الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والقيام بما يلزم له على حسب سعة الحال والمال في زمنه، وإلا ففي الإصابة: رفيدة الأنصارية أو الأسلمية ذكرها ابن إسحاق في قصة سعد بن معاذ، لما أصابه السهم بالخندق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلوه في خيمة رفيدة التي في المسجد، حتى أعوده من قريب، وكانت أمرأة تداوي الجرحى، وتحتسب بنفسها على من كانت به ضيغة من المسلمين.
وقال البخاري في الأدب المفرد: حدثنا أبو نعيم حدثنا ابن الغسيل، عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد قال: ولما أصيب أكحل سعد يوم الخندق فقيل: حولوه عند امرأة يقال لها رفيدة، وكانت تداوي الجرحى، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر به يقول:
كيف أصبحت كيف أمسيت فيخبره.
وأورده في التاريخ في قصة وفاة سعد وسنده صحيح، وأورده المستغفري من طريق البخاري، وأبو موسى من طريق المستغفري اهـ.
وفي الإصابة أيضا في حرف الكاف كعيبة بنت سعيد الأسلمية فذكرها بنحو ذلك، وكانت أخت رفيدة.
باب في الطبيب
وفي ترجمتها من الإصابة قال هشام بن عروة عن أبيه: ما رأيت أحدا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة. (وفي الأحكام النبوية لأبي الحسن بن طرخان الحموي، أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يديم التطبب في حال صحته ومرضه، أما في صحته فباستعمال التدبير الحافظ لها من الرياضة وقلة المتناول، وأكله الرطب بالقثاء، والرطب بالبطيخ ويقول: يدفع حرّ هذا برد هذا وبرد هذا حرّ هذا. وإكحال عينيه بالأثمد كل ليلة عند النوم، وتأخير صلاة الظهر في زمن الحر القوي، ويقول: أبردوا بها. وأما تداويه في حال مرضه فثابت بما روي من ذلك في الأخبار الصحيحة منها من عروة عن عائشة قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثرت أسقامه، وكان يقدم عليه أطباء العرب والعجم، فيصفون له فنعالجه.
وعنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسقم عند آخر عمره، أو في آخر عمره، وكانت تقدم عليه وفود العرب من كل وجه، فتنعت له الأنعات فكنت أعالجه بها.
فثبت حينئذ ما ذكرناه من تداوي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومداومة تطببه في حال صحته ومرضه، وأمر بالمداواة في عدة أحاديث صحيحة اهـ.
وفي المواهب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يراعى صفات الأطعمة وطبائعها، ويراعي استعمالها على قاعدة الطب، فإذا كان في أحد الطعامين ما يحتاج إلى تحسين وتعديل لحرارته كسره وعدله، وهذا أصل كبير في المركبات والأدوية، وإن لم يجد ذلك تناوله على حاجة وداعية من غير إسراف اهـ.
وفي آخر الجيش العرمرم الخماسي لأبي عبد الله أكنسوس المراكشي: شرع سيد المتوكلين التداوي، وكان يستعمله في نفسه ويأمر به غيره، حتى قيل: إن القدر التي تطبخ فيها أدويته عليه السلام لا تكاد تنزل عن النار اهـ منه.
وفي سنن أبي داود «1» عن سعد وهو ابن أبي وقاص قال: مرضت فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم يعودني، فوضع يده بين ثديي حتى وجدت بردها في فؤادي، فقال إنك مفؤود أي مريض بفؤادك، ائت الحرث بن كلدة أخا ثقيف، فإنه رجل يتطبب أي يعرف الطب مطلقا، أو هذا النوع من المرض، فيكون مخصوصا بالمهارة والحذاقة. قاله شارح السنن.
قال الحافظ الذهبي في التجريد، لما ترجم للحرث: قيل إنه عالج سعدا في حجة الوداع، وكان النبي صلى الله عليه وسلم فيما ذكره ابن سعد بلا سند يأمر من كانت به علة أن يأتيه فيسأله عن علته اهـ وقع ذلك في طبقات ابن سعد ص 372 ج 5.
وقال ابن طرخان بعد أن ذكر قصة أكل الحارث بن كلدة مع أبي بكر، وقوله له:
أكلنا سم سنة وإنهما ماتا في يوم واحد. وكان الحارث بن كلدة طبيبا من أفاضل أطباء العرب من أهل الطائف، رحل إلى أرض فارس وأخذ الطب عن أهل تلك الديار، ومن أهل جندي سابور وغيرها في الجاهلية، وأجاد في هذه الصناعة، وطبّ بأرض فارس وحصل له بذلك مال كثير، وشهد من رآه ببلد فارس بعلمه وشاع اسمه بينهم، ثم رجع إلى بلاده واشتهر طبه بين العرب، وأدرك الإسلام وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر من كانت به علة أن يأتيه فيستوصفه اهـ.
وقال ابن القيم في الهدى النبوي: عن الحارث المذكور أنه طبيب العرب. بل أطبهم. وكان فيهم كإبقراط في قومه اهـ.
وأخرج ابن منده من طريق اسماعيل بن محمد بن سعد عن أبيه قال: مرض سعد فعاده النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لأرجو أن يشفيك الله، ثم قال للحارث بن كلدة: عالج سعدا.
قال ابن سعد: لا يصح إسلام الحرث قال ابن عبد البر في الاستيعاب: فدل ذلك على أنه جائز أن يشاور أهل الكفر في الطب إذا كانوا من أهله اهـ.
ونقله الحافظ المنذري في اختصار السنن، والوزير أبو الحسن بن يوسف القفطي في
(1) كتاب الطب 4/ 207 باب في تمرة العجوة.
أخبار الحكماء، وابن خلكان في وفيات الأعيان، وابن باديس في شرح المختصر، والخزاعي هنا وجماعة من الأيمة وأقروه.
قال الحافظ في الإصابة: وهذا يدل على جواز الاستعانة بأهل الذمة في الطب اهـ.
وقد نقل عبارة الإصابة هذه النور على الشبراملسي في حواشي المواهب، بواسطة شيخه الشمس الشوبري الشافعي، ولكن عقبها بما نصه: أقول وفيه أنه مناف لما نص عليه الأئمة أنه لا يجوز التطبب بأهل الذمة إلا أن يقال: المنهي عنه تقليدهم في ذكر الدواء والعمل به، وهاهنا وقع الوصف من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما طلب الاستعانة به في تركيبه اهـ.
وفي مسند أحمد ما هو كالصريح في الباب؛ وهو ما خرجه عن عروة بن الزبير عن خالته عائشة الصديقة قالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم كثرت أسقامه، فكان يقدم عليه أطباء العرب والعجم، فيصفون له فنعالجه، هكذا عزاه إليه الشمس السفاريني في غذاء الألباب ص 392 من ج 1.
وفي طبقات ابن سعد عن عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا مسقاما، وكانت العرب تنعت له فيتداوى بما تنعت له العرب، وكانت العجم تنعت له فيتداوى اهـ ص 116 ج 1 من القسم 2.
وتقدم عن الأحكام النبوية لابن طرخان أن قول عائشة هذا روي بأسانيد صحيحة، وقال في محل آخر بعد أن كرره: فيدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يديم الطب.
ولا شك أن العجم إذ ذاك أو أغلبهم كفار، ومع ذلك كان يستوصفهم عليه السلام بعد حصول الثقة بمن يثق به منهم إذ ذاك، واستفدنا من الحديث المذكور أن الأطباء من العجم كانوا يقدمون عليه عليه السلام.
وانظر هل كانوا يردون عليه من قبل أنفسهم أو بطلب أو لغرض كسفارة مثلا والعبارة واسعة.
ولما عرف عياض في المدارك بالشيخ أبي إسحاق الجنبياني قال: قال أبو يحيى القابسي: لما خرجنا من عنده هربت من يد صبي دابة كان يمسكها لنا، فقلت أعطيتموها لصبي لا يقوم بها فضاعت، فقال لي أبو إسحاق: اغتبته فقلت له وصفته بحاله. وفي السنة ما يبيح ذلك وهو قوله عليه السلام للتي شاورته في النكاح: أما أبوجهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فرجل صعلوك لا مال له فقال لي: لا حجة فيها لأن المستشار مؤتمن، وأيضا إنما شاورته في أنه يدخلها في النكاح أو يصرفها عنه، ومسألتنا ليست كذلك بل في السنة وإن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه طبيبان، وكانا نصرانيين فلما خرجا قال: لولا أن تكون غيبة لأخبرتكم أيهما أطب. قال أبو الحسن: ولم أكن أعرف أنهما نصرانيان قبل ذلك اهـ.
قال ابن عرفة في تفسيره لدى قوله تعالى: وَلا تَجَسَّسُوا إثر هذه القصة: يحتمل
أن يكون معنى الحديث في الطبيبين أنهما استويا في القدر المجزي منهما المحصل للغرض، وزاد أحدهما بأمور تكميلية لا يضر تركها، ولا ينقص من معرفة العلاج والمعاناة، فزاد بمعرفة الطبيعيات فحينئذ يكون تفضيل أحدهما على الآخر غيبة، وأما حيث يكون المرجوح منهما لا يحصل المقصود منه في التطبب؛ فالظاهر أن التعريف بذلك ليس غيبة اهـ منه. فاستفيد من القصة ذكر عياض عن القابسي قصة الطبيبين النصرانيين وحضور المصطفى عليه السلام معهما.
وقد أخرج ابن سعد في ترجمة معيقيب الدوسي من الطبقات: عن محمود بن لبيد في قصة الأكل مع المجذوم. وفيها: وكان عمر يطلب الطب من كل من سمع له تطبب، والقصة مبسوطة في كنز العمال ص 191 من ج 5.
وخرّج مالك وابن أبي شيبة وابن جرير، والخرائطي في مكارم الأخلاق، والبيهقي عن عمرة بنت عبد الرحمن أن أبا بكر دخل على عائشة وهي تشتكي، ويهودية ترقيها.
فقال أبو بكر أرقيها بكتاب الله عز وجل.
وأخرج ابن جرير عن عمرة أن عائشة كانت ترقيها يهودية، فدخل عليها أبو بكر رضي الله عنه وكان يكره الرقي فقال: ارقيها بكتاب الله.
وقد عقد فصلا للتطبب بالكافر والذمي الإمام ابن مفلح الحنبلي في كتابه المسمى «الآداب الشرعية الكبرى» فنقل فيه عن الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية: إذا كان اليهودي أو النصراني خبيرا بالطب ثقة عدلا جاز له أن يتطبب، كما يجوز له أن يودعه المال، وأن يعامله كما قال تعالى: وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ [آل عمران:
75] وفي الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر استأجر رجلا يهوديا خريتا، والخرّيت الماهر بالهداية واستأمنه وأتمنه على نفسه وماله، وكانت خزاعة عيبة [أي وفية] لرسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمهم وكافرهم وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يستطب الحارث بن كلدة، وكان كافرا وإذا أمكنه أن يستطب مسلما فهو كما لو أمكنه أن يودعه أو يعامله فلا ينبغي أن يعدل، وأما إذا احتاج إلى ائتمان الكيل أو استطبابه فله ذلك، ولم يكن من ولاية اليهودي والنصراني المنهي عنها، وإذا جاز طبه ومخاطبته بالتي هي أحسن كان حسنا قال تعالى: وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [العنكبوت: 46] اهـ كلامه.
وقال الخطابي على حديث صلح الحديبية، وبعث النبي صلى الله عليه وسلم عينا له من خزاعة وقبوله خبره، فيه دليل على جواز قبول المتطبب الكافر فيما يخبر به عن صفة العلة، ووجه العلاج إذا كان غير متهم بما يصفه، وكان غير مظنون به الريبة اهـ.
وفي بدائع الفوائد للحافظ ابن القيم، في استيئجار النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أريقط الدؤلي هاديا في وقت الهجرة وهو كافر، دليل على جواز الرجوع إلى الكافر في الطب والكحل
والأدوية والكتابة والحساب والعيوب ونحوها، ما لم يكن ولايته تتضمن عدالة ولا يلزم من مجرد كونه كافرا أن لا يوثق به في شيء أصلا، فإنه لا شيء أخطر من الدلالة في الطريق، ولا سيما في مثل طريق الهجرة اهـ.
وذكر ابن مفلح مثال ما ذكر عن المروزي: أدخلت على أبي عبد الله يعني أحمد بن حنبل نصرانيا فجعل يصف، وأمر عبد الله بكتب ما وصفه ثم أمرني فاشتريته له اهـ من كتاب الآداب الكبرى وما أجمعه وأوسعه من كتاب.
وقد ترجم ابن أبي أصيبعة في طبقات الأطباء جماعة من أطباء النصارى من أهل القرن الأول الهجري؛ كان معاوية ومن بعده من ملوك الإسلام يتطببون بهم، فترجم لطبيب اسمه أبو الحكم فقال فيه: كان طبيبا نصرانيا عالما بأنواع العلاج، وله أعمال مذكورة.
وكان يستطبه معاوية بن أبي سفيان، ويعتمد عليه في تركيب الأدوية لأغراض قصدها منه.
وترجم فيها أيضا لابن أثال فقال: كان طبيبا متقدما من الأطباء الممتازين في دمشق نصراني المذهب. ولما ملك معاوية دمشق اصطفاه لنفسه وأحسن إليه، وكان كثير الاعتناء به والاعتقاد فيه، والمحادثة معه ليلا ونهارا. وكان ابن أثال خبيرا بالأدوية المفردة والمركبة وقواها، وما فيها من مسموم قاتل، وكان معاوية يقربه لذلك كثيرا. انظر عيون الأنباء وإلى هذه المسألة أشار أيضا الإمام محمد بن عبد القوي المرداوي الحنبلي في منظومته في الآداب فقال:
ومكروه استئماننا أهل ذمة
…
لاحراز مال أو لقسمته اشهد
ومكروه استطبابهم لا ضرورة
…
وما ركّبوه من دواء موصد
قال السفاريني في شرحها على قوله: لا ضرورة لا يكره إستطباب أهل الذمة ضرورة أي لاجل الضرورة، لأن الحاجة داعية إليه ولأن إدخال الضرر من إستطبابهم متوهم، والعلة معلومة فلا يمنع من إتخاذ ما يزيل المعلوم من الضرر بخوف إدخال ضرر متوهم اهـ ثم نقل كلام شيخ الإسلام ابن تيمية السابق بواسطة ابن مفلح، وانظر شرح العارف النابلسي على الطريقة المحمدية ص 236 الجزء الأول.
«وفي الطبقات لابن جلجل وذكر أبا رمثة رفاعة فقال كان طبيبا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، عالما بصناعة اليد وفي سنن أبي داود «1» عن جابر قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبيّ بن كعب طبيبا فقطع منه عرقا اهـ وتقدم قول ابن إسحاق في رفيدة الأسلمية وأنها كانت تداوي الجرحي، وتحتسب نفسها على خدمة من كانت فيه ضيعة من المسلمين» .
وترجم في الإصابة للشمردل بن قباب الكعبي النجراني فذكر عن الخطيب في المتفق أنه كان يتطبب، وأن المصطفى عليه السلام ذاكره في مسائل طبية. وأخيرا قبّل الشمردل
(1) كتاب الطب باب 6 ج 4/ 197.
المذكور ركبة النبي صلى الله عليه وسلم وقال: والذي بعثك بالحق أنت أعلم بالطب مني. قال الخطيب:
في إسناده نظر، وقال ابن الجوزي: في روايته مجاهيل.
وترجم فيها لضماد بن ثعلبة الأزدي فقال: كان ضماد صديقا للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان عاقلا يتطبب ويرقي، وذكره بذلك أيضا ابن عبد البر في الإستيعاب.
وقد عقد ابن أبي أصيبعة في طبقات الأطباء بابا فقال: الباب السابع: في طبقات الأطباء الذين كانوا في أول ظهور الإسلام من أطباء العرب وغيرهم، فترجم فيها للحرث بن كلدة، وولده النضر بن الحرث، وابن أبي رمثة التميمي، فقال في الأخير: كان طبيبا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مزاولا أعمال اليد أبي رمثة قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت بين كتفيه الخاتم وذكر قصة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أنت رفيق والطبيب الله. قال سلمان بن حسان: علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رفيق اليد ولم يكن فائقا في العلم، فبان ذلك من قوله الطبيب الله اهـ.
فائدة: عرفت الحقنة في الصدر الأول، فقد أخرج أبو نعيم عن سعيد بن أيمن أن رجلا كان به وجع، فنعت له الناس الحقنة. فسأل عمر بن الخطاب عنه فزجره، فلما غلبه الوجع احتقن فبرىء من وجعه ذلك، فرآه عمر فسأله عن برئه فقال: احتقنت فقال عمر:
إن عاد لك فعد لها، يعني احتقن. ساقه ابن الهندي في الكنز في كتاب الطب؛ فبوّب عليه الحقنة فأفاد ما يدل على أن العرب عوفوا الحقنة.
وفي طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة: أن كسرى سأل الحارث بن كلدة طبيب العرب قال له: أتأمر لي بالحقنة. قال: نعم، قرأت في بعض كتب الحكماء أن الحقنة تنقي الجوف وتكسح الأدواء عنه، والعجب ممن احتقن كيف يهرم اهـ انظر ص 111 من الجزء الأول. وبذلك تعلم ما ذكره الحطّاب ونقله عنه الشيخ عليش في فتاويه ص 246 الجزء الأول؛ من أن العرب كانت لا تعرف الحقنة وأنها من فعل العجم.
وسئل مالك في مختصر ابن عبد الحكم عن الحقنة فقال: لا بأس بها «1» . الإبهري إنما قال ذلك لأنها ضرب من الدواء وفيها منفعة للناس، وقد أباح النبي صلى الله عليه وسلم التداوي الخ انظر التوضيح.
وفي تاريخ الخميس للديار بكري إن أول من لبس التبان تحت ثيابه لأجل الفتق عمار بن ياسر لما ضرب، فيؤخذ منه أن حمل الفتق على ما يقرب من الحال الآن عرفه الصحابة. ومما يدل على أهتمام الصحابة بالطب والعلاج ما أخرجه ابن جرير عن أم جميلة أنها دخلت على عائشة فقالت لها: إنّي امرأة أداوي من الكلف من الوجه، وقد تألمت منه فأردت تركه فما تأمرين فقالت لها عائشة: لقد كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لو أن إحدانا كانت إحدى عينيها أحسن من الآخرى فقيل لها: إنزعيها وحوّليها مكان الآخرى، وانزعي
(1) في الكلام نقص.