الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
(1)
قولهم: (وأن من ضرب مسلمًا فقد خلع عهدَه)
.
وهذا لأنَّ عقد الذمة اقتضى أن يكونوا تحت الذِّلَّة والقهر، وأن يكون المسلمون هم الغالبين
(2)
عليهم، فإذا ضربوا المسلمين كان هذا الفعل مناقضًا لعهد الذمة الذي عاهدناهم عليه.
وهذا أحد الشرطين اللَّذَين زادهما عمر بن الخطاب رضي الله عنه وألحقهما بالشروط، فإنَّ عبد الرحمن بن غَنْم لمَّا كتب إلى عمر بن الخطاب بكتاب الشروط قال: أَمضِ لهم ما سألوه، وأَلحِق فيه حرفين أشترطهما عليهم مع ما شرطوا على أنفسهم: أن لا يشتروا من سبايانا شيئًا، ومَن ضرب مسلمًا عَمدًا فقد خلع عهده. فأقرَّ بذلك من أقام من الروم في مدائن الشام على هذا الشرط.
فصل
وإذا شرط عليهم أمير المؤمنين أنَّه مَن ضرب مسلمًا فقد خلع عهده، فمَن زنى بمسلمة فهو أولى بنقض العهد. وقد نصَّ عليه الإمام أحمد.
قال الخلال
(3)
: باب ذمي فجر بمسلمة. أخبرني حرب قال: سمعت
(1)
هذا الفصل وما بعده إلى آخر الكتاب يندرج تحت ما يتعلق بإدخال الضرر على المسلمين والطعن في دينهم، وهو «الفصل الثالث» حسب ترتيب المؤلف (ص 278).
(2)
في الأصل: «الغالبون» .
(3)
في «الجامع» (2/ 347 - 350).
أحمد يقول: إذا زنى الذِّمِّي بمسلمة قُتِل الذِّمِّي، ويُقام عليها الحدُّ. قال حرب: هكذا وجدته في كتابي.
أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث أنه سأل أبا عبد الله: قلت: نصراني استكره مسلمة على نفسها؟ قال: ليس على هذا صولحوا، يُقتَل. قلت: فإن طاوَعَتْه على الفجور؟ قال: يُقتَل ويُقام عليها الحدُّ، وإذا استكرهها فليس عليها شيء.
أخبرنا عصمة بن عصام، حدثنا حنبل قال: سمعتُ أبا عبد الله قال في ذمِّيٍّ فَجَر بامرأة مسلمة؟ قال: يُقتَل، ليس على هذا صُولِحوا. قيل له: فالمرأة؟ قال: إن كانت طاوَعَتْه أُقِيم عليها الحدُّ، وإن كان استكرهها فلا شيء عليها.
وكذلك قال في رواية الفضل بن زياد ويعقوب بن بختان سواءً.
قال الخلال: وأخبرني أحمد بن محمد بن مطر، حدثنا أبو طالب أنَّ أبا عبد الله
(1)
قيل له: فإن زنى اليهودي بمسلمة؟ قال: يُقتل. عمر رضي الله عنه أُتي بيهودي نخس
(2)
بمسلمةٍ ثم غشيها فقتله
(3)
. فالزنا أشدُّ من نقض العهد. وسألته عن عبدٍ نصراني زنى بمسلمة؟ قال: يُقتَل أيضًا. قلت: وإن كان عبدًا؟ قال: نعم.
(1)
في مطبوعة «الجامع» : «أبا الحارث» ، خطأ أو ثَمَّ سقط تداخلت به روايتان.
(2)
في الأصل ومطبوعة «الجامع» : «فحش» ، والظاهر أنه تصحيف، فإنه سيأتي أن المرأة كانت على حمار فنخسها، فوقعت فغشيها. والمثبت موافق لعامَّة مصادر التخريج.
(3)
سيأتي تخريجه.
أخبرني محمد بن الحسن أنَّ الفضل بن عبد الصمد حدَّثهم قال: سمعت أبا عبد الله، وسئل عن مجوسي
(1)
فَجَر بمسلمة، قال: يُقتَل، هذا قد نقض العهد. قلت: فإن كان من أهل الكتاب؟ قال: يُقتَل أيضًا، قد صَلَب عمر رجلًا من اليهود فَجَر بمسلمة.
أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث أن أبا عبد الله قال: قد صلب عمر رجلًا من اليهود فجر بمسلمة، هذا نقض العهد. قيل له: ترى عليه الصلب مع القتل؟ قال: إن ذهب رجل إلى حديث عمر ــ كأنَّه لم يَعِب عليه.
أخبرنا محمد بن علي، حدثنا مُهنَّا قال: سألت أحمد عن يهودي أو نصراني فجر بامرأة مسلمة ما يصنع به؟ قال: يُقتَل. فأَعَدتُّ عليه قال: يُقتَل. قلت: إنَّ الناس يقولون غير هذا. قال: كيف يقولون؟ قلت: يقولون: عليه الحدُّ. قال: لا، ولكن يُقتَل. قلت له: في هذا شيء؟ قال: نعم، عن عمر أنَّه أمر بقتله. قلت: مَن يرويه؟ قال: خالدٌ الحذاء، عن ابن أشوع، عن الشعبي، عن عوف بن مالك أنَّ رجلًا نخس
(2)
بامرأةٍ فتجلَّلها
(3)
، فأمر به عمر فقُتِل وصلب. قلت: من ذكره؟ قال: إسماعيل بن علية
(4)
.
(1)
في الأصل: «يهودي» ، خطأ.
(2)
في الأصل والمطبوع: «فحش» ، وقد تقدَّم أنه تصحيف.
(3)
أي: علاها. في الأصل والمطبوع ومطبوعة «الجامع» بالحاء المهملة، ولعل المثبت أشبه.
(4)
وممن رواه عن ابن عليَّة: الشافعيُّ في بعض كتبه كما في «معرفة السنن» (13/ 381). وأخرجه الطبراني في «الكبير» (18/ 37) من طريق خالد بن عبد الله الطحَّانُ عن خالد الحذَّاء به. وظاهر هذه الرواية أن الشعبي رواه عن عوف بن مالك، وسيأتي في الرواية الآتية أن بينهما سويد بن غفلة.
حدثنا أبو بكر المرُّوذي، حدثنا سليمان بن داود، حدثنا حمَّاد بن زيد، حدثنا مجالدٌ، عن الشعبي، عن سُوَيد بن غَفَلة أنَّ رجلًا من أهل الذمة نخس
(1)
بامرأة من المسلمين من الشام وهي على حمار [فصرعها]، فألقى نفسه عليها، فرآه عوف بن مالك فضربه فشجَّه، فانطلق إلى عمر يشكو عوفًا، فأتى عوفٌ عمر فحدَّثه، فأرسل إلى المرأة فسألها فصدَّقَت عوفًا، فقال إخوتها: قد شهدت أختُنا، فأمر به عمر رضي الله عنه فصُلِب. قال: وكان أوَّل مصلوب في الإسلام
(2)
. ثمَّ قال عمر رضي الله عنه: أيها الناس اتقوا الله في ذمَّة محمد صلى الله عليه وسلم ولا تظلموهم، فمَن فعل فلا ذمة له
(3)
.
فصل
إذا ثبت هذا فإنَّه يُقتَل وإن أسلم، نصَّ عليه أحمد في رواية جماعة.
قال الخلال
(4)
: أخبرني عصمة بن عصام، حدثنا حنبل، وأخبرني
(1)
في الأصل والمطبوع: «فحش» ، تصحيف.
(2)
أي: الذي رآه، لا مُطلقًا، ففي بعض الروايات:«إنه لأوَّل مصلوب رأيتُه» .
(3)
أخرجه أبو عُبيد في «الأموال» (500، 501) وابن زنجويه (708) والحارث بن أبي أسامة (بغية الباحث: 520) والبيهقي (9/ 201) من طرق عن مُجالدٍ به. ومجالد ضعيف، ولكن قد تابعه ابن أشوَع ــ وهو سعيد بن عمرو بن أشوع الهمداني: ثقة ــ عن الشعبي به، كما في الرواية السابقة. وتابعهما أيضًا جابر الجعفي ــ على ضعفه ــ عن الشعبي بنحوه، كما عند عبد الرزاق (10167) عن الثوري عنه.
(4)
في «الجامع» (2/ 351).