الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المقدمة الأولى]
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى
أما بعد:
فإن الذين اعتنوا بتدوين المدنية العربية والتراتيب الإدارية لخلفاء المملكة الإسلامية، وذكروا ما كان لأمراء الإسلام على عهد الدولة الأموية والخلافة العباسية، من الرتب والوظائف والعمالات والعمال أهملوا ما كان من ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ مع أنه عليه السلام حيث كان يشغل منصب النبوة الديني على قاعدة جمع دينه القويم بين سياسة الدين والدنيا جمعا مزج بين السلطتين، بحيث كادا أن يدخلا تحت مسمى واحد وهو الدين. وكذلك وقع.
كانت الإدارات اللازمة للسياستين على عهده صولجانها دائر، والعمالات بأتم أعمالها إلى الترقي والعمل سائر، بحيث يجد المتتبع أن وظائف حاشية الملك اليوم، الخاصة بشخصه من صاحب الوضوء والفراش والنعال والإصطبل والحاجب وغير ذلك، كانت موجودة عند النبي صلى الله عليه وسلم. ولعل عن ذلك العهد أخذها ملوك الإسلام. كما إذا التفت إلى ما يتعلق بالمراتب الإدارية من وزارة بأنواعها، وكتابة بأنواعها، والرسائل والإقطاعات، وكتابة العهود والصلح، والرسل والترجمان، وكتّاب الجيش والقضاة، وصاحب المظالم وفارض النفقات، وفارض المواريث، وصاحب العسس في المدينة والسجان، والعيون والجواسيس، والمارستان والمدارس والزوايا، ونصب الأوصياء والممرضات والجراحين، والصيارفة وصاحب بيت المال، ومتولي خراج الأرض وقاسم الأرض، وصانع المنجنيقات والرامي بها وصاحب الدبابات، وحافر الخنادق والصوّاغين وأنواع المتاجر والصناعات والحرف، تجد أن مدّته عليه السلام مع قصرها لم تخل عن أعمال هذه الوظائف، وإدارة هذه العمالات. وتجد أنها كانت مسنده للأكفاء من أصحابه وأعوانه عليه السلام.
وربما يستغرب السامع هذا القدر على البديهة إذا سمعه خصوصا ممن اقتصر على مطالعة بعض كتب السير للمتأخرين، وظن أنها خالية عن أمثال هذه الأمور، فإنه ربما يحيص حيصة الاستغراب، ولكن لا ضير فإن أكثر الذين يتعاطون السير اليوم غاية ما
يقرأون من كتبها الهمزية بشرحها لبنيس، فلذلك لا يستغرب أن يشذّ عن أبصارهم أمثال هذه الوظائف والمراتب والإدارات.
وربما استبعد ذلك آخرون من حيث أن الكتاب الذين تصدروا أخيرا للبحث في المدنية الإسلامية العربية ودونوا فيها المدونات العدة من المسلمين والمسيحيين غاية ما ينسبون من التمدن للإسلام؛ يذكرون ما وجد على عهد الدولة العباسية والأموية مثلا، مع ما أوجدته بعد ذلك ممالك العجم والديلم والترك والفرس والبربر وغيرهم، من ملوك الدول الإسلامية بالشرق والغرب. بل وربما كانوا يأتون بنسبة المدنية في الإسلام لبني العباس، ليتسنى لهم بعد التصريح بأنهم أخذوا ذلك عن اليونان والفرس، لا عن القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم. بل وقع لبعض الكتاب الشاميين في رسالة له في انتشار الأديان التصريح بأن التمدن الإسلامي قام عن الشريعة الإسلامية ولم يقم معها اهـ. وهو غلط فادح نتج لصاحبه عن جهله بالسير والحديث، أو من عدم تشخصه لحقيقة ينابيع المدنية التي جعل الحكماء أساسا لها. أما النظر إلى الأبنية لأنها عنوان رقي الجماعات، الذين يسكنونها، أو إلى المخلفات العلمية والأدبية والفلسفة؛ لأنها مجلى حقيقة ما كانوا عليه من المدارك، أو الثروة التي كانوا يتنعمون بها، لأنها تدل على اقتدارهم في الصناعة والزراعة والتجارة، وبالأخير إلى شرائعها، لأن الشرائع أعظم دليل على ما كان في تلك الأمة من الأخلاق الراقية وعدمها، ومن المساوات أو التفاوت في المقامات، ومن العدل أو الظلم، ومن الآداب الحسنة أو الأخلاق السيئة، ومن عرف نهضة الإسلام وتعاليم النبي عليه السلام وأمعن النظر في تلك النهضة تحقق أن ليس هناك من أساليب التمدن ما لم يكن الإسلام في وقت ظهوره أصلا له، وينبوعا فمن تأمل ما بثه النبي صلى الله عليه وسلم من التعاليم، وأنواع الإرشاد، وما حوى القرآن من آداب الاجتماع، وسنّ من طرق التعارف والتمازج، وما أودع الله غضون كلماته الجوهرية من أحكام الطبيعة وأسرار الوجود وفرائد الكائنات، وما ضبط من الحقوق وسنّ من أنظمة الحياة وما تلته به السنة النبوية من تهذيب النفوس والأخلاق، والإرشاد للأخذ بالأحسن فالأحسن وأحكمته من سنن الإرتقاء والأخاء البشري والتمتع بضروب الحرية علم أن التمدن الإسلامي في إبان ظهوره قامت معه تلك الأعمال لتأثير تلك التعاليم على قلوب سامعيها في ذلك الحين.
نعم.
لا ننكر أن التمدن الإسلامي جرى مجرى النشوء الطبيعي في كل شيء، وسار سيرا تدريجيا إلى أن وصل إلى أوجه في السمو، فمن لم يتأمل ذلك ولم يحط نظرا في الموضوع بما له وعليه، لا بد أن يغيب عن علمه ما بلغته الإدارات، والعمالات والصناعة والتجارة في تلك العشر سنوات، التي قضاها صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة بعد الهجرة النبوية، وأن الترقي والعمران وصل فيها إلى إحداث ما يعرف من الوظائف اليوم في إدارة الكتابة والحساب والقضاء والحرب والصحة ونحو ذلك خصوصا من غاية علمه عن ذلك الدور أن
أهله كانوا يمشون حفاة، وإذا أكلوا مسحوا أيديهم في أقدامهم، خصوصا وقد وقعت لبعض الأعلام فلتات إن لم نقل سقطات وهفوات، حتى إن الولي ابن خالدون قال في مقدمة العبر في مواضع:
«إن الملة في أولها لم يكن فيها علم ولا صناعة لمقتضى أحوال السذاجة والبداوة، وإنما أحكام الشريعة التي هي أوامر الله ونواهيه كان الرجال ينقلونها في صدورهم، وقد عرفوا مأخذها من الكتاب والسنة بما نقلوه عن صاحب الشرع وأصحابه، والقوم يومئذ عرب لم يعرفوا أمر التعليم والتأليف والتدوين، ولا رجعوا إليه ولا دعتهم إليه حاجة وجرى الأمر على ذلك زمن الصحابة والتابعين» . انظر ص 477 من مقدمة تاريخه طبعة مصر ونحو هذه العبارات للأمير صديق حسن خان القنوجي في كتابه «الحطة في ذكر الصحاح الستة» من غير عزو لابن خالدون انظر ص 11 منها.
ولكن من واصل ليله بنهاره، واطلع وطالع بالدقة وحسن الروية، يجد أن المدنية وأسباب الرقي الحقيقي، التي وصل إليها العصر النبوي الإسلامي في عشر سنوات، من حيث العلم والكتابة والتربية وقوة الجامعة وعظيم الاتحاد وتنشيط الناشئة، وما قدر عليه رجال ذلك العهد الطاهر، وما أتوه من الاعمال واستولوا عليه من الممالك، وما بثوا من حسن الدعوة وبليغ الحكمة ومتمكن الموعظة، لم تبلغها أمة من الأمم ولا دولة من الدول في مئات من السنين، بل جميع ما وجد من ذلك إلى هذا الحين عند سائر الأمم، كلها على مباني تلك الأسس الضخمة الإسلامية انتشأ. فلولا تلك الصروح الهائلة والعقول الكبيرة، وما بثوه من العلوم وقاموا به من الأعمال المخلدة الذكر، لما استطاعت المدنيات المحدثة أن تنهض لما له نهضت وارتقت.
أحدق ببصرك وبصيرتك إلى الدور الذي وجد فيه عليه السلام تجد أن الخراب والدمار والظلم كان أثبت في كل جهة من جهات العالم، من الشرق إلى الغرب. فدولة الروم هرمت مع الضعف الذي استولى على ملوكها؛ بمجاوزتهم الحد في الترف، والإنهماك في اللذات، والفتن الداخلية والخارجية، والأمة الفارسية سقطت قوتها بسبب حروبها الطويلة مع الروم مع الفتن الأهلية، والشعوب العربية في انحطاط تام وجهل عام. بين هذا الوسط نبعت تلك الشعلة النورية النبوية، فأضاءت دفعة [فجأة] من أول وهلة على العالم، فأحدثت فيه حركة ونهضة بعد العهد بمثلها في جهة من الجهات، أما في جميع أطراف العالم «1» التأمت تلك الشعلة واستفحلت وعرفت كيف تربي رجالا عظاما لنشر مباديها الحقة والقيام بالعالم من وهدة السقوط فأولئك الذين كانوا أنفسهم قبل الإسلام لا يعرفون من دنياهم إلا البارحة وتربية الماشية والعيش على أخس بداوة قد انقلبوا بعد الإسلام إلى قواد
(1) بياض بالأصل ويسحن وضع كلمة «ثم» .
محنكين ودهاة وحماء سياسيين وعمال أمناء إداريين، حتى قال القرافي في الفروق ص 167 من الجزء 4:
وقد أفرد فضائلهم بالتأليف جماعة من أيمة السلف؛ كأبي محمد خيثمة بن سليمان الطرابلسي، وأبي محمد طراد بن محمد الزينبي، وأبي القاسم حمزة بن يوسف الجرجاني، وأحمد بن محمد بن المهندس، وأبي الحسن أحمد بن حمزة الموازيني.
وأفرد فضائل الخلفاء الأربعة فقط أبو نعيم الأصبهاني وأبو الحسن أحمد بن محمد بن زنجويه.
وفضائل أبي بكر لأبي طاهر محمد بن علي العشاري وفضل أبي بكر وعمر لأسد بن موسى.
وفضائل العباس لأبي الحسن محمد بن المظفر الحافظ ولأبي محمد حمزة بن يوسف السهميّ ولأبي القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي. وفضائل معاوية لأبي بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم.
وفضائل العشرة المحب الطبري وهو مطبوع. ولأبي الحسن مروان بن عثمان المكي قصيدة في فضل الصحابة ولأبي علي الحسن بن محمد الخلال الحافظ كتاب كرامات الصحابة وللضياء محمد بن عبد الواحد المقدسي مناقب جعفر بن أبي طالب وللموفق بن قدامة المقدسي الاستبصار في أنساب الأنصار.
وكان العلم الذي تعلموه في مدرسة القرآن والسنة أصبحوا به لا ندّلهم في كل رجال العصر، بل والأعصر بعد الذي كانوا فيه، سواء في الحكمة التي ساسوا بها الشعوب، أو في القوة التي سادوا بها على الممالك، ذلك العلم الصحيح الذي لانت له في أسرع وقت القلوب، التي كانت بالأمس أقسى من الصخر، وأوعر من الوعر، فحلّ الوئام محل الخصام، والأخاء محل العداوة، والإحسان بدل التعدي والظلم، فلم تمض تلك المدة اليسيرة على تلك الشعلة النورية حتى عمّت أرجاء الكرة الأرضية، لا جرم لمّا كثر المستظلون بذلك اللواء، والمستكنون في أمانه، أراد عليه السلام أن يضبط أمورهم بنظامات سنّها، وولايات نصبها، وعمالات أسسها، تلك النظامات [الأنظمة] التي لا يستقيم ملك لملك ولا أمر لأمة بدونها.
لذلك أرى من الواجبات الكفائية، إن لم نقل العينية على المسلمين العلم بهذه الأمور، لتكون منوالا تنسج عليه الأمة، أو منبها يحرك فيها باعث الجد لاسترجاع ما فات، والتوثق من حفظ استقلالها وصون حياتها مما هو آت، أو ليعلموا على الأقل شرف دين متبوعهم الأعظم عليه السلام وليزدادوا فيه حبا وله تعظيما. ولما دعاهم إليه تمسكا.
قال بعض العلماء: «إن أساسات الدين الإسلامي باعتقاد الحق، وإقامة البرهان على المعتقد وتعميم المعاملات والأخاء، وتخويل عموم الأفراد حرية محضة محدودة بحدود موافقة للحكمة بحيث تحفظ الحياة الإجتماعية ما دام في الوجود موجود، مانعة ذويها من الإفراط والتفريط، ثم أوجب بينهم حفظ المراتب والدرجات، وأوجب رعايتها عليهم ورفع بعضهم فوق بعض درجات، بمقتضى الاستحقاق والقابلية، ثم ألزمهم رعاية مصالح سواهم، وحبّب اشتراك غيرهم معهم، في نعمة هذه المدنية العظمى.
وكانت الزراعة معتنّى بها في زمانه عليه السلام، وهو الذي يأمر بها ويحض عليها، وكذلك الصناعة، فإنه أمر بها وبتعلمها، وأمر بمبادي التعليم وأمر بأخذ العلوم، ولو من ديار الكفار. وأدخل بعض الأمور التي وصله خبرها من الأمور النافعة، التي يستعملها كفار الفرس وغيرهم؛ مثل عمل الخندق واستحسان تنوير المسجد من قبل تميم الداري، حين أو قد قنديلا ومصباحا أحضره معه من سياحته بعد أن كان يستضاء في المسجد النبوي بالحرق، وأمر بنشر العلوم والمعارف، وتقسيم الوظائف وإيجاب الأخاء، وتقدير الرجال وتنظيم القوى الدفاعية والهجومية، وأسس وجوب ذلك وقرر وجوب حفظ الأبدان والطب والتشريح وأنواع الحكمة الطبيعية وتعميم الآداب ومكارم الأخلاق، والتاريخ والجفرافية والسياحة والاستكشافات، والسعي في الاختراعات والنجوم والحساب والقصص والروايات وآداب المحاضرات والمسامرات، وقرر مع كل هذا وظائف الأعمال الإدارية وألزم بالاقتصاد الإداري، والمالي، وكل ما يكون في الأمم المتمدنة حتى قرر وجوب الإحصاء.
أما التجارة فقد استعملها عليه السلام بذاته، هذا ما كان من أمر الشؤون الداخلية- وأما الشؤون الخارجية فقد دعا بالبلاغ المبين وقرر أصول الحقوق الدولية والحقوق الملّيّة [الوطنية] وأوجب أصول الحروب والهدنة والمسالمة والمعاهدة والمقاولة والمكاتبة ورعاية الموازنة السياسية، والمعاهدات وأصول أهل الحماية وحقوق الجوار ومعاملة رعايا الأجانب [الدول الأجنبية] وأهل الذمة وتخويل كل فرقة حقا محدودا بالحكمة، محوطا بالصواب.
فيجب على من يريد درك الحقيقة من هذا الدين المتين، أن يراجع نصوصه المبينة في كل حادث زماني أو مكاني أو علمي أو عملي، ويكون له من الاقتدار على التطبيق الشرعي صلاحية كافية، فإنه يرى الحكمة تنجلي بين يديه، مجردة عن كل تردد واحتجاب «1» اهـ.
(1) انظر رسالة حجة الكرام في محجة أهل الإسلام.
وقال غيره أيضا: «سنّ صلى الله عليه وسلم من القوانين والنظامات والأنظمة ما يأمن معه كل ذي حق على حقه، ويدفع التعدي من الأشرار، وذوي الأطماع على أحد من الأمة، أو أهل الذمة، ومن أحكام الزوجية بالطريقة المرضية على أكمل نظام، وأبدع إحكام، وبيّن حقوق الزوجين على بعضهما، مجتمعين أو مفترقين، وسنّ أحكام المعاملات من نحو البيع والشراء والإجارة والشركة والمداينة، وقسم التركات على طريقة الحكمة، وسنّ بعض العقوبات والقصاصات والتعازير لتحفظ بها الأنفس والأموال والأعراض، وسنّ جميع الآداب من كل باب كاداب الأكل والشرب، وآداب النوم وآداب الكلام، وآداب المجالسة والمحادثة والزيارة، وآداب الحضر والسفر، وآداب الزوجية، وآداب ذوي الأرحام مع بعضهم، وآداب الجيران، وآداب الأصحاب، وآداب جميع المسلمين مع بعضهم، وآدابهم مع أهل ذمتهم، إلى غير ذلك من الآداب.
فبعد أن يبحث في كل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وما سنه من القوانين والنظامات [والأنظمة] التي هي في غاية الأحكام والإتقان والإبداع، يجزم بأن إتيانه صلى الله عليه وسلم بها، وهو أمي نشأ بين أمة أمية بدوية جاهلية لم يفارق أوطانه إلا أشهرا قلائل لا تصلح (مدته)«1» لتحصيل أقل القليل من العلوم، ولم يجتمع على أحد من أهل المعارف في مدة حياته في بلده، ولم يشاهد أنه عانى تعلم شيء من الشرائع، وقوانين الدول. فأنّى له بأن يستنبط عقله هذا الترتيب الغريب العجيب، الذي أحاط بكل حكمة باهرة، واحتوى على كل خصلة جميلة فاخرة، وتكفل بنظام حال البشر وصالح أحوالهم، وطهارة نفوسهم وعمار ديارهم، وكف أشرارهم، وبكل شيء يعود عليهم بالخير ويدفع عنهم الضر لا يصحح العقل إمكان التصديق باقتداره صلى الله عليه وسلم على الإحاطة بجميع ما جاء به؛ فإذا لا بد أن يكون مرسلا من عند الله، وهو الذي هداه إلى جميع ذلك وأطلعه عليه، وفهّمه أسراره وأمره بتبليغه اهـ.
ولله در الحافظ أبي القاسم السهيلي إذ قال في الروض الأنف بعد ذكر حريفات «2» من السيرة ما نصه: فهذه جملة تشرئب إلى معرفتها أنفس الطالبين، وترتاح بالمذاكرة بها قلوب المتأدبين، وكل ما كان من باب المعرفة لنبينا صلى الله عليه وسلم ومتصلا بأخبار سيرته مما يونق الأسماع ويهزّ بأرواح المحبة الطباع، والحمد لله على ما علم من ذلك اهـ ص 93 من الجزء الثاني.
وقد قال الإمام القاضي أبو عبد الله محمد بن الأصبغ المعروف بابن المناصف القرطبي الأزدي في الدرر السنية في المعالم السنية في المعلم الرابع من السيرة النبوية:
وإن أولى ما تحلى المسلم
…
بعد كتاب الله أو يقدم
علم بأيام رسول الله
…
من لدن النشء إلى التناهي
وحفظ ما يحق أن لا يجهلا
…
من أمره وحاله مفصلا
(1) حذف ما بين القوسين أنسب.
(2)
كذا في الأصل.
فلنقتضب من ذاك ما لا يسع
…
في الحق أن يجهل ذاك الأورع
وما يكون شرف المجالس
…
جلا العلا للحافظ المدارس
تعلو به الرتبة عن يقين
…
في شرف الدنيا وحكم الدين
وقال الإمام أبو الحسين أحمد بن فارس الرازي في مختصره في السير أوله: «هذا ذكر ما يحق على المرء المسلم حفظه، ويجب على ذي الدين معرفته، من نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومولده ومنشئه وشيعته، وذكر أحواله في مغازيه ومعرفة أسماء ولده، وعمومته وأزواجه. فإن للعارف بذلك رتبة تعلو على رتبة من جهله، كما أن للعلم به حلاوة في الصدر، ولم تعمر مجالس الخير بعد كتاب الله بأحسن من أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم» منها قال الإمام أبو العباس العزفي السبتي في الدر المنظم بعد نقل كلام ابن فارس مشيرا إلى قوله يجب: «فهذا إمام من أئمة المسلمين قضى بوجوب معرفة مولده على المؤمنين» .
وقال أبو عيسى المهدي بن أحمد بن علي الفاسي في شرحه الوسط على الدلائل إثر كلام ابن فارس: والوجوب في كلامه يحتمل الوجوب الشرعي أو العرفي بمعنى ينبغي مرجعه إلى اعتبار الأولى والأخلق وقد حمله العزفي على الوجوب الشرعي والله أعلم.
وعليه فيحتمل وجوب معرفة جميع ما ذكر أو بعضه وباقيه استطراد وزيادة خير للعارف به رتبة كما قال تعلو على رتبة من جهله والله أعلم.
والظاهر حمل الوجوب على الشرعي، وأنه يتعلق بجميع ما عدد. وللقرافي في الذخيرة وأشار إليه في شرح الأربعين: أن جملة الأحوال المتعلقة بالرسول، كلها فضلا عمّا به يتعين يرجع إلى العقائد لا إلى العمل، فيجب البحث عن ذلك ليحصل كمال المعتقد.
ومشخصاته هي معرفة اسمه ونسبه وزمانه ومكانه وصفته عليه السلام وقال مفخرة الشام ابن القيم الجوزية في زاد المعاد بعد أن بين اضطرار العباد إلى معرفة الرسول وما جاء به وتصديقه فيما أخبر وطاعته فوق ما أمر ونصه: «وإذا كانت سعادة الدارين معلقة بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، فيجب على كل من نصح نفسه وأحب نجاتها وسعادتها أن يعرف من هديه وسيرته وشأنه ما يخرج به عن الجاهلين، ويدخل به في عداد أتباعه وشيعته وحزبه» .
انظر بقية كلامه ولا شك أن المسلم إذا تتبع السيرة على الوجه الذي توخيناه، لم يبق له شك في أن نبيه جاء بعمارة الدنيا والعمل للآخرة، لا بخراب العالم والانقطاع عن العمل، حاشا وكلّا. نعم جاء عليه السلام بعدم تعمير القلب بالدنيا تعميرا يغافل به المسلم عن ربه وتوحيده، ولكن أمرك أن تجد وتجتهد حتى تملأ منها يدك وتترك قلبك لله، وما يرضيه منك من وجوه مبرات وحسنات لبني جلدتك خالدات، بهذا جاء الدين لا بعكسه.
ويدلّك لذلك أن ثلث الشريعة الإسلامية عبادات، وأسرار تلك العبادات تتضمن سعادة بذلك وحياة روحك زيادة على إخلاص العمل لوجه الله، وبقية الثلثين معاملات دنيوية وكيفية الأخذ منها والرّد بالقسط. انظر إلى أجزاء الزرقاني مثلا على المختصر الثمانية فإن أحكام
العبادة منها لا يزيد على جزءين وبقية الأجزاء الستة أحكام المعاملات الدنيوية. بل قال بعض الكتاب: إنّ في القرآن الكريم من آيات العلوم الكونية ما يزيد على سبعمائة وخمسين آية، أما علم الفقه فلا تزيد آياته، الصريحة عن مائة وخمسين آية اهـ. وفي حديث أخرجه ابن عساكر عن أنس قال الحافظ السيوطي في الحاوي: صحيح من وجوه:
وقد أخرجه ابن عساكر عن عمر بن قيس قال: كان عبد الله بن الزبير إذا نظرت إليه في أمر دنياه قلت: هذا رجل لم يرد الله طرفة عين، وإذا نظرت في أمر آخرته قلت: هذا رجل لم يرد الدنيا طرفة عين أنظر ترجمة ابن الزبير في تاريخ الخلفاء [للسيوطي] .
وفي حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رزق الدنيا على الإخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له، وأقام الصلاة وآتى الزكاة مات والله عنه راض» أخرجه «ابن عبد البر في جامع العلم.
وقال ابن عمر: لو كان عندي أحد ذهبا أعلم عدده وأخرج زكاته ما كرهت ذلك وما خشيت [أن] يضرني. وقال سعيد بن المسيب: لا خير فيمن لا يجمع المال فيقضي دينه ويصل رحمه ويكف به وجهه.
وأخرج الديلمي عن جابر رفعه: «نعم العون على تقوى الله المال» . وقال عمر بن الخطاب: من أراد أن يسأل عن المال فليأتنا فإن الله جعلني خزانا. وقال صلى الله عليه وسلم لسيدنا سعد [ابن أبي وقاص] كما في الصحيح لما أراد أن يتصدق بأكثر ماله: «إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم عالة يتكففون الناس» «1» .
وقال لكعب بن مالك حيث استشاره في الخروج عن ماله كله: «أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك» «2» . وقال قيس بن عاصم [المنقري التميمي] حين حضرته الوفاة لبنيه:
يا بني عليكم بالمال واصطناعه فإنه منبهة للكريم، ويستغنى به عن اللئيم. وللصحابي الجليل سيدنا النمر بن تولب العكلي في الحث على الكسب ومدح المال والزجر عن القعود عن التكسب وذم الفقر:
خاطر بنفسك كي تصيب رغيبة
…
إن القعود مع النساء قبيح
فالمال فيه عزة ومهابة
…
والفقر فيه مذلة وفضوح
أنشدهما له الحافظ ابن عبد البر في كتابه بهجة المجالس.
(1) رواه مسلم في كتاب الوصية ج 2 ص 1251. وأحمد ج 1 ص 168 بمعناه.
(2)
رواه البخاري كتاب الزكاة وباب 18 ص 117/ 2. ورواه مسلم في كتاب التوبة ج 3 ص 2227.
وقال الثوري مرة لما عاتبه في تقليب الدنانير: لولا هذه لتمندل بنا بنو العباس «1» .
وقال أيضا: لأن أخلف عدة آلاف درهم يحاسبني الله عليها أحب إليّ من أن احتاج إلى الناس. وجاء عنه أنه قال: المال في هذا الزمان سلاح المؤمن.
وقال سفيان بن عيينة: من كان له مال فليصلحه. ذكر هذه الآثار عنهم الحافظ السخاوي في جواب له في الباب. وفيه أيضا عن أبي الدرداء: من فقه الرجل استصلاحه معيشته. وأورد الزمخشري في الكشاف عند قوله تعالى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً [النساء: 5] شيئا من هذا. وكيفما كان الحال؛ فإن ذلك مما يدل ولا إشكال على اهتمام الشريعة الإسلامية بنظام حياتك، وإرشادك إلى استثمار ينابيع الثروة، وأساليب المعيشة الهنيئة. ذلك النظام الذي سنّه لك الإسلام؛ وهو مادة نظام العالم المتمدن اليوم، إن لم يكن جميعه فمعظمه. وأنت أيها المسلم ساه لاه.
وفي «الروض الأنف» أن العلاء بن الحضرمي لما قدم على المنذر بن ساوى وخاطبه في الإسلام وشرائعه أجابه المنذر بقوله: قد نظرت في هذا الأمر الذي في يدي فوجدته للدنيا دون الآخرة، ونظرت في دينكم فوجدته للآخرة والدنيا، فما يمنعني من قبول دين فيه أمنية الحياة وراحة الموت، ولقد عجبت أمس ممن يقبله، وعجبت اليوم ممن يرده وإن من إعظام من جاء به أن يعظم رسوله انظر ص 356 من الجزء الثاني. وفيه أيضا أن الجلندى لما قدم عليه عمرو بن العاص قال له: انظر في هذا النبي الأمي الذي جاء بالدنيا والآخرة.
لهذا وشبهه عنّ لنا أن تكون عنايتنا في التدوين بالتراتيب الإدارية، والحرف والصنائع والمتاجر وأنواع العلوم والمشخصات التي كانت على عهد تأسيس المدنية الإسلامية النبوية، حتى يعلم الناس من أبناء ملتنا وعشق التاريخ من غيرهم، أن النبي العربي قد مدّن الشعوب، ورقّى الأمم بما أسس لهم من مباني العمران وسنّ من أنظمة التقدم وأنه يمر بك كثيرا أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء بهذا الرقي والعمران بما أنزل الله عليه من آي ذلك وأساليبه. ولكن غفلوا عن ذكر كيفية تمشية ذلك النظام في ذلك الزمان، وحراس تلك التمشية، الذين كانوا يسهلون على الشعب العمل باداب ذلك وأساليبه، ويسهرون على تمسك الأفراد بها.
وقد يقال: إنك أسأت الأدب وقرعت أبواب العطن بذكرك في سمرك هذا المصطفى صلى الله عليه وسلم نظاميا ملكا وأصحابه قوادا وولاة.
قلت: هذا من ضيق العطن ورمي الفطن وإلا فالبشر كلهم بشر ولكن فيهم الصالح والطالح في بشريتهم، والكامل والأكمل والنبيه والأنبه، والرذيل والأرذل. فأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قائدهم لا كالقواد، وأميرهم لا كالأمراء لمكانهم من القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولسماعهم الوحي الطري والعلم الصحيح، كما أن المصطفى صلى الله عليه وسلم بشر لا كالبشر، وملك لا
(1) ربما الصواب هو: قال عبد الله بن المبارك للثوري.
كالملوك، وقد قال فيلسوف الإسلام الغزالي في الإحياء:«ومن خصائصه عليه السلام أنه جمع له بين النبوة والسلطنة» اهـ وإلى كلامه هذا أشار الحافظ الأسيوطي في أنموذج اللبيب حيث قال: وجمع له بين النبوة والسلطنة، ولم تجمع لنبي قبله «1» . عد هذا الغزالي رحمه الله في الأحياء. ولما تكلم الإمام السهيلي في الروض على قول أبي سفيان للعباس لما حبسه في محتبس الوادي يوم الفتح: لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما. ورد عليه العباس بقوله إنها النبوة قال: فنعم إذا. ذكر عن القاضي أبي بكر بن العربي إنما أنكر العباس ذكر ذلك الملك مجردا من النبوة، مع أنه كان في أول دخوله في الإسلام، وإلا فجائز أن يسمّى مثله ملكا وإن كان لنبي فقد قال تعالى: وَشَدَدْنا مُلْكَهُ [ص: 20] وقال سليمان عليه السلام وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي [ص: 35] .
غير أن الكراهة أظهر في تسمية حال نبينا صلى الله عليه وسلم ملكا، لما في الحديث أنه خيّر بين أن يكون نبيا عبدا أو نبيا ملكا فأشار إليه أن تواضع فقال: بل نبيا عبدا «2» .
قلت: كلام ابن العربي هذا وجدته في الأحكام: ص 199 من الجزء الأول. ولا شك أن ما نحن فيه ليس مما ينكر ولا ينكره أحد وقد قال الشهاب الخفاجي على حديث أبي مسعود البدري أن رجلا قام بين يديه عليه السلام فأرعد من الفرق فقال: هون عليك فإني لست بملك «3» ما نصه: يعني لست من الملوك الجبابرة حتى تخاف مني لأن جبريل جاءه من الله وخيّره بين أن يكون نبيا عبدا أو نبيا ملكا فاختار أن يكون نبيا عبدا ولم يرض بوصفه بالملك وكذا الخلفاء الأربعة. وأول من ملك في الإسلام معاوية فلا وجه لقول بعضهم هنا: إن هذا لا ينافي أنه ظهر ملكه وإن كان ملكه نبوة فإنه لم يرد إلا نفي أنّه ملك كسائر الملوك عند المخاطب.
وقال الخفاجي أيضا على حديث ابن أبي هالة الذي فيه عليه السلام كان يقول:
أبلغوني حاحة من لا يستطيع إبلاغها، فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبّت الله قدميه يوم القيامة «4» . قيل يريد إن أبلغ سلطانا حاجة جوزي بهذا، فكيف بمن يبلغه صلى الله عليه وسلم، وإلا فهو أجل من أن يكون ملكا أو سلطانا وقد قال: لست بملك.
(1) إذا كانت السلطنة تعني القدرة والملك فقد جمعت لسيدنا داود وابنه سليمان، مصححه.
(2)
روى الإمام أحمد حديثا عن أبي هريرة أوله: جلس جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى السماء فإذا ملك ينزل فقال جبريل: إن هذا الملك ما نزل منذ يوم خلق قبل الساعة فلما نزل قال: يا محمد أرسلني إليك ربك. أفملكا نبيا يجعلك أو عبدا رسولا؟ قال جبريل: تواضع لربك يا محمد. قال: بل عبدا رسولا ج 2/ 231 والإسلامي: 304/ 2.
(3)
روى ابن ماجه ج 2 ص 1101 حديثا عن أبي مسعود البدري أوله: هوّن عليك فإن لست بملك، إنما أنا ابن امرأة تأكل القديد.
(4)
ذكره في التيسير وعزاه للطبراني وأبي الشيخ عن أبي الدرداء وقال: فيه من لا يعرف.
قلت: فيه نظر؛ لأن المراد بالسلطان هنا الإمام الأعظم خليفة الله، وقد أطلق الفقهاء ذلك عليه كما بيناه. وفي حكمه بالسلطنة والفتيا والقضاء المذكور في القواعد للسبكي كما سيأتي اهـ منه.
وقال الإمام فخر المالكية، أبو العباس القرافي في الفروق في الفرق السادس والثلاثين، بين قاعدة تصرفه صلى الله عليه وسلم بالقضاء، وبين قاعدة تصرفه بالفتوى، وهي التبليغ وبين قاعدة تصرفه بالإمامة: إعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الإمام الأعظم والقاضي الأحكم والمفتي الأعلم، فهو صلى الله عليه وسلم إمام الأيمة وقاضي القضاة وعالم العلماء، فجميع المناصب الدينية فوّضها الله إليه في رسالته، وهو أعظم من كل من تولّى منصبا منها في ذلك المنصب إلى يوم القيامة، فما من منصب ديني إلا وهو متصف به في أعلى رتبة، غير أن غالب تصرفه صلى الله عليه وسلم بالتبليغ والفتوى إجماعا.
ومنها ما يجمع الناس على أنه بالقضاء، ومنها ما يجمع الناس على أنه بالإمامة، ومنها ما يختلف العلماء فيه لتردده بين رتبتين فصاعدا، فمنهم من تغلب عليه رتبته ومنهم من تغلب عليه أخرى، ثم تصرفاته عليه السلام بهذه الأوصاف تختلف آثارها في الشريعة.
اهـ كلامه الجليل فقف عليه ص 346. من الجزء الأول.
وقد عدّ القاضي عياض في الشفا من أسمائه صلى الله عليه وسلم السلطان. قال الشهاب الخفاجي في شرحها: وله معان منها البرهان والملك والنبوة والغلبة، ويعم إرادة كل منها هنا وسمّي صلى الله عليه وسلم بهذا في كتاب شعيب وبعض الكتب القديمة اهـ وفي همزية البوصيري في حق الصحابة:
وبأصحابك الذين هم بع
…
ك فينا الهداة والأوصياء
أحسنوا بعدك الخلافة في الد
…
ين وكل لما تولى إزاء
أغنياء نزاهة فقراء
…
علماء أيمة أمراء
أرخصوا في الدنا نفوس ملوك
…
حاربوها أشلاءها أشلاء
قال الشمس ابن عبد الرحمن في شرحه على قوله: أمراء تولوا الإمارة وأمور المسلمين، في حياته وبعد وفاته عليه السلام. وقاموا فيها بحق الله كما يجب وينبغي، فهو على أقوم موازين العدل وأحقها.
وقال الحافظ في الفتح على حديث الصحيح «لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله ما لا فسلطه على هلكته في الحق وآخر آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها» «1» . في الحديث الترغيب في ولاية القضاء لمن استجمع شروطه، وقوي على إعمال الحق، ووجد له أعوانا لما فيه الأمر بالمعروف ونصر المظلوم، وأداء الحق لمستحقه، وكف يد الظالم، والإصلاح
(1) هو الحافظ العراقي في شرحه لصحيح الإمام البخاري المشهور واسمه فتح الباري والحديث في كتاب الزكاة ج 2 ص 112 من حديث ابن مسعود.
بين الناس، وكل ذلك من القربات، ولذلك تولاه الأنبياء ومن بعدهم من الخلفاء الراشدين، ومن ثم اتفقوا على أنه من فروض الكفاية، لأن أمر الناس لا يستقيم بدونه.
وقال الحافظ أيضا على باب ما يكره من الحرص على الإمارة؛ هو في حق من دخل فيها بغير أهلية، ولم يعدل فإنه يندم على ما فرط منه إذا جوزي بالخزي يوم القيامة، وأما من كان أهلا وعدل فيها فأجره عظيم، كما تضافرت به الأخبار اهـ.
وفي المواهب كان قيس بن سعد بن عبادة بين يديه صلى الله عليه وسلم بمنزلة صاحب الشرطة، قال الزرقاني في شرح المواهب بضم المعجمة والراء وقد تفتح الراء: الواحد شرطي أو بمنزلة كبيرهم، وهم أعوان الولاة، سمّوا بذلك لأنهم الأشداء الأقوياء من الجند، قيل: لأنهم نخبة الجند، وشرطة كل شيء: خياره. وقيل: لأن لهم علامات يعرفون بها، وهذا الحديث كله رواه الطبراني، وروى القطعة الأخيرة منه البخاري عن أنس قال:«إن قيس بن سعد كان يكون بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير» «1» .
وقال الإمام أبو الحسن السندي المدني في حواشيه على مسند أحمد: الشرط جمع شرطة وشرطي، وهم أعوان السلطان لتتبع أحوال الناس وحفظهم، ولإقامة الحدود.
وقيل: هم أول الجيش ممن يتقدم بين يدي الأمير، لتنفيذ أوامره. وقيل: هم نخبة أصحابه الذين يقدمهم على غيرهم اهـ.
ويرحم الله الإمام أبا الحسن الخزاعي حيث قال في كتابه الآتي ذكره: وذكرت في كل عمالة منها من ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها من الصحابة ليعلم ذلك من يليها الآن، فيشكر الله على أن استعمله في عمل شرعي، كان يتولاه البعض من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقامه مقامه ويجتهد في إقامة الحق فيه مما يوجب الشرع ويقتضيه، فيكون قد أحيا سنة وأحرز حسنة» .
وأصله ما ذكره أبو موسى المديني وأبو الربيع الكلاعي في الاكتفاء ثم ابن الأثير في أسد الغابة وابن حجر في الإصابة في ترجمة أميمة والدة أبي هريرة رضي الله عنه ويقال:
إسمها ميمونة: عن أبي هريرة أن عمر بن الخطاب دعاه ليستعمله (يوليه) فأبى أن يعمل له، فقال له أتكره العمل وقد طلبه من كان خيرا منك؟ قال: من ذاك؟ قال: يوسف بن يعقوب. قال: يوسف: نبي بن نبي، وأنا أبو هريرة بن أميمة. انظر ص 21 من جزء النساء من الإصابة.
وفي رحلة الأديب الكاتب أبي محمد الشرقي بن محمد الإسحاقي الحجازية على قوله تعالى: وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً [الفرقان: 74] قال بعض العلماء: يؤخذ من هذه الآية؛ أنه يجوز للإنسان أن يطلب المراتب العلية في الدين، كالولاية والعلم مثلا والتقدم فيه اهـ.
(1) رواه البخاري في كتاب الأحكام ج 8 ص 108.
بل قال الحافظ جلال الدين السيوطي في كتابه العجيب المسمى الأكليل على استنباط التنزيل على قول يوسف عليه السلام: اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ [يوسف: 55] استدل بها على جواز طلب الولاية كالقضاء ونحوه لمن وثق من نفسه القيام بحقوقه وجواز التولية عن الكافر والظالم اهـ وقال ابن عطية في تفسيره: «وطلب يوسف للعمل إنما هو لرغبته أن يقع العدل. ونحو هذا دخول أبي بكر في الخلافة، مع نهيه الحثيث من الأنصار عن أن يتأمر على اثنين. الحديث «1» فجائز للفاضل أن يعمل ويطلب العمل إذا رأى أن لا عوض عنه» .
وقد نص الحافظ ابن حجر في عدة مواضع من الإصابة أن الخلفاء الراشدين كانوا لا يؤثرون بالولايات غير الصحابة.
ورأيت في طبقات ابن سعد لما ترجم للحنظل ابن الحصين البارقي الأزدي عنه قال:
سمعت عمر بن الخطاب يقول: قد علمت ورب الكعبة متى تهلك العرب؛ إذا ساس أمرهم من لم يصحب الرسول، ولم يعالج أمر الجاهلية انظر 6/ 88.
وأورد ابن أبي شيبة في مصنفه أنهم كانوا في الفتوحات لا يؤمرون غير الصحابة.
ولما كان لكل شيء مادة، فمادة كتابتنا هذه من الوجهة الحديثية الكتب الستة التي هي معصم الإسلام وساعده، وشروحها خصوصا فتح الباري، لسيد الحفاظ ابن حجر وعمدة القاري للبدر العيني. والتنقيح للبدر الزركشي. وتوشيح الحافظ السيوطي.
واختصاره والمصابيح للبدر الدماميني. وبهجة النفوس للعارف ابن أبي جمرة. وإرشاد الساري للشهاب القسطلاني. وحاشيتي ابن غازي. ورفيقه الإمام الجامع أبي العباس أحمد زرّوق دفين مصراته (في ليبيا) وتشنيف المسامع للعارف الفاسي. وتعليق حفيد أخيه أبي زيد الفاسي. وحواشي أبي عبد الله ابن زكري. وتلميذ تلميذه أبي عبد الله محمد التاودي ابن سودة. وشرح أبي زيد المجاجي على مختصر ابن أبي جمرة. ونفحة المسك الداري شرح نظم مقدمة فتح الباري لأبي الفيض حمدون ابن الحاج. والفجر الساطع على الصحيح الجامع لشيخنا أبي عبد الله محمد الفضيل الإدريسي الزرهوني. وشروح مسلم للنووي وعياض والأبي وابن المشاط والسنوسي والسيوطي وحواشي السيوطي على الكتب الستة خصوصا قوت المغتذي على جامع الترمذي وعون الودود على سنن أبي داود لأبي الحسنات محمد بن عبد الله الفنجابي الهندي والتعليق المحمود على سنن أبي داود للشيخ فخر الحسن الكنكوهي الهندي وإنجاح الحاجة على سنن ابن ماجه لشيخ كثير من شيوخنا محدث المدينة المنورة الشيخ عبد الغني بن أبي سعيد الدهلوي المدني، والحطة في ذكر الصحاح الستة للأمير الطيب الذكر السيد صديق حسن خان البوهبالي الهندي والموطأ لإمام دار الهجرة وشروحها خصوصا المنتقى للإمام أبي الوليد الباجي والقبس على موطأ مالك بن
(1) حديث أبي ذر: «يا أبا ذر لا تولّينّ مال يتيم ولا تأمرّنّ على اثنين» . رواه أحمد ج 5 ص 180.
أنس للإمام أبي بكر بن العربي المعافري وحاشية السيوطي وموطأ محمد بن الحسن بحاشيتهما لأبي الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الهندي ومسند أحمد بن حنبل وحاشيته لمحدث المدينة أبي الحسن السندي ومسند أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ومسند الخليفة عمر بن عبد العزيز تخريج أبي بكر محمد بن محمد الباغندي وهو مطبوع بالهند وإن يكن طابعه لم يذكر جامعه وهو عجيب، والأدب المفرد للبخاري والعلل للإمام أبي محمد عبد الرحمن ابن أبي حاتم الحنظلي ومجمع الزوائد للحافظ نور الدين الهيثمي والجامع الكبير للحافظ الأسيوطي والجامع الصغير وشروحه كفتح القدير والتيسير كلاهما للمناوي والعزيزي وحواشيه للشمسين العقلي والحفني وكنز العمال لابن الهندي ومختصره منتخب كنز العمال ونصب الراية في تخريج أحاديث الهداية للحافظ جمال الدين الزيلعي الحنفي واختصارها للحافظ ابن حجر وتلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير للحافظ ابن حجر أيضا ومشكاة المصابيح وشرحها للشيخ علي بن سلطان المعروف بالقاري الحنفي المسمى بالمفاتيح على المصابيح ومنتقى الأخبار للشيخ مجد الدين بن تيمية وشرحه نيل الأوطار للقاضي محمد بن علي الشوكاني الصنعاني وشرح حديث أم زرع لفخر المغرب القاضي أبي الفضل عياض رحمه الله ورضي عنه والمقاصد الحسنة للحافظ السخاوي وعروس الأفراح في معنى حديث الأرواح للشمس محمد بن أحمد بن عقيلة المكي وشرح الأربعين النووية للشهاب بن حجر الهيتمي والبرهان للشبرخيتي ومشكل الحديث لأبي محمد ابن قتيبة وتوجيه النظر لصاحبنا الشيخ طاهر الجزائري الدمشقي والفتاوي الحديثية لابن حجر الهيثمي وكتاب أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن الطلاع القرطبي والدرر اللوامع في الكلام على أحاديث جمع الجوامع للحافظ أبي العلاء العراقي الحسيني الفاسي وبلوغ السول في أقضية الرسول للأمير صديق حسن خان البوهبالي وكشف الغمة للعارف أبي محمد عبد الوهاب الشعراني المصري الشافعي ونبراس العقول الذكية في شرح الأربعين حديثا النبوية للشمس محمد بن مصطفى الكرماني الحنفي والمعتصر من المختصر تلخيص القاضي أبي المحاسن يوسف بن موسى الحنفي من اختصار الباجي لمشكل الآثار للطحاوي وشرح مسند أبي حنيفة رواية الحصكفي لأبي الحسن علي القاري المعروف بابن سلطان المكي والذهب الإبريز على المعجم الوجيز للشيخ أبي المحاسن محمد بن خليل القاوقجي الحنفي الطرابلسي الشامي.
ومن كتب السيرة النبوية شمائل الترمذي وشروحها لابن حجر والمناوي وحاشية السيوطي وسيرة ابن إسحاق التي هي أول سيرة ألفت في الإسلام وتهذيبها لابن هشام وشرح غريبها لأبي ذر الخشني وشرحها لأبي القاسم السهيلي الضرير دفين مراكش وسيرة الحافظ أبي عمر بن عبد البر المسماة بالدرر في المغازي والسير وقد نقل عنها الحافظ ابن حجر في مواضع من الإصابة بواسطة، فكأنها لم تكن بيده إذ ذاك والاكتفاء لأبي الربيع الكلاعي والشفا وشروحها خصوصا علي القاري المعروف بابن سلطان ونسيم الرياض
للشهاب الخفاجي واختصاره لابن عبد السلام بناني والحريشي والمنهل الأصفا على الشفا أيضا لابن التلمساني والدرر المنظم في مولد النبي المعظم للحافظ أبي القاسم العزفي السبتي وهو أكبر مولد رأيناه أو سمعنا به وبهجة المحافل للعاملي وحاشيتها لابن الأشخر اليمني وسيرة ابن سيد الناس وحاشيتها نور النبراس للحافظ برهان الدين الحلبي وميرة الشريف الطبري وألفية الحافظ زين الدين العراقي وشرحها للمناوي والشيخ الطيب ابن كيران والمواهب اللدنية للشهاب القسطلاني وهو كتاب جامع مسبوك تداولته الأيدي وخدمه الناس. ومن الغريب أنا نجد نصفه مأخوذا من فتح الباري بعزو وغيره، كما نبّه على ذلك شارحه الزرقاني ص 19 من الجزء الأول، كما قال قبل ذلك: إن المصنف اقتبس من الشفا في غالب التقاسيم والأبواب، حتى إنه اقتفى أثره في صدر الخطبة فقال: المنفرد مع ما فيه من النزاع منشدا بلسان حال:
وهل أنا إلا من غزية إن غوت
…
غويت وإن ترشد غزية أرشد
وشرحها للشمس محمد بن عبد الباقي الزرقاني وحاشيتها لشيخه النور علي الشبرملسي الشافعي المصري والهدي النبوي لابن القيم والسيرة الحلبية لنور الدين علي بن برهان الدين الحلبي المصري والشامية لخاتمة الحفاظ محمد بن يوسف الشامي، وهي أجمع السير وأوسعها مادة وأكثرها مجلدات وهي عندي بحمد الله وسيرة ابن فارس اللغوي وشرحها للقاضي المحدث أبي علي ابن أبي القاسم ابن باديس القسمطيني المسمى فوائد الدرر وفرائد الفكر في شرح مختصر السير وهو في مجلد ضخم واسع البحث غزير المادة والمقالات السنية في مدح خير البرية للعلامة عثمان بن علي، وهي سيرة منظومة فيها تسعة عشر ألف بيت من أعجب ما ألف في الإسلام، وأبدع ما نظم نفاخر بها نظم الإلياذة والدرة السنية في المعالم السنية للقاضي أبي عبد الله محمد بن عيسى بن أصبغ الأزدي المعروف بابن المناصف القرطبي وهي نظم عجيب نحو سبعة آلاف بيت من الرجز ومنحة واهب الهبات البهية والصلات الفاخرة في مدحة صاحب الآيات السنية والمعجزات الباهرة وهي همزية جيدة في نحو خمسة آلاف بيت من البلاغة والغرابة بمكان وفتح المتعال في مدح النعال لأبي العباس المقري واختصاره وأنموذج اللبيب في خصائص الحبيب للسيوطي وشرحه للشمس محمد بن عمر الروضي المالكي الأزهري وخصائص القطب الخيري وهو الكتاب الذي صرح الخفاجي في مواضع من شرح الشفا أنه لم يصنف مثله وسمط الجوهر الفاخر في مفاخر سيد الأوائل والأواخر لأبي عيسى المهدي بن أحمد الفاسي والمولد الكبير للشهاب الحلواني ووفاء الوفاء للسيد السمهودي وخلاصة الوفا له أيضا وتاريخ المسجد النبوي للسيد جعفر البرزنجي وتحفة المحبين والأحباب فيما للمدنيين من الأنساب لأبي زيد عبد الرحمن بن عبد الكريم الأنصاري المدني وهو من الكتب النادرة في المدينة المنورة ونجوم المهتدين في دلائل نبوة سيد المرسلين للشيخ أبي المحاسن يوسف النبهاني البيروتي الشامي والهمزية لشرف الدين البوصيري وشروحها للشمس الجوجري والشهاب ابن حجر
الهيثمي والشمس الحفني وأبي عبد الله محمد زنيبر السلوي وأبي عبد الله محمد بن أحمد الحضيكي السوسي وأبي محمد عبد القادر السجلماسي قاضي مكناس وأبي عبد الله محمد بنيس الفاسي وأبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الصومعي التادلي والشيخ سليمان الجمل المصري وأبي العباس الصاوي المصري وغيرهم من شروحها وشرح البردة لأبي العباس الجادري.
ومن كتب تراجم الصحابة كتاب الطبقات الكبرى للإمام ابن سعد طبعت في ثمان مجلدات بأوروبا، ولعلها أول كتاب ألف في طبقات الصحابة في الإسلام. وكل من ألف فيهم بعده إنما على أثره نسج. ثم الاستيعاب للحافظ أبي عمر بن عبد البر واختصاره المسمى أنوار أولي الألباب في اختصار الاستيعاب وأسد الغابة لابن الأثير والإصابة لسيد الحفاظ ابن حجر وهي أوسع المواد لأنها البحر الزاخر الذي يجد به كل باحث قصده في سائر الأبواب من الأوائل والأواخر. واختصارها لأبي زيد عبد الرحمن بن محدث فاس والمغرب أبي العلاء العراقي الحسيني والتجريد للحافظ الذهبي ودر السحابة فيمن دخل مصر من الصحابة للأسيوطي والرياض المستطابة في جملة من روى في الصحيحين من الصحابة لأبي زكريا يحيى العامري صاحب البهجة وظل الغمامة وطوق الحمامة في مناقب من خصه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكرامة للإمام مفخرة وقته ذي الوزارتين أبي عبد الله محمد الغافقي الأندلسي المقول فيه: لم يطلق اسم كاتب بالأندلس على رجل مثله والاستبصار في أنساب الأنصار للإمام موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة الحنبلي المقدسي وسيرة عمر بن الخطاب للحافظ ابن الجوزي وأسنى المطالب في مناقب سيدنا علي بن أبي طالب للحافظ ابن الجزري وذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى للحافظ محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري شيخ الحرم وحافظ الحجاز وجواهر العقدين في فضل الشرفين شرف العلم والنسب للإمام مؤرخ المدينة المنورة نور الدين علي السمهودي الشافعي المدني الشامي.
ومن كتب التاريخ والأدب والأنساب تاريخ الإسلام لحافظ الإسلام أبي القاسم بن عساكر والعبر لولي الدين ابن خالدون الحضرمي ومقدمته وجمهرة الحافظ أبي محمد بن حزم الأندلسي والفهرست أبي الفرج محمد بن أبي يعقوب إسحاق النديم الشيعي وصبح الأعشى في صناعة الإنشا للشهاب أحمد القلقشندي وهو من أعظم ما ألف في التاريخ الإسلامي ومدنيته وآداب لغته وطبعه من أبدع حسنات هذا العصر والمعارف لابن قتيبة ووفيات الأعيان للقاضي ابن خلكان وتاريخ الخلفاء ولب الألباب في الأنساب وطبقات اللغويين والنحاة وآكام العقيان في الخصيان وحسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة وتدريب الراوي في شرح تقريب النووي ورسالة الزجر في الهجر والمسارعة إلى المصارعة والأجر الجزل في الغزل التسعة «1» للحافظ الأسيوطي والدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة وسمط اللآلي في بيان ما اشتمل عليه كتاب الشفا من الرجال للشيخ قويسم التونسي في أحد
(1) وجدت في كتاب هدية العارفين اسم كتاب للسيوطي وعنوانه: أجر الجزل في العزل. ص 535/ 5.
عشر مجلدا عندي منه أربع مجلدات وطالعت غيرها وهو من الكتب الجامعة النادرة الوجود والعقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي وعيون الأنباء في طبقات الأطباء لموفق الدين أبي العباس أحمد بن القاسم السعدي الخزرجي المعروف بابن أبي أصيبعة ومرآة الزمان لسبط ابن الجوزي الحنبلي وكتاب أخبار الدول وآثار الأول لأبي العباس أحمد بن يوسف بن أحمد الدمشقي الشهير بالقرماني «1» وخطط مصر للمقريزي وعلي مبارك باشا وكتاب أشهر مشاهير الإسلام في الحرب والسياسة لصديقنا الكاتب المعتبر رفيق بك العظم الدمشقي نزيل مصر وشرح بديعية البيان للحافظ محمد بن ناصر الدين الدمشقي في طبقات الحفاظ المسمى التبيان وطبقات الشافعية الكبرى للقاضي تاج الدين السبكي الشافعي والأنساب لابن السمعاني ونكت الهميان في أخبار العميان للصلاح الصفدي ونهاية الأرب في معرفة أنساب العرب لصاحب صبح الأعشى والديباج المذهب لابن فرحون وذيليه لأبي العباس السوداني النيل والكفاية وطبقات الإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد الحضيكي السوسي وطبقات الحنفية للعلامة بن قطلوبغا الحنفي وروض القرطاس لابن أبي زرع والتعريف بالمصطلح الشريف لابن فضل الله العمري وهو مادة القلقشندي في صبحه ومسالك الأبصار في ممالك الأمصار لابن فضل الله المذكور أيضا والأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل لمجير الدين الحنبلي وتكملة الحافظ ابن الأبار الأندلسي وغيره لصلة ابن بشكوال وروضة النسرين في دلوة بني مرين لأبي الوليد إسماعيل بن الأمير يوسف المعروف بابن الأحمر ومستودع العلامة لابن الأحمر أيضا وتذكرة الحفاظ للحافظ الذهبي وتاريخ الإسلام له والتعريف بالرجال المذكورين في مختصر ابن الحاجب الفرعي لمحمد بن عبد السلام بن إسحاق الأموي المالكي وتاريخ الدولتين الموحدية والحفصية لأبي عبد الله محمد بن إبراهيم اللؤلؤي الزركشي والاعلاق النفيسة لأبي علي أحمد بن عمر بن رسته وذيل بشائر الإيمان في فتوحات آل عثمان لرئيس ديوان الإنشاء في الدولة التونسية الشيخ المؤرخ حسين خوجه الحنفي التونسي ونفح الطيب وأزهار الرياض في أخبار عياض كلاهما للمقري وجذوة الاقتباس لأبي العباس ابن القاضي ودرة الحجال ولقط الفرائد كلاهما له أيضا والخبر المعرب للشيخ أبي راس المعسكري وري الظما فيمن قال الشعر من الإما للحافظ أبي الفرج ابن الجوزي والتلقيح وتلبيس إبليس له أيضا وسلك الدرر في أهل القرن الثاني عشر للشمس محمد خليل المرادي الدمشقي وثمار القلوب في المضاف والمنسوب لأبي منصور الثعالبي وهو من أبدع كتبه وإرشاد القاصد إلى أسنى المقاصد للشمس محمد بن إبراهيم بن ساعد الأنصاري الأكفاني ومفتاح السعادة ومصباح السيادة لأحمد بن مصطفى (طاشكبري زاده) والأزهار الطيبة النشر في بعض مبادىء العلوم العشر للقاضي أبي الفتح محمد الطالب ابن الشيخ أبي الفيض حمدون بن الحاج السلمي الفاسي والاستقصاء لفخر سلا أبي العباس
(1) طبع مؤخرا في بيروت في دار الكتب العلمية.
الناصري السلاوي وخلاصة تاريخ العرب للمؤرخ الفرنسوي الشهير سيديو والتحفة القادرية لأبي محمد عبد السلام بن الخياط القادري الفاسي والأشراف على من بفاس من مشاهير الأشراف للقاضي أبي الفتح ابن الحاج وتحفة الأكابر في مناقب الشيخ عبد القادر لأبي زيد عبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي والدر النفيس فيمن بفاس من أبناء محمد ابن إدريس لأبي محمد الوليد بن العربي العراقي الفاسي وسلوة الأنفاس فيمن أقبر من العلماء والصالحين بمدينة فاس لابن خالنا أبي عبد الله محمد بن جعفر الكتاني الفاسي وكشف الظنون للمنلا كاتب چلبي ورحلة الإمام الحافظ أبي القاسم التجيبي ورحلة أبي محمد عبد الله التجاني وماء الموائد رحلة الشيخ أبي محمد عبد الله بن محمد أعياش وورحلة الإسحاقي الحجازية ورحلة خاتمة الحفاظ بالمغرب الأقصى أبي عبد الله محمد بن عبد السلام الناصري الدرعي ورحلة الشيخ أبي راس المعسكري حافظ المغرب الأوسط وفواتح الأنس في الرحلة إلى القدس للشيخ مصطفى أسعد اللقيمي والترجمانة الكبرى اسم رحلة الكاتب أبي القاسم الزياني الفاسي وروضة البسام في الرحلة إلى بلاد الشام لمحمد بن عبد الجواد القاياتي المصري ورحلة الحبشة لصادق باشا المؤيد العظم وتلخيص الإبريز للشيخ رفاعة الطهطاوي المصري والرد الوافر على من زعم أن من سمى ابن تيمية شيخ الإسلام كافر لحافظ الشام الشمس محمد بن ناصر الدين الدمشقي الشافعي والنجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة لأبي المحاسن المطبوع بليدن سنة 1851 م وتاريخ مصر الحديث لجرجي زيدان وانتقاده نبش الهذيان من تاريخ جرجي زيدان وجوابه وأوائل السيوطي والدر النفيس لجدنا من قبل الأم أحمد بن عبد الحي الحلبي والدرر المرصعة في صلحاء درعة لأبي عبد الله محمد المكي بن موسى بن محمد الناصري والأنيس المطرب فيمن لقيته من أدباء المغرب لأبي عبد الله محمد بن الطيب العلمي دفين مصر والرد المتين على منتقص الشيخ محي الدين للشيخ عبد الغني النابلسي وتاريخ الدولة الحسنية العلوية لأبي العباس ابن الحاج وتاريخ بيوتات فاس لأبي زيد الفاسي ورياض الورد فيما انتمى إلى هذا الجوهر الفرد للقاضي ابن الحاج والجيش العرمرم الخماسي لأبي عبد الله أكنسوس السوسي المراكشي والبحر الزاخر في تاريخ العالم وأخبار الأوائل الأواخر لمحمود فهمي المصري وهو في عدة مجلدات ورسالة النقود الإسلامية للتقي المقريزي.
ومن كتب التفسير والفقه والأصول والتصوف واللغة والسياسة والطب والحكمة أحكام القرآن للإمام أبي بكر أحمد بن علي الجصاص الحنفي البغدادي وهو من أول من ألف في أحكام القرآن من أهل القرن الرابع والقاضي أبي بكر بن العربي المعافري المالكي وتفسير ابن عطية والقرطبي والكشاف للزمخشري وتفسير ابن عرفة التونسي وتفسير المولى أبي السعود الحنفي والدر المنثور للحافظ السيوطي والإتقان في علوم القرآن له أيضا والإكليل في استنباط التنزيل له أيضا وتفسير الشيخ محمد نووي الجاوي المسمى مراح لبيد والمحاذي؟ للأستاذ المقري أبي عبد الله محمد بن عبد السلام الفاسي.
ومن كتب الفقه المالكي المدونة والرسالة لابن أبي زيد وشروحها لأبي يحيى التازي وابن ناجي وزروق الأجهوري وجسوس وغيرهم والكافي لأبي عمر بن عبد البر والبيان والتحصيل لأبي الوليد بن رشد والقوانين لأبي القاسم ابن جزي وشرح أبي العباس القباب على قواعد عياض والمعيار المعرب للحافظ الونشريسي وشرح أبي عبد الله المواق الغرناطي والحطاب المكي على المختصر والزرقاني والشبرخيتي عليه أيضا وأبي علي ابن رحال المعداني وحاشية الرهوني والشيخ الأمير المالكي المصري عليه وحاشية الأمير المذكور أيضا على شرحه لمجموعه وحاشية الشمس الدسوقي على شرح الدردير على المختصر أيضا وتنبيه الغافل للتفجروتي وألغاز ابن فرحون وشرح المنظومة التلمسانية في الفرائض للإمام أبي يوسف يعقوب بن موسى بن يعقوب بن عبد الله الستاني وهو من أشياخ بعض مشائخ ابن غازي والتبصرة لابن فرحون وشرح أبي عبد الله محمد بن الطيب القادري على المرشد المعين وتحفة الناظر وغنية الذاكر في حفظ الشعائر وتغير المناكر للإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد بن قاسم العقباني التلمساني وسراج الملوك لأبي الوليد الطرطوشي والمصباح الوهاج المغني عن سراج الداج لأبي عبد الله محمد التهامي بن محمد المدعو شهبون اليالصوتي الشفشاوني وفتح الوهاب على هداية الطلّاب للشيخ سيدي المختار بن أحمد بن أبي بكر الكنتي وفتاوى شيخ بعض شيوخنا العلّامة الصالح أبي عبد الله محمد بن أحمد عليش المالكي والتيسير في أحكام التسعير للقاضي أبي العباس أحمد بن سعيد المجليدي قاضي فاس الجديد وشرح جامع خليل للشيخ التاودي بن سودة الفاسي وشرح الشيخ أبي العباس أحمد الهشتوكي السوسي على نظمه في الذريعة وحاشية فقيه الشام ومفتيه شيخ بعض شيوخنا الشمس محمد بن عابدين الحنفي على الدر المختار شرح تنوير الأبصار وهو أجمع كتاب ألفه المتأخرون في الفقه الحنفي والدر المختار شرح تنوير الأبصار المذكور وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للإمام علاء الدين بن مسعود الكاساني وهو كتاب عظيم ليس له نظير في كتب الحنفية والحديقة الندية في شرح الطريقة المحمدية للعلامة الأستاذ الكبير الشيخ عبد الغني بن الشيخ إسماعيل النابلسي الحنفي الدمشقي والوسيلة الأحمدية والوزيعة السرمدية في شرح الطريقة المحمدية للحاج رحب بن أحمد التركي والبريقة المحمودية في شرح الطريقة المحمدية للشيخ أبي سعيد الخادمي الحنفي ونهاية الأحكام فيما للنية من الأحكام لصديقنا السيد أحمد الحسيني الشافعي المصري وكشاف القناع على متن الإقناع للشيخ منصور بن إدريس الحنبلي من كبار كتب الفقه الحنبلي وفتاوى الشهاب أحمد بن حجر الهيتمي الفقهية وفتاوى الشهاب أحمد الرملي الشافعي المصري والمواقف للعضد وشرحها للسيد [الشريف الجرجاني] وقوت القلوب لأبي طالب المكي والإحياء للغزالي وتخريج أحاديثها للحافظ العراقي وشرحها لفخر المتأخرين وعلم المحدثين المسند السيد مرتضى الزبيدي دفين مصر ومختصر كتاب المومل في الرد على الأمر الأول للحافظ أبي شامة عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي الشافعي
والقواصم والعواصم للإمام أبي بكر بن العربي المعافري دفين فاس والابتهاج في شرح المنهاج للإمام تقي الدين السبكي الأنصاري الشافعي وشرح الحافظ السيوطي على نظمه جمع الجوامع المسمى بالكوكب الساطع ونسمات الأسحار على شرح إفاضة الأنوار على متن أصول المنار لشيخ بعض شيوخنا مفتي دمشق ونحريرها الشمس محمد بن أحمد بن عابدين الحنفي الدمشقي وفواتح الرحموت على مسلم الثبوت للعلّامة عبد العلي بن نظام الدين الأنصاري الهندي وشرح جمع الجوامع لأبي العباس أحمد حلولو القيرواني المسمى بالضياء اللامع ومتنه وشرحه للجلال المحلي وحاشيته لأبي علي العطار المصري والمدخل لأبي عبد الله بن الحاج العبدري والفروق للإمام أبي العباس القرافي وسنن المهتدين للمواق والعلم الشامخ في إيثار الحق على الأباء والمشايخ للنظار الشيخ صالح المقبلي اليمني وبدائع السلك في ترتيب الملك للقاضي أبي عبد الله بن الأزرق الغرناطي وأدب الدنيا والدين للماوردي والإنالة العلمية في طريقة الفقراء المتجردين من الصوفية للأستاذ العالم أبي عثمان سعيد بن أبي جعفر أحمد بن إبراهيم بن ليون التجيبي والأجوبة المهمة لمن له بأمر دينه همة لعالم صحراء افريقية الشيخ المختار بن أبي بكر الكنتي صاحب الطريقة المشهورة به وكتاب الآداب الشرعية الكبرى للإمام أبي محمد بن مفلح المقدسي الحنبلي وهو من أوسع المؤلفات في آداب الإسلام اشتمل على مجلدين ضخمين ومنظومة الإمام محمد بن عبد القوى المرداوي الحنبلي وشرحها غذاء الألباب لشرح منظومة الآداب لمحدث الشام وعالمه في القرن الثاني عشر أبي عبد الله محمد بن أحمد السفاريني النابلسي الحنبلي وهو أيضا في مجلدين ما أوسع إطلاعه وأندر إتقانه بالنسبة لمعاصريه وبلوغ أقصى المرام في شرف العلم وما يتعلق به من الأحكام للعلامة أبي عبد الله محمد بن مسعود الطرنباطي الفاسي وسعود المطالع والفواكه الجنوية والقصر المبني على حواشي المغني ثلاثتها للنحرير الشيخ عبد الهادي الإبياري المصري والشرح الجلي على بيتي الموصلي للشهاب أحمد البربير البيروتي وهداية الضال من القيل والقال وهو شرح ابن عمنا المؤرخ المدرس الأديب أبي محمد المأمون بن عمر الكتاني الحسني على بيتي ابن فارس اللغوي:
إذا كنت في حاجة مرسلا
…
رسولا وأنت بها مغرم
والمواهب الفتحية في علوم اللغة العربية للشيخ حمزة فتح الله المصري وكناشة أبي العباس أحمد بن عاشر الحافي السلاوي وشرح خطبة المختصر لأبي العباس الهلالي السلجماسي وشرح الحافظ السخاوي على ألفية العراقي في الاصطلاح واليواقيت والدرر في شرح نخبة ابن حجر للشيخ عبد الرؤوف المناوي المصري ومقدمة تاريخ شهاب الدين المرجاني الغازاني المسمى وفيات الأسلاف وتحية الأخلاف وهي مقدمة نفيسة أراد أن يضاهي بها مقدمة ابن خالدون لتاريخه ومقدمة تاريخ الوزير جودت باشا التركي وآكام النفائس في آداب الأذكار بلسان فارس لسمّينا أبي الحسنات عبد الحي اللكنوي الهندي ومشارق الأنوار للقاضي عياض ونهاية ابن الأثير ومجمع بحار الأنوار للشيخ محمد طاهر
الفتني وتهذيب الأسماء واللغات للإمام النووي وشرح الشواهد الكبرى لمحمود العيني المصري والمطالع النصرية في الأصول الخطية لأبي الوفاء نصر الهوريني المصري وروضة الاعلام بمنزلة العربية من علوم الإسلام لآخر قضاة الأندلس أبي عبد الله محمد بن علي بن الأزرق المتوفى على قضاء بيت المقدس وهو كتاب عظيم قال عنه المقري في نفح الطيب لم يؤلف في فنه مثله اهـ والقاموس وحاشيته للإمام محمد بن الطيب الشركي الفاسي وشرح خطبته المسمى فتح القدوس للإمام أبي العباس أحمد بن عبد العزيز الهلالي السجلماسي وشرحه تاج العروس لخاتمة الحفاظ أبي الفيض الزبيدي المصري والمصباح والصحاح ومفاتيح العلوم لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف الكاتب الخوارزمي وإتحاف ذوي الاستحقاق ببعض مراد المرادي وزوائد أبي إسحاق اسم حاشية ابن غازي على ألفية ابن مالك والنوافح العالية في المدائح السليمانية لأبي الفيض حمدون بن الحاج المرداسي والرد على ابن المطهر الحلي للحافظ ابن تيمية الحنبلي الدمشقي والصارم المسلول على شاتم الرسول له أيضا والطرق الحكمية في السياسة الشرعية لابن القيم وكتاب البركة في فضل السعي والحركة لأبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحبشي اليمني وشرح الشيخ أبي سالم العياشي المسمى إرشاد المتسبب على نظمه لبيوع ابن جماعة التونسي المسمى معونة المكتسب وبغية التاجر والمحتسب والوافي في المسألة الشرقية ومتعلقاتها لأمين إبراهيم شميل المطبوع سنة 1296 لم أقف منه إلا على المجلد الأول وهو في 485 صحيفة وفهرس العلّامة المحدث المسند أبي العباس أحمد بن قاسم البوني التميمي ومعجم الحافظ السيد مرتضى الزبيدي الحسيني شارح الاحياء وفهرسة الحافظ أبي بكر بن خير الأموي والفوائد الجمة في إسناد علوم الأمة للإمام أبي زيد عبد الرحمن التمنارتي وصلة الخلف بموصول السلف لابن سليمان الرداني دفين دمشق الشام وفهرس الشيخ عبد الباقي الحنبلي الدمشقي المسمى رياض أهل الجنة في آثار أهل السنة، والمنح الباذية في الأسانيد العالية لأبي عبد الله محمد الصغير الفاسي وحصر الشارد في أسانيد محمد عابد لشيخ بعض شيوخنا محدث الحجاز الشيخ محمد عابد السندي الأنصاري المدني وإفراد ذوي الاستعداد إلى معالي الرواية والإسناد للشيخ أبي محمد عبد القادر ابن أحمد الكوهن الفاسي وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المدايني وتثقيف اللسان وتلقيح الجنان لأبي حفص عمر بن خلف بن مكي الصقلي قاضي تونس من الكتب النادرة حتى إن صاحب كشف الظنون والبلغة لم يذكراه وتسريح الأبصار فيما يحتوي لبنان من الآثار للقس هنري لا بسنس اليسوعي وكناشة المؤرخ النسابة الرحالة أبي عبد الله محمد بن الخياط بن إبراهيم الفاسي وكناشة أبي الفضل عباس بن أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن السجلماسي الفاسي والامتاع بأحكام السماع لكمال الدين أبي الفضل جعفر ابن ثعلب الأدفوي الشافعي والنفس اليماني والروح الروحاني في إجازة القضاة الثلاثة بني الشوكاني لمفتي زبيد ومسندها السيد عبد الرحمن بن سليمان الأهدل رحمه الله وفتح المنة في التلبيس بالسنة للشعراني وطبقاته
الكبرى والمنن وتنبيه المغترين له وتحديد الأسنّة في الذبّ عن السنة لشيخنا وولي نعمتنا الأستاذ الوالد الشيخ أبي المكارم عبد الكبير بن محمد الكتاني الحسني والتوفيق من الرب القريب في عدد شيبه وفي خضاب النبي الحبيب له أيضا ومناهج الأخلاق السنية في مباهج الأخلاق السنية للعلّامة الشيخ عبد القادر الفاكهي المكّي وعين العلم اختصار الاحياء للشمس محمد بن عثمان البلخي وشرحه للمنلا علي القاري المعروف بابن سلطان المكي الحنفي وضياء النهار المجلي لقائح الأبصار لأبي القاسم بن خجو الحساني أمير فاس وتشييد المكانة لمن حفظ الأمانة للعلّامة العارف أبي المعارف مصطفى بن كمال الدين البكري الصديقي الحنفي الدمشقي والوابل الصيب في الكلم الطيب للحافظ ابن القيم الزرعي الدمشقي وبدائع الفرائد له أيضا وحجة الكرام في محجة أهل الإسلام والمحاضرات والقانون كلاهما للعلامة النظار أبي علي الحسن بن مسعود اليوسي ومناهج الألباب المصرية في مناهج الآداب العصرية للشيخ رفاعة الطهطاوي المصري وبذل الكرامة لقراء المقامة لصاحبنا الشمس محمد بن عبد الرحمن البوسعادي الجزائري ومقدمة أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك تأليف الوزير خير الدين باشا التونسي والدوحة المشتبكة في ضوابط دار السكة لأبي الحسن علي بن يوسف بن أبي الحسن الكومي الفاسي والتاج للإمام أبي عثمان بن بحر الجاحظ في أخلاق الملوك وآدابهم وهو كتاب لا ينبغي أن يختلف في نسبته للجاحظ لأن بيدي منه أوراقا بخط قديم في رق غليظ يغلب على ظني أنها كتبت في حياة الجاحظ نفسه أو بعده بقريب عنوانها الجزء الثامن من كتاب التاج تأليف أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ للفتح بن خاقان مولى أمير المؤمنين اهـ باللفظ. ولو ظفر بهذه الأوراق منه الأستاذ أحمد زكي باشا المصري طابعه لطرب وزال عنه كل شك وريب وربما اختلج في ظني أن العنوان المنقول نصه هنا هو مكتوب بخط الفتح بن خاقان نفسه والبيان والتبيين ورسالة في مدح التجار وذم عمل السلطان كلاهما للجاحظ أيضا وحسن الصناعة في علم الزراعة وغير ذلك من الرسائل والمصنفات.
ومن أعظم ما اعتمدته وسايرته كتاب تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحرف والصنائع والعمالات الشرعية وإن كنت لم أقف عليه كاملا ولكن على ترتيب ما وقفت عليه منه اعتمدت وعليه أضعاف أضعاف فصوله وأصوله ونقوله زدت واستدركت مع تمييز الزيادات عليه غالبا برسم حرف الزاي قبلها، أو قلت كما فعل ابن حجر في الإصابة فيما زاده على الذين دونوا قبله فيما دون فيه، وجعلت خطوطا بالمداد الأسود (شرطات) على كلامه ليظهر كلامه من زياداتي فكلما رأيت التأشير متصلا بالمداد الأسود من فوق فهو كلام الخزاعي، وابتداء كلامي من رسم حرف الزاي ثم قلت وإن رسمت الزاي وبعدها قلت قبل الترجمة فاعلم أنها وما فيها من استدراكاتي، وإن رسمت الزاي وبعدها قلت بعد كتب الترجمة فاعلم أن
الترجمة للخزاعي والزيادة والاستدراك كلها من زياداتي «1» .
وقد عملت على الكتابة في هذا الموضوع بلسان يناسب روح العصر وقلم يرمي إلى ترجيح مهيع الاختصار، والاقتصار على الأرجح، والأفيد من غير خروج عن الموضوع.
وقد كنت فيما مضى وانقضى شديد التطلب لهذا الكتاب تخريج الدلالات العظيم الشأن الذي اهتم به مؤلفه بما لم يهتم به أحد قبله ولا بعده فيما نعلم، وهو تدوين المدنية الإسلامية على عهد تأسيسها الأول، جازما أن صاحبه ألهم الخوض في مشروع يستلفت الأنظار، ويستوجب مزيد الشكر وأن يبقى له به أعظم تذكار، ومع ذلك أجد أن طول الزمن أخنى على مؤلفه ومؤلّفه فدفنا معا في زوايا النسيان، وألقي عليهما الإهمال بكلكله في أودية النكران، فبقيت في تشوق وتلهف للكتاب المذكور، أوالي عنه البحث والتفتيش من أقصى وادي نون إلى بلاد العريش، حتى ظفرت به في مكتبة تونس الزاهرة لما رحلت إليها سنة 1339 هـ[حوالي 1920] فأخرجته من مكتبتها بقصد الانتساخ.
وممن ساعدني على استعارته، بهجة تلك الحاضرة الذي هو فيها الشامة النادرة، الشيخ محمد طاهر عاشور قاضيها لهذا العهد، وقد عجبت أكبر إعجاب لوجود ذلك الكنز، في تلك الحاضرة الزاهرة، التي يتردد إليها كثير من أهل العلم، من أهل بلدنا ومن غيرهم ولم يحيه أحد باستنساخه وجلبه، فضلا عن نشره وطبعه. ولكن بكل أسف لم يوجد اسم المؤلف على ظهر النسخة التونسية ولا في برنامجها. ومع كوني طالما تأبطت به هنا وهناك، وأطلت الحديث عليه باحتباك، ذاكرا من ترجمه وعرف به، فلم أجد قط من يصغي إلى شيء من ذلك أو به يهتبل وينتبه، ومع كوني في هيامي به وحيدا، وسمري به وسهري فريدا، بقيت مهتما به أي اهتمام، قياما بواجب حق مؤلفه الذي خدم الإسلام، وبموضوعه الذي هو حاجتنا اليوم القصوى، ودفع ما به عمّت الأمم الإسلامية البلوى، فأقمت عليه بعد وصوله ليدي بفاس أياما وليالي، أميز أبوابه من فصوله، وأشير على رؤوس الكلام وأصوله، وأصحح ما غلط فيه ناسخه، الذي وجدته لم يعتبره ولا عرف له قيمة، ولا فهم أنه يكون مني ومن عشاق الآثار الإسلامية من أكبر الكتب القيّمة.
وقد كنت طالما طالعته وسامرته، وصاحبته معي في أسفاري وفي كل موطن منها أحضرته، أجد أنه لو نسج على منواله، واعتني بالزيادة عليه والاستدراك طبق آماله، لكان الموضوع قابلا للزيادة عند من يعتني بالإفادة والإجادة، خصوصا وقد انتشرت الكتب اليوم في الأرض طولها والعرض، وعمّ منها المشرق والمغرب ما كانت يد الظنة به قبل تغرب،
(1) في هده الصبعة تم الاكتفاء بأن جعل كلام الخزاعي بي هلالين «» بخط أسود أوضح من سائر الكلام، وبقية الكتاب هو من كلام المؤلف رحمه الله بالخط العادي وذلك نظرا لكون كتاب التخريج قد طبع كاملا محققا من قبل الأستاذ الكبير إحسان عباس ولاختلاف أساليب الطباعة في زماننا عن الأيام. مصححة.