الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآلات الحربية، كالمجانيق وغيرها ومنفعته شديدة الغناء في حماية المدن، ودفع الأعداء ولموسى بن شاكر فيه كتاب مفيد اهـ.
وذكر الجاحظ في البيان والتبيين أن جذيمة الأبرش التنوخي آخر ملوك قضاعة بالحيرة هو أول من اتخذ المنجنيق ووضعه على الحصون.
باب في الدبابات
(الدبابة بفتح الدال المهملة مخففة عن تاء التأنيث، آلة من آلات الحرب يدخل فيها الرجال فيدبون إلى الأسوار ينقبون) قال في القاموس: الدبابة تتخذ للحروب فيدفع في أصل الحصن فيشنون وهم في جوفها اهـ وهي بيت صغير تعمل للحصون، يدخلها الرجال فينقبون من داخلها، ويكون سقفها حرزا لهم من الرمي اهـ.
وفي طبقات ابن سعد لدى الكلام على وفد ثقيف: ولم يحضر عروة بن مسعود ولا غيلان بن سلمة حصار الطائف كانا بجرش يتعلمان صنعة العرّادات والمنجنيق والدبابات، فقدما وقد انصرف رسول الله عن الطائف فنصبا المنجنيق والعرّادات والدبابات الخ.
قلت: جرش: كما في القاموس بلد بالأردن قرب عمان، وكزمر: مخلاف باليمن منه الأديم، والعرّادات قال فيه أيضا: شيء أصغر من المنجنيق، وفي كتاب أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن الطلاع، في السير: أول من رمى بالمنجنيق رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف، دخل نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت دبابة، ثم رجعوا بها إلى جدار الطائف ليحرقوه اهـ منه.
باب في القوم يحرقون الأشجار ويقطعونها
«في صحيح مسلم «1» عن عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم حرّق نخل بني النضير، فأنزل الله عز وجل: ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ [الحشر: 6] » .
باب في حفر الخندق الحفير
« (وخندق ما حوله حفر خندقا) ذكر ابن إسحاق في السيرة خبر اليهود الذين حزّبوا الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع بهم، وما أجمعوا له من الأمر ضرب الخندق على المدينة، فعمل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ترغيبا للمسلمين في الأجر وعمل معه المسلمون.
وذكر ابن الجوزي في صفوة الصفوة عن كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ خط الخندق وقطع لكل عشرة أربعين ذراعا فاحتج المهاجرون والأنصار
(1) ج 2 ص 1365 من كتاب الجهاد والسير رقم الحديث 1746.
في سلمان رضي الله عنه وكان رجلا قويا فقال المهاجرون: منا وقال الأنصار: منا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منا أهل البيت.
«وفي سيرة ابن إسحاق أنه صلى الله عليه وسلم ضرب معهم، وحفر بنفسه الكريمة، وأقبل فوارس من قريش حتى وقفوا على الخندق، فلما رأوه قالوا: والله إن هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها.
«وفي ترجمة سلمان من الاستيعاب ص 572 من ج 2 أن سلمان هو الذي أشار به، وأن أبا سفيان هو الذي قال: هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها.
وفي نفحة الحدائق: أول من ضرب الخندق في الإسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة» .
وقال: السهيلي أيضا: اتخاذ الخندق من مكايد الفرس في الحروب، ولذلك تفطن سلمان وأشار به، والفرس أول من خندق «1» وبختنصّر أول من اتخذ الكمائن. ويدل ذلك على جواز مثل هذا في التحرز من العدو، والأصل فيه قوله تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال: 61] اهـ نقله ابن باديس.
وفي ذلك أعظم دلالة، على أن المماليك والدول التي لا تنسج على منوال مجاوريها، فيما يتخذونه من الآلات الحربية، والتراتيب العسكرية والأنظمة العلمية والعملية الصناعية والزراعية، يوشك أن تكون غنيمة لهم ولو بعد حين، فحال نبينا الكريم كان يقضي بأخذه بالأحسن والأنفع في كل باب، سواء كان قومه يعلمونه ويعملون عليه أم لا، ولذلك ثببت أنه قال لعاصم بن ثابت: من قاتل فليقاتل كما يقاتل.
وقال الحافظ ابن تيمية في رسالة عموم بعثته عليه السلام: ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر بقتال الترك، وأن أمته ستقاتلهم، ومعلوم أن قتالهم النافع إنما هو بالقسي الفارسية ولكن قوتلوا بالقسي العربية التي تشبه قوس القطر فلم تغن شيئا؛ بل استطالوا على المسلمين بقوة رميهم، فلا بد من قتالهم بما يقهرهم، وقد قال بعض المسلمين لعمر بن الخطاب: إن العدو إذا رأيناهم لبسوا الحرير وجدنا في قلوبنا روعة فقال: وأنتم فالبسوا كما لبسوا، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في عمرة القضاء بالرّمل والاضطباع، ليرى المشركون قوتهم، وإن لم يكن هذا مشروعا قبل هذا، ففعل لأجل الجهاد ما لم يكن مشروعا اهـ.
ويوضح هذا ما تضمنته وصية الصديق، لخالد بن الوليد حين بعثه لقتال المرتدين فقال: يا خالد، عليك بتقوى الله، والرفق بمن معك، إلى أن قال: ثم إذا لاقيت القوم فقاتلهم بالسلاح الذي يقاتلونك به، السهم للسهم، والرمح للرمح، والسيف للسيف، قال في أقوم المسالك: ولو أدرك هذا الزمان لأبدل ذلك بذكر المدفع، والقنابل والسفينة المدرعة ونحو ذلك من المخترعات، التي تتوقف عليها المقاومة، ولا يتحصل بدونها الاستعداد الواجب شرعا الذي يلزم معرفة قوة المستعد له، والسعي في تهيئة مثلها أو خير منها، ومعرفة الأسباب المحصلة له اهـ.
(1) خندق كلمة معربة عن كندك. بمعنى حفرة واليوم يقال في الفارسية: كنده. مصححه.
ولأبي عبد الله محمد بن عبد القادر الكردودي الفاسي كتاب: «كشف الغمة في أن حرب النظام واجب على هذه الأمة» وهو مطبوع بفاس.
وقد قال الزرقاني في شرح المختصر لدى قوله ونلتم نقلا عن العز بن عبد السلام:
ليس كل ما فعلته الجاهلية منهيا عن ملابسته، بل ما خالف فيه شرعنا، وقد حفر صلى الله عليه وسلم الخندق ولم تكن العرب تعرفه، ومدح قسيّ العجم وقال: هم أقوى منكم رميا اهـ.
وقال المواق في سنن المهتدين: كنت أبحث لأهل الفحص في لبسهم الرندين، كما قال مالك في المظال: ليست من لباس السلف وأباحها لأنها تقي من البرد، يعني فأفتيت بإباحتها، فشنّع عليّ في ذلك فكان من جوابي أن قلت: الرندين ثوب رومي يضمحل التشبه فيه بالعجم في جنب منفعته، إذ هو ثوب مقتصد ينتفع به ويقي من البرد، ونص من أثق به من الأيمة إنه: ليس كل ما فعلته الأعاجم نهينا عن ملابسته، إلا إذا نهت عنه الشريعة، ودلت القواعد على تركه، والمراد بالأعاجم الذين نهينا عن التشبه بهم أتباع الأكاسرة في ذلك الزمن، ويختص النهي بما يفعلونه على خلاف مقتضى شرعنا وأما ما فعلوه على وفق الندب أو الإيجاب أو الإباحة في شرعنا فلا نترك ذلك لأجل تعاطيهم إياه، لأن الشرع لا ينهى عن التشبه بفعل ما أذن الله فيه، فقد حفر صلى الله عليه وسلم الخندق على المدينة، تشبها بالأعاجم حتى تعجب الأحزاب منه، ثم علموا أنه بدلالة سلمان الفارسي الخ كلامه.
وانظر تحديد الأسنة في الذب عن السنة لشيخنا الأستاذ الوالد رضي الله عنه.
وفي حواشي الشمس بن عابدين على الدر المختار نقلا عن الذخيرة من كبار كتب الحنفية قال هشام: رأيت على أبي يوسف نعلين مخصوفين بمسامير، فقلت أترى بهذا الحديد بأسا قال: لا. قلت: سفيان وثور بن يزيد كرها ذلك لأن فيه تشبها بالرهبان، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي ليس لها شعر، وإنها من لباس الرهبان، قال:
فقد أشار إلى أن صورة المشابهة فيما تعلق به صلاح العباد لا يضر، فإن الأرض مما لا يمكن قطع المسافة البعيدة فيها إلا بهذا النوع اهـ منه ص 438 الجزء الأول.
وفي الزرقاني على المختصر لدى قوله: ونلتم عن بعضهم نهى النبي صلى الله عليه وسلم العرب عن التشبه بالعجم، ولم يأت أنه نهى وافدا عليه من العجم عن زيهم وندبهم إلى زي العرب قال بعضهم: ومن هذا المعنى أن ما وافق الجاهلية ولم يرد نهي شرعنا عنه «1» ، وصلة الناس أرحامهم في المباحات في النيروز والمهرجان، وقال مالك: لا بأس بلباس البرانس، وليست من لباس السلف.
أبو عمر: الأصل في الأشياء الإباحة، حتى يثبت النهي اهـ منه. وجعل الشيخ بناني قولة مالك في البرانس التي ذكر ز محرفة، وأن مالكا قال: إنها من لباس السلف، ولعل الموضوع مختلف.
(1) ثمة نقص في الجملة وتكملته: فلا بأس به. والله أعلم.