الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثالث: قولهم: (ولا نطلع عليهم في منازلهم)، هذا صريحٌ في أنَّهم لا يَعلُون عليهم في المسكن سواءٌ كان مِن بنيانهم أو بنيان غيرهم، فلا يمكَّنون من سُكنى دارٍ عاليةٍ على المسلمين، لأنَّ ذلك ذريعةٌ إلى اطِّلاعهم عليهم. وهذا الذي ندين الله به ولا نعتقد غيره: أنَّهم لا يمكَّنون من السكنى على رؤوس المسلمين بحال. وقد تقدَّمت المسألة مستوفاةً
(1)
، وبيَّنَّا أنَّ المفسدة في نفس السكنى فوق رؤوسهم
(2)
لا في نفس البناء.
الرابع: قولهم: (ونرشدهم الطريق)، أي إذا استدلَّ مسلم على الطريق أرشدناه إلى النحو الذي يقصده ويريده. وهذا يتناول الإرشاد بنصب الأعلام وبالدلالة وبإرسال من يدلُّ المسلم على الطريق
(3)
بحسب الحاجة إلى الإرشاد.
فصل
قالوا: (ولا نعلم أولادنا القرآن)
صيانةً للقرآن أن يحفظه مَن ليس مِن أهله ولا يؤمن به، بل هو كافرٌ به، فهذا ليس أهلًا أن يحفظه ولا يمكَّن منه. وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن تناله
(1)
(ص 324 - 329).
(2)
«السكنى فوق رؤوسهم» تحرَّف في الأصل إلى: «المسلمين فيهم» وعليه علامة الاستشكال بالحمرة. وأثبت صبحي الصالح: «المسلمين لقصورٍ فيهم» ، ولا معنى له.
(3)
في الأصل: «من يدل على الطريق على المسلم» ، مع استشكاله بـ «ظ» في الهامش. والتصحيح من نشرة صبحي الصالح.
أيديهم
(1)
، فلهذا ينبغي أن يُصان عن تلقينهم إيَّاه.
فإن طلب أحدٌ منهم أن يَسمعه منهم
(2)
، فإنَّ له أن يُسمِعه إيَّاه إقامةً للحجة عليهم، ولعلَّه أن يُسلِم.
* * *
(1)
أخرجه البخاري (2990) ومسلم (1869) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
(2)
كتب عليه «كذا» بالحمرة.
فصل
(1)
قالوا: (ولا يشارك أحدٌ منَّا مسلمًا في تجارة إلا أن يكون إلى المسلم أمرُ التجارة).
وهذا لأنَّ الذمي لا يتوقَّى ممَّا يتوقَّى منه المسلم من العقود المحرَّمة
(2)
والباطلة، ولا يتوقى من
(3)
بيع الخمر والخنزير.
وقد قال إسحاق بن إبراهيم
(4)
: سمعت أبا عبد الله، وسُئل عن الرجل يشارك اليهودي والنصراني، قال: يشاركهم، ولكن هو يلي البيع والشراء، وذلك أنَّهم يأكلون الرِّبا ويستحلُّون الأموال. ثم قال أبو عبد الله:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي اِلْأُمِّيِّينَ سَبِيل} [آل عمران: 74].
وقال إبراهيم بن هانئ: سمعت أبا عبد الله قال في شركة اليهودي والنصراني: أكرهه، لا يعجبني إلا أن يكون المسلم الذي يلي البيع والشراء.
وقال أبو طالب والأثرم ــ واللفظ له ــ: سألت أبا عبد الله عن شركة اليهودي والنصراني؟ فقال: شاركهم، ولكن لا يخلو اليهودي والنصراني بالمال دونه، ويكون هو يليه؛ لأنَّهم يعملون بالربا.
(1)
هذا الفصل هو «الفصل السادس: في أمر معاملتهم للمسلمين بالشَّرِكة ونحوها» ، حسب تقسيم المؤلف المذكور (ص 278).
(2)
في الأصل: «المخزية» !
(3)
في الأصل: «ولا يرون» وعليه علامة استشكال بالحمرة. ولعله تصحيف عن المثبت.
(4)
كما في «الجامع» (1/ 185). والنقول الآتية منه على التوالي.
وقال إسحاق بن منصور
(1)
: قلت لأبي عبد الله: قيل لسفيان: ما ترى
(2)
في مشاركة اليهودي والنصراني؟ قال: أمَّا ما يغيب عنك فما يعجبني. قال أحمد: حسن.
وذكر عبد الله بن أحمد حديثَ [عبد] الأعلى، حدثنا حماد بن سلمة قال: قال إياس بن معاوية: إذا شارك المسلم اليهودي أو النصراني فكانت الدراهم مع المسلم فهو الذي يتصرف فيها في الشراء والبيع فلا بأس، ولا يدفعها إلى اليهودي والنصراني يعملان فيها، لأنَّهما يُربيان
(3)
.
قال: فسألت أبي عن ذلك فقال مثل قول إياس.
وقال في رواية العباس بن محمد بن موسى الخلال في المسلم يدفع إلى الذمي مالًا يشاركه، قال: أمَّا إذا كان هو يلي ذلك فلا، إلا أن يكون المسلم يليه.
وقال في رواية حنبل: ما أحب مخالطته بسبب من الأسباب في الشراء والبيع. يعني: المجوسي.
وقال عبد الله قلت لأبي: ترى للرجل أن يشارك اليهودي والنصراني؟ قال: لا بأس، إلا أنه لا يجعل المعاملة في البيع والشراء [إليه]، يشرف علاه ولا يدعه، حتى [يعلم] معاملته وبيعه. فأمَّا المجوسي فلا أحب مخالطته ولا معاملته؛ لأنه يستحِلُّ ما لا يستحلُّ هذا.
(1)
وهو في «مسائله» (2/ 43).
(2)
في الأصل: «يروى» ، تصحيف.
(3)
وأخرجه ابن أبي شيبة (20353) عن زيد بن الحباب، عن حماد بن سلمة به بنحو.
وكذلك قال في رواية حرب: لا يشاركه إلا أن يكون المسلم هو الذي يلي البيع والشراء.
وروى حرب
(1)
عن عطاء مرسلًا قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مشاركة اليهودي والنصراني، إلا أن يكون البيع والشراء بيد المسلم.
وقد تقدَّمت هذه المسألة مستوفاةً
(2)
، وإنَّما ذكرناها ليتمَّ الكلام على شرح كتاب عمر رضي الله عنه، لمَن أراد أن يُفرِده من جملة الكتاب. وبالله التوفيق.
* * *
(1)
وأخرجه ابن أبي شيبة (20348، 20351) عن عطاء موقوفًا، وهو الصواب.
(2)
(1/ 377 - 383).