الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سفيان، ومسروق بن الأجدع، وخلقٌ من الصحابة والتابعين، وإسحاق بن راهويه وغيره من الأئمة يُورِثون المسلمين مِن أقاربهم الكفار إذا ماتوا.
وأما حديث ابن مسعود: «الوائدة والموءودة في النار»
(1)
، فقد تقدم أنَّ هذا الحديث إنَّما يدلُّ على أنَّ بعض الأطفال في النار، ولا يدلُّ على أنَّ كلَّ موءودة في النار، وقد تقدَّم جوابُ أبي محمد بن حزم وما فيه.
وأحسنُ من هذين الجوابَين أن يقال: هي في النار ما لم يوجَد سببٌ يمنع دخولها النار. ففرقٌ بين كون الوَأْد مانعًا من دخول النار وكونه غيرَ مانعٍ، فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنَّ الموءودة في النار، أي كونها موءودةً غيرُ مانعٍ لها من دخول النار بسببٍ يقتضي الدخول.
فصل
المذهب الثامن: أنَّهم يكونون يوم القيامة ترابًا
. حكاه أرباب المقالات عن ثُمَامة بن أَشْرَس
(2)
. وهذا قولٌ لعلَّه اخترعه من تِلقاء نفسه، فلا يُعرَف عن أحدٍ من السلف. وكأنَّ قائله رأى أنَّهم لا ثواب لهم ولا عقاب، فألحقهم بالبهائم. والأحاديث الصحاح والحسان وآثار الصحابة تكذِّب هذا القول، وترُدُّ عليه قولَه.
(1)
سبق تخريجه.
(2)
النُّمَيري البصري، من رؤوس المعتزلة، من شيوخ الجاحظ، (ت 213). انظر لقوله:«الفرق بين الفِرَق» للبغدادي (ص 172)، و «الفصل» لان حزم (4/ 148)، و «الملل والنحل» للشهرستاني (ص 71).
فصل
المذهب التاسع: مذهب الإمساك. وهو ترك الكلام في المسألة نفيًا وإثباتًا بالكليَّة، وجعْلُها ممَّا استأثر الله بعلمه وطوى معرفتَه عن الخلق.
قال إسحاق بن راهويه
(1)
: حدثنا يحيى بن آدم، ثنا جرير بن حازم، عن أبي رَجَاء العُطارِدي: سمعتُ ابنَ عباس رضي الله عنهما يقول: لا يزال أمرُ هذه الأمة مُؤامًّا
(2)
ــ أو مُقارِبًا ــ حتى يتكلَّموا أو ينظروا في الوِلدان والقدر. وفي لفظ
(3)
: في الأطفال والقدر. قال يحيى بن آدم: فذكرته لابن المبارك، فقال: أيسكت الإنسان على الجهل؟ قلت: فتأمر بالكلام؟ فسكت.
وقال محمد بن نصر
(4)
: ثنا عمرو بن زُرارة، أخبرنا إسماعيل بن عُلَيَّة، عن ابن عون
(5)
قال: كنتُ عند القاسم بن محمد إذ جاءه رجل فقال: ما كان بين قتادة وبين حفص بن عمر
(6)
في أولاد المشركين؟ قال: وتكلَّم ربيعة
(1)
من طريقه أخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (18/ 131)، وعلَّقه في «الاستذكار» (8/ 404) عن إسحاق به.
(2)
في كتابي ابن عبد البر: «مواتيًا» ، أي: مطاوعًا مُذلَّلًا. وانظر هامش (ص 219 - 220).
(3)
هذا لفظ رواية إسحاق بن راهويه التي أسندها ابن عبد البر. وأما «الولدان والقدر» فنقله من كتاب محمد بن نصر المروزي قال: حدثنا شيبان بن أبي شيبة الأيلي، حدثنا جرير بن حازم به.
(4)
كما في «التمهيد» (18/ 132) و «الاستذكار» (8/ 405).
(5)
في الأصل: «ابن عوف» ، تصحيف. وهو عبد الله بن عون بن أرطبان البصري، إمام مشهور، يروي عن القاسم بن محمد بن أبي بكر وغيره من التابعين.
(6)
في مطبوعة «التمهيد» : «حفص بن عمير» ، وفي مطبوعة «الاستذكار»: حفص بن عدي. ولعل كليهما تصحيف. ولم أتبيَّن من «حفص بن عمر» هذا.