المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصلقولهم: (ولا عمامة) - أحكام أهل الذمة - ط عطاءات العلم - جـ ٢

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌ذكر أحكام مواريثهم بعضهم من بعضوهل يجري التوارث بين المسلمين وبينهم

- ‌اتفق المسلمون على أن أهل الدين الواحد يتوارثون

- ‌فصلفي ذكر أحاديث هذا الباب وعللها

- ‌المحاربون قطَّاع الطريق العالمون بأن ما فعلوه محرمٌ يضمنون

- ‌ يرث المسلمُ الكافر بالموالاة

- ‌ذكر حكم أطفالهم

- ‌الباب الأول: في ذكر أحكامهم في الدنيا

- ‌الجهة الثانية(3): إسلام الأبوين أو أحدهما

- ‌الجهة الثالثة: تبعيَّة السَّابي

- ‌فصلفي ذكر نصوص أحمد في هذا الباب

- ‌الجهة الرابعة: تبعيَّة الدار

- ‌فصلفي أدلة من ذهب إلى أن أطفال المسلمين في الجنة

- ‌المذهب الأول: الوقف في أمرهم

- ‌المذهب الثاني: أنَّهم في النار

- ‌المذهب الثالث: أنَّهم في الجنة

- ‌المذهب الرابع: أنَّهم في منزلة بين الجنة والنار

- ‌المذهب الخامس: أنَّهم مردودون إلى محض مشيئة الله فيهم بلا سبب ولا عمل

- ‌المذهب السادس: أنَّهم خدَمُ أهل الجنة ومماليكُهم

- ‌المذهب السابع: أنَّ حكمهم حكم آبائهم في الدنيا والآخرة

- ‌المذهب الثامن: أنَّهم يكونون يوم القيامة ترابًا

- ‌المذهب العاشر: أنَّهم يُمتحَنون في الآخرة

- ‌ذكر الشروط العمرية وأحكامها وموجَباتها

- ‌الفصل الأولفي أحكام البيع والكنائس

- ‌ذكر حكم الأمصار التي وُجدت فيها هذه الأماكن

- ‌الضرب الثالث: ما فُتِح صلحًا

- ‌ذكر نصوص أحمد وغيره من الأئمة في هذا الباب

- ‌فصلفي ذكر بناء ما استَهْدَم(3)منها، ورمِّ شَعَثِه، وذكر الخلاف فيه

- ‌فروعٌ تتعلَّق بالمسألة

- ‌فصلفي تملُّك الذمي بالإحياء في دار الإسلام

- ‌فصلقولهم: (ولا نمنع كنائسنا من المسلمين أن ينزلوها

- ‌فصلقولهم: (ولا نؤوي فيها ولا في منازلنا جاسوسًا)

- ‌فصلقولهم: (ولا نكتم غشًّا للمسلمين)

- ‌فصل(1)قولهم: (ولا نضرب نواقيسنا إلا ضربًا خفيًّا في جوف كنائسنا)

- ‌فصلقولهم: (ولا نُظهِر عليها صليبًا)

- ‌فصلقولهم: (ولا نرفع أصواتنا في الصلاة ولا القراءة في كنائسنا

- ‌فصلقولهم: (ولا نخرج صليبًا ولا كتابًا في أسواق المسلمين)

- ‌فصلقولهم: (وأن لا نخرج باعوثًا ولا شعانينًا

- ‌فصلقولهم: (ولا نجاورهم بالخنازير ولا ببيع الخمور)

- ‌فصلوكذلك قولهم: (ولا نجاوز المسلمين بموتانا)

- ‌فصلقولهم: (ولا ببيع الخمور)

- ‌فصلقولهم: (ولا نُرغِّب في ديننا، ولا ندعو إليه أحدًا)

- ‌فصلقولهم: (ولا نتخذ شيئًا من الرقيق الذي جرت عليه أحكام(1)المسلمين)

- ‌ذكر نصوص أحمد في هذا الباب

- ‌فصلقولهم: (وأن لا نمنع أحدًا من أقربائنا أراد الدخول في الإسلام)

- ‌فصل(1)وقولهم: (وأن نَلْزم زِيَّنا حيثما كنا، وأن لا نتشبَّه بالمسلمين

- ‌فصلقولهم: (ولا عمامة)

- ‌فصلقولهم: (ولا في نعلين، ولا فَرْق شعر)

- ‌فصلوكذلك قولهم: (ولا بفرق شعر)

- ‌فصلفي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلق الرأس وتركه وكيفية جعل شعره

- ‌فصلقالوا: (ولا نتشبَّه بالمسلمين في مراكبهم

- ‌فصلقالوا: (ولا نتقلد السيوف)

- ‌فصلقالوا: (ولا نتكلم بكلامهم)

- ‌فصلقالوا: (ولا ننقش خواتيمنا بالعربية)

- ‌فصلقالوا: (ولا نتكنَّى بكناهم)

- ‌فصل: كيف يُكتَب إليهم

- ‌فصلقالوا: (ونُوقِّر المسلمين في مجالسهم

- ‌فصلقالوا: (ولا نعلم أولادنا القرآن)

- ‌فصل(1)قالوا: (وأن نضيف كلَّ مسلم عابر سبيل ثلاثةَ أيام

- ‌«الفصل الثاني: في أحكام ضيافتهم للمارَّة بهم وما يتعلَّق بها»

- ‌فصل(1)قولهم: (وأن من ضرب مسلمًا فقد خلع عهدَه)

- ‌فصلقالوا: (ضمنَّا لك ذلك على أنفسنا وذرارينا

- ‌المسألة الأولى فيما ينقض العهد وما لا ينقضه

- ‌ذكر قول الإمام أحمد وأصحابه:

- ‌ ذكرُ قوله فيمن يتكلم في الرب تعالى من أهل الذمة:

- ‌الدليل الرابع عشر: قوله: {بَرَاءَةٌ مِّنَ اَللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى اَلَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ اَلْمُشْرِكِينَ} إلى قوله: {إِلَّا اَلَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ اَلْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا

- ‌ذكر الأدلة من السنة على وجوب قتل السابِّ وانتقاض عهده

الفصل: ‌فصلقولهم: (ولا عمامة)

المنابر لعلوِّ مقامهم؛ فيُمنع أهل الذِّمة من لباس القلنسوة لعدم وجود هذه المعاني فيهم.

‌فصل

قولهم: (ولا عمامة)

.

قال أبو القاسم

(1)

: والعمامة يُمنَعون من لبسها والتعمُّم بها؛ إنَّ

(2)

العمائم هي تِيجان العرب وعِزُّها على سائر الأمم مِن سواها، ولَبِسها رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده، فهي لباس العرب قديمًا، ولباس رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة، فهي لباس الإسلام.

قال جابرٌ رضي الله عنه: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح وعليه عمامةٌ سوداء

(3)

.

قال: وروى عيسى بن يونس، عن عبيد الله بن أبي حميد، عن [أبي] المَلِيح، عن أبيه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه:«اعتمُّوا تزدادوا حِلمًا» ، قال:«العمائم تيجان العرب»

(4)

.

(1)

هو الطبري اللالكائي.

(2)

كذا في الأصل ولا غبار عليه، وقد يكون «إن» تصحيفًا عن «إذ» التعليلية.

(3)

أخرجه مسلم (1358).

(4)

أخرجه الترمذي في «العلل الكبير» (546) والطبراني في «الكبير» (1/ 194) والبيهقي في «الشعب» (5849) كلهم من طريق عيسى بن يونس به. ورواية الترمذي والطبراني مقتصرة على الجملة الأولى فقط. وأبو المليح هو ابن الصحابي: أسامة بن عمير الهذلي رضي الله عنه، والحديث من مسنده في هذا الطريق. وروي من طرق أخرى عن عبد الله بن أبي حميد، عن أبي المليح، عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا (مقتصرة على الجملة الأولى)، كما عند أبي يعلى في «المعجم» (165) وابن حبان في «المجروحين» (2/ 31) والحاكم (4/ 193) والخطيب في «التاريخ» (13/ 332). وأيًّا كان فالحديث لا يصحُّ؛ عبيد الله بن أبي حميد «ضعيف ذاهب الحديث» كما قال البخاري فيما نقله الترمذي عنه عقب الحديث.

وللجملة الأولى طريق آخر عن ابن عباس عند الطبراني في «الكبير» (12/ 221)، ولكنه واهٍ أيضًا. وللجملة الثانية شاهد من حديث عليٍّ عند القُضاعي في «مسند الشهاب» (68)، ولكن إسناده واهٍ بمرَّة، وتمامه: «

والاحتباء حيطانها، وجلوس المؤمن في المسجد رباطه»، وإنما صحَّ ذلك من قول الزهري عند البيهقي في «الشعب» (5852). وانظر:«الضعيفة» (2819) و «أنيس الساري» (449).

ص: 368

وقال المغيرة بن شعبة: توضَّأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسَحَ بناصيته، وعلى العِمامة والخُفَّين

(1)

.

وقال أنس: رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يتوضَّأ وعليه عمامةٌ قِطْريةٌ، فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مُقدَّم رأسه، ولم ينقض العمامة

(2)

.

وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «فَرْق ما بيننا وبين المشركين: العمائمُ على القلانس»

(3)

. وهذا وإن كان إخبارًا بالواقع، فإنَّه إرشادٌ إلى المشروع.

(1)

أخرجه مسلم (274).

(2)

أخرجه أبو داود (147) وابن ماجه (281) والحاكم (1/ 169) والبيهقي (1/ 60)، والحديث ضعيف لجهالة أبي معقل الراوي عن أنس رضي الله عنه. انظر:«ضعيف أبي داود- الأم» (19).

(3)

أخرجه أبو داود (4078) والترمذي (1784) والحاكم (3/ 452) وغيرهم من طريق عن أبي الحسن العسقلاني، عن أبي جعفر بن محمد بن ركانة، عن أبيه، عن جدِّه. قال الترمذي:«هذا حديث غريب وإسناده ليس بالقائم، ولا نعرف أبا الحسن العسقلاني ولا ابن ركانة» . وانظر: «إرواء الغليل» (1503) و «أنيس الساري» (2509).

ص: 369

وقال معاوية، عن أبي إسحاق، عن صفوان بن عمرٍو، عن الفضيل

(1)

بن فَضالة، عن خالد بن معدان قال: «إنَّ الله أكرم

(2)

هذه الأمَّة بالعصائب والألوية»

(3)

. يريد بالعصائب العمائم كما في الحديث

(4)

: «فأمرهم أن يمسحوا على العصائب

(5)

والتساخين»، فالعصائب: العمائم، والتساخين: الخفاف.

قالوا: والعمائم ليست من زيِّ

(6)

بني إسرائيل، وإنَّما هي من زيِّ العرب.

وقال أبو القاسم: ولا يُمكَّن الذمي من التعمُّم بها، فإنَّه لا عِزَّ له في دار الإسلام ولا هي من زيِّه.

(1)

في الأصل: «الفضل» ، تصحيف.

(2)

في الأصل والمطبوع: «ألزم» ، تصحيف.

(3)

لم أجد من أخرجه عن خالد بن معدان موقوفًا عليه من قوله. وقد أخرجه سعيد بن منصور (2528) عن إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو قال: سمعت خالد بن معدان وفضيل بن فضالة يقولان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكرم الله هذه الأمة بالعمائم والألوية» ، وهذا مرسل رجاله ثقات. وروي موصولًا من حديث أنس عند أبي يعلى (المطالب العالية: 1963) والعقيلي في «الضعفاء» (2/ 223) وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (6/ 111) دون ذكر العمائم، وإسناده واهٍ، قال العُقيلي: لا أصل له.

(4)

أخرجه أحمد (22383) وأبو داود (146) والحاكم (1/ 169) من حديث ثوبان رضي الله عنه بإسناد جيِّد. انظر: «أنيس الساري» (5607).

(5)

في الأصل: «العمائم» ، سبق قلم يُبطل الاستشهاد بالحديث وتفسيره الآتي.

(6)

في الأصل هنا وفي الموضع الآتي: «زمن» ، تحريف.

ص: 370

قلت: فلو خالفت عمائمُهم عمائم المسلمين في لون أو غيره، فهل يُمكَّنون من ذلك؟ يحتمل أن يقال بتمكينهم منها لحصول التمييز المقصود، ويحتمل أن لا يُمكَّنوا، إذ المقصود أنَّهم لا يلبسون هذا الجنس كما لا يركبون الخيل ولو تميَّزت عن خيول المسلمين، لأنَّ ركوبها عِزٌّ وليسوا من أهله، كما يُمنَعون من إرخاء الذوائب.

ولم أجد عن أحمد نصًّا في لبسهم العمائم، ولكن قال المتأخِّرون من أتباعه: إنَّهم يَشُدُّون في أطراف عمائمهم وقلانسهم ما يخالف لونَها كخِرَقٍ صُفْرٍ

(1)

ونحوها. وحكَوا في جواز تمكينهم من الطيالسة وجهين، وإجراء

(2)

الوجهين في العمائم أولى، [فهي أولى]

(3)

وأحقُّ بالمنع لِما تقدَّم.

وقال أبو الشيخ

(4)

: حدثنا أحمد بن الحسين، حدثنا الدَّورقي، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق، حدثنا ابن المبارك، حدثنا مَعمَر: أنَّ عمر بن عبد العزيز كتب أن امْنَع مَن قِبَلكم، أن لا يَلبَس نصراني قَباءً ولا ثوبَ خزٍّ

(1)

غير محرر في الأصل، يشبه:«لحر وصفر» ، فأثبت صبحي الصالح رحمه الله:«بحمرةٍ أو صُفرةٍ ونحوهما» . والمثبت هو الصواب. انظر: «المستوعب» (2/ 471)، و «الإنصاف» (10/ 448)، و «كشاف القناع» (7/ 251 - نشرة وزارة العدل).

(2)

في المطبوع: «وأحد» ، تصحيف.

(3)

زيادة يستقيم بها السياق، ولعلها سقط نحوها لانتقال النظر.

(4)

في «كتاب شروط عمر» ، وهو في عداد المفقود كما سبق. ورواته كلهم ثقات، شيخه هو أبو جعفر البغدادي الحذَّاء (ت 299)، وثَّقه الدارقطني؛ إلا أن معمرًا لم يُدرك عمر بن عبد العزيز. وأخرجه أيضًا أبو يوسف في «الخراج» (279) عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبيه أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامل له

إلخ بنحوه.

ص: 371

ولا عصبٍ، وتَقَدَّمْ في ذلك أشدَّ التقدُّم حتى لا يخفى على أحدٍ نهيٌ عنه. وقد ذُكِر لي أن كثيرًا ممَّن قبلك من النصارى قد راجعوا لبس العمائم وتركوا المناطق على أوساطهم واتَّخذوا الوَفْر

(1)

والجِمام

(2)

، ولعَمْري إن كان يُصنع ذلك فيما قِبَلك إنَّ ذلك بك ضعفٌ وعجز، فانظر كلَّ شيء نهيتُ عنه وتقدَّمتُ فيه فلا تُرخِّص فيه ولا تغيِّر منه شيئًا.

حدثنا أحمد بن الحسين، حدثنا أحمد، حدثنا سعيد بن سليمان

(3)

، ثنا أبو مَعشَر، عن محمد بن قيس وسعيد بن عبد الرحمن بن حبَّان

(4)

قالا: دخل ناس من بني تَغلِب على عمر بن عبد العزيز عليهم العمائم كهيئة العرب، قالوا: يا أمير المؤمنين، أَلحِقنا بالعرب. قال: فمَن أنتم؟ قالوا: نحن بنو تغلب. قال: أَوَلستم من أوسط العرب؟ قالوا: نحن نصارى. قال: عليَّ بجَلَمٍ، فأخذ من نواصيهم وألقى العمائم، وشقَّ من رداء

(5)

كل واحدٍ منهم شبرًا يُحزِم به. وقال: لا تركبوا السُّرُوج، واركبوا الأُكُف

(6)

، ودَلُّوا رِجلَيكم

(1)

كذا في الأصل، والوَفْر من المال وغيره: الكثير. والمراد هنا الوفرة من الشعر، وهو ما بلغ الأذنين، ويُجمع على «الوِفار» .

(2)

جمع الجُمَّة، وهي من الشعر ما بلغ المنكبين. ويُجمع أيضًا على «الجُمَم» ، وهو ما أثبته صبحي الصالح وخطَّأ ما في الأصل.

(3)

في الأصل: «سلمان» ، تصحيف. هو سعيد بن سليمان الضبِّي الواسطي، الملقَّب بـ «سعدويه» ، روى عن أبي معشر نجيح بن عبد الرحمن السِّندي.

(4)

لم أعرفه، وفي بعض نسخ «الاقتضاء» (1/ 367):«سعد» بدل «سعيد» .

(5)

في الأصل: «وراء» ، تصحيف، والتصحيح من «الاقتضاء» .

(6)

الظاهر أن المراد: اركبوا الحمير والبغال، ولا تركبوا الخيل، إذ الأُكُف (واحده: إكاف) تكون للحمير والسُّرُوج للخيل.

ص: 372

من شقٍّ واحدٍ

(1)

.

حدثنا خالي، حدثنا محمد بن عبد الوهاب بن موسى العَسقلاني، حدثنا يَسْرة

(2)

بن صفوان، حدثنا الحَكَم بن عمرو الرُّعَيني قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى أمصار الشام: لا يمشي نصراني إلا مفروق الناصية، ولا يلبس قَباءً، ولا يمشي إلا بزنَّار من جِلد، ولا يلبس طيلسانًا، ولا يلبس سراويل ذات خَدَمةٍ

(3)

، ولا يلبس نعلًا ذات عَذَبةٍ

(4)

، ولا يركب على سَرْجٍ، ولا يوجد في بيته سِلاحٌ إلا انتُهِب، ولا يدخل الحمام يوم الجمعة يهودي ولا نصراني حتى تُصلَّى الجمعة

(5)

.

حدثنا أبو يعلى، عن ابن مسهرٍ

(6)

، حدثنا عبد الله بن إدريس، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن خليفة بن قيس، عن خالد بن عُرْفُطَة قال: كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الأمصار أن تُجَزَّ نواصيهم ــ يعني

(1)

لم أجد من أخرجه بهذا السياق. وروي بنحوه من وجوهٍ أُخر، وستأتي قريبًا.

(2)

في الأصل والمطبوع: «مبشر» ، تصحيف.

(3)

في الأصل: «كذبة» ، تحريف. والخَدَمة: مخرج الرجلين من السروايل، والمراد هنا: رباطٌ يُربط به أسفل رجِل السراويل، ويقال له أيضًا: المُخَدَّم.

(4)

عَذَبة النعل: المرسلة من شِراكه.

(5)

وأخرجه ابن زَبْر الربعي في «شروط النصارى» (23) ــ ومن طريقه ابنُ عساكر في «تاريخ دمشق» (2/ 185) ــ من طريق آخر عن يسرة بن صفوان به. والحكم بن عَمْرو ضعيف، إلا أنه توبع على كثير مما ذكره عن عمر بن عبد العزيز كما سبق وسيأتي.

(6)

في الأصل والمطبوع: «بهر» ، تصحيف.

ص: 373

النصارى ــ ولا يلبسوا ألبسة المسلمين، حتى يُعرَفوا

(1)

.

حدثنا أحمد بن الحسين الحذَّاء، حدثنا أحمد بن إبراهيم الدَّورقي، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق، حدثنا ابن المبارك، حدثنا معمر أنَّ عمر بن عبد العزيز كتب: أمَّا بعد، فلا يَركبَنَّ يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ على سَرْج، وليَرْكبَنَّ على إكافٍ، ولا يركبْنَ نساؤهم على راحلةٍ، وليَكُن

(2)

رُكُوبُهم على إكافٍ، وتقدَّم في ذلك تقدُّمًا بليغًا

(3)

.

وقال الخلال في «الجامع»

(4)

: باب ما يؤخذ به النصارى من اتخاذ الزنانير، وعلى نسائهم من زيهم. أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفرٍ قالا: حدثنا أبو الحارث قال: قال أحمد: ينبغي أن يؤخذ أهل الذمة بالزنانير

(5)

يُذَلُّون

(6)

بذلك.

(1)

وأخرجه أيضًا البلاذري في «أنساب الأشراف» (10/ 13) عن عبد الله بن صالح ــ وهو ابن مسلم العجلي ــ عن عبد الله بن إدريس به. وإسناده واهٍ، عبد الرحمن بن إسحاق وخليفة بن قيس، كلاهما ضعيف. وقد روي عن عبد الرحمن بن إسحاق عن خليفة بن قيس بلفظٍ آخر وسيأتي (ص 396 - 397).

(2)

في الأصل: «ولكن» ، والمثبت أشبه.

(3)

جزء من كتاب عمر بن عبد العزيز الذي تقدَّم بنفس الإسناد قريبًا.

(4)

(2/ 429).

(5)

في الأصل مسبوق بواو العطف «وبالزنانير» . وفي مطبوعة «الجامع» : «بالبواقي والزنانير» ، وكذا في ترجمة الباب:«اتخاذ البواقي والزنانير» . ولم أتبيَّن معنى «البواقي» ، ولعل فيه تصحيفًا.

(6)

في الأصل: «مذلون» .

ص: 374

حدثنا يحيى بن جعفر بن عبد الله

(1)

بن الزِّبرِقان، حدثنا يحيى بن السكن

(2)

، حدثنا عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما

(3)

قال: [أمر] عمر رضي الله عنه بجَزِّ نواصي أهل الذمة، وأن يشُدُّوا المناطقَ، وأن يَركَبُوا الأُكُفَ بالعرض

(4)

.

حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق

(5)

، ثنا معمر، عن عمرو بن ميمون بن مهران قال: كتب عمر بن عبد العزيز ــ رحمه الله تعالى ــ أن ينهوا النصارى أن يفرقوا رؤوسهم، ويجزُّوا

(6)

نواصيهم، وأن تُشَدَّ مناطقهم، ولا يركبوا على سَرْج، ولا يلبسوا عَصْبًا

(7)

(1)

في الأصل: «بن أبي عبد الله» ، خطأ. وفي مطبوعة «الجامع»:«عبيد الله» ، تصحيف.

(2)

في الأصل: «الكسر» ، تصحيف.

(3)

كذا في الأصل، ولفظ «الجامع»:«عن نافع أن عمر رضي الله عنه» ، ليس فيه:«عن ابن عمر» ، وفي مصادر التخريج:«عن نافع عن أسلم أن عمر» . وسيأتي من كلام هبة الله الطبري قريبًا أنه هو الصواب.

(4)

أخرجه عبد الرزاق (10090)؛ وأبو عبيد في «الأموال» (144) عن عبد الرحمن بن مهدي؛ كلاهما (عبد الرزاق وعبد الرحمن) عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن أسلم أن عمر

بنحوه. وفي رواية عبد الرزاق زاد عبد الله: «وفعل ذلك بهم عمر بن عبد العزيز حين ولي» . وإسناده لا بأس به في الشواهد، عبد الله بن عمر هو العُمَري، صدوق على لين فيه.

(5)

هو عنده في «المصنف» (10004).

(6)

في الأصل: «ويحزنوا» بالنون وإهمال الباقي، تصحيف.

(7)

في الأصل: «عسا» ، تصحيف. والعصب: نوع من البرود اليمنية يُعْصَب غَزلُه.

ص: 375

ولا خزًّا، وأن يُمنَع نساؤهم أن يركبوا

(1)

الرحائل، فإن قدر على أحد منهم فعل ذلك بعد التقدُّم إليه فإنَّ سَلَبَه

(2)

لمن وجده.

فصل

ويمنعون من التلحِّي، صرَّح بذلك أصحاب الشافعي في كتبهم.

وقال أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري في شرح كتاب عمر بن الخطاب بعد أن ذكر المنع من لبس العمامة: وكذلك لا يتلحَّى لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه أمر بالتلحي ونهى عن الاقتعاط

(3)

، وإنَّما أمر به المسلمين ومَن آمن به واقتدى بأفعاله، فمَن فعله من أمَّته فإنَّما يفعله اتباعًا لأمره واستعمالًا لسنَّته. وهو زيُّ العرب من آباد الدهر وليس هو زيَّ بني إسرائيل، فلا يُمكَّن الذمي منه، لأنَّه ليس زيَّ قومه فيما مضى، فيجب أن لا يكون زيًّا له الآن.

قال أبو عبيد في هذا الحديث: أصل التلحِّي في لبس العمائم، وذلك لأنَّ العمائم يقال لها المِقْعَطة

(4)

، فإذا لاثها المعتَمُّ على رأسه ولم يجعلها تحت حنكه

(5)

(1)

كذا في الأصل و «الجامع» . وأصلحه صبحي الصالح إلى: «يركبن» .

(2)

في الأصل والمطبوع: «سكنه» ، تحريف.

(3)

في الأصل: «الاساط» ، تصحيف. والحديث ذكره أبو عُبيد في «غريب الحديث» (2/ 537) ولم يُسنده. وهبة الله الطبري صادر عنه.

(4)

في الأصل: «المقتطعة» ، تصحيف.

(5)

في الأصل: «منكبه» ، تصحيف.

ص: 376

قيل: اقتعطها

(1)

، فهي المنهي عنها

(2)

، فإذا أدارها تحت الحنك قيل: تلحَّاها، وكان طاوس يقول: تلك عِمَّة الشيطان

(3)

، يعني التي لا يُتلحَّى بها.

قال أبو القاسم: وعمَّة الشيطان أهل الذمة بها أولى!

قال: وكذلك إذا تعمَّموا لا يرسلون أطراف العمامة خلف ظهورهم، لأنَّ هذا هو السنة في التعمُّم بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم

(4)

[و] بفعل عبد الرحمن بن عوف فيما روى الهَيثَم بن حميدٍ، عن حفص

(5)

بن غيلان، عن عطاء بن أبي رباح، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عبد الرحمن بن عوف أن يتجهَّز لسَرِيَّةٍ بعثه عليها، فأصبح قد اعتمَّ بعمامة سوداء

(6)

.

وقال أبو أسامة: [حدثنا] عبيد الله، عن نافع: كان ابن عمر يعتمُّ ويُرخِيها بين كتفيه. قال عبيد الله: وأخبرني أشياخنا أنَّهم رأوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتمُّون ويُرخُونها بين أكتافهم

(7)

.

(1)

في الأصل: «اقتلعها» ، تصحيف.

(2)

في الأصل: «عنه» .

(3)

أخرجه معمرٌ في «الجامع» (19978 - مصنف عبد الرزاق) ومن طريقه أحمد في «العلل» (2/ 569) والبيهقي في «شعب الإيمان» (5854).

(4)

كما في حديث عمرو بن حريث رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر وعليه عمامة سوداء، قد أرخى طرفَيها بين كتفَيه. أخرجه مسلم (1359).

(5)

في الأصل: «بن صفوان» ، تصحيف.

(6)

أخرجه البزار (12/ 315) والطبراني في «الأوسط» (4671) والحاكم (4/ 540) وغيرهم من طريق الهيثم بن حميد به. وإسناده لا بأس به. وأخرجه ابن إسحاق ــ كما في «سيرة ابن هشام» (2/ 631) ــ عمَّن لا يتهم عن عطاء بن أبي ربا ح به.

(7)

أخرجه ابن أبي شيبة (25477) عن أبي أسامة به، وإسناده صحيح.

ص: 377