المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المذهب السابع: أن حكمهم حكم آبائهم في الدنيا والآخرة - أحكام أهل الذمة - ط عطاءات العلم - جـ ٢

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌ذكر أحكام مواريثهم بعضهم من بعضوهل يجري التوارث بين المسلمين وبينهم

- ‌اتفق المسلمون على أن أهل الدين الواحد يتوارثون

- ‌فصلفي ذكر أحاديث هذا الباب وعللها

- ‌المحاربون قطَّاع الطريق العالمون بأن ما فعلوه محرمٌ يضمنون

- ‌ يرث المسلمُ الكافر بالموالاة

- ‌ذكر حكم أطفالهم

- ‌الباب الأول: في ذكر أحكامهم في الدنيا

- ‌الجهة الثانية(3): إسلام الأبوين أو أحدهما

- ‌الجهة الثالثة: تبعيَّة السَّابي

- ‌فصلفي ذكر نصوص أحمد في هذا الباب

- ‌الجهة الرابعة: تبعيَّة الدار

- ‌فصلفي أدلة من ذهب إلى أن أطفال المسلمين في الجنة

- ‌المذهب الأول: الوقف في أمرهم

- ‌المذهب الثاني: أنَّهم في النار

- ‌المذهب الثالث: أنَّهم في الجنة

- ‌المذهب الرابع: أنَّهم في منزلة بين الجنة والنار

- ‌المذهب الخامس: أنَّهم مردودون إلى محض مشيئة الله فيهم بلا سبب ولا عمل

- ‌المذهب السادس: أنَّهم خدَمُ أهل الجنة ومماليكُهم

- ‌المذهب السابع: أنَّ حكمهم حكم آبائهم في الدنيا والآخرة

- ‌المذهب الثامن: أنَّهم يكونون يوم القيامة ترابًا

- ‌المذهب العاشر: أنَّهم يُمتحَنون في الآخرة

- ‌ذكر الشروط العمرية وأحكامها وموجَباتها

- ‌الفصل الأولفي أحكام البيع والكنائس

- ‌ذكر حكم الأمصار التي وُجدت فيها هذه الأماكن

- ‌الضرب الثالث: ما فُتِح صلحًا

- ‌ذكر نصوص أحمد وغيره من الأئمة في هذا الباب

- ‌فصلفي ذكر بناء ما استَهْدَم(3)منها، ورمِّ شَعَثِه، وذكر الخلاف فيه

- ‌فروعٌ تتعلَّق بالمسألة

- ‌فصلفي تملُّك الذمي بالإحياء في دار الإسلام

- ‌فصلقولهم: (ولا نمنع كنائسنا من المسلمين أن ينزلوها

- ‌فصلقولهم: (ولا نؤوي فيها ولا في منازلنا جاسوسًا)

- ‌فصلقولهم: (ولا نكتم غشًّا للمسلمين)

- ‌فصل(1)قولهم: (ولا نضرب نواقيسنا إلا ضربًا خفيًّا في جوف كنائسنا)

- ‌فصلقولهم: (ولا نُظهِر عليها صليبًا)

- ‌فصلقولهم: (ولا نرفع أصواتنا في الصلاة ولا القراءة في كنائسنا

- ‌فصلقولهم: (ولا نخرج صليبًا ولا كتابًا في أسواق المسلمين)

- ‌فصلقولهم: (وأن لا نخرج باعوثًا ولا شعانينًا

- ‌فصلقولهم: (ولا نجاورهم بالخنازير ولا ببيع الخمور)

- ‌فصلوكذلك قولهم: (ولا نجاوز المسلمين بموتانا)

- ‌فصلقولهم: (ولا ببيع الخمور)

- ‌فصلقولهم: (ولا نُرغِّب في ديننا، ولا ندعو إليه أحدًا)

- ‌فصلقولهم: (ولا نتخذ شيئًا من الرقيق الذي جرت عليه أحكام(1)المسلمين)

- ‌ذكر نصوص أحمد في هذا الباب

- ‌فصلقولهم: (وأن لا نمنع أحدًا من أقربائنا أراد الدخول في الإسلام)

- ‌فصل(1)وقولهم: (وأن نَلْزم زِيَّنا حيثما كنا، وأن لا نتشبَّه بالمسلمين

- ‌فصلقولهم: (ولا عمامة)

- ‌فصلقولهم: (ولا في نعلين، ولا فَرْق شعر)

- ‌فصلوكذلك قولهم: (ولا بفرق شعر)

- ‌فصلفي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلق الرأس وتركه وكيفية جعل شعره

- ‌فصلقالوا: (ولا نتشبَّه بالمسلمين في مراكبهم

- ‌فصلقالوا: (ولا نتقلد السيوف)

- ‌فصلقالوا: (ولا نتكلم بكلامهم)

- ‌فصلقالوا: (ولا ننقش خواتيمنا بالعربية)

- ‌فصلقالوا: (ولا نتكنَّى بكناهم)

- ‌فصل: كيف يُكتَب إليهم

- ‌فصلقالوا: (ونُوقِّر المسلمين في مجالسهم

- ‌فصلقالوا: (ولا نعلم أولادنا القرآن)

- ‌فصل(1)قالوا: (وأن نضيف كلَّ مسلم عابر سبيل ثلاثةَ أيام

- ‌«الفصل الثاني: في أحكام ضيافتهم للمارَّة بهم وما يتعلَّق بها»

- ‌فصل(1)قولهم: (وأن من ضرب مسلمًا فقد خلع عهدَه)

- ‌فصلقالوا: (ضمنَّا لك ذلك على أنفسنا وذرارينا

- ‌المسألة الأولى فيما ينقض العهد وما لا ينقضه

- ‌ذكر قول الإمام أحمد وأصحابه:

- ‌ ذكرُ قوله فيمن يتكلم في الرب تعالى من أهل الذمة:

- ‌الدليل الرابع عشر: قوله: {بَرَاءَةٌ مِّنَ اَللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى اَلَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ اَلْمُشْرِكِينَ} إلى قوله: {إِلَّا اَلَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ اَلْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا

- ‌ذكر الأدلة من السنة على وجوب قتل السابِّ وانتقاض عهده

الفصل: ‌المذهب السابع: أن حكمهم حكم آبائهم في الدنيا والآخرة

فصل

‌المذهب السابع: أنَّ حكمهم حكم آبائهم في الدنيا والآخرة

. فلا يُفرَدون عنهم بحكم في الدارين؛ فكما أنَّهم منهم في الدنيا، فهم منهم في الآخرة.

والفرق بين هذا المذهب وبين مذهب من يقول: هم في النار= أنَّ صاحب هذا المذهب يجعلهم معهم تبعًا لهم، حتى لو أسلم الأبوان بعد موت أطفالهما لم يحكم لأفراطهما بالنار. وصاحب القول الآخر يقول: هم في النار، لكونهم ليسوا بمسلمين، ولم يدخلوا النار تبعًا.

وهؤلاء يحتجون بحديث عائشة رضي الله عنها الذي تقدم ذكره أنهم في النار

(1)

.

وبما في «الصحيحين»

(2)

من حديث الصَّعب بن جَثَّامة: سُئِل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أهل الدار من المشركين يُبيَّتون فيُصِيبون من نسائهم وذراريهم، فقال:«هم منهم» .

ومثله حديث الأسود بن سريع، وقد تقدم

(3)

.

واحتجُّوا بحديث ابن مسعود: «الوائدة والموءودة في النار» ، فدخلت الوائدة النار بكفرها، والمَوءُودة تبعًا لها.

قالوا: وكما أنَّ إتباع ذرية المؤمنين بآبائهم كان إكرامًا لهم وزيادةً في

(1)

انظر: (ص 223 - 224).

(2)

البخاري (3012) ومسلم (1745)، وقد تقدَّم.

(3)

(ص 114)، ولم يتبيَّن وجهُ كونِه مثل حديث الصعب بن جثَّامة، فليُنظر.

ص: 251

ثوابهم، وأنَّ الإتباع إنَّما استُحِقَّ بإيمان الآباء، فإذا انتفى إيمان الآباء انتفى الإتباع الذي تحصل به النجاة.

ولا حجةَ لهم في شيء من ذلك.

أمَّا حديث عائشة فالصحيح فيه ما تقدَّم ذكره وجوابُ النبي صلى الله عليه وسلم لها بقوله: «الله أعلم بما كانوا عاملين» . وأما حديثها الآخر وهو قوله: «هم في النار» فلا يصح، وقد تقدم الكلام عليه

(1)

.

وأما قوله: «هم من آبائهم» فليس فيه تعرُّضٌ للعذاب، وإنَّما فيه أنَّهم منهم في الحكم، وأنَّهم إذا أصيبوا في البَيَات لم يضمنوا، وهذا مصرَّحٌ به في حديث الصعب والأسود بن سريع أنه في الجهاد.

وأيضًا فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما قال: «هم من آبائهم» ، ولم يقل: هم مع آبائهم، وفرقٌ بين اللفظين. وكونهم «منهم» لا يقتضي أن يكونوا معهم في الآخرة، بخلاف كونهم «منهم» ، فإنَّه يقتضي أن تثبت لهم أحكامُ الآباء في الدنيا من التوارث والحضانة والولاية وغير ذلك من أحكام الإيلاد، والله تعالى يخرج الطيب من الخبيث، والمؤمن من الكافر. والحديث إنَّما دلَّ على أنَّهم «من آبائهم» . وهذا لا شكَّ فيه أنَّهم يُولَدوا

(2)

منهم، ولم يُرِد النبي صلى الله عليه وسلم الإخبار بمجرَّد ذلك، وإنَّما أراد أنَّهم منهم في الحكم. وهو لم يقُلْ: على دين آبائهم.

فإن قيل: لو لم يكونوا على دينهم، وكانوا على الحنيفيَّة كما ذكرتم

(1)

(ص 224).

(2)

كذا في الأصل.

ص: 252

لوجب أن يُصلَّى عليهم إذا ماتوا، وأن يُدفَنوا في مقابر المسلمين، وأن يرثهم أقاربُهم المسلمون، وأن لا يمكَّن أبواهم من تهويدهم وتنصيرهم، إذ لا يجوز تمكين الكافر من تهويد المسلم وتنصيره. فدلَّ انتفاء هذا كلِّه على أنَّهم منهم في الدين وأنَّهم تبعٌ لهم فيه، كما أنَّ أطفال المسلمين منهم في الدين وأنَّهم تبعٌ لهم فيه.

قيل: هكذا نقول سواءً إذا لم يكن الطفل مع أبويه أو كافله مِن أقاربه، عملًا بمقتضى الفطرة والحنيفية التي خُلِقوا عليها.

وأمَّا إذا كان الطفل بين أبويه، فإنَّ الذي خلقه على الفطرة والحنيفية أقرَّ أبويه على تربيته وتهويده وتنصيره. وذلك لضرورة بقاء نوع الكفار في الأرض، إذ لو مُنِع من ذلك ــ فالآباء يموتون والأطفال يحكم لهم بحكم الإسلام ــ لانْقَطَع الكفرُ من الأرض، وكان الدين كلُّه دينَ الإسلام وبطل الجهاد. والحكمة الإلهية اقتضت أن يكون في الأرض الكفار والمسلمون، والأبرار والفجار، إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها.

وليس ترك الصلاة عليهم ما يوجب أن يكونوا كفارًا مخلَّدين، فالشهداء ــ وهم من أفاضل المسلمين ــ لا يصلى عليهم.

وأمَّا انقطاع التَّوَارُث بينهم وبين أقاربهم المسلمين فلا يقتضي أيضًا أن يكونوا كفارًا في أحكام الآخرة، فالعبد المسلم لا يرث ولا يورث. وكثيرٌ من العلماء يُورِّث المسلمَ مالَ المرتد إذا مات على رِدَّته، وهذا القول هو الصحيح، وهو اختيار شيخنا

(1)

. وهذا معاذ بن جبل، ومعاوية بن أبي

(1)

انظر: «الاختيارات» للبعلي (ص 283) و «الفروع» (8/ 65).

ص: 253