الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المعجم
تعريفه:
أطلق لفظ المعجم على الكتاب الذي أورد الألفاظ اللغوية ومعانيها مرتبة بحسب حروفها.
مصدر التسمية:
أخذت التسمية هذه من حروف المعجم لإطلاقهم اللفظ - (المعجم) - على الكتب التي راعت- أي نوع من المراعاة- الحروف في ترتيبها كمعاجم اللغة، والأدباء، والشعراء، والمؤلفين، والبلدان، وغيرها (1).
(1) وانظر المعاجم العربية الدكتور حسين نصار1/ 1 والمعجم العربي له 1/ 12 - 13.
تعليل تسمية حروف العربية بحروف المعجم:
تباينت أراء العلماء في تعليل تسمية الحروف العربية بحروف المعجم فذهب الخليل بن أحمد الفراهيدي إلى أنها سميت بهذا الاسم لكونها أعجمية (1) من غير أن يوضح ما أراده بأعجميتها. ولهذا قال ابن فارس: (وأظن الخليل أراد بالأعجمية أنها ما دامت مقطعة، غير مؤلفة تأليف الكلام المفهوم، فهي أعجمية، لأنها لا تدل على شيء، فإن كان أراد هذا فله وجه، وإلا فما أدرى أي شيء أراد بالأعجمية)(2).
وذهب الفارابي مذهب الخليل في أعجميتها المتأتية من تقطيعها فقال: (حروف المعجم: الحروف المقطعة)(3). وسئل أبو العباس ثعلب عن تسميتها بحروف المعجم فقال: " أما أبو عمرو الشيباني فيقول: أعجمت: أبهمت، وقال الفراء: أنها أخذت من أعجمت الحروف، ويقال: قفل معجم، وأمر معجم إذا اعتاص. وقال أبو الهيثم: (معجم الخط:
(1) المقاييس - ابن فارس (عجم) 1/ 240، المفردات- الراغب الأصفهاني (عجم) 323 - 324.
(2)
المقاييس: الموضع السابق.
(3)
ديوان الأدب- الفارابي مخطوط- باب " مفعل " بضم الميم وفتح العين ص 69.
هو الذي أعجمه كاتبه بالنقط) (1).
وقال الجوهري: (والمعجم: النقط بالسواد مثل التاء عليه نقطتان، يقال: أعجمت الحرف، والتعجيم مثله. . . ومنه حروف المعجم: وهي الحروف المقطعة التي يختص أكثرها بالنقط من بين سائر حروف الاسم. ومعناه: حروف الخط المعجم كما تقول: مسجد الجامع، وصلاة الأولى: أي مسجد اليوم الجامع وصلاة الساعة الأولى)(2).
وذهب المبرد إلى أن المعجم بمعنى الإعجام، وأيده فيما ذهب إليه ابن جني (أبو الفتح عثمان بن جني ت 342) فقال:(والصواب في ذلك عندنا ما ذهب إليه أبو العباس محمد بن يزيد (المبرد) -رحمه الله تعالى- من أن المعجم مصدر بمنزلة الإعجام. كما تقول: أدخلته مدخلا، وأخرجته مخرجا: أي إدخالا وإخراجا. . فكأنهم قالوا: هذه حروف الإعجام. فهذه أسد وأصوب من أن يذهب إلى أن قولهم: حروف المعجم بمنزلة قولهم صلاة الأولى، ومسجد الجامع فالأولى غير الصلاة في المعنى، والجامع غير المسجد في المعنى أيضا) (3).
وناقش عبارة حروف المعجم مناقشة نحوية توسع فيها أيما توسع فنفى أن يكون المعجم وصفا للحروف، إذ لا توصف النكرة بمعرفة. وأكد أن حروف المعجم لا تعني حروف الكلام المعجم، وإنما تعني أن الحروف هي المعجمة، وفاته أن الكلام أو الخط الذي تعجم حروفه: كلام معجم وخط معجم. وليس هناك- على الإطلاق- ما يمنع من وصفها بالإعجام ما دامت حروفهما معجمة. وأنهما كأعضاء الجسد، وأفراد المجتمع. وسلامة الجسد من سلامة أعضائه، وصلاح المجتمع من صلاح أفراده وبالعكس. وما لنا وهذا ونحن ننعت الأفعال بالصحة والعلة لا لشيء إلا لصحة حروفها واعتلالها وكذلك الشأن في المهموز منها والواوي. فلا أدري- بعد هذا- ما الذي يمنع
(1) التهذيب - الأزهري (عجم) 1/ 391، اللسان- ابن منظور- (عجم) 12/ 388.
(2)
الصحاح - الجوهري- (عجم) 5/ 1980 - 1981.
(3)
سر صناعة الإعراب- ابن جني- 1/ 39 - 40.
أن يوصف الكلام بالإعجام لإعجام حروفه؟؟
أما إضافة الحروف إلى المعجم فهي إضافة صحيحة لا غبار عليها. وإذا تهيأ لابن جني أن الحروف هي الكلام أو الخط، وأن الشيء- كما ذهب النحاة- لا يضاف إلى نفسه فقد أبعد؛ لأن الكلام أو الخط غير الحروف وإن كانت الحروف ركنا هاما فيهما لا قوام لهما بدونه. فهما مكونان من حروف معينة موصولة متحركة (منطوقة) مرتبة على نسق أراده المتكلم أو الكاتب للتعبير عن معنى ما. أما الحروف فهي مقطعة غير موصولة، صامتة غير منطوقة لخلوها من الحركات، وهي بعد هذا لا تؤدي أي معنى من المعاني.
ومهما يكن من شيء فإن ما أنكره ابن جنى على غيره من القائلين بأن حروف المعجم تعني حروف الكلام أو الخط المعجم غير منكر. وربما كان هذا أقرب من غيره- وكلها قريبة - إذ إن حروف الكلام أو الخط المعجم إنما تعني حروف الكلام أو الخط العربي ما دام الإعجام خاصا بهما كما اعتقد علماء العربية القدامى. وقد صرح ابن فارس باعتقادهم هذا فقال: (والذي عندنا في ذلك أنه أريد بحروف المعجم حروف الخط المعجم وهو الخط العربي لأنا لا نعلم خطا من الخطوط يعجم هذا الإعجام حتى يدل على المعاني الكثيرة)(1).
ولهذا استغنوا عن حروف الخط العربي بحروف الخط المعجم، ثم استطالوا هذه العبارة فحذفوا الكلام أو الخط منها، استغناء عنهما بذكر أبرز خصائصهما فكانت حروف المعجم بمعنى حروف الخط المعجم أو حروف العربية. ولهذا رأينا حروف المعجم هذه تدخل في عناوين الكتب التي راعت الحروف العربية- كما أسلفنا- أي نوع من المراعاة في ترتيب موادها، فقيل:(كتاب كذا على حروف المعجم) وهو في الحقيقة على حروف العربية ويبدو أنهم استطالوا هذه العبارة أيضا فاكتفوا بالقول: (كتاب كذا على الحروف) بحذف لفظ المعجم أو (معجم كذا) بحذف لفظ الحروف وإضافة المعجم
(1) المقاييس- ابن فارس: (عجم) 1/ 240.