الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم اختتمها بأحرف اللين (العلة)، والهمزة، فجاءت الحروف الهجائية العربية في ترتيبه هذا على النحو التالي (ع، ح، هـ، خ، ق، ج، ش، ض، ص، س، ز، ط، د، ت، ظ، ث، ذ، ر، ل، ن، ف، ب، م، و، أ، ي، هـ، ء (الهمزة)(1).
ومع أن الترتيب الأبجدي أقدم ترتيب عرفته العربية للحروف فما من أحد من اللغويين العرب ألف معجما للألفاظ على نسقه لأنه لم يكن يعتمد على دلالة واضحة في منطق العربية ولا يتسم بالأصالة ولا يراعي تعاقب الحروف المتشابهات رسما أو المتقاربات نطقا (2). فليس له من مزية على الترتيبين الهجائي والمخرجي غير إمكانية تجميع حروفه في كلمات تيسر الإحاطة بتلك الحروف وترتيبها وإن لم يكن للكلمات المؤلفة منها أي معنى واضح.
ولم يكتب للترتيب الهجائي الذيوع أول مرة مع ما تميز به من جودة لوضعه الأخرى المتماثلات شكلا ونطقا في نسق مقبول ومعقول. فضاع ترتيب المخارج أول الأمر ثم ما لبث أن شاع الترتيب الهجائي (الألفبائي) لسهولته ويسره.
(1) العين: 1/ 65.
(2)
مصادر التراث العربي الدكتور عمر الدقاق: 168.
نشوء المعاجم اللغوية
الحديث عن نشوء المعاجم اللغوية إن هو إلا حديث عن جمع اللغة إذ ليست المعاجم إلا مجامع لها. ومن الطبيعي ألا تتم عملية الجمع هذه وتصل إلى ما وصلت إليه من السعة والشمول في المعاجم اللغوية الشاملة دفعة واحدة. ولهذا فقد أصاب الأستاذ أحمد أمين فيما ذهب إليه من أن عملية الجمع كانت قد مرت بثلاث مراحل:
الأولى: جمع الكلمات حيثما اتفق، فالعالم يرحل إلى البادية يسمع كلمة في المطر، وكلمة في اسم السيف، وأخرى في الزرع والنبات وغيرها. . . إلى غير ذلك. فيدون كل ما سمع من غير ترتيب. إلا ترتيب السماع.
المرحلة الثانية: جمع الكلمات المتعلقة بموضوع واحد في موضع واحد. . . وتوجت
هذه المرحلة بكتب تؤلف في الموضوع الواحد. فألف أبو زيد كتابا في المطر، وكتابا في اللبن وألف الأصمعي كتبا كثيرة، كل كتاب في موضع.
والمرحلة الثالثة: وضع معجم يشمل كل الكلمات العربية كل نمط خاص يرجع إليه من أراد البحث عن معنى كلمة. . . هذه هي المراحل الطبيعية لجمع اللغة. وكانت كل مرحلة من هذه المراحل تسلم إلى ما بعدها (1).
غير أن الذي ينبغي أن نتنبه إليه- وإن لم يكن ليقدم في فكرة المراحل الطبيعية هذه - أن الرواية أو المرحلة الأولى لجمع اللغة ما كانت خالصة للغة خاصة بها؛ إذ لم تكن العلوم الدينية قد استقلت عن العربية ذلك العهد، ولم تكن اللغة الباعث الوحيد أو الرئيس للرواية، بل كانت الدراسات القرآنية أهم بواعثها.
وعلى أي حال فلقد رويت الألفاظ العربية مفردات وعبارات منشورة أو منظومة عن طرف أولئك الرواة أيا كان ما حفزهم إلى الرواية. والأهم من هذا أنه ليست هناك فواصل زمنية فصلت بين مرحلة وأخرى كما قد يوهم ما ذكره الأستاذ أحمد أمين فهذه المراحل متصلة تمام الاتصال، بل نستطيع أن نقول: إنها متداخلة ببعضها فلقد ألفت كثير من الرسائل الخاصة بالموضوعات- وهي المرحلة الثانية- بعد المرحلة الثالثة، مرحلة ابتكار المعجم الشامل. بل إن الرواية ذاتها- المرحلة الأولى- قد امتدت إلى ما بعد ابتكار المعجم. ويكفي في هذا أن ننظر في أشهر رواة اللغة وما أنتجوه لنتبين مثل هذا التداخل غير أن هذا لا يعني- بالطبع- أن المعجم أو ابتكاره قد سبق الرواية وتأليف الرسائل الخاصة بالموضوعات؛ لأن امتداد المرحلتين أو إحداهما إلى ما بعد المرحلة الثالثة لا يتعارض مع تقدمها فضلا عن أن ينفيه.
ومهما يكن من شيء، فلقد تم ابتكار المعجم اللغوي العربي في النصف الثاني من
(1) ضحى الإسلام- أحمد أمين 2/ 263 - 266.