومن عارضه، قال: والنصر له بأن الأمية لا تنافيه، بل يقتضي تقييده النفي بما قبل ورود القرآن، وبعد ما تحققت أميته وتقررت معجزته، لا مانع من كتابته بالتعليم فتكون معجزة أخرى، وروى ابن أبي شيبة عن عوف: ما مات صلى الله عليه وسلم حتى كتب وقرأ اهـ كلام المناوي في الفيض، وهو ملخص من كلام القاضي أبي بكر بن العربي في «سراج المريدين» فإنه لما تكلم على الغربة قال: وأشد أنواعها فقد النظير، وعدم المساعد، والإضطرار إلى صحبة الجاهل، ثم نظّر ببقي بن مخلد، ومحمد بن موهب، وما لقيا من أهل بلدهما بعد الرجوع من الرحلة حسدا على ما رجعا به. قال: وهذا أبو الوليد الباجي رحل وأبعد وجلب علما جمّا وقرىء عليه البخاري، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم محا وكتب فقيل له:
على من يعود قوله: وكتب. فقال: على النبي فقيل له: وكتب بيده؟ قال: نعم. ألا ترونه
يقول في الحديث: فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب، وليس يحسن الكتابة فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله. فقوّلوا عليه، وحملوا كل تكذيب وتعطيل عليه، وانتدب جاهل من المقرئين، فأخبرني أبو محمد عبد الله بن أبي عصام بالمسجد الأقصى قال: رأيته يصيح في المسجد الجامع، ويعلن بالزندقة إليه بيد أن الأمير كان متثبتا فدعا بالفقهاء، فاتفقوا على أن هذا القول كفر، فاستظهر الباجي ببعض الحجة في ذلك وقال للأمير:
هؤلاء جهلة ولكن اكتب إلى علماء الآفاق، فكتب إلى إفريقية وصقلية، فجاء الجواب: إن يكتب بعد أميته فيكون ذلك من معجزته، لا يطعن أحد بذلك عليه، لأنهم تحققوا أميته ثم شاهدوا معجزته، فوقفوا ولم يطعنوا اهـ كلام ابن العربي. ومن نسخة عندي عليها خطه نقلت.
وفي ترجمة الباجي من «الديباج المذهب» للبرهان بن فرحون أن الذي أنكر على الباجي وكفره أبو بكر بن الصائغ الزاهد، قال ابن فرحون: وتكلم في ذلك من لم يفهم الكلام حتى أطلقوا عليه اللعن، فلما رأى ذلك الباجي، ألف رسالته المسماة بتحقيق المذهب، بين فيها المسألة لمن يفهمها، وأنها لا تقدح في المعجزة، كما لا تقدح القراءة في ذلك، فوافقه أهل التحقيق بأسرار العلم، وكتب بها لشيوخ صقلية فأنكروا على ابن الصائغ ووافقوا أبا الوليد على ما ذكره اهـ كلام ابن فرحون.
وقد ساق قصة الباجي هذه الحافظ الذهبي في ترجمته من تذكرة الحفاظ، وذكر أن الباجي لما ألف رسالته التي بين فيها أن ذلك غير قادح في المعجزة، رجع بها جماعة. ثم قال: ما كل من عرف أن يكتب اسمه فقط بخارج عن كونه أميا، لأنه لا يسمى كاتبا، وجماعة من الملوك قد أدمنوا على كتابة العلامة وهم أميون، والحكم للغلبة لا للصورة النادرة، فقد قال عليه السلام إنا أمة أمية أي أكثرهم كذلك لندور الكتابة في الصحابة، وقال تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ [الجمعة: 2] اهـ كلام الذهبي. وهو وجيه لا غبار عليه.
وخرّج الذهبي في التذكرة أيضا في ترجمة ابن مندة ص 35 من الجزء الثاني، بسنده إلى عوف بن عبد الله بن عتبة عن أبيه قال: ما مات النبي صلى الله عليه وسلم حتى قرأ وكتب، ثم قال الذهبي عقبه: قلت: وما المانع من جواز تعلم النبي صلى الله عليه وسلم يسير الكتابة، بعد أن كان أميا لا يدري ما الكتابة؟ فلعله لكثرة ما أملى على كتاب الوحي، وكتاب السنن والكتب إلى الملوك، عرف من الخط وفهمه وكتب الكلمة والكلمتين، كما كتب اسمه الشريف يوم الحديبية (محمد بن عبد الله) وليست كتابته لهذا القدر اليسير، مما يخرجه عن كونه أميّا، ككثير من الملوك أميين ويكتبون العلامة اهـ من التذكرة بلفظها. وما أشار إليه الذهبي أقوى صدمة للمعارض من كون كتابته عليه السلام كانت معجزة، وإن سبق إليها ابن العربي كما تقدم، ثم الحافظ ابن الجوزي في المشكل فإنه قال: إطلاق يده بالكتابة ولم يحسنها