الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (1)، وقال تعالى:{لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (2)، وقد روى أبو داود في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قيل له:«أمن العصبية أن ينصر الرجل قومه في الحق؟ قال: لا؛ قال: ولكن من العصبية أن ينصر الرجل قومه في الباطل (3)» وقال: «خيركم الدافع عن قومه ما لم يأثم (4)» ، وقال:«مثل الذي ينصر قومه في الباطل كبعير تردى في بئر فهو يجر بذنبه (5)» وقال: «من سمعتوه يتعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه، ولا تكنوا (6)» .
وكل ما خرج عن دعوة الإسلام والقرآن: من نسب أو بلد أو جنس أو مذهب أو طريقة فهو من عزاء الجاهلية، بل لما اختصم رجلان من المهاجرين والأنصار فقال المهاجري: يا للمهاجرين، وقال الأنصاري يا للأنصار، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم (7)» ، وغضب لذلك غضبا شديدا.
(1) سورة الحجرات الآية 10
(2)
سورة النساء الآية 114
(3)
سنن أبو داود الأدب (5119)، سنن ابن ماجه الفتن (3949)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 107).
(4)
سنن أبو داود الأدب (5120).
(5)
سنن أبو داود الأدب (5117)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 393).
(6)
مسند أحمد بن حنبل (5/ 136).
(7)
صحيح البخاري المناقب (3518)، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2584)، سنن الترمذي تفسير القرآن (3315)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 393).
4 -
تعريف الخمرة وبيان الفرق بين المسكر والمخدر والمفتر
، وذكر أقول الفقهاء في حكم تعاطيها، وعقوبة من يتعاطاها، ومن يساعد على ذلك:
معنى الخمر لغة وشرعا:
المعنى اللغوي: ترجع مشتقات هذه المادة إلى التغطية والستر والإدراك، ذكر أحمد بن فارس بن زكريا، وابن الأثير، والفيروزآبادي وغير هؤلاء من علماء اللغة.
أ - قال أحمد بن فارس: الخاء والميم والراء أصل واحد يدل على التغطية والمخالطة في ستر فالخمر الشراب المعروف، قال الخليل: الخمر معروفة، واختمارها إدراكها وغليانها، ويقولون: دخل في خمار الناس وخمرهم أي زحمتهم، والتخمير: التغطية، ويقال في القوم إذا تواروا في خمر الشجر: أخمروا، ويقال: خامره الداء إذا خالط
جوفه (1)، انتهى المقصود منه.
ب - قال ابن الأثير تحت مادة " خمر " فيه: خمروا الإناء وأوكوا السقاء، التخمير: التغطية، ومنه حديث أويس القرني: أكون في خمار الناس أي في زحمتهم حيث أخفى ولا أعرف، وفيه حديث أم سلمة قال لها وهي حائض: ناوليني الخمرة، وسميت خمرة؛ لأن خيوطها مستورة بسعفها، وفيه أنه كان يمسح على الخف والخمار؛ أراد به العمامة؛ لأن الرجل يغطي بها رأسه كما أن المرأة تغطيه بخمارها، وذلك إذا كان قد اعتم عمة العرب، فأدارها تحت الخشك فلا يستطيع نزعها كل وقت. . . إلخ.
ج - قال الفيروزآبادي تحت مادة (الخمر) ما أسكر من عصير العنب أو عام كالخمرة، وقد يذكر، والعموم أصح؛ لأنها حرمت، وما بالمدينة خمر عنب، وما كان شرابهم إلا البسر والتمر، سميت خمرا؛ لأنها تخمر العقل وتستره، ولأنها تركت حتى أدركت واختمرت، أو لأنها تخامر العقل، أي تخالطه. انتهى المقصود منه (2)، وجاء هذا المعنى على لسان العرب (3).
تعريفها شرعا:
نذكر فيما يلي تعريفها في المذاهب الأربعة مرتبة:
أ - تعريفها عند الحنفية: قال الزيلعي هي التي من ماء العنب إذا غلا واشتد وقذف بالزبد.
وقال بعضهم: كل مسكر خمر؛ لما روي عن ابن عمر رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال: «كل مسكر خمر، وكل خمر حرام (4)» ، رواه مسلم وأبو داود والترمذي وغيرهم.
وفي لفظ: «كل مسكر خمر، وكل خمر حرام (5)» ، رواه مسلم.
ولقوله عليه الصلاة والسلام: «الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة (6)» ، رواه مسلم وأبو داود والترمذي وجماعة.
(1) معجم مقاييس اللغة
(2)
القاموس: 2/ 23
(3)
لسان العرب: 5/ 338 وما بعدها.
(4)
صحيح مسلم الأشربة (2003)، سنن الترمذي الأشربة (1861)، سنن أبو داود الأشربة (3679)، سنن ابن ماجه الأشربة (3390)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 98).
(5)
صحيح مسلم الأشربة (2003)، سنن الترمذي الأشربة (1861)، سنن أبو داود الأشربة (3679)، سنن ابن ماجه الأشربة (3390)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 98).
(6)
صحيح مسلم الأشربة (1985)، سنن الترمذي الأشربة (1875)، سنن النسائي الأشربة (5572)، سنن أبو داود الأشربة (3678)، سنن ابن ماجه الأشربة (3378)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 526)، سنن الدارمي الأشربة (2096).
وعن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من الحنطة خمرا، وإن من الشعير خمرا، ومن الزبيب خمرا، ومن العسل خمرا (1)» ، رواه أبو داود والترمذي وجماعة أخر؛ ولأنها سميت خمرا لمخامرتها العقل، والسكر يوجد بشرب غيرها فكان خمرا، ولنا أن الخمر حقيقة اسم للنيء من ماء العنب، المسكر باتفاق أهل اللغة، وغيره يسمى مثلثا وباذقا إلى غير ذلك من أسمائه، وتسمية غيرها خمرا مجازا، وعليه يعمل الحديث أو على بيان الحكم إن ثبت؛ لأنه عليه الصلاة والسلام بعث له لا لبيان الحقائق.
ولا نسلم أنها سميت خمرا لمخامرتها العقل بل لتخمرها، ولكن سلمنا لأنها سميت بالخمر لمخامرتها العقل لا يلزم منه أن يسمى غيرها بالخمر قياسا عليها؛ لأن القياس لإثبات الأسماء اللغوية باطل، وإنما هو لتعدي الحكم الشرعي، ألا ترى أن البرج سمي برجا لتبرجه، وهو الظهور، وكذا النجم سمي نجما لظهوره، ثم لا يسمى كل ظاهر برجا ولا نجما.
وما ذكره في المختصر من تعريف الخمر، هو قول أبي حنيفة رحمه الله.
وعندهما: إذا اشتد صار خمرا، ولا يشترط فيه القذف بالزبد؛ لأن اللذة المطربة والقوة المسكرة تحصل به، وهو المؤثر في إيقاع العداوة والصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وأما القذف بالزبد فهو وصف لا تأثير له في إحداث صفة السكر، وله أن الغليان بداية الشدة وكماله بقذف الزبد؛ لأنه يتميز به الصافي من الكدر، وأحكام الشرع المتعلقة بها قطعية كالحد وإكفار مستحلها ونحو ذلك؛ فتناط بالنهاية به.
وقيل يؤخذ في حرمة الشرب بمجرد الاشتداد، وفي وجوب الحد على الشارب بقذف الزبد احتياطا (2).
تعريفها عند المالكية:
أ - في المدونة قلت لابن القاسم: هل كان مالك يكره المسكر من النبيذ، قال: قال مالك: ما أسكر من الأشربة كلها فهو خمر. انتهى المقصود (3).
(1) سنن الترمذي الأشربة (1872)، سنن أبو داود الأشربة (3676)، سنن ابن ماجه الأشربة (3379).
(2)
انظر كتاب تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي، وبهامشه حاشية الشيلي / 6/ 44
(3)
المدونة / 4/ 410
ب - وقال الزرقاني: وهي ما خامر العقل كما خطب بذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحضرة الصحابة الأكابر، ولم ينكره أحد؛ فشمل كل مسكر سميت بذلك؛ لأنها تخمر العقل أي تغطيه وتستره، وكل شيء غطى شيئا فقد خمره كخمار المرأة؛ لأنه يغطي رأسها، ويقال للشجر الملتف: الخمر؛ لأنه يغطي ما تحته، أو لأنها تركت حتى أدركت، كما يقال: خمر الرأي واختمر أي ترك حتى يتبين فيه الوجه، واختمر الخبز إذا بلغ إدراكه، أو لأنها استقت من المخامرة التي هي مخالطة؛ لأنها تخلط العقل، وهذا قريب من الأول، والثلاثة موجودة في الخمر؛ لأنها تركت حتى أدركت الغليان وحد الإسكار، وهي مخالطة للعقل، وربما قلت عليه وغطته، قاله أبو عمر (1).
تعريفها عند الشافعية:
قال المزني: قال الشافعي: كل شراب أسكر كثيرة فقليلة حرام، انتهى المقصود (2).
وقال الرملي: وحقيقة الخمر المسكر من عصر العنب، وإن لم يقذف بالزبد وتحريم غيرها بنصوص ذلك على ذلك.
تعريفها عند الحنابلة:
قال ابن قدامة: كل مسكر حرام قليله وكثيره، وهو خمر حكمه حكم عصير العنب في تحريمه ووجوب الحد على شاربه. انتهى المقصود (3).
قال شيخ الإسلام: والخمر التي حرمها الله ورسوله، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بجلد شاربها كل شراب مسكر من أي أصل كان، سواء كان من الثمار: كالعنب والرطب والتين، أو الحبوب: كالحنطة والشعير، أو الطاول: كالعسل، أو الحيوان: كلبن الخيل، بل لما أنزل الله سبحانه وتعالى
(1) الأرقاني على الموطأ / 4/ 169
(2)
مختصر المزني مع الأم / 5/ 174 والمهذب للشيرازي / 2/ 282
(3)
المغني / 9/ 139
على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم تحريم الخمر، لم يكن عندهم في المدينة من خمر العنب شيء؛ لأنه لم يكن في المدينة شجر عنب، وإنما كانت تجلب من الشام، وكان عامة شرابهم من نبيذ التمر، وقد تواترت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه وأصحابه رضي الله عنهم أنه حرم كل مسكر وبين أنه خمرا (1).
وللبحث بقية في العدد القادم
(1) السياسة الشرعية / 50
صفحة فارغة
صفحة فارغة
صفحة فارغة
فتوى رقم 443 في 16/ 5 / 1393هـ -
الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وآله وصحبه، وبعد:
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على الاستفسار المرسل من أحد السائلين، وهو:
السؤال الأول: هل يجوز مع الضرورات أكل ذبائح النصارى دون الخنزير أو ما نهى عنه الدين، والذبح عندهم يكون ضربا بآلتهم التي تنفذ مقاتل الذبيحة ضربة واحدة؟
الجواب: ذبائح النصارى دون الخنزير أو ما نهى عنه الدين، والذبح عندهم يكون ضربا بآلتهم التي تنفذ مقاتل الذبيحة ضربة واحدة يتبين حكمها من التفصيل الآتي:
الأصل في جواز الأكل من ذبائح أهل الكتاب قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (1).
فسر ابن عباس الطعام بذبائحهم، وهو أحد التفسيرين للآية، والكتابي إذا ذبح ذبيحة، فأما بالنسبة للتسمية فإن علمنا أنه ذكر اسم الله عليها جاز أكلها، وإن علمنا أنه ذكر اسم غير الله فلا يجوز أكلها؛ لعموم قوله تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} (2)، وإن جهلنا فلا ندري هل ذكر اسم الله عليها أو لا؟ فالأصل في ذبائحهم الحل، وأما الآلة التي يكون فيها الذبح فإنها عامة في كل محدد، إلا ما استثناه الدليل، فقد ثبت في صحيحي البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم:«ما أنهر الدم فكل، ليس السن والظفر (3)» ، فقد عمم في هذا الحديث جواز الذبح بكل آلة، واستثنى آلتين: السن والظفر، أو الصعق أو وضع ما يراد ذبحه بماء حار حتى يموت ونحو ذلك؛ فهذا حكمه حكم الميتة، قال تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} (4) إلى أن قال تعالى: {وَالْمُنْخَنِقَةُ} (5) الآية، وأما محل
(1) سورة المائدة الآية 5
(2)
سورة الأنعام الآية 121
(3)
صحيح البخاري الشركة (2488، 2507)، الجهاد والسير (3075)، الذبائح والصيد (5498، 5543)، صحيح مسلم الأضاحي (1968)، سنن أبو داود الضحايا (2821)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 464)، مسند الشاميين (4/ 140).
(4)
سورة المائدة الآية 3
(5)
سورة المائدة الآية 3