الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأرفع ما قيل في وفاته ما رواه خباب بن علي، عن معروفٍ، عن أبي جعفرٍ أنَّه هلَكَ وله خمسٌ وستون سنة
(1)
. وعلى هذا فيكون له عند المبعث اثنتا عشرة
(2)
سنةً، ولكن يبطل هذا ما قدَّمنا عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع الراية إلى عليٍّ رضي الله عنه يوم بدرٍ وله عشرون سنة، والله أعلم.
فصل
الجهة الثانية
(3)
: إسلام الأبوين أو أحدهما
، فيَتْبَعه الولد قبل البلوغ والمجنون. لا يتبع جدَّه ولا جدَّته في الإسلام، هذا مذهب أحمد وأبي حنيفة
(4)
.
وقال مالك
(5)
: لا يَتبَع أُمَّه في الإسلام، بل تختص التبعيَّة بالأب، لأنَّ النسب له والولاية على الطفل له، وهو عصبةٌ، وقد قال تعالى:{وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَأَتْبَعْنَاهُمْ ذُرِّيَّاتِهِم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ} [الطور: 19]. والذرية إنَّما تنسب إلى الأب. وخالفه ابنُ وهبٍ فوافق الجمهور في تبعية الأب والأم
(6)
.
(1)
لم أجده.
(2)
في الأصل: «اثنا عشر» ، والوجه ما أثبت.
(3)
تقدم الوجه الأول (ص 66).
(4)
انظر: «الإنصاف» (27/ 169) و «الأصل» للشيباني (6/ 367).
(5)
انظر: «المدونة» (4/ 307، 308).
(6)
انظر: «النوادر والزيادات» (1/ 601).
وقال الشافعي: يتبع الأبوَين، وإن علَوا سواءٌ كانوا وارثين أو لم يكونوا
(1)
وارثين.
قال أصحابه
(2)
: فإذا أسلم الجد أبو الأب أو أبو الأم تَبِعه الصبي إن لم يكن أب
(3)
الصبي حيًّا قطعًا. وإن كان حيًّا فعلى وجهين، الأصحُّ أنَّه يتبعه.
قالوا: فإذا بلغ الصبي، فإن أفصح بالإسلام تأكَّد ما حكمنا به، وإن أفصح بالكفر فقولان، المشهور: أنه مرتدٌ، لأنه سبق الحكم بإسلامه، فأشبه الإسلامَ اختيارًا، وكما إذا حصل العلوق في حال الإسلام. والثاني: أنه كافرٌ أصلي، لأنه محكومٌ بكفره أولًا، وأُزيل تبعًا، فإذا استقلَّ زالت التبعيَّة.
والدليل على تبعيَّته لأمِّه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «فأبواه يهوِّدانه وينصِّرانه»
(4)
، وإنَّما أراد من وُجد من أبويه، فإذا تبع أحد الأبوين في كفره فلأن يتبعَه في الإسلام بطريق الأولى.
وقولهم: إنَّ الولاية والتعصيب للأب، فتكون التبعية له دون الأم، فيقال: ولاية التربية والحضانة والكفالة للأم دون الأب، وإنَّما قوَّة ولاية الأب على الطفل في حفظ ماله، وولاية الأم في التربية والحضانة أقوى، فتبعيَّة الطفل لأمِّه في الإسلام إن لم تكن أقوى من تبعيَّة الأب فهي مساويةٌ له.
(1)
في المطبوع: «كانا
…
لم يكونا»، خلاف الأصل.
(2)
انظر: «نهاية المطلب» (8/ 521 - 525).
(3)
كذا في الأصل، وله وجه.
(4)
سبق تخريجه.
وأيضًا: فالولد جزءٌ منها حقيقةً، ولهذا تبعها في الحرية والرِّقِّ اتفاقًا دون الأب، فإذا أسلمت تبعها سائر أجزائها، والولد جزءٌ من أجزائها. يوضحه: أنها لو أسلمت وهي حامل به حُكِم بإسلام الطفل تبعًا لإسلامها، لأنه جزءٌ من أجزائها، فيمتنع بقاؤه على كفره مع الحكم بإسلام أمِّه.
فصل
وأمَّا تبعيته لجدِّه وجدَّته فالجمهور منعوا منه، والشافعي قال به طردًا لأصله في إقامة الجد مقام الأب. ولكن قد نقض هذا الأصل في عدة مواضع، فلم يطرده في إسقاطه للإخوة، ولا في توريث الأم معه ثلثَ الباقي إذا كان معهما
(1)
أحد الزوجين.
وقد أُلزِم الشافعي إسلامَ الخلق كلِّهم تبعًا لآدم، فإنَّه لم يقتصر بذلك على الجد الأدنى، ولا يغني الاعتذار بحياة الأب لوجهين:
أحدهما: أنَّ كثيرًا من الأطفال يموت آباؤهم مع إسلام أجدادهم.
والثاني: أنَّ وجود الأب عندهم ليس بمانع من تبعيَّة الطفل لجدِّه في الإسلام في أصحِّ
(2)
الوجهين.
لكن لا يلزم الشافعي هذا الإلزام، لأنَّه إنَّما يحكم بتبعيَّة الطفل جدَّه في الإسلام إذا أسلم الجدُّ والطفل موجودٌ، فأمَّا إذا وُلِد الطفل كافرًا بعد موت الجدِّ فلا يَحكُم أحدٌ بإسلامه، وإلَّا كان كلُّ ولدٍ من أولاد الكفار يكون
(1)
في المطبوع: «معها» ، خطأ.
(2)
هامش الأصل: «أحد» .