الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودرهم، أو درهمين فلما قدم صرارا (موضع بظاهر المدينة على ثلاثة أميال منها من جهة المشرق) أمر ببقرة فذبحت، فأكلوا منها. قال ابن بطال: فيه إطعام الإمام والرئيس أصحابه عند القدوم من السفر، وهو مستحب عند السلف، ويسمى النقيعة وزن عظيمة، ونقل عن المهلب: أن ابن عمر كان إذا قدم من سفر أطعم من يأتيه اهـ.
باب في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رجع من سفره
في الموطأ عن ابن عمر: كان النبي عليه السلام إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات، ثم يقول: لا إله إلا الله وحده، لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، آيبون (أي راجعون) تائبون عابدون لربنا حامدون، صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده.
باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم عند كل قرية أراد أن يدخلها
في كتب السير أنه عليه السلام لما أشرف على خيبر قال: قفوا؛ اللهم رب السماوات وما أظللن، ورب الأرضين وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما أذرين، فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها، ونعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها، أقدموا بسم الله. وكان يقولها لكل قرية دخلها خرّجه النسائي «1» من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه قال: قال كعب الأحبار: والذي فلق البحر لموسى أن صهيبا حدثني أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لم يرقرية يريد دخولها إلا قال حين يراها اللهم رب الخ الحديث. إلا أنه قال والأرضين السبع، ولم يذكر ابن إسحاق السبع إلا في السماوات قال كعب: والذي فلق البحر لموسى: أنها كانت دعوته حين يرى العدو، وذكر ابن عاث من طريق آخر زيادة في آخره: أسألك مودة خيارهم، وأن تحميني من شرارهم، وانظر أذكار النووي وشرحها لابن علّان المكي، وتخريج أحاديثها للحافظ ابن حجر.
كيف كان حال كفار جزيرة العرب معه عليه السلام
كان الكفار بعد الهجرة كما أفاده الحافظ في غزوة بني النضير وغيرها على ثلاثة أقسام.
قسم وادعهم عليه السلام على أن لا يحاربوه، ولا يؤلبوا عليه عدوا، وقيل على أن لا يكونوا معه ولا عليه، وقيل: على أن ينصروه ممن دهمه من عدوه، وهم طوائف اليهود الثلاثة قريظة والنضير وبنو قينقاع فنقض الثلاثة العهد، فمكن الله رسوله منهم فقاتل قريظة من أجل الآخرين.
وقسم حاربوه صلى الله عليه وسلم، ونصبوا له العداوة، كقريش فنصره الله عليهم وفتح مكة فصار
(1) لم أعثر على الحديث في النسائي ووجدته في الأذكار للنووي ص 238 وقد عزاه للنسائي وابن السني. وروى الترمذي حديث يقاربه لفظا ومعنى: ج 5/ 539 كتاب الدعوات.
أعظمهم عليه أحوجهم إليه، ثم في حجة الوداع لم يبق أحد من قريش إلا أسلم وصاروا كلهم أتباعه.
وقسم تركوه وانتظروا ما يؤول إليه أمره كطوائف العرب، منهم من كان يحب ظهوره في الباطن كخزاعة، وبالعكس كبني بكر، ومنهم من كان معه ظاهرا ومع عدوه باطنا، ومنهم المنافقون فكانوا يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، وكان أول من نقض العهد من اليهود بنو قينقاع، ثم النضير ثم قريظة، فحاربهم المصطفى بعد وقعة بدر بشهر.
وقال الحافظ ابن تيمية في كتابه: الصارم المسلول على شاتم الرسول ص 98: لا خلاف بين أهل السير أن جميع قبائل الأوس والخزرج لم يكن فيهم من يقاتل المصطفى بيد ولا لسان، ولا كان أحد بالمدينة يتمكن من إظهار ذلك، وإنما غاية الكافر أو المنافق منهم أن يثبط الناس عن اتباعه، أو يعين على رجوعه من المدينة إلى مكة ونحو ذلك مما فيه تخذيل عنه وحض على الكفر به، لا على قتاله.
ومن المعلوم من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، الظاهر علمه عند كل من له علم بالسيرة، أنه عليه السلام لما قدم المدينة لم يحارب أحدا من أهل المدينة، بل وادعهم حتى اليهود خصوصا بطون الأوس والخزرج، فإنه كان يسالمهم ويتألفهم بكل وجه، وكان الناس إذ قدمها على طبقات: منهم المؤمن وهم الأكثرون ومنهم الباقي على دينه، وهو متروك لا يحارب ولا يحارب، وهو والمؤمنون من قبيلته وحلفائهم أهل سلم لا أهل حرب، حتى حلفاء الأنصار أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على حلفهم.
قال موسى بن عقبة: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وليس فيها دار من دور الأنصار، إلا فيها رهط من المسلمين، إلا بني خطمة، وبني واقف، وبني وائل، كانوا آخر الأنصار إسلاما. وحول المدينة حلفاء للأنصار كانوا يتظاهرون بهم في حربهم، فأمر المصطفى أن يخلوا حلف حلفائهم، للحرب التي كانت بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم وبين من عادوا الإسلام، وكان صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وأهلها أخلاط فيهم المسلمون، الذين تجمعهم دعوة الإسلام، وفيهم أهل الحلقة والحصون، وفيهم حلفاء للحيين جميعا الأوس والخزرج، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة استصلاحهم كلهم وموادعتهم.
كان الرجل يكون مسلما وأبوه مشركا. ومن المعلوم أن قبائل الأوس كانوا حلفاء بعضهم لبعض، وكان فيهم المظهر للإسلام المبطن لخلافه، وكان الإسلام يفشو في بطون الأنصار بطنا بعد بطن، حتى لم يبق فيهم مظهر الكفر، بل صاروا إما مؤمنين أو منافقين.
وكان من لم يسلم منهم بمنزلة اليهود موادع لهذين، أو هم أحسن حالا من اليهود، لما يعرف فيه من العصبية لقومه، وأن يهوى هواهم ولا يرى أن يخرج عن جماعتهم، وكان صلى الله عليه وسلم يعاملهم بالكف عنهم، واحتمال أذاهم بأكثر مما يعامل به اليهود، لما كان يرجو منهم، ويخاف من تغير قلوب من أظهر الإسلام من قبائلهم لو أوقع بهم، وهو في ذلك متبع قوله تعالى: