الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نداء وتذكير
للتبرع للمجاهدين الأفغان
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فيقول الله تبارك وتعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} (1) الآية.
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر (2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا (3)» وشبك بين أصابعه، ويقول صلى الله عليه وسلم:«من جهز غازيا فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا (4)» .
فمساعدة المجاهدين والمهاجرين الأفغانيين من أفضل القربات، ومن أعظم الأعمال الصالحات من الزكاة وغيرها، ومن حكمة الزكاة في الإسلام والصدقات أن يشعر المسلم برابطة تجذبه نحو أخيه؛ لأنه يشعر بما يؤلمه، ويحس بما يقع عليه من كوارث ومصائب، فيرق له قلبه، ويعطف عليه، ليدفع مما آتاه الله بنفس راضية، وقلب مطمئن بالإيمان.
والمجاهدون الأفغان والمهاجرون منهم -وفقهم الله جميعا- يعانون مشكلات في حياتهم، فرغم أن عدوهم وعدو الدين الإسلامي يضربهم بقوته وأسلحته، وبكل ما يستطيع، فإنهم -بحمد الله- صامدون ومصرون على مواصلة الجهاد في سبيل الله كما
(1) سورة البقرة الآية 261
(2)
البخاري أدب 27، ومسلم بر 66.
(3)
البخاري صلاة 88، ومسلم بر 65.
(4)
البخاري جهاد 38، ومسلم جهاد 125 واللفظ لمسلم.
تتحدث عنهم الأخبار والصحف، لم يضعفوا ولم تلن شكيمتهم، إلا أن مشكلتهم نتجت من الدمار الذي حل بديارهم، والتخريب الذي أحدثته أسلحة الروس وطائراتهم، والفاقة التي حلت بأهلهم، مما تسبب في هجرة جماعية إلي الباكستان فقد ذكرت الأنباء الأخيرة بأن عدد اللاجئين الأفغان قد وصل إلى ثلاثة ملايين كلهم هربوا من ديارهم وأماكن رزقهم، وأصبحوا بدون مأوى ولا مصدر رزق إلا ما ييسره الله ممن أفاء الله عليه بنعمة ليجود بما يستطيع.
وإنها لدعوة أوجهها لإخواننا المسلمين في كل مكان، بأن يقدموا مما آتاهم الله من رزق ومال بالصدقات التي لا يراد بها إلا وجه الله، ومنها الزكاة التي فرضها الله في أموالهم حقا لمن حددهم الله جل وعلا في سورة التوبة وهم ثمانية. يدخل إخواننا المجاهدون والمهاجرون الأفغان في ضمنهم.
والله تبارك وتعالى عندما فرض الحق في مال الغني لأخيه المسلم في آيات كثيرة من كتابه الكريم كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} (1){لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (2) وقوله سبحانه: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ} (3).
فإنه يثيب المسلم على ما يقدم لإخوانه ثوابا عاجلا وثوابا أخرويا يجد جزاءه عنده في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. كما ويدفع عنه في الدنيا بعض المصائب التي لولا الله سبحانه ثم الصدقات والإحسان لحلت به أو بماله أو بولده فدفع الله بلاءها بصدقته الطيبة وعمله الصالح، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:«ما نقص مال من صدقة (4)» ويقول صلوات الله وسلامه عليه: «إن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار (5)» ، ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:«اتقوا النار ولو بشق تمرة (6)» .
وإخوانكم الأفغان أيها المسلمون يقاسون آلام الجوع والغربة والحرب الفردية فهم في أشد الحاجة إلى الكساء والطعام، وفي حاجة إلى الدواء كما أن المجاهدين منهم في أشد
(1) سورة المعارج الآية 24
(2)
سورة المعارج الآية 25
(3)
سورة الحديد الآية 7
(4)
رواه مسلم في كتاب البر، والترمذي في كتاب البر بلفظ (ما نقصت صدقة من مال).
(5)
سنن الترمذي الجمعة (614).
(6)
صحيح البخاري الزكاة (1417)، صحيح مسلم الزكاة (1016)، سنن النسائي الزكاة (2553)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 256).
الضرورة إلى هذه الأشياء وإلى السلاح الذي يقاتلون به أعداء الله أعداءهم؛ فجودوا عليهم أيها المسلمون مما أعطاكم الله. واعطفوا عليهم يبارك الله لكم، وتأسوا برسول الله صلى الله عليه وسلم في اهتمامه بمن في مثل حالة المهاجرين الأفغان الذين طردوا من ديارهم وبيوتهم كما جاء في الحديث الصحيح عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال:«كنا في صدر النهار عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء قوم مجتابو النمار أو العباء متقلدو السيوف، عامتهم من مضر بل كلهم من مضر، فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة فدخل ثم خرج، فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى، ثم خطب فقال: والآية التي في الحشر تصدق رجل من ديناره من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال: ولو بشق تمرة. قال: فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها. بل قد عجزت، قال: ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تهلل كأنه مذهبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء (3)» رواه مسلم في صحيحه، ثم هذه النفقة تؤجرون عليها، وتخلف عليكم كما قال الله سبحانه وتعالى:{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (4) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يقول الله عز وجل: يا ابن آدم أنفق ننفق عليك (5)» ، فنسأل الله عز وجل أن يضاعف أجركم، ويتقبل منكم ما تجودون به، وأن يعين المجاهدين الأفغان، ويثبت أقدامهم في جهادهم، وأن ينصرهم على عدو الإسلام وعدوهم إنه سميع مجيب، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
الرئيس العام
لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(1) صحيح مسلم الزكاة (1017)، سنن الترمذي العلم (2675)، سنن النسائي الزكاة (2554)، سنن ابن ماجه المقدمة (203)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 359)، سنن الدارمي المقدمة (514).
(2)
(3)
سورة الحشر الآية 18 (2){اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ}
(4)
سورة سبأ الآية 39
(5)
البخاري تفسير، ومسلم في كتاب الزكاة.