الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جعفر بن محمد أنَّ يعقوب بن بختان حدَّثهم؛ وأخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر أنَّ أبا الحارث حدَّثهم؛ وأخبرني الحسن بن عبد الوهاب، حدثنا إبراهيم بن هانئ؛ كلُّ هؤلاء سمع أحمد بن حنبل، وسُئِل عن ذمِّي فَجَر بمسلمة، قال: يُقتَل. قيل: فإن أسلم؟ قال: يُقتَل، هذا قد وجب عليه. والمعنى واحدٌ في كلامهم كلِّه. انتهى.
وهذا هو القياس، لأنَّ قتله حدٌّ، وهو قد وجب عليه وتعيَّن
(1)
إقامته، فلا يسقط بالإسلام، لا سيما إذا أسلم بعد أخذه والقدرة عليه.
وسنعود إلى هذه المسألة عن قرب إن شاء الله تعالى.
فصل
قالوا: (ضمنَّا لك ذلك على أنفسنا وذرارينا
وأزواجنا ومساكيننا. وإن نحن غيَّرنا أو خالفنا عمَّا شرطنا على أنفسنا وقَبِلنا الأمان عليه، فلا ذمَّة لنا، وقد حلَّ لك منَّا ما يحِلُّ لأهل المُعانَدة والشِّقاق).
هذا اللفظ صريحٌ في أنَّهم متى خالفوا شيئًا ممَّا عُوهِدوا عليه انتقض عهدهم، كما ذهب إليه جماعة من الفقهاء.
قال شيخنا
(2)
: وهذا هو القياس الجلي، فإنَّ الدم مباحٌ بدون العهد، والعهد عقد من العقود، فإذا لم يَفِ أحد المتعاقدين بما عاقد عليه، فإمَّا أن ينفسخ العقد بذلك أو يتمكن العاقد الآخر من فسخه. هذا أصلٌ مقرَّرٌ في عقد البيع والنكاح وغيرهما من العقود.
(1)
في الأصل والمطبوع: «معنى» ، ولعله تصحيف عن المثبت.
(2)
في «الصارم المسلول» (2/ 399 - 400).
والحكمة فيه ظاهرةٌ، فإنَّه إنَّما التزمه بشرط أن يلتزم الآخر بما التزمه، فإذا لم يلتزمه له الآخرُ صار
(1)
هذا غير ملتزمٍ، فإنَّ الحكم المعلَّق بالشرط لا يَثبُت بعينه عند عدمه باتفاق العقلاء، وإنَّما اختلفوا في ثبوت مثله.
إذا تبيَّن هذا، فإن كان المعقود عليه حقًّا للعاقد بحيث له أن يبذله بدون الشرط لم ينفسخ العقد بفوات الشرط، بل له أن يفسخه، كما إذا شرط رهنًا أو كفيلًا أو
(2)
صفةً في البيع. وإن كان حقًّا لله
(3)
أو لغيره ممَّن يتصرَّف له بالولاية ونحوها= لم يَجُز له إمضاء
(4)
العقد، بل ينفسخ العقد بفوات الشرط، أو يجب عليه فسخه، كما إذا شرط أن تكون الزوجة حُرَّةً فظهرت أَمَةً وهو ممَّن لا يحلُّ له نكاح الإماء، أو شرطت أن يكون الزوج مسلمًا فبان كافرًا، أو شرط أن تكون الزوجة مسلمةً فبانت وثنيَّةً.
وعقد الذمة ليس هو حقًّا للإمام، بل هو حقٌّ لله ولعامَّة المسلمين، فإذا
(1)
في الأصل: «حاز» ، وعليه «كذا» بالحمرة استشكالًا.
(2)
في الأصل: «وصفة» ، والمثبت من «الصارم» .
(3)
غيَّره صبحي الصالح إلى «له» لأنه وجده هكذا في مطبوعة «الصارم» (أي: طبعة محمد محيي الدين عبد الحميد ص 212، وهو على الصواب في الطبعة الهندية ص 206). ثم جاء محققا طبعة دار رمادي فتابعاه في إثبات «له» ، وعلَّقا عليه:«في الصارم: لله، وهو خطأ، وما في مطبوعتنا الصواب وهو الجادَّة» ! كل ذلك خلط وخبط ناشئ عن عدم تأمل السياق وتفهُّم المعنى، مع أنه يأتي بعد بضعة أسطر: «وعقد الذمة ليس هو حقًّا للإمام، بل هو حقٌّ لله
…
»، وبعده أيضًا:«الشروط إذا كانت حقًّا لله لا للعاقد انفسخ العقد» ، وبعده ثالثًا:«وهنا المشروط على أهل الذمة حقٌّ لله» .
(4)
في الأصل: «أيضًا» ، تصحيف.