الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي فصل: إحتياج الكاتب إلى معرفة اللغات العجمية، من صبح الأعشى ص 165 نقلا عن محمد بن عمر المدائني قيل: إنه صلى الله عليه وسلم، كان يفهم اللغات كلها، وإن كان عربيا لأن الله بعثه إلى الناس كافة، ولم يكن الله بالذي يبعث نبيا إلى قوم لا يفهم عنهم، ولذلك كلم سلمان بالفارسية، وساق بسنده إلى عكرمة، قال: سئل ابن عباس: هل تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفارسية؟ قال: نعم. دخل عليه سلمان فقال درسته وسادته، قال محمد بن إميل أظنه مرحبا وأهلا «1» . وحسّنه، فيكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر زيدا أن يتعلم كتابة السريانية، أو العبرانية لتحريم الكتابة عليه، لا أنه أمره بتعلم لغتهم.
وفي رحلة الحافظ ابن عبد السلام الناصري الكبرى في ترجمة شيخه: الإمام محمد بن محمد النجاري النابلسي الأثري: أنه ذاكره في كونه عليه السلام هل تكلم بالفارسية، وأن صاحب القاموس أنكر ذلك في سفر السعادة فقال: الصواب ثبوت كلامه صلى الله عليه وسلم بالفارسية، وأوقفني على كراسين له، في الرد على صاحب القاموس. أملاه في سفره هذا لما سئل عنه اهـ.
باب في الشاعر وفيه فصول فصل في ذكر شعراء النبي صلى الله عليه وسلم
قلت: في ترجمة حسان من الإصابة: قال أبو عبيدة فضّل حسان بن ثابت على الشعراء بثلاثة: كان شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر النبي صلى الله عليه وسلم، في أيام النبوة. وشاعر اليمن كلها في الإسلام.
وفي الشرح الجلي للشهاب البربير: الصحابة كانوا معدن الشعر ومنبعه، وكان
(1) إن صح سند هذا الحديث فليس المعنى ما ذكر وربما كان النقل محرفا. مصححه.
أشعرهم الخلفاء الأربعة، وكان أشعر الخلفاء الصديق وقد رأيت شيخ مشايخنا السيد مصطفى البكري الصديقي، جمع لجده الصديق من كلامه ديوانا تعجز عن تقريظه أفواه المحابر، والسنة الأقلام رتبه على حروف المعجم، وكان ابنته عائشة أشعر من الخنساء، وكانت تروي من كلام الشعراء ما لا يحفظه الرجال، فضلا عن النساء. ولا يخفى أن من شعراء الصحابة حسان بن ثابت، الذي كان إذا مد لسانه بلغ انفه وكان يحلف بالله أنه لو أمره على شعر [لحلقه] . أو على صخر لخرقه، ومنهم النابغة الجعدي، وكعب بن زهير، وكعب بن مالك، والزبرقان، والعباس بن مرداس، وعمرو بن العاص، وعبد الله بن رواحة، وضرار بن الخطاب، والعباس عمه عليه السلام، وابنه عبد الله بن عباس، ولبيد، ومعاوية بن أبي سفيان، وأبوه أبو سفيان، والمغيرة بن شعبة وغيرهم.
وكان يحث حسان على إنشاء الشعر وهجو المشركين ويقول: إنه أنكى [بهم] من وقع الحسام، وكان يستنشد أصحابه الأشعار. وثبت أنه صلى الله عليه وسلم حقن بالشعر دم كعب بن زهير بعد الإهدار، وأنه أجاز حسان بسيرين القبطية جاريته اهـ.
قلت: الشعراء من الصحابة الذين مدحوه صلى الله عليه وسلم، بين رجال ونساء جمعهم الحافظ فتح الدين محمد بن محمد الأندلسي، المعروف بابن سيد الناس، المتوفى عام 734 في قصيدة ميمية ثم شرحها في مجلد سماه منح المدح أو فتح المدح، ورتبهم على حروف المعجم قارب بهم المائتين «1» ، ولعصرينا الأديب أبي الحسن علي بن شاكر الموستاري، المعروف بجابي زاده نزيل الآستانة «2» كتاب نفيس سماه: حسن الصحابة في شرح أشعار الصحابة، طبع الجزء الأول منه في ص 362 رتبه على القوافي يترجم الصحابي ويذكر أشعاره في التوحيد، والثناء على الله، ومدح المصطفى عليه السلام، وبيان معجزاته ونحو ذلك أثبت فيه لأكثر من مائتي صحابي، ما بين بيت مفرد وقصيد. ثم شرح مفردات الجميع.
وأما ما مدح به عليه السلام من شعراء أمته بعد الصحابة فشيء يجل عن الحصر، ولو جمع له الناس في كل بلد أو مصر، إذ قلّ أن يجمع مسلم ديوانا إلا وصدّره أو كل حرف منه بالإمداح النبوية، وفي الرحلة العياشية أن صاحبها وقف في مكة على السفر السابع من كتاب منتهي السول في مدح الرسول، كتب سنة 673 قال أبو سالم: هذا التأليف لم يقصد به جامعة جمع كلامه أو كلام مخصوص، بل ما انتهى إليه علمه من الإمداح النبوية، وما شاكلها والله أعلم كم بقي لتمام الكتاب اهـ وفي عصرنا هذا جمع صديقنا نادرة العصر وحسّانه الشيخ أبو المحاسن [يوسف بن إسماعيل] النبهاني الشامي مجموعة في الامداح
(1) طبع الكتاب بعد تحقيقه من قبل: عفت وصال حمزة وصدر عن دار الفكر بدمشق 1987.
(2)
الآستانة هو اسم من الأسماء التي تطلق على استنابول عاصمة الدولة العثمانية كما يطلق عليها دار السعادة واسمها قبل الإسلام: القسطنطينية.