الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم، قلت: يا رسول الله قصيدة كعب أنشدها بين يديك؟
فقال: نعم. أنا أحبها وأحب من يحبها. قال: فعاهدت الله أن لا أخلو من قراءتها كل يوم ولم تزل الشعراء من ذلك الوقت إلى الآن، ينسجون على منوالها، ويقتدون بأقوالها، تبركا بمن أنشدت بين يديه، ونسب مدحها إليه.
ولما صنع القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر، قصيدة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم على وزن بانت سعاد قال:
لقد قال كعب في النبي قصيدة
…
وقلنا: عسى في مدحه نتشارك
فإن شملتنا بالجوائز رحمة
…
كرحمة كعب فهو كعب مبارك
اهـ بواسطة نفح الطيب للمقري.
الشعراء من الصحابة والصحابيات الذين رثوه عليه السلام بعد موته
أثبت الحافظ العزفي في آخر مولده عدّة مراثي للصحابة فيه عليه السلام بعد موته، منهم أبو بكر وعمر وعلي وصفية بنت عبد المطلب، وأم حكيم بنت عبد المطلب، وهند بنت المطلب، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وعمرو بن العاص، وحسان، وكعب بن مالك، وأبو الهيثم بن التيهان، وعبد الله بن أنيس، وعمرو بن سالم الخزاعي، والزبرقان بن بدر، وعبد الله بن مالك الأرحبي، وابن ذي مدان من سادات همدان، وعبد الله بن سلمة الهمداني، وسواد بن قارب الدوسي، وعبد الحارث بن أنس بن الريان، وغيرهم وذلك مقدار كراسة من المولد المذكور، وقد عقد الحافظ الشامي في السبل أبوابا منها قوله: جماع أبواب سيرته عليه السلام في الشعر، الباب الأول في مدحه صلى الله عليه وسلم حسن الشعر، وذمه لقبيحه، وتنفيره من الإكثار منه. الباب الثاني: في استماعه صلى الله عليه وسلم لشعر بعض أصحابه في المسجد وخارجه. الباب الثالث في أمره عليه السلام بعض أصحابه بهجاء المشركين. الباب الرابع فيما تمثل به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشعر. الباب الخامس فيما طلب استنشاده من غيره فانظرها.
باب تكرمه عليه السلام بأعظم سبي سبي له بسبب أبيات شعرية قدمت له عليه السلام
هذه القصة غريبة في بابها، عزيز إسنادها، افتتن المحدثون وتهافتوا على روايته، لأنه أعلى ما حصل للمتأخرين؛ كالحافظين السيوطي، والسخاوي، وأمثالهما، ممن أدرك المائة العاشرة وروياه عشاريا بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم فيه عشرة وسائط. قال السخاوي في فتح المغيث: تقع لي العشاريات بالسند المتماسك، من المعجم الصغير للطبراني وغيره، ولا يكون في الدنيا أقل من هذا العدد اهـ.
وقال السيوطي في التدريب: أعلى ما يقع لنا ولأضرابنا في هذا الزمان من الأحاديث
الصحاح، المتصلة بالسماع، ما بيننا وبين النبي صلى الله عليه وسلم فيه اثنا عشر رجلا، وبالإجازة في الطريق أحد عشر، وذلك كثير، وبضعف يسير غير واه عشرة. ولم يقع لنا بذلك إلا أحاديث قليلة جدا في معجم الطبراني الصغير اهـ.
قلت: حبب إلي أن أسوقها هنا بأعلى ما حصل لنا ولأقراننا في قرننا هذا الرابع عشر، وذلك ما أخبرنا به مسند الدنيا، البدر عبد الله بن درويش بن إبراهيم السكري الدمشقي بها عام 1324 قال: أخبرنا مسند الدنيا الوجيه عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الكزبري، أنا المعمر مصطفى الرحمتي الدمشقي، عن العارف عبد الغني بن إسماعيل النابلسي الصالحي، عن نجم الدين محمد بن محمد الغزي عن أبيه البدر محمد بن محمد الغزي العامري الدمشقي، أنا الحافظ عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي قال: أنا مسند الدنيا محمد بن مقبل الحلبي إجازة مكاتبة عام 869 عن محمد بن إبراهيم بن أبي عمر المقدسي، وهو آخر من حدث عنه بالإجازة، أنا أبو الحسن علي بن أحمد بن البخاري، وهو آخر من حدث عنه، عن أبي القاسم الصيدلاني وهو آخر من حديث عنه، أتنا أم إبراهيم بنت عبد الله، وأبو الفضل الثقفي سماعا، عليهما قالا، أنا أبو بكر بن ربدة، أنا أبو القاسم الطبراني، ثنا بن عبد الله بن رما حسن عام 274، ثنا أبو عمرو زياد بن طارق، وكان قد أتت عليه مائة وعشرون سنة قال: سمعت أبا جرول زهير بن صرد الجشمي يقول: لما أسرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم هوازن ذهب يفرق السبي فأتيته، فقلت:
أمنن علينا رسول الله في كرم
…
فإنك المرء نرجوه وننتظر
أمنن على بيضة قد عاقها قدر
…
مشتت شملها في دهرها غير
أبقت لنا الدهر هتافا على حزن
…
على قلوبهم الغماء والغمر
إن لم تداركهم نعماء تنشرها
…
يا أرجح الناس علما حين يختبر
أمنن على نسوة قد كنت ترضعها
…
وإذ يزينك ما تأتي وما تذر
لا تجعلنا كمن شالت نعامته
…
واستبق منا فإنّا معشر زهر
إنا لنشكر للنعماء إذ كفرت
…
وعندنا بعد هذا اليوم مدّخر
فألبس العفو من قد كنت ترضعه
…
من أمهاتك، إنّ العفو مشتهر
يا خير من مرحت كمت الجيادبه
…
عند الهياج إذا ما استوقد الشرر
إنا نؤمل عفوا منك تلبسه
…
هذي البرية إذ تعفو وتنتصر
فاعف عفا الله عما أنت واهبه
…
يوم القيامة إذ يهدى لك الظفر
قال فلما سممع النبي صلى الله عليه وسلم هذا الشعر قال: ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم «1» ، وقالت قريش: ما كان لنا فهو لله ورسوله، وقالت الأنصار: ما كان لنا فهو لله
(1) انظر سيرة ابن هشام ج 2/ 488 حول إعادة السبي والأموال إلى هوازن.